أمير متى يكتب: كورونا وتشرشل وفيليب باتان.. معركة الأمل

غزا كورونا العالم بأخباره قبل أن تغزوه عدواه، انتشر كالنار في الهشيم، الكل يتحدث عن أعداد الإصابات والوفيات في الصين، ثم انتقل إلى اوروبا، ثم الي أمريكا. ساد الخوف من العدوي واليأس من الحلول.

كانت أحاديث الناس ليس بدافع اليقظة للمعركة ولكن اليأس. هكذا وبكل بساطة ننتظر الخير ونتمناه ولكن لا نحارب من أجله. لا نعد له العدة لكي تستحق الخير. باليأس ماتت شعوب قبل أن يغزوها أحد.

في منتصف القرن العشرين، كان الرايخ يغزو أوروبا ويستولي عليها بلدا تلو أخرى، كانت أخبار الرايخ الألماني تغزو العالم قبل أن تغزوه جنوده، استولى علي بولندا وسويسرا وهولندا ثم قرر المضي غربا، إلى فرنسا وبريطانيا العظمي.

كانت إيطاليا قد حسمت قرارها بانضمامها إلى هتلر وبقيت كل من فرنسا و بريطانيا في أوروبا يدركون أن الوضع أصبح سيء وعليهم أن يتعاملوا مع الرايخ الذي يغزو العالم سواء باخباره أو بجنوده.

في مايو ١٩٤٠ انتصر هتلر علي الجيش الفرنسي في شرق فرنسا وفي يونيو ١٩٤٠ تولي الجنرال فيليب باتان (من أبطال الحرب العالمية الأولي) قيادة فرنسا، وأعلن انه يائس من بريطانيا ومن قدرتها علي التدخل ومساعدة فرنسا لمواجهه الرايخ، ولأجل فرنسا ولأجل الحياة قرر أن ينهي الحرب مع الرايخ ويعلن موافقة علي وقف إطلاق النار في ٢٢ يونيو ١٩٤٠. و بعد عام في أغسطس ١٩٤١، أصدر قرارات من أجل الحياة في فرنسا لمساعدة هتلر في الحرب. كان اليأس من النصر هو الدافع وراء قرارات (الحياة)، فكان الاستسلام حتي نعيش.

علي النقيض تماما، نجد تشرشل الرجل العجوز. لم يكن له تاريخ عسكري مشرق علي الاطلاق ولكن كان لديه الإصرار علي استكمال المعركه. ففي ٤ يونيو ١٩٤٠ (قبل تولي باتان قيادة فرنسا بأسبوع فقط) وقف تشرشل يلقي أهم خطاب علي الإطلاق في القرن العشرين.

“سوف نحارب بكل ثقة

سوف نحارب علي الشواطئ

سوف نحارب في الحقول وفي الشوارع

سوف نحارب علي التلال

لن نستسلم ابدا”

الفرق بين الرجلين لم يكن التاريخ، بل المستقبل. الاستمرار في المعركة.

انتهت الحرب العالمية الثانية وهتلر انتحر. تم محاكمة فيليب باتان وحكم عليه بالاعدام وتم تخفيف الحكم إلى سجن  تم نفيه إلى بيرنيس حتي نهاية حياته. في حين ظل تشرشل وخطبته الشهيرة في سجل التاريخ. انتهي من آمن باليأس حلا لمي يحيي وظل من آمن بالاستمرار بطلا.

كلا من كورونا وهتلر يجتاح العالم شرقا وغربا، اخبارهم تسبق حضورهم، كلاهما يدمر اقتصاد، ويقتل بشر. الأرقام تظل متسارعة كل يوم، اجتاح الصين كما اجتاحت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وحاليا يجتاح أوروبا كهتلر. إما أن نكون مثل فيليب باتان ونقول من أجل الحياة نأمل في مستقبل مشرق ونيأس ونقفد الأمل فعليا في تصرفاتنا وعقلنا. أو نكون كتشرشل، نحارب في المستشفيات والشوارع، نحارب في المعامل وفي شبكة الامداد. نحارب في المنازل. لن نترك أحلامنا وأحبائنا فريسه له. لن نستسلم أبدا. نحن نحتاج الي تشرشل، يقف ليقول سوف نحارب. لا نخشي من عدوي. سوف نحارب بكل ثقة، لا تيأس و لا تهاب كورونا أو الرايخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *