تأثيرات كارثية لانهيار أسعار النفط الأمريكي: الصدمة تتخطى جميع التوقعات والذهب يتأثر

وكالات

هوي سعر العقود الآجلة للخام الأمريكي وخام برنت للتسليم في يونيو حزيران لأقل مستوى في عقدين بعد يوم من تحول التعاملات الآجلة للخام الأمريكي تسليم مايو، سلبا لأول مرة في التاريخ مع تهاوي الطلب بسبب أزمة كورونا.

وتراجع خام برنت في عقود التسليم بيونيو، المعروفة بعقد شهر أقرب استحقاق، وذلك بعد انتهاء عقود مايو، إلى 18.10 دولار للبرميل وهو الأقل منذ نوفمبر 2001. وبحلول الساعة 1200 بتوقيت جرينتش فقد 18% إلى 20.98 دولار، كما انخفض عقد يونيو حزيران لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 21% إلى 16.14 دولار بعد أن بلغ أقل مستوى منذ عام 1999.

وسجل عقد خام غرب تكساس الوسيط لشهر مايو أيار، وحجم التعاملات عليه أقل كثيرا، -3.99 دولار بعدما هوى أمس لأقل من الصفر لأول مرة وأغلق على -37.63 دولار للبرميل، وينتهي التعامل على عقد أقرب استحقاق للخام الأمريكي لشهر مايو في وقت لاحق، ما فاقم الخسائر ومع وجود فائض في السوق وامتلاء منشآت التخزين وجد حائزو عقد مايو نفسهم في وضع غير مسبوق إذ يدفون لمن يشترون الخام.

ويُتوقع امتلاء مركز كوشينح للتخزين في أوكلاهوما بالولايات المتحدة، وهو نقطة تسليم خام غرب تكساس الوسيط، خلال أسابيع.

ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانهيار التاريخي الذي شهدته أسعار النفط، أمس، بأنه قصير الأجل وناجم عن “ضغوط مالية” وذكر أن إدارته ستدرس وقف شحنات النفط القادمة من السعودية أكبر دولة مصدرة للخام العالم والتي تقود جهود أوبك لكبح الإنتاج.

وتراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية بسبب إجراءات الإغلاق في مختلف دول العالم إثر تفشي وباء كورونا واضطرار الناس للبقاء في منازلهم، وتوقف العمل في العديد من المصانع.واضطرت شركات النفط إلى استئجار ناقلات نفط ضخمة لتخزين الخام الفائض، ولذا أصبحت الشركات تدفع للمشترين لنقل الخام بعيدا عن منشآتها تفاديا لدفع أموال أكثر لتخزينه.

وقال الرئيس التنفيذي السابق لشركة BP، جون براون إن أسعار النفط ستظل منخفضة لبعض الوقت مع تجاوز المعروض الطلب، مبيناً أن الوضع الحالي في أسواق النفط العالمية يعيد إلى الأذهان التخمة النفطية في الثمانينات من القرن الماضي.

وقال براون، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لBP في الفترة من 1995 إلى 2007، إن الأسعار السلبية مسألة متعلقة بالولايات المتحدة بسبب الافتقار لطاقة تخزين، مضيفاً أن الطلب العالمي ينخفض بينما يظل الإنتاج مرتفعا، مشيراً إلى أن الأسعار ستكون منخفضة جدا، متوقعاً أنها ستظل منخفضة وشديدة التقلب لوقت طويل

وأكد براون أنه لا تزال هناك كميات كبيرة تُنتج وتُوجه للتخزين ولا تُستخدم، مضيفاً أن هذا يذكرنا تماما بفترة في منتصف الثمانينات حين حدث نفس الأمر، إمدادات كثيرة جدا وطلب قليل جدا واستمر انخفاض أسعارالنفط لمدة 17 عاما.

وبين براون أن الطلب على الهيدروكربونات (النفط والغاز) سيظل ضعيفاً ويرجع ذلك في جزء منه لوعي أكبر بتغيرات المناخ، مشيراً إلى أن ضعف الطلب سيستمر على الهيدروكربونات، وهذا الطلب سيلبيه بشكل أساسي من لا يملكون خيارا سوى إنتاج النفط..

وقال ستيوارت جليكمان، خبير النفط في مركز أبحاث “سي إف إر إو”، إن صدمة انخفاض الطلب ضخمة لدرجة أنها تتخطى كل التوقعات السابقة.

وقال جليكمان إن التراجع التاريخي في أسعار النفط يذكر الجميع بالعقبات التي تواجهها شركات النفط العالمية، محذرا من إمكانية تراجع تعاقدات شهر يونيو/ حزيران أيضا إذا استمرت حالة الإغلاق الاقتصادي في أغلب أنحاء العالم.

وتأثرت أسعار النفط العالمية خلال الأشهر الماضية بعاملين رئيسيين: تراجع الطلب العالمي والصراع الواضح والمعلن بين منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وروسيا بسبب الخلافات على حجم الإنتاج اليومي.

وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، اتفق أعضاء أوبك وحلفاؤهم أخيرا على صفقة تاريخية لتخفيض المنتج اليومي بنحو 10 في المئة وهو ما يعد أكبر تخفيض من نوعه ورغم ذلك يرى الخبراء أنه غير كاف لتغيير الوضع الراهن.

وقال الكرملين، اليوم، إن من الممكن إجراء اتصالات بين كبار المنتجين في العالم لمناقشة اتفاق خفض الإنتاج إذا اقتضت الضرورة بعدما انخفضت أسعار النفط بشكل حاد جراء الإنتاج الزائد والانتشار العالمي لفيروس كورونا المستجد.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر يومي عبر الهاتف مع الصحفيين ”جميع الآليات موجودة لمتابعة مواقفنا مع الشركاء في هذا الاتفاق (بين منتجي أوبك+). مضيفا أنه يمكن تنظيم اتصالات إذا اقتضت الحاجة.

وربط المتحدث انهيار العقود الآجلة بتعاملات ”للمضاربة“ مضيفا أن الحكومة الروسية لديها كل الاحتياطيات التي تحتاجها لتعويض انخفاض أسعار النفط وهو السلعة الرئيسية التي تصدرها روسيا.

الاتفاق الأخير بين أوبك وروسيا سيؤدي إلى تراجع المعروض كما أن شركات النفط الكبرى في العالم وفي الولايات المتحدة قررت تخفيض الإنتاج اليومي أيضا.

رغم ذلك لن يحدث فارق كبير فالعالم يوجد فيه بالفعل الكثير من الخام وهو فائض أكبر مما يمكن استهلاكه كما أن الأمر لا يتوقف فقط على عدم قدرة العالم على استهلاك هذا الكم من الخام ولكن الأزمة الأكبر هي أننا لا نستطيع تخزينه حتى يتم تخفيف القيود الاقتصادية الراهنة.

تراجع الذهب الثلاثاء 21 ابريل بسبب ارتفاع الدولار لكن ما حد من الخسائر هو تراجع أسواق الأسهم بضغط من تهاوي العقود الآجلة للنفط الأمريكي لما دون الصفر للمرة الأولى في الجلسة السابقة.

ونزل الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 1689.17 دولار للأونصة بحلول الساعة 06:11 بتوقيت جرينتش، بعدما قفز بنحو 1% أمس الاثنين إذ رفع الانهيار في أسواق النفط من الطلب على الملاذ الآمن. وفي العقود الأميركية الآجلة، فقد الذهب 0.3% ليسجل 1706.70 دولار.

وارتفع الدولار أمام العملات الأساسية المنافسة، ما يزيد تكلفة الذهب على المستثمرين حائزي العملات الأخرى،  وعلى الرغم من عودة النفط الأمريكي للمنطقة الإيجابية اليوم، فقد تسبب انهياره التاريخي في أكبر انخفاض في أسواق الأسهم الآسيوية في شهر.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجع البلاديوم 0.8% إلى 2147.53 دولار للأونصة، وهبط البلاتين 0.3% إلى 768.39 دولار كما انخفضت الفضة 1.1% عند 15.21 دولار للأونصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *