يحيى قلاش يكتب عن انتخابات الصحفيين: حتى لا تأخذنا غفلة!
خاض الأستاذ جلال عارف انتخابات عام 2003م، على مقعد النقيب بعد أن قضى الأستاذ إبراهيم نافع قبلها مدتين متتاليتين.
تنافس على هذه الانتخابات الأستاذان جلال عارف، وصلاح منتصر، الذي لم يحالفه الحظ، بعدها بنحو ثلاثة أشهر حدد الرئيس مبارك موعدًا للقاء النقيب جلال عارف، واستجاب لكل طلباته، وكان انطباعه الذي نقله لأحد وزرائه بعد اللقاء أن “الرجل شخص نظيف، ولم يطلب شيئًا لنفسه”.
قبل نهاية العامين، حدثت التغييرات الصحفية عام 2005م، التي طالت رؤساء تحرير، ومجلس إدارات الصحف القومية الكبرى بعد قيادتهم لهذه المؤسسات لسنوات طويلة، عندها أخذ الأستاذ إبراهيم نافع القرار، الذي رأى أنه يناسبه وهو عدم خوض انتخابات النقابة 2005م، وطوى صفحة النقابة مكتفيًا بما أداه.
في انتخابات التجديد لدورة ثانية، تنافس مع الأستاذ جلال عارف كلٌ من الزملاء الأستاذ إبراهيم حجازي، ومصطفى بكري، والدكتور أسامة الغزالي حرب (عارف وبكري حسب التصنيفات الشائعة ينتميان لتيار سياسي واحد، لكنَّ كلًا بطريقته ومساره، وحجازي والغزالي من مؤسسة واحدة لكنْ كل منهما في قالب مختلف)، وانتهت هذه الانتخابات بفوز الأستاذ جلال عارف بولاية ثانية، والمفارقة هي استمرار الأستاذ إبراهيم حجازي وكيلًا للنقابة؛ استكمالًا لمدة عضويته بالمجلس، حيث خاض المنافسة على موقع النقيب وهو لم يستكمل مدته، وهو ما يسمح به قانون النقابة.
أتأمل سياق هذا المشهد في هذه الفترة، وكل هذه الأسماء، التي لم تمنعهم المؤسسة الواحدة، أو التيار الواحد من المنافسة، التي اقترنت بالتقاليد النقابية والخطوط الحمراء، التي لم يكن لأحد أن يتجاوزها، كما يلفت النظر طريقة تفكير البعض في اتخاذ قرار الترشح من عدمه، وما الذي يناسبه وتوقيته، ومتى يقبل، ومتى يقول كفى؟
المنافسة كانت تدور حول قضايا، وكان الاختلاف لمصلحة الصحفيين، وحافظ الكل على التقاليد النقابية، وعلى وحدة الجمعية العمومية، والأهم هو سلوك الدولة من أصغر أجهزتها، وحتى قمتها وهي تتعامل مع مؤسسة النقابة، وليس مجرد أشخاص يدّعون أنهم ممثلوها، وفي خدمتها.
الدولة التي ربما يكون لها انحيازها أحيانًا طبقًا لتقديرات أجهزتها، لكن هذا لم يمنعها لحظة، وعلى مدى تاريخ النقابة أن تتعامل مع اختيارات الصحفيين.
المرشح الذي يسعى أن يجعلها حربًا بتوريط أجهزة، وأحزاب، وأجهزة حكم محلي بممارسة ضغوط بالحشد والتوجيه والتلميحات بالتغييرات الصحفية، التي تعقب الانتخابات، وتكرار مشهد أتحرج من وصفه حين نرى بعض من زملاء أعزاء رؤساء تحرير، ومجالس إدارات سابقين وحاليين يهرولون خلف مرشح هنا وهناك في مظهر يستوقف كثيرًا من الزملاء داخل هذه المؤسسات!
والأخطر من كل هذا هو تدفق التمويل المفزع على الولائم والعزايم وغيرها من مظاهر بذخ غير مسبوقة في انتخابات نقابة تعيش الأغلبية العظمى من اعضائها- طبقًا لنتائج استبيان أعلنت نتائجه في المؤتمر العام السادس للصحفيين – تحت خط الفقر!!.
هذه الظاهرة لا بد أن نتوقف عندها، ونعرف هل صحيح ما يتردد عن أسماء رجال أعمال تقف وراءها، بل ويجب أن تكون محل محاسبة من الجهة المشرفة على الانتخابات، بل وكل جهة معنية أخرى.
والذي يثير القلق من حجم هذه الأموال، التي تتدفق بغير توقف هو اندماجها مع سياق عام يحاول أن يخرج بهذه الانتخابات عن كل ما هو مألوف، بل ويتجاوز كل السوابق والسلوكيات التي كنا ننتقدها في انتخابات سابقة.
السؤال المهم هو: مَنْ سيدفع الثمن، ومَنْ غيرنا الذي سيسدد الفواتير، باختصار ما المطلوب، وما الذي يمكن أن يترتب على ذلك؟!
تأملوا المشهد، ودققوا في تصريحات بعض المرشحين، والطريق الذي يسلكونه وطبيعة وعودهم، ربما نكتشف من الآن ما الذي يتم طبخه لنا ولا تأخذنا غفلة!!.