خالد علي ينشر توضيحا بشأن حكم النقض بإلغاء قرار الجنايات بالإدراج على قوائم الإرهاب في «قضية أبو تريكة» وآثاره

نشر المحامي الحقوقي خالد علي، الإثنين، توضيحا بشأن حكم محكمة النقض، الذي صدر السبت الماضي والقاضي بإلغاء قرار محكمة الجنايات بالإدراج على قوائم الإرهاب فى القضية ٦٢٠ لسنة ٢٠١٨ حصر أمن دولة، التي تضم لاعب الأهلي السابق محمد أبو تريكة وأكثر من 1500 آخرين.

وقال خالد علي، عبر حسابه على “فيسبوك”: منذ صدور حكم محكمة النقض فى قضية الكيانات الإرهابية والشهيرة باسم قضية أبو تريكة، والأخبار والتساؤلات والتحليلات حولها لم تتوقف، وخاصة ما يتعلق بآثار هذا الحكم، ولمحاولة تقديم إجابة عن بعض هذه التساؤلات نوضح عدد من النقاط:

(١) ما هو التشريع الذي ينظم هذا الأمر؟

القانون الذي ينظم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين هو القانون ٨ لسنة ٢٠١٥، وهو قانون مستحدث بالنظام التشريعى المصرى فلم يكن لدينا قبل هذا القانون أى نصوص تشريعية بشأن تلك الكيانات، وهذا التشريع طرأت عليه بعض التعديلات

وهى التعديل ١١ لسنة ٢٠١٧، والتعديل ١٤ لسنة ٢٠٢٠

(٢) كيف يتم إعداد هذه القوائم؟

المادة الثانية من القانون أتاحت للنيابة العامة إعداد قائمتين:

القائمةً الأولى تسمى (قائمة الكيانات الإرهابية), وتلك القائمة مخصصة للأشخاص الاعتبارية شأن الشركات والمؤسسات أو أى كيان اعتباري أيا كان مسماه حتى لو كان هذا الكيان غير مشهر قانوناً .

والقائمة الثانية تسمى (قائمة الإرهابيين) وتلك القائمة مخصصة للأشخاص الطبيعيين وهم الأفراد.

(٣) كيف يتم إدراج الأشخاص أو الشركات على تلك القوائم؟

حددت المادة الثانية طريقين لإدراج الأفراد أو الكيانات على تلك القوائم:

الطريقة الأولى: أن يقدم النائب العام طلب للمحكمة المختصة  تطلب فيه إدراج الشخص أو الكيان على تلك القوائم، ونصت المادة الثالثة على أن يكون الطلب مشفوعا بالتحقيقات أو المستندات او التحريات أو المعلومات المؤيدة لهذا الطلب، وتقرر المحكمة إما رفض طلب النيابة أو الموافقة عليه.

ومن حق النيابة تقديم هذا الطلب للمحكمة متى كان لديها محضر بشأن هذا الشخص أو الكيان تقوم بالتحقيق فيه سواء كان هذا الشخص أو الكيان تم القبض عليه أم لا، وسواء كان محبوس احتياطياً أم لاء، سواء كانت النيابة العامة قد استدعته لسماع أقواله أم لاء، سواء كان داخل البلاد أو خارجها فالمهم كما ذكرنا سابقاً أن يكون لدى النيابة تحقيق بشأن هذا الشخص أو الكيان.

الطريقة الثانية: عندما تكون هناك محاكمة جنائية لهذا الشخص أو الكيان وتصدر المحكمة حكمها النهائى بإدراجهم على تلك القائمة أو بإسباغ هذا الوصف (الارهابى) عليه.

وتسرى على هذه القائمة ذات الأحكام المقررة فى شأن قائمة الكيانات الإرهابية.

(ملحوظة اولى) القضية التى نتحدث عنها طبق عليها الطريقة الأولى.

(ملحوظة ثانية) الادراج على القوائم لا يكون إلا بقرار من المحكمة المختصة فى الحالة الأولى، أو بحكم نهائى من محكمة جنائية فى الحالة الثانية.

