إلهامي الميرغني يكتب: أشمون من وليمة الانتخابات إلى غرق سيارة “أطفال التراحيل”

بينما يغرق الاعلام والسوشيال ميديا في متابعة مؤتمر الشباب، ووفاة وائل الابراشي وهل أخطأ الطبيب المعالج أم لا؟. غرقت سيارة على معدية منشأة القناطر وعلى متنها 24 طفلة وطفل من عزبة التفتيش بأشمون كانوا عائدين بعد يوم عمل شاق محشورين ومكدسين على متن سيارة نصف نقل (في المنيا يسمون كل السيارات النصف نقل تايوتا بغض النظر عن ماركتها فهي رمز لكل السيارات النصف نقل سواء المكشوفة او المغطاة والتي تستخدم في نقل الأفراد بين القري)، تم انتشال 8 جثث بينهم أربع جثث لأطفال في سن 13 سنة، وبقيت جثة شروق 14 سنة لم تظهر ليتضاعف ألم أسرتها وأهل قريتها.

كل الأطفال ضحايا المعدية من مركز أشمون الذي شهد وليمة تاريخية اثناء انتخابات مجلس الشورى شغلت الإعلام لأيام.

وللتذكرة فإن وليمة أشمون كانت لدعم مرشح عائلة الخشن أصحاب شركة إيفر جرو، التي تقدر استثماراتها بما يقرب من 260 مليون دولار أمريكي ( 4.1 مليار جنيه مصري)، ووصلت إلى 3 مليارات دولار أمريكي في عام 2016، وبحلول عام 2017 وصل حجم استثمارات إيفر جرو إلى 4.5 مليار دولار أمريكي ( 72 مليار جنيه مصري )، أما الوليمة فقد تضمنت أنها شملت 400 خروف بمتوسط سعر 3000 جنيه، و 4 عجول بمتوسط سعر 50 ألف جنيه، و 200 كيلو جمبري بمتوسط سعر 300 جنيه، لتصل تكلفة خامات الوليمة الأساسية فقط إلي 1.4 مليون جنيه بدون باقي المواد المستخدمة والخضروات والفاكهة والمشروبات، وتكلفة الطهي والتجهيز وتكلفة الفراشة التي تم إحضارها لتهيئة المكان للاجتماع وعدد الطباخين والاشخاص الذين قاموا بالخدمة علي حضور ضيوف وليمة مجلس الشيوخ.

محافظة المنوفية نموذج للمحافظات التي ارتفعت بها معدلات الفقر بين عامي 2015 و 2017/2018 بفضل السياسات التي يدعمها آل الخشن ونظرائهم. بعد أن كان معدل الفقر بالمحافظة في بحث الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2015 16%، ارتفع في 2017/2018 إلى 26% من سكان المحافظة.

يبلغ عدد سكان محافظة المنوفية 4.4 مليون نسمة، وبتطبيق نسب الفقر التي أعلنها الجهاز المركزي فإنه يوجد 1.1 مليون مواطن منوفي يعيشون تحت خط الفقر. أما مركز أشمون فهو يضم 54 قرية موزعين على 14 مجلس قروي إضافة لوجود كفور وعزب ونجوع تعاني الفقر في مركز أشمون الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 700 ألف نسمة.

لكن رغم تقدير الجهاز المركزي لنسبة الفقر في المنوفية بنسبة 26% من السكان، فإن محافظة المنوفية أعدت دراسة أخري توصلت من خلالها إلى أن نسبة الفقر تصل إلى 45% من السكان وأن المحافظة تضم 900 عزبة تحت خط الفقر.

وقال الدكتور أحمد شيرين فوزي محافظ المنوفية، أن معظم قرى وعزب محافظة المنوفية تحت خط الفقر، وتحتاج إلى مليارات لإدراجها ضمن القرى المتكاملة. (البوابة – 15 يناير 2015).

كما نشرت جريدة الأهالي “يعد مركز أشمون، أكبر المراكز من حيث عدد السكان بالمحافظة ويبلغ عدد السكان المحرومين من المياه النقية 89,299 نسمة (12% من سكان المحافظة بخلاف باقي المراكز الأخرى)، ولاشك أن توفير كوب مياه نقي نظيف هي أبسط حقوق المواطن، وينعكس آثارها السلبية في حالة عدم وجود مياه نقية بإصابة المواطنين بالأمراض نتيجة المياه الملوثة مثل الفشل الكلوي والكبد ومضاعفاتها إضافة للحاجة لتطوير محطات مياه الشرب الارتوازية بجميع مراكز ومدن المحافظة وتحويلها لإنتاج مياه الشرب البحاري حفاظا على الصحة العامة لأبناء المحافظة.

مركز أشمون وعزبة التفتيش هي التي دفعت بحوالي 24 طفلة وطفل من أبنائها للبحث عن لقمة عيش على بعد كيلومترات من أشمون، وهم بحق أطفال التراحيل الذين يحملهم المقاول ويكدسهم داخل سيارة نصف نقل إلى أحد مزارع الدواجن ليعملوا لساعات عمل طويلة، مقابل يومية ذكرت بعض المصادر انها 25 جنيه وذكرت مصادر أخري إنها تتراوح بين 40 إلى 80 جنيه، وهي مصدر القوت الرئيسي لأسر هؤلاء الأطفال، الذين ينتظرون عودتهم لتدبير الطعام الضروري ولكن الحادث أعاد بعضهم كجثث ليتم موارة أجسادهم الطاهرة في مقابر القرية.

سيتأثر البعض لصور الأسر وهي تجلس على ضفة النيل تنتظر جثة طفلها الذي يعول الأسرة، يظهر ليبرد النيران التي اشتعلت في قلوبهم. وتستمر قري المنوفية مثل العديد من محافظات مصر تعتمد على عمالة الأطفال للمساعدة على المعايش في ظل الغلاء الحالي وصعوبة تدبير الاحتياجات الأساسية. ويستمر المستثمرون في الزراعة والإنتاج الحيواني والداجني يعتمدون على عمالة الأطفال الرخيصة والبعيدة عن كافة أشكال الحماية الاجتماعية لتعظيم الأرباح وتكديسها لتنفق على ولائم مثل وليمة أشمون. 

هذه الأسر الفقيرة لم تطالها برامج تكافل، واضطرت لدفع أطفالها مبكراً لسوق العمل، ولم تصلهم برامج حياة كريمة التي يشاهدونها في الإعلام ويجلسون يحتسون أكواب الشاي وينظرون لساعاتهم في انتظار أن يصلهم قطار الحياة الكريمة ليعيشوها ولو مرة واحدة قبل أن يغادروا عالمنا.

وتستمر جريمة عمالة الأطفال في ظل معدلات الفقر المرتفعة، وجشع الاستغلال الرأسمالي، وفي ظل الإعلانات التليفزيونية عن النهضة والتنمية، التي نشاهدها فقط في الإعلانات ولا تصل إلينا. و

لاتزال مئات القري تعيش علي أمل الحياة الكريمة.

إلهامي الميرغني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *