خليل رزق: فشل جلسة تفاوض بين “القوى العاملة” و”بشاي للصلب” بعد انسحاب مسؤولي الشركة.. وحملة تضامن للمطالبة بحقوق العمال
الناشط العمالي: سامي ورفيق بشاي أصرا على عقد ينتهي بنهاية كل عام لإضاعة حق العمال في الأرباح وانصرفا دون التوقيع على محضر الاجتماع
الوزارة تعهدت باستدعاء مسؤولي الشركة مرة أخرى عن طريق محضر.. والعمال لم يحضروا جلسة المفاوضة لإصرارهم على أن تكون في ساحة المصنع
بيان تضامني يطالب الإدارة بتوقيع عقود عمل وتوفير وسائل سلامة للعمال.. ويدعو “القوى العاملة” لمساعدتهم: الحل في التفاوض وليس التهديد بالاعتقال
كشف الناشط العمالي خليل رزق خليل، عن فشل جلسة تفاوضية جمعت مسؤولين في وزارة القوى العاملة مع مسؤولي شركة بشاي للصلب، بعد إضراب عمال الشركة عن العمل إلى حين الحصول على مستحقاتهم المالية بالكامل، خاصة بعد وقوع سلسلة من محاولات الانتحار لعدد منهم بسبب مرورهم بضائقة مالية شديدة تسببت فيها إدارة المصنع بعد حرمانهم من حقوقهم، حسب تأكيدهم.
وقال رزق، أمس الأحد، إن مديري الشركة سامي بشاي ورفيق بشاي رفضا الالتزام بعقد قانوني يحترم علاقة العمل، وأصرا على عقد ينتهي بنهاية كل عام، ما يضيع حق العمال في الأرباح ويضعهم تحت الاختبار مدة 3 أشهر في السنة، وانصرفا دون التوقيع على محضر الاجتماع.
وأضاف أن الوزارة تعهدت باستدعاء مسؤولي الشركة مرة أخرى عن طريق محضر، متسائلا: “أنتم متخيلين معندناش قوة ملزمة بالقانون، تجبر صاحب العمل يحضر ويوقع الاتفاقية ويوفي بالتزاماته تجاه العمال، يعني قانونيا عادي لو أرسلوا له ولم يذهب وعادي لو وقع على الاتفاقية ولم يلتزم بها، وحتى إذا التزم بها بعد 4 سنوات تسقط هذه الاتفاقية وتصبح هي والعدم سواء”.
وتابع: “التفاوض فشل، لأن للأسف الراجل محتاج ضغط عليه مرة أخرى،، كما لم يحضر العمال جلسة المفاوضة لإصرارهم على أن تكون في ساحة المصنع الذي سلب دمهم وعملهم، في الوقت الذي تتخلى نقابتهم عن دعمهم وتسعى للبحث عن مخرج لرجل الأعمال”.
كان قياديون نقابيون وعمال وحقوقيون وآخرون عبروا عن تضامنهم مع عمال “بشاي للصلب”، لمطالبة الإدارة بتوقيع عقود عمل قانونية للعمال، وتوفير وسائل سلامة وصحة مهنية بدلا من الأدوات المتهالكة التي تتسبب في وفاة العمال، مع زيادة بدل الوجبة وصرف الأرباح المسحتقة لهم، فضلا عن مساواتهم بأجور العاملين في مصانع الصلب المماثلة.
كما طالب المتضامون ، في بيان مشترك، بتفعيل أوراق سحب الثقة من اللجنة النقابية التي وصفوها بالمنحازة للإدارة ضد زملائهم، كنتيجة لفرض نقابيين كقيادات على العمال بتوصيات من إدارية وأمنية.
ودعا المتضامنون وزارة القوى العاملة للاضطلاع بدورها في مساعدة العمال، والتفاوض مع ممثليهم الذين يختاروهم، مسجلين موقف وزير القوى العاملة الحالي حسن شحاتة، الذي كان قياديا سابقا في اتحاد نقابات عمال مصر، من قضية العمال.
وتابع البيان: “الحل ليس في التهديد بالاعتقال ولكن في التفاوض وتفعيل القانون، حتلا يسري علينا جميعا عمال ومستثمرين، الناس محتاجة التضامن معاها، وتنفيذ القانون والتفتيش على السلامة والصحة المهنية وعلي عقد العمل وعلى التأمينات، الحل الوحيد للنهوض بالبلاد”.
واستكمل: “العمال يسعون للنهوض بالبلد عن طريق الوقوف من أجل تطبيق وتفعيل القانون، بينما يظن مسؤولون أن المستثمرين سيفرحون بعدم وجود قانون أو تفتيش، بينما هو في حقيقته مناخ لتطفيش الاستثمار”.
كان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عبر عن تضامنه الكامل مع المطالب المشروعة لعمال مصنع بشاي للحديد والصلب، وأكد الحزب في بيان الخميس الماضي، أنها ليست مطالب بقدر ما هي حقوق يسعون لها منذ أكثر من عقد وتمثل الحد الأدنى لتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم.
وتابع في بيانه، أنه إذ يعلن تضامنه مع الوقفات الاحتجاجية المشروعة لعمال مصنع المصنع، لاسيما بعد تعقد الأمور بسبب تعنت الإدارة مما دفع اثنين من العمال للانتحار، فإنه يدعو المسؤولين للاستماع للعمال والعمل على تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت بشكل مباشر وعنيف على الطبقات الأكثر فقرا في المجتمع.
كما دعت أمانة العمال بالحزب أعضاء مجلس النواب والاتحاد العام لنقابات عمال مصر والنقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية للتضامن مع المطالب المشروعة لعمال مصنع بشاي.
يذكر أنه عمال مصنع “بشاي للصلب” أكدوا استمرارهم في إضرابهم عن العمل حتى الحصول على كامل مستحقاتهم المالية، خاصة بعد وقوع سلسلة من حوادث الانتحار لعدد من العاملين بسبب مرورهم بضائقة مالية شديدة تسببت فيها إدارة المصنع بعد حرمانهم من حقوقهم.
وتحدث أحد العاملين – فضل عدم ذكر اسمه – قائلا لـ”درب”: الأخبار لا تسر، هناك حوادث انتحار كثيرة وقعت خلال الآونة الأخيرة في المصنع، بالإضافة إلى وقوع العديد من الحوادث داخل المصنع بسبب غياب احتياطات الأمن التي يجب أن تتخذها الشركات والمصانع.. مضيفًا “نحن من أضعف المصانع في اتخاذ احتياطات الأمن”.
وأضاف “منذ نشأة المصنع، راح ضحية ذلك الإهمال العشرات، إحنا نعرف إن لو حالتين أو تلاتة سقطوا في مصنع.. المصنع بيتقفل، لكن إحنا عندنا العشرات ماتوا وراحوا ضحايا عدم وجود إجراءات الأمن والسلامة، كتير من العمال سقطوا من فوق السقف وماتوا، ومع ذلك المصنع شغال وإحنا نفسنا مضطرين نشتغل لأن دا في الآخر أكل عيش ولادي”.
وحول حالات الانتحار قال عامل آخر “في الفترة الأخيرة حالة العمال المادية والمعنوية أصبحت سيئة للغاية، كتير بيفكروا في الانتحار، وخلال الأسابيع القليلة اللي فاتت في اتنين انتحروا بالفعل، الأول ألقى بنفسه من أعلى أحد الكباري فسقط ميتا، والآخر شنق نفسه بعد أن تكاثرت عليه الديون”.
ويستكمل “إدارة المصنع بخيلة، بيكسبوا فلوس كتير، لكن رافضين يعطوا للعمال حقوقهم، كدا حرام، إحنا مش عارفين نعيش والله والمرتبات عندنا ضعيفة للغاية، إحنا الرواتب عندنا حوالي ثُلث ما يتحصل عليه الزملاء بالمصانع الأخرى، وإحنا طالبين زيادة في الرواتب بحيث نتساوى مع العاملين في المصانع الأخرى”.
وعن تفاصيل تفاصيل هيكلة الأجور التي تفاوض العمال والإدارة بشأنها، قال أحد العاملين إن “إدارة المصنع بتقول إن أقصى ما تستطيع زيادته في الرواتب 300 جنيه فقط، وبررت دا بإنها زودت المرتبات 90 جنيه من فترة، ودا اللي هم ناويين يعملوه لما يبدأو هيكلة الأجور اللي قالوا عليها في يناير اللي جاي”.
وأردف العامل “العمال عندنا مورست ضدهم ضغوط شديدة، والأمن تدخل من أجل فتح البوابات أمام جرارات الحديد بعد أن تم إغلاقها في سياق الإضراب والاحتجاج على سوء معاملة الإدارة”.. مُشددًا بالقول “إحنا مستمرين في الإضراب بقوة العمل كاملة، وحتى الآن المصنع بالكامل متوقف، لكن ضغط الأمن هو الذي دفع العاملين إلى فتح البوابات.
عامل آخر لفت النظر إلى محاولات الوقيعة بين العاملين، فحسب نص حديثه لـ”درب” قال “الناس متماسكة بشكل أول مرة نشوفه، كانوا خلال الفترة اللي فاتت بيلعبوا (يقصد إدارة المصنع) على نغمة إن المعترضين أعداء للدولة وعايزين يهدموا النظام أو يتقال إنهم إخوان مسلمين، لكن دلوقتي اخواتنا المسيحيين هو اللي متصدرين المشهد والمطالبة بالحقوق، وهم بيمثلوا حوالي 1700 عامل من إجمالي العاملين”.ويضيف العامل “إحنا في انتظار إن الإدارة تحل الموقف، إحنا طالبين هيكلة المرتبات، ولا هم مستنيين يجي علينا الدور وننتحر من قلة المصاريف، أنا مش عايز أحوش من مرتبي، لكن كمان مش عايز أستلف، عايزين نعيش حياة كريمة بجد”.
وكان عمال شركة “بشاي للصلب” قد أعلنوا تعليق التفاوض مع إدارة الشركة، وإغلاق الأبواب الرئيسية لمنع خروج “جرارات نقل الحديد”، بعد تكرر حوادث الانتحار بين العمال خلال الفترة الأخيرة بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية واحتياجات أسرهم، إضافة إلى تحرير محاضر من قبل الإدارة ضد 11 عاملا بدعوى التحريض على الإضراب والقيام بأعمال تخريبية.
وقال وائل توفيق، الناشط العمالي، لـ”درب” إن عدد العمال المتضررين يبلغ نحو 3500 عامل يتفقون جميعهم على المطالب المرفوعة إلى إدارة المصنع والتي أهمها علاج تشوهات الأجور حيث تتراوح متوسطات الرواتب ما بين 1200 و 4 آلاف جنيه، وهو مبلغ ضئيل لا يفي باحتياجات العامل وأسرته.
وأضاف توفيق، أنا هناك عمال حاولوا الانتحار بسبب الضائقة المالية الشديدة التي يمرون بها، مستكملا “عدد المنتحرين 3 عمال، آخر واحد منهم الإدارة تعمدت نقله بين أكثر من إدارة ثم نقلته إلى مكان بعيد عن محل سكنه وعاملته معاملة شديدة السوء، مع الضغوط التي تعرض لها، وبعد عودته إلى منزله طلبت منه زوجته مصروفات لم يستطع الوفاء بها، ودخل إلى غرفته، ليفاجئ الجميع بأنه انتحر”.
وتابع “الشركات تحقق أرباحا كبيرة، ويدخل مُلاكها في مصاف المليارديرات، ومع ذلك يمنعون تحسين الرواتب عن العاملين، رغم أن هذه الشركة وهذا المصنع على وجه التحديد -بشاي للصلب- بفروعه الخمسة كان يضم نحو 7200 عامل، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية تم تقليص وتخفيض العمالة إلى النصف تقريبًا مع الإبقاء على نفس الرواتب الضعيفة رغم مضاعفة الأعباء على العمال”.
وشدد توفيق “على أن العمال عقدوا جلسة مع الإدارة أمس، ضمن إحدى جلسات التفاوض المستمرة، والإدارة عرضت إعادة هيكلة الأجور في شهر يناير المقبل، لكن العمال من جانبهم طالبوا بتوضيح أسس هذه الهيكلة ومعرفة قيمة الزيادة المنتظرة في الرواتب، وهو ما لم ترد عليه الإدارة.. العمال طالبوا بـ(كلام واضح) ومدّون ومكتوب وموقع عليه من مكتب العمل بهذه الهيكلة وذلك بعد مناقشات حقيقية حول هيكلة الرواتب تُراعي التضخم وزيادة الأسعار لكي تكون اتفاقية واضحة يتم الاعتداد بها أمام القضاء حال عدم الالتزام بها.. لكن يبدو أن الإدارة لم تقبل بذلك وأنها ستستمر في مماطلة العمال”.
وأشار الناشط العمالي إلى أن “حوادث الانتحار المتتالية هي السبب في التعجيل بالإضراب، حالتا الانتحار السابقتين ادعت الإدارة أنهما وقعا بالخطأ، لكن الحالة الأخيرة استفزت العاملين بشكل غير مسبوق، العمال من 2017 وهم مستمرون في المطالبة برفع الأجور”.. لافتًا إلى أن الإدارة استعانت سابقًا بأحد الخبراء من فرع لندن لتطوير المصنع لكنه رفض البدء في عملية التطوير قبيل تحسين ظروف العمال المالية وهو ما رفضته الإدارة.
وقالت التعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، إن عمال بشاي للحديد والصلب؛ قرروا تعليق التفاوض مع الإدارة لحين عرض رؤية واضحة للحلول، والتنازل عن المحضر الذي حمل رقم 6464/ 2022 وحرره كمال بشاي ضد 11 عاملا، مدعياً أنهم من قاموا بالتحريض على الإضراب وتخريب المصنع.وأضافت التعاونية أن “كمال بشاي تجاهل السبب الحقيقي لإضطرار العمال لتنظيم إحتجاجهم المشروع، والمتمثل في إقدام أكتر من عامل على الإنتحار، وكان آخرهم عامل قام بشنق نفسه الأسبوع السابق على الإضراب، كنتيجة لتدهور أوضاعهم المعيشية، وعدم قدرتهم على أداء واجبهم تجاه أسرهم، نظراً لتضاؤل أجورهم وتأخر الإدارة في صرف بعض مستحقات العمال، ناهيك عن سوء معاملة الإدارة للعمال خلال الفترة الماضية”.
واستكملت التعاونية القانونية “عنون العمال ورقة مطالبهم بالمساواة بزملائهم بمصانع الحديد والصلب الأخرى، وخصوصاً الموجدان بالمنطقة الصناعية بالسادات (حديد عز وأركوستيل للصلب)، حيث تضمنت: صرف الأرباح بأثر رجعي من 2015 وحتى 2022، صرف حافز ثابت بما لا يقل عن 15% من إجمالي المرتب، صرف شهر كامل على المرتب في الأعياد والمناسبات ومع بداية المدارس، صرف بدل طبيعة العمل شهرياً وبشكل منتظم، تحرير بوليصة تأمين على الحياة وتأمين صحي للعاملين وأسرهم، صرف شهرين عن كل سنة على شامل المرتب عند خروج العامل على المعاش، تجديد عقود من مضى عليه ثلاث سنوات في العمل تلقائيًا، وأن يعوض بأثر رجعي حال عدم تجديده العقد، عدم خصم اليوم الرابع من كل شهر من رصيد الإجازات، وقف كافة الإجراءات التعسفية ضد العمال، وهو الأمر الذي ذادت وتيرته خلال الفترة الماضية”.
وأردفت التعاونية “وجاء رد الإدارة مماطلاً كالعادة، حيث عرضوا إنهم سيقومون بإعادة هيكلة الأجور خلال شهر يناير، وذلك دون أن يقدموا توضيح لعملية الهيكلة ومقدارها، مع تقديم عدة وعود لا تغني ولا تسمن من جوع (حسب تعبير أحد العمال) وكانت كالتالي: زيادة البدل على الوجبة والانتقالات بنسبة 15% اعتبارًا من الشهر الجاري. مع صرف حافز الإنتاج يوم 20 من كل شهر. وكذا تعديل المسميات الوظيفية بالتأمينات الاجتماعية بعد استيفاء المستندات. فضلًا عن الموافقة على التأمين على العمال ضد إصابات العمل.
واختتمت التعاونية “إلا أن العمال رفضوا عرض الشركة، وقالوا إنه ليس أكثر من التفاف على مطالبهم، مؤكدين تعليق عملية التفاوض التي شبهوها بالمراوغِة، لحين الإعتراف بكامل مطالبهم، وعلى رأسها إعادة هيكلة الأجور بزيادات واضحة، تساويهم بالعاملين في الشركات الأخرى الشبيهة، وكذلك التنازل عن المحضر المحرر ضد زملائهم”.