د. يحيى القزاز يكتب : النمو السكانى وأزمة الدولة

في افتتاح المجمع الطبي بالإسماعيلية اليوم 15 فبراير 2021 قال الرئيس عبدالفتاح السييسي إن مشكلة النمو السكاني لا تؤثر فقط على القطاع الصحي ولكن تمتد لباقي القطاعات، واعترف بأنه لايوجد لدينا تعليم جيد ولا صحة جيدة ولا طرق. وعزا كل هذا لزيادة معدلات النمو السكانى التى لم تجعل المواطن يشعر بتحسن حاله، ويعيش في حالة فقر وحنق دائمين على الدولة والنظام. وقد تستغله قوى مغرضة تدعوه للخروج والثورة على الدولة فتُخربها.

وفى سياق متصل قال الرئيس: “استوقفتني جملة حقوق الإنسان أن المسار السياسي مش هو فقط الحقوق، أيوة من حق الناس إنها تعبر عن رأيها، من حق الناس تعترض ويكون في معارضة ولكن الهدف منه سواء التعبير عن الرأي أو المعارضة السياسية هو تحسين أحوال الناس، وتحسين حياتهم، هذا الهدف، مش المعارضة للمعارضة ولا للناس تتكلم، لا بتتكلم علشان نقول إن فيه مشكلة وهذا نقبله، ولكن بشرط أن يكون الشخص فاهم بيقول إيه” هنا وضع السيسى فهمه للمعارضة والمعارضين، وهذا حقه في دولة كل شيء فيها يتم بناء على توجيهات الرئيس (حسب ماينطق المسئولون دوما).

في ظل الديمقراطية المصحوبة بحرية التعبير التى أقرها الدستور الحالي يعن لى سؤال للرئيس: ماهى القاعدة التي تحدد “بشرط أن يكون الشخص (المعارض) فاهم بيقول إيه”؟ سؤال أتمنى الإجابة عليه حتى لا نقع في المحظور في دولة يغيب فيها الدستور. وفى السياق ذاته لاتوجد معارضة شخصية ولا حزبية للنظام. فالأشخاص يصرخون دفاعا عن حياتهم واحترام حقوقهم الآدمية، والأحزاب كما نراها إما مقطورات خلف جرار في قطار على قضبان السكك الحديدية، أو غابة البقاء فيها للقوى المستند على الأقوى، وقليل منهم يصارع للبقاء على قيد الحياة (السياسية) باحترام.

النظام يرى أن سبب ما نعانيه من سوء الحال الاقتصادى وخلافه هو زيادة النمو السكانى، وذكر الرئيس السيسى في أحد لقاءاته أن مشكلة الزيادة السكانية بدأت منذ عهد الرئيس عبدالناصر حتى عهده، وهذا صحيح وأنا والسيسى من عمر واحد، قرأنا إعلانات تنظيم الأسرة في عهد عبدالناصر، ومع هذا كل منا أنجب أربعة أبناء (بارك لنا فيهم وفى جميع المصريين)، ولم نلتزم، بينما الرئيس المخلوع حسنى مبارك وهو أكبر منا بستة وعشرين عاما لم ينجب سوى فردين. فكيف نستيقظ فجأة وننسى أنفسنا ونلوم غيرنا على عجزنا في تحسين حال الناس؟!

الزيادة السكانية هي تنمية بشرية في دول تعرف حكوماتها معنى الإدارة. كلنا نعرف الدول ذوات الأعداد المليارية من السكان وأحوالها الاقتصادية والعلمية جيدة جدا.. الصين والهند على سبيل المثال. التوعية بتنظيم النسل والتنمية الاقتصادية يسيران جنبا إلى جنب مع القضاء على الفساد. حكومات دول تبحث عن حل لصالح دولهم لا عن  شماعات تعلق عليها فشلها.

وباستخدام القاعدة التي ذكرها الرئيس، وهى: ” لا بتتكلم علشان نقول إن فيه مشكلة وهذا نقبله”، سأتكلم لأقول هنا فيه مشكلة، وهو تعبير عن رأيى في قضايا الوطن كما يعبر الرئيس عن رأيه، فنحن في الحقوق متساويان، وأشخصها كما هو يشخصها وإن اختلفنا. المشكلة ياريس أن سبب ما نحن فيه من فقر وسوء حال وتردى في التعليم والصحة وحقوق الإنسان والاقتصاد وكل شيء للأسوأ، بالرغم من الجهود التي تبذل لتحسين الوضع، ليس زيادة النمو السكانى ولكنه زيادة النمو الاستبدادى وزيادة الفقر الفكرى، ويندرج تحتهما سوء توزيع الثروة، وسوء استخدام السلطة، وسوء الإدارة وسوء الأولويات (مع فرض حسن النوايا)، واحتكار القرار والتخطيط المبنى على توجيهات الرئيس لا على المؤسسات العلمية (والرئيس السيسى اعترف بأن ماينجزه لو اعتمد على دراسات الجدوى ما أنجز شيئا)، الفساد وتخريب وتفريغ الدولة من قلاعها الصناعية وبيعها “خردة”، وتفريخ قيادات تعرف الولاء للحاكم لا الولاء للوطن.

ما أكتبه ليس معارضة -فالمعارضة ليست تهمة وهى شرف وجزء من نظام الدولة الديمقراطى- إنما هو رأى وحوار من طرف واحد مع الرئيس بناء على قاعدة أقرها هو وعله يتقبله بقبول حسن.

#المقاومة_هي_الحل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *