وول ستريت جورنال: الاقتصاد اللبناني قد لا يعود إلى ما كان عليه من قبل.. وكارثة المرفأ وأزمة كورونا عمقت الأزمة
وكالات
تطرقت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير نشرته يوم الأربعاء إلى تداعيات الوضع الاقتصادي “المنهار” في لبنان، الذي فاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الاقتصاد اللبناني “ربما لن يعود إلى ما كان عليه من قبل”، حيث عمقت كارثة انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا قبلها الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019.
وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار المواد الأساسية بأكثر من 700 في المئة.
وأشارت الصحيفة إلى أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح متكررا لدرجة أن المطاعم تخصص ساعاتها وفقا لجدول الكهرباء من المولدات الخاصة، وتندلع المشاجرات في المحلات حيث يندفع المتسوقون لشراء الخبز والسكر وزيت الطهي قبل نفادها أو ارتفاع أسعارها.
وغادرت الكوادر الطبية إلى خارج البلاد، فيما تضرب البلاد موجة جديدة من الإصابات بكوفيد-19، وارتفعت حوادث السرقة والقتل.
وبين حالات القتل التي تعكس الوضع المتردي، حالة عامل محطة وقود يدعى غيث المصري قضى بمشاجرة مع زبون بعد أن رفض طلبه بتجاوز حد الحصص المخصصة.
وفي مستشفيات لبنان، نفدت بعض أدوية التخدير وجراحة القلب ويبحث الموظفون عن الوقود والماء، حسب رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، الذي قال لـ”وول ستريت جورنال”: “بدلا من الاهتمام بالأشياء المهمة، نعتني بأشياء تافهة مثل إيجاد الديزل للمولدات والكهرباء والمياه، والتي يتعين علينا بعد ذلك تعقيمها”.
ويقول التقرير إن لبنان الذي كان في العقود الأخيرة “يسوده الهدوء النسبي في منطقة مضطربة يعيش الآن في ظل انهيار اقتصادي يحدث مرة واحدة في القرن”.
ويشير إلى أن البنك الدولي قال في مايو الماضي، إن الأزمة الاقتصادية في البلاد يمكن أن “تصنف ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ 150 عاما الماضية”.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت في عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق.
ويقول البنك الدولي إن لبنان قد يأتي بعد تشيلي، التي احتاجت إلى 16 عاما للتعافي من انهيارها عام 1926، وإسبانيا خلال حربها الأهلية في الثلاثينيات والتي استغرق تعافيها 26 عاما، وقدر البنك أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاما للتعافي.
وفي حين أن العديد من الأزمات الاقتصادية تنبع من الحروب والكوارث الطبيعية، أو الوباء في الآونة الأخيرة، فإن انهيار لبنان “يكشف عن قدرة الحكومة التي لا حدود لها على إلحاق الضرر بنفسها”.
وعانى لبنان على مدى سنوات من سوء الإدارة الحكومية والفساد الذي تسبب في أزمة مالية في عام 2019، ما أدى إلى “تخلف البلد عن سداد سنداته لأول مرة منذ استقلاله عن الانتداب الفرنسي عام 1943”.
وما يحدث في لبنان اليوم “لم يحدث حتى أثناء الحرب الأهلية التي استمرت لسنوات، ومع استيعاب ملايين اللاجئين من الدول المجاورة، والصراعات المتكررة مع إسرائيل، والاغتيالات السياسية”.
مايك أزار، خبير تمويل الديون الذي قدم المشورة للوكالات الحكومية الأميركية قال للصحيفة الأميركية: “في مرحلة ما، تصبح الأزمة سيئة للغاية حتى أن اللبنات الأساسية للانتعاش ينتهي بها الأمر بالاختفاء.. لن تعود أبدا إلى نوع الاقتصاد الذي كان لديك من قبل”.
وجاءت فرصة لبنان لوقف سقوطه، العام الماضي، عندما وضعت الحكومة خطة إصلاحات اقتصادية، لكن السياسيين رفضوها، وهو ما أدى إلى استقالة الخبراء المشاركين في صياغتها، ومن بينهم آلان بيفاني، الذي عمل لمدة 20 عاما في وزارة المالية اللبنانية.
وقال بيفاني للصحيفة: “إذا كنت لا تريد إدخال إصلاحات، ولا تريد السماح للاقتصاد بالانتعاش، فماذا سنفعل؟”.