(٤) ما هى المحكمة المختصة التي تنظر طلب النيابة بإدراج الأشخاص أو الكيانات على القوائم الإرهابية؟

المادة الثالثة من القانون نصت على اختصاص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة والذى يحدد تلك القوائم هى الجمعية العمومية للمحكمة والتى تنعقد سنويًا لتحديد تشكيلات الدوائر القضائية واختصاصاتها.

والدائرة التى تنظر طلب النيابة لا تعقد جلسة علنية ولكن تكون منعقدة فى غرفة المشورة, والنص فى هذه المادة لا يحول دون حضور المعروض ومحاميه لتلك الجلسة وسماع دفاعه، لكن ما يحدث هو أن المحكمة تنظر طلب النيابة دون حضور المعروض أو محاميه ودون سماع دفاعهم، ودون إعلانهم بأن هناك جلسة، وهو ما يجب تغييره اعمالاً لنصوص الدستور التى تكفل المحاكمة العادلة والمنصفة والتى ترتكز على عدة مرتكزات أبرزها (مبدأ المواجهة)، (مبدأ كفالة حق الدفاع) فيجب أن يعلم المعروض ماهية الطلب المقدم ضده وأسبابه وأن يتاح له حق الرد والدفاع عن نفسه، وبدون حماية مبدأي المواجهة وكفالة حقوق الدفاع تنهار ضمانات المحاكمة العادلة.

ومن ثم يجب إعلان المعروض بالجلسة والدائرة التى تنظر ومقر انعقادها، والسماح له بالاطلاع، وتمكينه من إبداء دفاعه.

(٥) ما هى مدة الإدراج على تلك القوائم؟

نصت المادة الرابعة بعد تعديلها على أن يكون الإدراج على أى من القائمتين لمدة لا تجاوز خمس سنوات، كانت قبل التعديل لمدة ثلاث سنوات. فإذا انقضت مدة الإدراج قبل صدور حكم نهائى بإسباغ الوصف الجنائى (الإرهابى)، للنيابة العامة إعادة العرض على (المحكمة المختصة المنصوص عليها فى المادة ٣) فى مد الإدراج لمدة أخرى, وإلا وجب رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعى من القائمة من تاريخ انقضاء تلك المدة . كما أتاحت المادة الرابعة للنائب العام خلال مدة الإدراج, فى ضوء ما يبديه من مبررات, أن يطلب من المحكمة المختصة المنصوص عليها فى المادة (3) من هذا القانون رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعى المدرج على أى من القائمتين.

(٦) متى وكيف يتم الطعن على قرار الإدراج؟

نصت المادة الخامسة على نشر  قرار الإدراج على أى من القائمتين، وقرار مد مدته وقرار رفع الاسم من أى منهما فى الوقائع المصرية، دون مقابل

ونصت المادة السادسة على أن لذوى الشأن وللنيابة العامة الطعن فى القرار الصادر فى شأن الإدراج على أى من القائمتين  خلال ستين يومًا من تاريخ نشر القرار ، ويقدم الطعن لمحكمة النقض وذلك وفقًا للإجراءات المعتادة للطعن أمامها، ويكون ذلك خلال ستين يوم من تاريخ نشر قرار الإدراج فى الوقائع المصرية.

ومن ثم لا يجوز تقديم الطعن لمحكمة النقض قبل هذا التاريخ أو بعده. فقد يظن البعض أنه يجوز تقديم الطعن لمحكمة النقض بعد صدور القرار من المحكمة المختصة وقبل النشر فى الجريدة الرسمية وهو ظن خاطىء، لأن مدة الستين يوما المنصوص عليها فى القانون تسرى من تاريخ النشر فى الوقائع وليس قبل ذلك.

(٧) الآثار التى تترتب على الإدراج بتلك القوائم؟

نصت المادة السابعة على عدة آثار تترتب على هذا الادراج بقوة القانون من تاريخ النشر فى الوقائع، وهى خمس آثار بالنسبة للكيانات، وتسع آثار بالنسبة للأفراد:

(أ)بالنسبة للكيانات الإرهابية:

[1]- حظر الكيان الإرهابي ، ووقف أنشطته.

[2]- غلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته.

[3]- حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

[4]- تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان أو لأعضائه سواء كان يملكها الكيان بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة ، والعائدات المتولدة منها ، أو التي يتحكم فيها الكيان بشكل مباشر أو غير مباشر ، والأموال أو الأصول الأخرى الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله .

[5]  حظر الانضمام إلى الكيان أو الدعوة إلى ذلك ، أو الترويج له ، أو رفع شعاراته .

(ب)- بالنسبة للإرهابيين:

[1]-  الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول .

[2]-  سحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد أو تجديده .

[3]-  فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية أو المحلية .

[4]- عدم التعيين أو التعاقد بالوظائف العامة أو بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، بحسب الأحوال.

[5]-  الوقف عن العمل مع صرف نصف الأجر.

[6]- تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للإرهابى، سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الأخرى الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله.

[7]- حظر ممارسة جميع الأنشطة الاهلية أو الدعوية تحت أي مسمى.

[8]- حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وحظر تلقى الأموال أو تحويلها وكذا غيرها من الخدمات المالية المشابهة.

[9]- وقف العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات وأى كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنون بنصيب ما ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية وأى كيان مخصص للمنفعة العامة. 

(٨) ما هى الآثار التى تترتب على حكم النقض الأخير؟

دور النيابة العامة هو أن يقدم النائب العام طلب للمحكمة المختصة  يطلب فيه إدراج الشخص أو الكيان على تلك القوائم، ونصت المادة الثالثة على أن يكون الطلب مشفوعا بالتحقيقات أو المستندات او التحريات او المعلومات المؤيدة لهذا الطلب، وتقرر المحكمة إما رفض طلب النيابة أو الموافقة عليه. 

ومن ثم فالذى يقرر وحده الإدراج من عدمه، ومد مدة الإدراج من عدمه هى المحكمة المختصة فقط، وطلب النيابة ليس له أى حجية أو قوة تنفيذية فى هذا الشأن ولا يرتب فى حد ذاته أى آثار، ولكن الذى يدرج ويرفع من الإدراج هى المحكمة المختصة.

ولذلك نحن أما قرار إدراج صدر فى ٢٠١٨ وانتهت مدة الخمس سنوات فى ٢٠٢٣، وقدمت النيابة طلب للمحكمة المختصة تطلب مدة المدة لخمس سنوات إضافية، وفى أبريل ٢٠٢٣ وافقت المحكمة المختصة على طلب النيابة، وتم النشر فى الوقائع المصرية، ولكن تم الطعن عليه أمام محكمة النقض وقضت فى ١٨ مايو ٢٠٢٤ بإلغاء قرار محكمة الجنايات وإعادة نظر طلب النيابة أمام دائرة أخرى.

وحيث أن مبادىء النقض مستقرة على “أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يُعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بنفس الوضع الذي كانت عليه وقت اتصال المحكمة بها لأول مرة؛ أي تنظرها محكمة الإعادة في الجنايات بمقتضى أمر الإحالة الذي رُفعت به الدعوى إليها قبل صدور الحكم المنقوض” (محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 53748 لسنة 74 القضائية)

ومن ثم فحكم النقض الأخير قد أعدم حكم محكمة الجنايات الصادر فى ٢٠٢٣  وأضحى هو والعدم سواء، وأثر ذلك هو عدم حجية استمرار إدراج المعروضين أو مؤسساتهم على تلك القوائم لأننا الآن أمام مجرد طلب مقدم من النيابة لا يحوز أى حجية إلا عندما تنظره محكمة الجنايات المختصة وتقرر بشأنه إما قبول طلب النيابة بمد المدة أو رفضه.

والقول بعكس ذلك ينفى أى حجية أو قيمة عملية لأحكام محكمة النقض.

ولذلك نحن أمام احتمالين:

الاحتمال الأول: أن يتم تحديد دائرة جديدة تنظر على وجه السرعة طلب النيابة بمد المدة والذى كان مقدم منها فى  ٢٠٢٣ كما هو دون أى تعديلات لتقرر المحكمة اما رفض الطلب أو قبول الطلب لكل الأسماء أو قبوله لبعض الأسماء ورفضه للبعض الآخر.

الاحتمال الثانى: أن تقدم النيابة طلب جديد بمد المدة بعد حذف بعض الأسماء التى تغيرت أوضاعها القانونية خلال الفترة من ٢٠٢٣ حتى ٢٠٢٤، ويتم تحديد دائرة لنظره لتصدر قرارها بشأنه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *