شيماء حمدي تكتب: إلى مجلس نقابتي … ماذا أعددتم للحفاظ على المهنة وأهلها؟
في الأيام الماضية، أخلي سبيل عددا من الصحفيين ممن تم إلقاء القبض عليهم خلال الأشهر الماضية، لكن في الحقيقة هناك الكثير من الصحفيين والصحفيات لازالوا يقبعون داخل أسوار السجون، فربما اختلفت وقائع القبض عليهم، لكنهم جميعا أسندت اليهم اتهامات تكاد تكون واحدة لا تفرق بينها سوى أرقام القضايا التي محبوسا على ذمتها.
أذكر على سبيل المثال أن هناك 5 صحفيين ألقت قوات الأمن القبض عليهم في مدة قصيرة جدا، ثلاث منهم صحفيين بمؤسسة اليوم السابع وهم ” هاني جريشة مدير تحرير الموقع، وعصام عابدين، والسيد شحتة”، دون أسباب واضحة حتى الأن، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد شهد شهر سبتمبر واقعة القبض على الصحفي إسلام الكلحي الذي يعمل في موقع درب ، وذلك أثناء قيام الصحفي بمهام عمله الذي كلف به من موقع درب بتغطية أحداث المنيب. و في نوفمبر من العام الماضي القي القبض على الصحفية سولافة مجدي وزوجها المصور الصحفي حسام الصياد، وتم حبسهم على ذمة القضية 448 لسنة 2019، وفي أغسطس الماضي تم تدوير الصحفية سولافة مجدي في قضية جديدة 855 لسنة 2020 على نفس قائمة الاتهامات.
ولا يخفى على أحد الاتهامات الموجهة للكثير منهم ممن تم التحقيق معه وأصدر بحقه قرار بالحبس على ذمة القضية، فقد تنحصر الاتهامات بين ( نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام التواصل الاجتماعي، والانضمام لجماعة ارهابية)، وهنا علينا أن نتوقف أمام تلك الاتهامات، فنحن نتفهم جيدا أن الصحفي من الممكن أن يخطأ ويقوم سهوا بنشر خبر يتضح عدم صحته فيما بعد، لكن ليس من المعقول أن عشرات الصحفيين الذين ألقي القبض عليهم خلال السنوات الأخيرة كانوا منتمين لجماعة ارهابية.
أن هناك حالة من الاستسهال في حبس الصحفيين وتدوير بعضهم، واتهامهم باتهامات تكاد تكون متشابهة حد التطابق،لكن في الحقيقة أن التهاون في حبس الصحفيين لا يأتي من الفراغ، فقد فقدت نقابة الصحفيين بوصلتها وتراجعت عن دورها التي دأبت في تقديمه للدفاع عن أبناء المهنة على مدار السنوات الماضية. ففي سنوات ليست بعيدة، أذكر أن خبر القبض على صحفي كان كفيل بأن تنقلب نقابة الصحفيين رأسا على عقب سعيا لخروج الصحفي بأقصى سرعة ممكنة، كانت النقابة حينها تستخدم كل الآليات السلمية للتعبير عن رفضها للأسلوب الذي استخدمته الجهات الأمنية والمسؤولين مع الصحفي، تبدأ تلك الآليات بالبيانات الحازمة التي ترفض وتندد بالقبض على الصحفي وصولا إلى المؤتمرات والفاعليات السلمية للمطالبة بالإفراج الفوري عنه، وهذا لم يؤثر يوما على عمل المجلس الذي كان يبدأ فورا في مفاوضات مع الجهات المسؤولة للإفراج عن الصحفي المقبوض عليه.
أما الأن فقد فقدت نقابة الصحفيين بوصلتها ودورها القيادي، وكأن دور النقابة الدفاعي والتي كانت بمثابة درع الصحفيين توقف منذ يوم اقتحامها في إبريل عام 2016، وأسدل الستار على الدور النقابي القيادي للنقابة في حماية أبناء المهنة من الانتهاكات التي يتعرضون لها.
وبصفتي عضوا بالجمعية العمومية أود أن أسأل مجلس النقابة ماذا أعددتم للدفاع عن أبناء المهنة خلال الأيام القادمة، هل تقتصر مهمتكم على التفاوض الذي لا يأتي بثماره إلا القليل، أم من المفترض أن تكونوا على قدر أكبر من الوعي والجهد والعمل من أجل الدفاع عن المهنة وابنائها، ونحن على مشارف دورة برلمانية جديدة. فهل اقتطع مجلسكم الموقر من وقته لعمل أجندة تشريعية تتضمن مواد قانونية تحمي الصحفيين من التنكيل للتقدم في الدورة البرلمانية الجديدة، هل فكرتم في تعديلات تشريعية تحد من حبس الصحفيين تحت مظلة اتهام نشر الأخبار الكاذبة والانضمام لجماعة إرهابية، أم اكتفيتم فقط بدوركم التفاوضي الذي هو أقل بكثير من الدور المنتظر والذي من أجله تم انتخابكم.
ولذلك وحتى تعود نقابتي إلى دورها المجيد في حماية أبناء المهنة، فأنا أدعو مجلس النقابة الموقر أن يفهم دوره الحقيقي الذي جاء من أجله، فهو لم يأت من أجل التفاوض وفقط، وإنما من أجل المساعدة والضغط لإصدار تشريعات تحمي الصحفيين من المخاطر التي يتعرضون لها أثناء تأدية عملهم.