د. مجدي عبد الحميد يكتب : عن نزاهة الانتخابات (2)
حول مفهوم النزاهة : لا يوجد تعريف محدد وقطعي للنزاهة، ومع ذلك ففي العمليات الإنتخابية يمكننا بدرجة كبيرة من الدقة القول بأن النزاهة هي مجموعة من المعايير المستندة إلى مبادئ الديمقراطية ، والإجراءات الكفيلة بحماية حرية ونزاهة الانتخابات، وبالتعريف السلبي فإن النزاهة هي المضاد الموضوعي للفساد، ومن أهم معايير نزاهة الإنتخابات ما يلي :
- تطبيق إدارة انتخابية نزيهة وشفافة وعادلة.
- وضع إطار قانوني يفرض وسائل المراقبة والمتابعة الدقيقة لسير العملية الإنتخابية من بدايتها حتي إعلان نتائجها.
- أعتماد آليات وقائية صارمة وواضحة، بما في ذلك مراقبة الإنتخابات من قبل مراقبين مستقلين ومنظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام حرة.
- وجود اجراءات إنفاذ الضوابط المتعلقة بمسألة النزاهة، بما في ذلك خضوع جميع المسؤولين عن إدارة الإنتخابات في جميع مراحلها للمحاسبة.
هذا وتتطلب الإنتخابات بالضرورة مشاركة العديد من الأطراف والفرقاء والمعنيين، وتكون الإغراءات كثيرة لمحاولة الفوز بها بكل الطرق والوسائل، بما في ذلك إمكانية اللجوء
إلى وسائل أو ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية ، حيث يمكن أن يتم التأثير علي مسار العملية أو التلاعب بنتائجها لتحديد هوية الفائز أو الخاسر بشكل مسبق، الأمر الذي يلقي بظلاله على شرعية العملية برمتها . لذا فـ الانتخابات التي تخلو من النزاهة من شأنها تقويض أهداف الانتخابات الديمقراطية، ولا يمكن اعتبارها نزيهة وعادلة ولا يمكن الاعتداد بنتائجها، حتى لو أقرتها الهيئات الرسمية المسئولة عن ادارة العملية الإنتخابية، فستظل في ضمير ووجدان جمهور الناخبين نتائج مشكوك فيها، ما ينسحب علي مصداقية الهيئات والمؤسسات الناجمة عنها.
وفي ظل المنافسة السياسية والاجتماعية ومخاطر الفساد، وإمكانية إستخدام نفوذ السلطة، أو المال السياسي، يصبح وجود آليات تحتوي على ضوابط تكفل وجود صياغة سليمة لقانون الانتخابات واختيار أمثل للنظام الانتخابي من أجل ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتطبيق النصوص القانونية والتنظيمية عبر الوسائل الإدارية والقانونية المختلفة، وآليات يحميها القانون لضبط، وتنظيم، ومتابعة المسار الإنتخابي من بدايته لنهايته ضرورة حتمية.
كما يجب أن تمكننا تلك الآليات من مراقبة ومتابعة أعمال وأفعال الإدارة الإنتخابية، حيث يجب أن توفر الأرضية الملائمة لقيام قطاعات حكومية أو هيئات أخرى، وكذلك المجتمع المدني ووسائل الإعلام بمراقبة العملية الانتخابية بالكامل.
هذا وتعتبر الرقابة على الانتخابات من جانب الأحزاب السياسية، ووسائل الإعلام، والمواطنون، والمراقبون المحليون والدوليون، بمثابة آلية هامة للحفاظ على نزاهة الإنتخابات، حيث تسهم في اكتشاف وتفادي المشكلات التي قد تؤثر على نزاهة الإنتخابات، كما أنها تخضع جميع الأطراف الفاعلة في العملية الإنتخابية إلي مبادئ الشفافية والمحاسبة، وتضفي الشرعية على العملية الإنتخابية، مع ضمان الالتزام بالأطر القانونية من قبل الجميع.
كاتب ومحلل سياسي