أمير متى يكتب : درس من ٥ يونيو

يحل ٥ يونيو كل عام مذكرا بنكسة ٦٧ حين احتلت اسرائيل اراضي لثلاث دول عربية دفعه واحدة. فأطاح اليوم ليس بأراضي فقط و لكن بأحلام شعوب حول اوطانهم. أحلام ظنتها الشعوب حقيقة إعتمادا علي كلام رؤسائها. فقبل الحرب بيومين فقط يقف الفريق عبد المحسن مرتجي قائد الجبهه الشرقيه يخطب في جنوده حول نصر في اليمن، و عدو سوف سوف يجد مننا ما لم يراه من قبل.

بل أن تلك الافكار حول قوات عربية تمتد حتي داخل منظومة الحكم العربي فقبل الحرب بسنوات كانت سوريا تطلب من الجامعه العربية اعداد خطة لانهاء الوجود الاسرائيلي من المنطقة بالكامل.

الحرب سواء انتهت بالنصر أو الهزيمة ليست سوي جولة في مسيرة أمة، وأهمية الحرب لا تكمن فقط في نتيجتها و لكن في دروسها. فالوطن الذي لا يستفيد من دروسه لا يبني مستقبله. لا يدرك أخطاؤه و يكررها، يستنزف طاقاته في أخطاء كان من الممكن تفاديها.

فدروس ٥ يونيو أهم منها كحدث، ولا ينبغي أن نتصور أن أكتوبر ٧٣ أنهى أهمية دراسة اخطاء النكسة. فأكتوبر أعاد جزء من الارض و لكن يبقي الدرس محفورا في ذاكرة الامة للمستقبل.

لعل أهم الدروس علي الاطلاق هي إشراك الشعب في الحكم ورقابته علي مؤسسات الدولة وأعمالها. فنفس الشعب الذي خرج لرفضه تنحي عبد الناصر، هو نفسه الذي خرج يوم ٢١ فبراير لرفضه الاحكام الهزيله التي أقرت علي قيادات الطيران.

ففي يوم الثلاثاء 20 فبراير 1968 أصدرت المحكمة العسكرية العليا أحكامها بالسجن 15 سنة ضد الفريق أول طيار متقاعد صدقى محمود (قائد القوات الجوية)، و بالسجن 10 سنوات على اللواء طيار متقاعد إسماعيل لبيب (رئيس شعبه الدفاع الجوي). و ببراءة كل من: الفريق أول طيار متقاعد جمال عفيفى (رئيس أركان حرب القوات الجوية)، واللواء طيار متقاعد عبدالحميد الدغيدى (قائد طيران المنطقة الشرقية).

فخرجت مظاهرات من عمال مصانع حلوان وتم ابلاغ وزير الداخلية، وبعدها بأيام انتقلت إلى طلبه الجامعات القاهرة وعين شمس والاسكندرية.

لقد كان فساد الادراة اهم باعث للشعب أن يتولي الرقابة علي القيادات، صحيح لم تكن رقابه بمعناها المؤسسي و لكنها اقرار ان للشعب رأي و ان الرئيس ليس وحيدا في صناعه القرار وأن العقوبات لم تكن علي مستوي ضخامة الفساد.

بالطبع رفض الرؤساء تباعا اشتراك الشعب في الرقابة ومتابعه لقرارات في مصر، ومن خلال تدابير طويلة تم اخماد الراي العام بحجج مختلفه. بداية من ان الرئيس هو اب لكل المصريين، الي سرية الموضوعات، الي اتهامات بالجملة لكل كاتب رأي.

ورغم مرور ما يقرب من 53 سنة على هزيمة يونيو لازال نفس المنطق مستمر، حاكم منزه عن المحاسبة، وقوانين تصدر لتضفي قداسة على الارقام والبيانات الرسمية، واي محاولة لنشر ملعومات مختلفة ولو على انتخابات الرئاسة أو استفتاءات الدستور ممكن ان تنتهي بصاحبها للحبس.

رحل عبد الناصر، والفريق مرتجي ورجع جزء من الأراضي وبقي الشعب والتاريخ. يحتاج إلى دروس الماضي لمستقبله. ولكن هكذا وبكل بساطة تفقد الأمة دروسها وتعيد أخطاء ماضيها، لأن هناك من يظن أن المراجعه خطأ وأمر لا يخص الشعب.

صورة من مقال عن حديث الفريق مرتجي إلى جنوده قبل الحرب بيومين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *