تقرير لـ«بي بي سي» عن الفايد: العامل برصيف ميناء الإسكندرية الذي أصبح أحد أثرياء العالم.. وكواليس صراع الجنسية ومقتل ابنه مع ديانا
كتب: صحف
من “حمال” على أرصفة ميناء الاسكندرية إلى أحد كبار الأغنياء حول العالم، هذه كانت رحلة الملياردير المصري محمد الفايد، بحسب تقرير لـ(بي بي سي).
لكن وراء قصة النجاح هذه يكمن رجل ذو شخصية مركبة، هزت مكائده المؤسسة البريطانية بشدة. وترى (بي بي سي) أن مزاعمه بعدم “النزاهة” أطاحت بثلاثة من كبار السياسيين في حزب المحافظين البريطاني، وما انفك يصر على أن موت أميرة ويلز، ديانا سبنسر، ما هو إلا جريمة قتل.
ولد محمد فايد في مدينة الاسكندرية عام 1929، وليس معروفاً يوم ميلاده على وجه الدقة.
بدأ حياته في عالم الأعمال بائعا متجولاً للمشروبات الغازية في ميناء الإسكندرية، لكن الحظ حالفه في منتصف خمسينيات القرن الماضي، حين التقى بالكاتبة السعودية سميرة خاشقجي، شقيقة الملياردير وتاجر السلاح المعروف عدنان خاشقجي، وتزوجها بعد ذلك.
وبعد زواجه بسميرة، منحه عدنان، عملاً مكّنه من دخول أكبر وأكثر الدوائر الاجتماعية نفوذًا في لندن وفي دول الخليج.
وفي ستينيات القرن الماضي، بات محمد الفايد يملك ثروة جمعها بنفسه بعد صفقات وتعاملات مع أثرياء حول العالم، بدء من شيوخ الخليج مروراً ببابا دوك دوفالييه، ديكتاتور هاييتي الشهير.
وأسس بعد ذلك شركة شحن خاصة به في مصر، كما أصبح المستشار المالي لسلطان بروناي.
وانتقل محمد فايد للإقامة في بريطانيا عام 1974، وأضاف “أل” التعريف لكنيته ليصبح اسمه محمد الفايد، هذه الإضافة التي تناولتها مجلة “برايفيت آي” الساخرة بسخرية لاذعة مطلقة عليه لقب “الفرعون المزيف”.
وفي عام 1979، اشترى محمد وشقيقه علي فندق “ريتز” الفاخر في باريس، وبعدها بست سنوات تغلب محمد الفايد على مجموعة “لونرو” الاقتصادية في معركة شراء متجر “هارودز” العريق في قلب لندن.
جواز سفر
في عام 1990 شن، “تيني رولاند”، رئيس مجلس إدارة مجموعة “لونرو” حربا شعواء على الفايد ونشب بينهما نزاع، وخلص تقرير لوزارة التجارة والصناعة حول النزاع، إلى أن أسرة الفايد، كذبت بشأن خلفيتها الاجتماعية ومصدر ثروتها.
وعلى الرغم من أن النزاع مع رولاند انتهى عام 1993، إلا أنه على الأرجح قد ساهم في منع حصول محمد الفايد على الجنسية البريطانية. ورأى الفايد في قرار رفض منحه الجنسية إهانة لكرامته.
وقال حينها “لماذا لا يمنحونني جواز السفر البريطاني؟، إني أملك متجر هارودز وأوظف فيه آلاف الأشخاص في هذا البلد”.
ودفعت خيبة الأمل، الناجمة عن عدم حصوله على الجنسية، بالفايد إلى التصريح في الصحافة بأن وزيرين محافظين هما نيل هاملتون وتيم سميث، تلقيا مبالغ مالية منه لقاء طرحهما أسئلة تخدم مصالحه في مجلس العموم.
ونتيجة لذلك، اضطر كلا الوزيرين إلى ترك الحكومة بسبب هذه الفضيحة، وخسر هاملتون، الذي أنكر ادعاءات الفايد، قضية تشهير ضد مالك متجر “هارودز” أمام المحكمة.
كما استقال وزير الدولة حينها، جوناثان إيتكن، بعد كشف الفايد أنه أقام مجانا في فندق “ريتز” بباريس، تزامنا مع وجود مجموعة من تجار السلاح السعوديين.
وانتهى الأمر بالوزير “إيتكن” إلى السجن بسبب إدلائه بشهادة كاذبة في المحكمة، وبذلك يكون ثأر الفايد من حزب المحافظين قد ألحق بالحزب ضرراً طويل الأمد.
ومن بين صفقات الفايد الكثيرة، شراء نادي فولهام لكرة القدم عام 1997، كما كان يملك عقارا في اسكوتلندا مساحته 50 ألف فدان، حوله إلى أحد الوجهات السياحية في البلاد.
وظل الفايد يتودد لسنوات عديدة إلى العائلة المالكة البريطانية ويرعى فعاليات مثل “وندسور هورس شو” السباق السنوي الدولي للخيول.
وعندما بدأت وسائل الإعلام تتناقل أخبار علاقة ابنه عماد الشهير بـ”دودي” بالأميرة ديانا، أميرة ويلز، بدا وكأنه بدأ يتقرب أكثر من المؤسسة البريطانية، بل وربما يحظى بالقبول لديها.
كن المشهد انقلب كليا بعد موت الأميرة ديانا ونجله دودي في حادث سير مروع في باريس عندما ارتطمت السيارة كانت تقلهما بأحد الأعمدة خرسانية في أحد الأنفاق وكان السائق من موظفي محمد الفايد.
ووضعت التقارير الجنائية، التي أكدت أن السائق كان مخمورا، محمد الفايد في موقف محرج.
باع محمد الفايد في مايو 2010 متجر هارودز الشهير وسط لندن، لشركة قطر القابضة مقابل 1.5 مليار جنيه استرليني.
وبعد مرور سنوات على مقتل نجله دودي، كان محمد الفايد لايزال يشعر بالمرارة، فمول عام 2011 إنتاج فيلم وثائقي بعنوان “قتل غير مشروع” يستعيد فيه نظريته حول “مؤامرة” مقتل الأميرة ديانا وابنه.
وعلى الرغم من عرض الفيلم الوثائقي في مهرجان “كان” السينمائي الدولي، إلا أن الإشكاليات القانونية حالت دون عرضه للعامة.
وقال الفايد “المصورون المتطفلون (الباباراتزي) هم السبب الرئيسي. إذا أراد أحدهم أن يؤذي ابني أو ديانا فإن لديهم الكثير من الفرص”.
وظل الفايد طوال السنوات التالية للحادث، يلقي باللائمة على ما أسماه “المؤسسة الحاكمة البريطانية” في مصرع ابنه دودي والأميرة ديانا.
وفي فبراير عام 2008، قدم أدلة للتحقيق في مقتل ابنه وديانا، يتهم فيها الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا، بأنه أعطى أوامر بقتلهما، بالتواطؤ مع جهاز الاستخبارات البريطاني MI6.
وقد لاقت تصريحاته الإدانة على نطاق واسع، وقال المسؤول عن التحقيق حينها إن “نظرية المؤامرة التي تقدم بها محمد الفايد جرى فحصها والبحث فيها بدقة وتبين أنها بدون أي أساس أو مضمون”.