مدحت الزاهد يكتب: عندما بكى الجمسى واستقال إبراهيم كامل.. قصة سلام كامب ديفيد الضائع
بين لحظة بكاء المشير الجمسى عندما ابلغه كيسنجر انه اتفق مع السادات على سحب معظم قواتنا التى عبرت الى الضفة الاخرى للقناة ولحظة اعلان وزير الخارجية المصرى محمد ابراهيم كامل الاستقالة احتجاجا على اتفاقية كامب ديفيد لنفس الاسباب التى ادت الى استقالة وزيرى الخارجية الاسبقين اسماعيل فهمى ومحمد رياض ، بين هاتين اللحظتين جرت مسيرة كامب ديفيد التى انتهت بتوقيع اتفاقية سلام مع كيان استعمارى غاصب ممهورة بتوقيع السادات وبيجن وكارتر وبضجة كاذبة عن عهد جديد من الازدهار والاستقرار كالضجة التى تصاحب الان التطبيع الخليجى مع الكيان الاستعمارى.
اما حقيقة هذا الازدهار والاستقرار فتكشفه المسارات الفعلية للتطورات التى تشى بمحاولة الكيان الصهيونى لابتلاع كل فلسطين بسياسة القضم والهضم والهيمنة على المحيط العربى تحت غطاء السلام الدافىء وصفقة القرن.
ويكفى لبيان بعض ماجرى تامل احداث بسيطة كاشفة لنوايا الصهاينة وخضوع الانظمة.
بعد زفة الكامب مباشرة اعلن الكنيست الاسرائيلى القدس عاصمة ابدية لإسرائيل على مر الأجيال ولما طلب السادات من مصطفى خليل رئيس الحكومة وقتها أن يحتج على نظيره الاسرائيلى لانتهاك إسرائيل لاتفاقية السلام رد عليه مناحم بيجن،رئيس الحكومة الإسرائيلية : دلنى على فقرة او عبارة او جملة او كلمة أو حرف او فصلة في اتفاقية كامب ديفيد تقول ان القدس ارض فلسطينية
ويروى بيرجينسكى مستشار الامن القومى الامريكى ان السادات طلب وبعد ان تم الاتفاق على كل بنود التسوية ان توافق إسرائيل على رفع علم فلسطيني فوق أي مبنى في القدس فتوجه بيرجنسكى الى بيجن بطلب السادات فرد عليه بيجن : العرب اتعودوا يطلبوا بقشيش بعد الحساب قل للسادات إسرائيل لا تدفع بقشيشا ! وفى كامب ديفيد استقال وزير الخارجية المصرى محمد إبراهيم كامل الذى قبل الوزارة بعد استقالة إسماعيل فهمى ومحمد رياض كوزراء خارجية ، وكان إبراهيم كامل مقتنعا بان مبادرة السادات سوف تحدث زلزالا في إسرائيل والعالم وان السادات يسير في طريق التسوية الشاملة وبعدها وطوال مسيرة المفاوضات اكتشف إبراهيم كامل ان المسار هو تسوية مصرية – إسرائيلية منفردة عبر اتفاقيات جزئية ومرحلية وفقا لسياسة كيسنجر الخطوة – خطوة وقطعة من الأرض مقابل قطعة من السلام وان الهدف هو عزل مصر واضعافها وتجريدها من عناصر قوتها وانقاص سيادتها على أراضيها . واستقال كامل ولم يوقع الاتفاق وبكى مثلما بكى المشير الجمسى عندما ابلغه كيسنجر انه اتفق مع السادات على سحب معظم القوات المصرية التي عبرت القناة مقابل سحب القوات الإسرائيلية التي عبرت الى أراضينا فيما عرفت باتفاقية فصل القوات او فك الحصار .. واحتج الجمسى ودموعه ظاهرة وقال : ولكن قواتهم تنسحب من ارضنا، فلماذا تنسحب أيضًا قواتنا من أرضنا.. وبعد كل هذا الزمن ما نزال ندفع الثمن..