إعلان إثيوبيا استمرارها في بناء سد النهضة “مثير للقلق” أم “مكسب” لمصر؟

بعد أشهر من المفاوضات والإعلان عن قرب التوصل لاتفاق ينهي أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا “بإشراف أمريكي”، قرر مجلس الوزراء الإثيوبي، السبت، عدم المشاركة في أي مفاوضات بشأن سد النهضة قد تضر بمصالح البلاد الوطنية؛ فيما وردت مصر، على الموقف الإثيوبي بأنها ستستخدم “كل السبل الممكنة” للدفاع عن مصالح شعبها”.

طالب السودان، بضرورة التوصل لاتفاق شامل يتضمن تشغيلا آمنا لسد النهضة؛ مؤكدا التزامه بعملية التفاوض لأجل الوصول إلى اتفاق شامل لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى بما يحفظ مصالح الدول الثلاث: مصر، إثيوبيا والسودان.

وحول هذه الأزمة علق سياسيون وإعلاميون مصريون، حيث قال محمد البرادعي، الرئيس الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن بيان الخارجية الأثيوبية “مثير للقلق” حيث يذكر أن البدء في ملء السد مرتبط بعملية البناء وغير مرتبط بالتوصل إلى اتفاق حول الملء والتشغيل وأن كافة إجراءات الأمان قد نوقشت.

وأضاف البرادعي عبر حسابه على موقع “تويتر” أن “الموقف الاثيوبى يتعارض مع البيان الأمريكي في ضرورة التوصل الى اتفاق قبل الملء وفى ضرورة استكمال إجراءات الأمان”، مشيرا إلى أنه يلمس فى الموقف الاثيوبى محاولة لفرض الأمر الواقع الذى لايتسق مع مبدأ التعاون وعدم الأضرار بدول المصب.

وشدد الرئيس الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية على “أهمية التركيز الآن على بناء موقف دولي ضاغط مؤيد للموقف المصري والسوداني وموقف الوسيط الأمريكي في ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل قبل الملء وهو ما يمليه مبدأ  حسن النية”.

أما رجل الأعمال والسيسي المصري ممدوح حمزة، فغرد عبر حسابه على موقع تويتر إن “انسحاب اثيوبيا من المفاوضات يعني: اما مستعدة لمواجهة عسكرية؛ أو أخذت ضمانات كافية بأنه لن يكون مواجهات عسكرية”.

واعتبر الإعلامي عمرو أديب، أن الرد الإثيوبي حمل “عدوانية واضحة”، فيما مضت مصر في مسار المفاوضات “بشكل محترم للغاية”، خصوصًا أنه كان تم الاتفاق على 90% من البنود خلال مفاوضات سد النهضة الأخيرة.

وكانت الولايات المتحدة قد تعهدت – بعد البيان  الإثيوبي – بالاستمرار في الانخراط بمفاوضات سد النهضة مع مصر وإثيوبيا والسودان؛ وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، الجمعة، إن الولايات المتحدة ستظل منخرطة مع الدول الثلاث، إلى أن توقع على اتفاق ينهي سنوات من الخلافات بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وأشار منوتشين إلى أنه أجرى محادثات ثنائية منفصلة مع وزراء من مصر والسودان خلال اليومين الماضيين، بعدما طلبت إثيوبيا تأجيل ما كان من المفترض أن تكون الجولة الأخيرة من المحادثات.

وأضاف الوزير الأميركي أنه يتطلع إلى اختتام إثيوبيا لمشاوراتها الداخلية، لإفساح المجال للتوقيع على الاتفاق “في أقرب وقت ممكن”.

من جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد الباز، إن الموقف الرسمي المصري ما زال يلتمس العذر لإثيوبيا، ويقدر أنها تحتاج مزيدا من الوقت.

وأضاف الباز خلال تقديم برنامج “90 دقيقة” أن “مصر لا تزال ملتزمة بضبط النفس في هذا التفاوض، وكسبت حاجتين مهمين”، موضحا أن أول مكسب هو أن أمريكا عندما دخلت كطرف في المفاوضات، قالت لإثيوبيا أن تأخذ ما تريد من الوقت مع الالتزام بعدم بدء ملء السد إلا بعد التوقيع على الاتفاق.

وتابع: “المكسب الثاني أننا أمام العالم كله لم نلجأ لأساليب بغيضة، لم نبتز إثيوبيا ولم نهدد باستخدام قوة”.

وكانت وزارة الخارجية المصرية، قد أعلنت صباح أمس السبت، توقيع مصر بالأحرف الأولى على الاتفاق حول قواعد محددة لملء وتشغيل سد النهضة بالعاصمة واشنطن.

وقال الدكتور أيمن شبانة، أستاذ القانون الدولي، إن التوقيع المصري لايعتد به دولياً ولايكن اللجوء به إلي الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه السبب الرئيس لعدم توقيع إثيوبيا عليه.

وأضاف شبانة، في تصريحات نقلها عنه موقع “مصراوي” أن التوقيع المصري يعد تمهيدا لتقديم مذكرة للامم المتحدة، لافتاً إلي أن المذكرة سوف توضح انتهاك إثيوبيا لقوانين البنك الدولي في الوقت التي تلتزم مصر بثوات القانون الدولي.

يذكر أن المفاوضات بين مصر وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة قد شهدت الكثير من الفشل خلال السنوات الماضية، فبعد إعلان الحكومة الإثيوبية تدشين مشروع إنشاء سد النهضة، لتوليد الطاقة الكهرومائية في أبريل 2011، اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية، تدرس آثار بناء سد النهضة في سبتمبر من العام ذاته،  توقفت المفاوضات في مايو 2013، بعدما رفضت مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب.

وبعدما اتفقت السلطات في مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى في يونيو 2014، أعلن وزير الري المصري في نوفمبر 2017، عدم التوصل لاتفاق، بعد رفض إثيوبيا والسودان لتقرير مبدئي صدر – عن مكتبين فرنسيين – خاص بالدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.

واستمرت الحال على هذا النحو، حتى دخلت واشنطن على خط الأزمة واستضفات الأطراف الثلاثة، بوجود وزير الخزانة الأمريكية، ورئيس البنك الدولي للمرة الأولي. وصدر بيان مشترك جاء فيه أنه “تقرر عقد أربعة اجتماعات عاجله للدول الثلاث، على مستوى وزراء الموارد المائية وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين، بحلول منتصف يناير 2020.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *