إلهامي الميرغني يكتب: الطواقم الطبية خط الدفاع الأول ضد الأمراض والأوبئة

عندما نواجه وباء بشراسة وسرعة انتشار كورونا يذهب تفكيرنا لمدي استعدادنا لمثل هذه الأحداث سواء من حيث عدد المستشفيات والأسرة المتوفرة أو من حيث عدد الأطباء والتمريض وباقي المهن الطبية ، أو من حيث عدد غرف الرعاية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي ، أو من حيث المخصص للصحة في الموازنة المصرية، أو من حيث أجور وبدلات الفريق الطبي.وكل استثمارات الصحة لا قيمة لها إذا لم يتوافر فريق طبي كفأ وقادر علي تقديم الخدمة الصحية.

نص دستور مصر 2014 وتعديلاته علي تخصيص 3% من الدخل القومي للصحة، وفي موازنة مصر 2019/2020 بلغت موازنة الصحة 73 مليار جنيه، وهو ما يمثل 4.6% فقط من مصروفات الموازنة و1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وبذلك لم نصل إلي المعدل الذي أقره الدستور الذي يعد المصدر الأول للتشريع.

خلال أزمة كورونا قدم الرئيس السيسي بالتحية والتقدير لجميع أعضاء القطاع الطبي على جهودهم في مواجهة فيروس كورونا، مشيرا إلى أنهم يخوضون معركة مثل الحرب. كما أشاد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بالدور الذي يقوم به الأطباء داخل كافة مستشفيات مصر لمواجهة فيروس كورونا. وقال رئيس الوزراء:” إحنا في حالة حرب والأطباء خط المواجهة الأول.. الأطباء أهاليكم واخواتكم ويعملون لمدة 24 ساعة وعلينا مراعاة التعامل معهم ونلتمس لهم العذر..”

كما تقدم النائب طلعت خليل عضومجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء ووزير المالية يطالب فيه بمعاملة أفراد الأطقم الطبية الذين يستشهدون أثناء تقديم الخدمة الطبية معاملة شهداء العمليات الحربية والأمنية من حيث التكريم والمعاش الاستثنائى لأسرهم وكل المزايا المادية والمعنوية.

لذلك سأركز الآن علي وضع الفريق الطبي ومشكلة بدل العدوي في ظل معركة كورونا وفي ظل توجيهات الرئيس ورئيس الوزراء.

  • يبلغ عدد  الأطباء البشريين 114,903 طبيب بشري عام 2016. وعلي هذه الأرقام يتم حساب متوسط عدد الأطباء لكل 10 الأف من السكان.لكن الحقيقة غير ذلك لأن العدد الفعلي القائم بالعمل بلغ 77,579 طبيب حيث يوجد 37,324 طبيب غير قائم بالعمل وهم يمثلون 32.5% من الأطباء البشريين عام 2016. نفس الوضع ينطبق علي أطباء الأسنان والصيادلة .
  • هيئة التمريض كانت عام 2016 المقيدين 148,736 ممرضة وممرض منهم 16,355 غير قائمين بالعمل .
  • لذلك ظهر الإحتياج الي متطوعين لتغطية النقص في الطواقم الطبية التي تعاني العجز منذ سنوات.
  • منذ تأسست جماعة أطباء بلا حقوق، وهي تطالب بكادر خاص للأطباء ثم نقابة الأطباء بعد الثورة، وعندما تحقق ذلك بصدور القانون 14 لسنة 2014. سرعان ما اكتشف الأطباء كما سبقهم المعلمون خدعة الكادرات الخاصة. وظلت رواتبهم متدنية مقارنة بالفئات الأخري.
  • يتقاضي الأطباء 19 جنيه بدل عدوي في الشهر وعندما أقاموا دعوة أمام مجلس الدولة وانتزعوا حكم في أول درجة طعنت وزارة الصحة أمام المحكمة الإدارية العليا، وانتزعت حكم بالغاء الحكم السابق نظرا لعدم اختصاص المحكمة التي قالت في الحيثيات ” أن الأطباء لهم حق أصيل في زيادة بدل العدوى ولكن هذا من اختصاص السلطة التشريعية” وأرتاحت وزارة الصحة لهذا الحكم ولم تتقدم بأي مشاريع قوانين لتغيير قيمة بدل العدوي الذي يصرف للطواقم الطبية.
  • عندما بدأت خطط الحكومة في التصدي لفيروس كورنا أعلن وزير المالية أنه سيتم تخصيص 188 مليون جنيه للصحة فقط للصحة في الوقت الذي قرر فيه الرئيس السيسي تخصيص 100 مليار لمواجهة الفيروس منهم 20 مليار للبورصة و50 مليار للقطاع السياحي.
  • يوم 15 مارس أعلن وزير المالية أنه تم إتاحة ١٨٧,٦ مليون جنيه فورًا بصفة مبدئية لوزارة الصحة من الاعتمادات المالية المقررة، منها: ١٥٣,٥ مليون جنيه لشراء مواد خام ومستلزمات لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، و٣٤,١ مليون جنيه مكافآت تشجيعية للعاملين بالحجر الصحى ومستشفيات العزل، وستقوم وزارة المالية بالإتاحة الفورية لأية مبالغ تطلب من وزارة الصحة أو أى جهات أخرى ذات اختصاص لمواجهة هذا الفيروس. ويشكل مبلغ ال 188 مليون نسبة 0.2% من مبلغ المائة مليار المخصصة للصحة .
  • عندما أثار البعض ضآلة هذا المبلغ عاد وزير المالية بعد يومين ليعلن أنه تم تخصيص 3.8 مليار جنيه للصحة ( التصريحان موجودان علي موقع وزارة المالية ) .
  • قال وزير المالية في بيانه: منذ بداية شهر مارس الحالى وحتى الآن، تم تعزيز وإتاحة مبالغ نقدية عاجلة تبلغ قيمتها الإجمالية ٣,٨ مليار جنيه لدعم القطاع الصحى بالدولة بمختلف مساراته على مستوى الجمهورية، وتلبية الاحتياجات الملحة والحتمية من الأدوية والمستلزمات الطبية بما يُمَّكن هذا القطاع الحيوى من اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية لفيروس «كورونا» المستجد، وصرف مكافآت تشجيعية للأطقم الطبية والعاملين بمنافذ الحجر الصحى ومستشفيات العزل والمعامل المركزية وفروعها بالمحافظات وفرق العمل المركزية ومعاونيهم وفرق الترصد الوبائي وهيئة الإسعاف، موضحًا أن وزارة المالية جاهزة لتلبية أى تعزيزات مالية بشكل فورى للقطاع الصحى من المائة مليار جنيه التى تم تخصيصها بناءً على توجيهات القيادة السياسية، لتمويل خطة الدولة الشاملة لمواجهة تداعيات هذا الفيروس؛ حفاظًا على أمن وصحة المواطنين.
  • أضاف الوزير، أنه منذ بداية شهر مارس وحتى الآن، تم تدبير وإتاحة ٢ مليار و٥٨٣ مليون جنيه لوزارة الصحة، و٤٢٧ مليون جنيه للجهات التابعة لها من المستشفيات العامة والمركزية والمراكز الطبية المتخصصة ومستشفيات الصحة النفسية، و٦٨٨,٥ مليون جنيه للمستشفيات الجامعية، و٥٠ مليون جنيه لمستشفيات جامعة الأزهر، على النحو الذى يُساعد هذه الجهات فى التعامل الأمثل مع تداعيات فيروس كورونا المستجد؛ بما يُحقق أعلى درجات الرعاية الصحية والخدمات الطبية للمواطنين، مؤكدًا أن المنظومة المالية الإلكترونية ساعدت فى تنفيذ الإتاحات والتعزيزات المالية للقطاع الصحى بصورة لحظية مما أسهم فى سرعة سداد مستحقات الموردين وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
  • يمثل مبلغ ال 3.8 مليار جنيه 5.2% من موازنة الصحة في 2019/2020 ولكن لم نعرف حجم المبالغ المخصصة لتأسيس غرف رعاية مركزة وتوفير أجهزة تنفس صناعي في المدي العاجل.( تقدر بعض الدراسات وجود 12 ألف غرفة رعاية مركزة في القطاع الخاص ، 6 آلاف غرفة في القطاع الحكومي وهي أرقام غير مؤكدة ولم تعلن وزارة الصحة أرقام أخري أو توضح حجم العجز).
  • جاء في بعض المصادر الصحفية أنه تقرر توجيه الاستثمارات إلى عدد من المبادرات الحيوية بقطاع الصحة، كمبادرة “حضانات الأطفال وأَسِرَّة الرعاية المركزة وأَسِرَّة رعاية الأطفال”، بحيث تتم زيادة الحضانات بنسبة 10% وأَسِرَّة رعاية الأطفال بنسبة 90% وأَسِرَّة الرعاية المركزة بنسبة 80%، إلى جانب زيادة المخصصات لمبادرة حياة كريمة، لإحداث طفرة حقيقية فى كافة الخدمات المقدمة بالقرى الأكثر فقرًا. ولم تذكر المصادر تكلفة هذه الزيادات وهل تدخل ضمن ال 3.8 مليار التي تم تخصيصها للصحة أم أنه سيكون لها مخصصات أخري لم يعلن عنها.

لذلك عندما يداهمنا وباء فتاك مثل كورونا يصبح من المهم أن نفكر في كيفية معالجة الخلل في الوضع الراهن وهو :

  • زيادة مخصصات الصحة في الموازنة العامة والوصول بها الي نسبة 3% من الدخل القومي التي أقرها الدستور.
  • تعديل القانون 14 لسنة 2014 وتحسين أجور الفرق الطبية بما يتواكب ومعدلات التضخم وأرتفاع الأسعار وحفظ كرامة الفرق الطبية وأهمية عملهم.
  • أصدار قانون ببدل عدوي مناسب فإذا كان القاضي يتقاضي بدل عدوي بالالاف وموظفي البنوك يتقاضون بدل عدوي بالمئات فليس من المنطقي ومن العدالة ان يظل بدل العدوي للطبيب 19 جنيه وللتمريض 15 جنيه في الشهر اي ما لا يكفي لشراء ماصك وجوانتي طبي واحد وفقاً لأسعار 2020.
  • سرعة تفعيل وجود مجلس أعلي للصحة يضم كل الجهات التي تقدم الخدمات الصحية والتي يمكنها تنسيق الجهود وتعظيم الموارد المتاحة في مواجهة كورونا وأي كوارث صحية طارئة.

رغم صعوبة الخطر الذي نواجهه جميعاً حكومة ومعارضة.نتمني أن تتوحد الجهود بشكل مركزي لمواجهة الخطر الحالي وأي أخطار قائمة.

إلهامي الميرغني

26/3/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *