بعد اختطاف صحفي معارض من الجو.. الخارجية الألمانية: على الرئيس البيلاروسي أن يدفع ثمنا باهظا لعمله المخزي

الألمانية

اعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الثلاثاء، أن على الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو المتهم باعتراض طائرة مدنية بهدف اعتقال صحفي معارض كان بين ركابها، “أن يدفع ثمنًا باهظًا” لـ”عمله المخزي”.

وقال ماس في مؤتمر صحفي في برلين إن رئيس بيلاروسيا “يحتجز شعبه منذ فترة طويلة. لكن ذلك لن يمنعنا من التذكير بالثمن الواجب دفعه لهذا العمل المخزي”، مؤكدا أنه ينبغي أن يكون واضحا “لأي ديكتاتور” أن عليه “دفع ثمن باهظ”.

كانت بيلاروسيا قد أرسلت طائرة حربية لإجبار طائرة مدنية كانت متوجهة إلى ليتوانيا لتعتقل الصحفي المعارض رومان بروتاسيفيتش.

وأدانت دول غربية بيلاروسيا لتحويلها مسار طائرة كانت تمر عبر أجوائها واعتقال الصحفي المعارض من مواطنيها كان على متن الطائرة.

وسيناقش قادة الاتحاد الأوروبي ردهم على ما وصفوه بأنه “اختطاف”، وما وصفته وزارة الخارجية الأمريكية بأنه تصرف “صادم”.

وكان الصحفي، البالغ من العمر 26 عاما، على متن رحلة تابعة لشركة “ريان أير” الأيرلندية قادمة من العاصمة اليونانية أثينا.

وكانت الطائرة على وشك الهبوط في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، لكنها كانت لاتزال في المجال الجوي لبيلاروسيا حين أُجبرت على الهبوط في عاصمة البلاد، مينسك.

وروى شهود أن الناشط كان “مذعورا”، وقال للمسافرين معه إنه سيواجه “عقوبة الإعدام”. وتجدر الإشارة إلى أن بيلاروسيا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي مازالت تطبق عقوبة الإعدام.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية في بيلاروسيا أن الرئيس، ألكسندر لوكاشينكو، أمر شخصيا بتنفيذ العملية. ووصلت الطائرة إلى فيلنيوس متأخرة ست ساعات عن الموعد الأصلي لوصولها.

ويشن الرئيس لوكاشينكو، البالغ من العمر 66 عاما، ويراس البلاد من عام 1994 حملة واسعة النطاق ضد أصوات المعارضة، منذ إعادة انتخابه في أغسطس الماضي في ظروف مثيرة للجدل. فقد تعرض معارضون بارزون إلى الاعتقال ودُفع آخرون إلى مغادرة البلاد.

وأثار الحادث تنديدات شديدة اللهجة من دول الاتحاد الأوروبي. وطالب بعضها بالإفراج الفوري عن بروتاسيفيتش وفتح تحقيق في القضية.

وحض رئيس ليتوانيا، غيتاناس ناوسيدا، الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات اقتصادية جديدة على بيلاروسيا.

وقال في تصريح لبي بي سي إن مثل هذا الإجراء “سيكون له تأثير كبير على سلوك النظام البيلاروسي”.

ويخضع عشرات المسؤولين البيلاروس، بينهم الرئيس لوكاشينكو إلى عقوبات من الاتحاد الأوروبي، من بينها منع السفر وتجميد الأصول. وفُرضت عليهم هذه العقوبات بسبب قمع المعارضة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن هذا التصرف “الشائن والمخالف للقانون” ستكون له “عواقب”.

وندد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بهذا “التصرف الصادم”، قائلا إن إدارة الرئيس جو بايدن “تنسق الرد عليه مع شركائنا”.

كيف تم تحويل مسار الطائرة؟

اتجهت الرحلة “إف أر 4978” شرقا إلى مينسك قبيل الوصول إلى حدود ليتوانيا. وبحسب اليونان وليتوانيا، كان على متن الطائرة 171 مسافرا.

وجاء في بيان لشركة “رايان أير” أن طاقمها تلقى “تنبيها من مركز مراقبة الطيران في بيلاروسيا باحتمال وجود تهديد أمني على متن الطائرة، وأعطي تعليمات بتحويل مسار الطائرة إلى أقرب مطار في مينسك”.

ولكن مدير مؤسسة نيكستا الإعلامية، التي كان بروتاسيفيتش يعمل فيها، كتب يقول بموقع تويتر إن عناصر من المخابرات البيلاروسية كانوا على متن الطائرة، وأنهم هم مصدر التحذير بوجود قنبلة.

وبالنظر إلى مسار الرحلة، كما يبدو على موقع “فلايت رادار 24″، فإن الطائرة كانت أقرب إلى فيلنيوس منها إلى مينسك عندما انحرفت عن مسارها.

وتحدث مسافرون على متن الطائرة عن بروتاسيفيتشوكيف كان متوترا عندما أدرك أنه سيهبط في بيلاروسيا.

وذكرت مونيكا سيمكيين في تصريح لوكالة فرانس برس للأنباء أنه توجه إلى الناس قائلا إنه يواجه “عقوبة الإعدام”.

وقال مسافر آخر لوكالة رويترز إن بروتاسيفيتش، عندما أدرك تحويل مسار الطائرة، فتح حقيبته وأخرج منها جهاز كمبيوتر وهاتفا وسلمهما إلى امرأة كانت ترافقه. وبحسب الرئيس الليتواني فإن هذه المرأة لم يُسمح لها بالعودة إلى الطائرة في رحلتها إلى ليتوانيا.

لماذا استهداف بروتاسيفيتش؟

كان بروتاسيفيتش يدير مؤسسة نيكستا الإعلامية، التي لها قناة بتطبيق “تليغرام”. وغادر البلاد في 2019 إلى المنفى في ليتوانيا. وغطى من منفاه الأحداث التي رافقت انتخابات 2020 الرئاسية. ووجهت له بعدها تهم الإرهاب والتحريض على الشغب.

وكانت نيكستا صوتا عاليا للمعارضة في انتخابات 2020 الرئاسية التي انتهت بفوز لوكاشينكو ووصفت بأنها مزورة. وواصلت القناة عملها بعد الانتخابات لكسر التعتيم الإعلامي الذي فرضته الحكومة على البلاد.

ولكن الرجل لفت نظر السلطات أول مرة وهو لا يزال مراهقا، عندما طرد من المدرسة بسبب مشاركته في احتجاجات في عام 2011.

ويعمل بروتاسيفيتش حاليا في قناة أخرى بتطبيق تليغرام اسمها “بيلاموفا”. وانضم إليها بعدما اعتقلت السلطات مدونا، يُدعى إيغور لوسيك، في يونيو الماضي.

وسافر إلى أثينا لحضور مؤتمر اقتصادي، برفقة سفيتلانا تيكانوفسكايا، التي تقول إنها فازت بالانتخابات الرئاسية أمام لوكاشينكو، وتعيش هي أيضا في المنفى في ليتوانيا.

وخرج العام الماضي عشرات الآلاف من المتظاهرين في العاصمة مينسك احتجاجا على إعلان لوكاشينكو فوزه بالانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *