ريهام الحكيم تكتب: العراق .. من سياسة التبعية للوساطة الإقليمية.. زيارة الكاظمي إلى طهران

وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران صباح يوم الثلاثاء الماضي 21 يوليو في أول زيارة رسمية له، وهى الأولى منذ توليه المنصب في مايو 2020.

وكان من المقرر أن يبدأ الكاظمي أولى زياراته الخارجية إلى المملكة العربية السعودية ومقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاثنين الماضي، ولكن الكاظمي فوجئ بطلب سعودي بتأجيل الزيارة بعدما تم وضع جدول اعمال الزيارة، بحسب ما نقلته الخارجية السعودية و تدهور صحة الملك سلمان واجراؤه لبعض الفحوصات الطبية.

زيارة الكاظمي إلى السعودية سبقتها تكهنات عن مسعى لوساطة عراقية لتقريب وجهات النظر بين كلا من إيران والسعودية، بحسب تصريح الكاظمي عن حاجة العراق إلى شراكة متساوية مع جيرانها، منتهجا خطاباً جديدًا اختلف عن عادل عبد المهدي رئيس الوزراء السابق الذي اتخذ من التبعية لإيران نهجاً وتوجهاً للسياسة العراقية الداخلية والخارجية.

الكاظمي المثير للجدل

يعد مصطفى الكاظمي شخصية مثيرة للجدل، وهناك من يرى فيه بأنه رجل الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يعمل مدير تحرير قسم العراق في موقع ” المونيتور” الأمريكي، وعاد إلى العراق في 2003 واسس شبكة الإعلام العراقي وعمل في الصحافة حتى تسلم منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي في 2016.

واثناء عمله بالصحافة،  سجل الكاظمي رفضه الصريح للنفوذ الإيراني داخل العراق وكتب مقالات في مواقع أمريكية داعياً الدول الغربية بالتوقف عن اعتبار العراق مجرد فناء خلفي لإيران.

الكاظمي المتهم من قبل زعماء أحزاب عراقيين بالضلوع في عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. و يراه اخرون فرصة إيران لتخفيف حدة العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، خاصة بعد سماح الادراة الامريكية للعراق بإبرام عقود شراكة مع ايران بعد تولي الكاظمي.

الكاظمي ولعبة التوازنات الدولية

وبالرغم من أن نية الكاظمي كانت التوجه أولاً إلى السعودية في أول زيارة خارجية له، إلا أن التأجيل السعودي للزيارة، جعلت من طهران وجهة الكاظمي الأولى – وهي كانت الوجهة الاولى لكل من نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي رؤساء الوزراء السابقين – وتأجيل الزيارة هو اشارة سلبية من السعودية تجاه الكاظمي بعد ان استبقتها زيارة محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني إلى العراق.

اذن ارسلت السعودية برسالة امتعاض لدور الكاظمي في عملية الوساطة التى تسعى اليها حكومة بغداد الجديدة  لاستقرار العراق وتجنبها تكلفة المواجهة بين كلا من إيران والفصائل المسلحة التابعة لها من جهة، والسعودية والولايات المتحدة من جهة اخرى.

الكاظمي في طهران

حظي الكاظمي في اول زيارة إلى طهران بحفاوة وترحاب من قبل الساسة الإيرانيين، استقبله في المطار وزير الطاقة الإيراني والتقي بالرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد الأعلى علي خامنئي – بالرغم من اختفاء الأخير عن الاعلام قرابة الـ 6 أشهر- و طرح الكاظمي في طهران ملفات سياسية واقتصادية وأمنية.

وفي المؤتمر الصحفي تعهد الكاظمي بان لا تكون العراق منطلقاً لتهديد إيران وان العلاقات العراقية الإيرانية يجب ان تبنى على مبدأ ” عدم التدخل“.

الحصار الاقتصادي لإيران

تقف إيران في موقف اقتصادي حرج بسبب العقوبات الامريكية على اقتصادها, وتنظر إيران إلى العراق على انها المتنفس الاقتصادي لها, تتطلع طهران إلى تسديد ديونها من عائدات الكهرباء والغاز والاستفادة من الاعفاءات الامريكية التي حصلت عليها إيران بعد تولي الكاظمي حكم العراق.

لم يخفي حسن روحاني طموحة في رفع سقف التبادل التجاري بين العراق وإيران من 12 مليار دولار إلى 20 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه يسعى الكاظمي لتحجيم نفوذ الميليشيات المسلحة –التابعة للحشد الشعبي – داخل العراق والتي تتلقى الدعم والتسليح والتدريب من الحرس الثوري الإيراني.

الشارع العراقي ومطالب السيادة الوطنية

حكومة الكاظمي التي تشكلت بعد مرحلة من المخاض السياسي شهدها العراق عقب اندلاع موجة من الاحتجاجات الشعبية – اكتوبر 2019 – منددة بالتدخلات الخارجية في العراق وخاصة التدخلات الإيرانية والأمريكية.

 تسببت تلك الا حتجاجات في استقالة حكومة عادل عبد المهدي في نوفمبر 2019, وهى الحكومة المتهمة من قبل الشارع العراقي بتلقى الاملاءات الإيرانية والسماح للنفوذ الإيراني بانتهاك السيادة العراقية.

 حكومة الكاظمي وهى الغير محسوبة على المعسكر الايراني, مطالبة بتحقيق طموح المواطن العراقي في توفير الكهرباء والماء وانهاء الفساد الذي اهدر كل ثروات العراق.

العراق يحتاح إلى تكوين دولة المواطنة و انهاء سياسة التبعية التي لحقت بالعراق منذ الاحتلال الامريكي في 2003.

لن يقبل الشارع العراقي استمرار سياسة الهيمنة التي فرضت عليه وهو الشعب الذي اعتاد الثورة والاحتجاج على مدار تاريخه ضد سياسة الاستبداد والتبعية للخارج.

#العراق_ينتفض

#نريد_وطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *