منظمة العفو الدولية: يجب على الدول المجاورة للسودان توفير ممرات آمنة للفارين من النزاع
طالبت منظمة العفو الدولية جميع الدول المجاورة للسودان توفير ممرات آمنة للفارين من النزاع ورفع القيود التي تعوق دخول جميع الأشخاص الفارين من هناك بشكل فوري وآمن وكريم من دون تمييز.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقرير صدر عنها يوم الخميس، إنه يجب على الدول المجاورة للسودان أن ترفع فورًا جميع القيود على دخول الأفراد الفارين من النزاع الدائر في البلاد، وأن تكفل توفير سُبل الحماية والأمان لحوالي نصف مليون شخص سبق أن فرّوا.
ومن 9 مايو إلى 16 يونيو الماضي، أجرت “العفو الدولية” مقابلات مع 29 مدنيًا يواجهون الخيار الصعب ما بين العودة إلى مناطق النزاع التي فرُّوا منها أو البقاء عالقين على الحدود، حيث يُحتمل أن يظلوا هناك لفترة غير مُحددة، مع افتقارهم للإمدادات اللازمة للحفاظ على صحتهم وخصوصيتهم وكرامتهم. وكان من بين الذين أُجريت مقابلات معهم أشخاصٌ في مدينة وادي حلفا، بالقرب من الحدود مع مصر، وفي ميناء بورتسودان، على البحر الأحمر، بالإضافة إلى أشخاص عبروا نقاط الحدود السودانية من مواقع مختلفة، وكانوا في طريقهم للسفر، أو يخططون للسفر، من خلال مواقع عدة، من بينها أديس أبابا في إثيوبيا، وجوبا والرنك في جنوب السودان، والقاهرة في مصر، ودبي في الإمارات العربية المتحدة، ونجامينا في تشاد.
وقال تيغري شاغوتا، المدير الإقليمي لشرق وجنوب إفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “توفير ممر سريع عبر الحدود لجميع الفارين من النزاع وإتاحة سُبل التسجيل لطلب اللجوء فورًا من شأنه أن يخفف من الوضع الإنساني المزري على طول الحدود”.
فعلى سبيل المثال، كان عمر (اسم مُستعار)، 35 عامًا، في بورتسودان منذ أواخر إبريل 2023، ولم يُسمح له بالمغادرة لعدم وجود جواز سفر معه. وقد قال لمنظمة العفو الدولية إنه كان قد تقدم للحصول على تأشيرة شينغن، وكان جواز سفره مع السفارة في الخرطوم عندما بدأت الحرب.
وتعليقًا على ذلك، قال تيغري شاغوتا: “ينبغي على الدول ألا تمنع دخول الفارين من النزاع بسبب افتقارهم لوثائق الهوية أو تأشيرات الدخول. ومع ذلك، أدى تطبيق قواعد دخول صارمة على مَن لا يملكون وثائق سفر أو تأشيرات صالحة إلى وضع عقبات مستعصية أمام أشخاص في أمسِّ الحاجة للأمان، مما جعلهم عُرضة لمخاطر شديدة”.
وأشار شاغوتا إلى أنه “ما زال عددٌ لا حصر له من الأشخاص الذين نجحوا في عبور الحدود يواجهون حالة من عدم اليقين والضعف، فهم يصادفون صعوبات في مباشرة إجراءات طلب اللجوء، أو الحفاظ على وضعم القائم، أو الأمرين معًا، لعدم قدرتهم على تجديد وثائق هويتهم التي انتهت صلاحيتها أو أوشكت على الانتهاء”.
ووفقا لمنظمة العفو، يتفاقم الوضع بالنسبة للفارين من السودان بسبب منع بعض طالبي اللجوء من الدخول، مما يجعلهم عُرضةً للرجوع إلى المخاطر نفسها التي كانوا يحاولون الهرب منها.
استقبلت مصر أكبر عدد من الفارين من النزاع في السودان، حيث دخل مصر ما يزيد عن 250 ألف مواطن سوداني بحلول 26 يونيو 2023، وفقًا لما ذكرته وزارة الخارجية المصرية.
وقال منظمة العفو إنها جمعت معلومات بأن السلطات المصرية بدأت، اعتبارًا من 10 يونيو 2023، في مطالبة جميع المواطنين السودانيين بالحصول على تأشيرة دخول صادرة من القنصلية المصرية في وادي حلفا أو في بورتسودان، وعلَّلت ذلك بالحاجة إلى التصدي لعمليات تزوير تأشيرات الدخول، وإلى استيعاب توافد المواطنين السودانيين إلى مصر بصورة أفضل.
وحتى ذلك الوقت، ووفقًا للقواعد المعمول بها قبل اندلاع النزاع، كان يلزم الحصول على تأشيرات دخول للفتيان السودانيين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عامًا والرجال دون سن الخمسين. كما كانت سلطات الهجرة في مصر، عند بدء الأزمة، تقبل وثائق السفر المؤقتة عند نقاط العبور البرية من السودان إلى مصر بالنسبة للنساء والفتيات والفتيان دون سن السادسة عشرة والرجال ما فوق 50 عامًا.
إلا إن السلطات المصرية توقفت عن التعامل على هذا النحو من دون سابق إنذار يوم 25 مايو 2023، مما أدى إلى مزيد من الفوضى، وتأخير شديد، واكتظاظ عند المعابر الحدودية. كما تراجعت مصر عن اتباع ممارسات سابقة كانت تسمح بدخول المواطنين السوادنيين الذين يحملون جوازات سفر منتهية الصلاحية ومُددت صلاحيتها لستة أشهر وتسمح بإضافة الأطفال على جوازات سفر والديهم.
وبموجب قرار آخر يعود إلى 29 مايو 2023 واطلعت عليه “العفو الدولية”، وضعت السلطات المصرية شرطًا إضافيًا للحصول على التصريح الأمني بالنسبة للفتيان والرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 عامًا و50 عامًا، ممن يدخلون مصر عبر مطار القاهرة الدولي. وبمقتضى السياسة الجديدة، ينبغي أن يكون رقم التصريح الأمني مطبوعًا ومؤرخًا على تأشيرة الدخول من أجل السماح للشخص بدخول مصر.
كما تلقت منظمة العفو الدولية أنباءً مقلقة عن منع السلطات المصرية بعض مواطني سوريا وإريتريا الفارين من السودان من الدخول عبر الحدود البرية. وقال أحد الشهود للمنظمة إن بعض الأشخاص مُنعوا، في أواخر إبريل 2023، من الدخول عبر الجانب المصري من معبر أرقين الحدودي لأنهم كانوا يحملون وثائق منتهية الصلاحية، مما أدى إلى تفريق بعض العائلات.
وتُظهر صور بالأقمار الاصطناعية حصلت عليها منظمة العفو الدولية لمعبر أرقين الحدودي، خلال الفترة من 6 يونيو إلى 23 يونيو 2023، وجود زيادة ملحوظة في عدد المركبات على الجانب السوداني من الحدود.
ووفقا لما ذكرت منظمة العفو الدولية – في تقريرها – توفر منظمات محلية ومنظمات ذات قيادات محلية الدعم للسودانيين الفارين، وخاصة بطول الحدود بين السودان وجنوب السودان والمناطق الحدودية بين السودان وتشاد. ويؤدي الافتقار الحالي لدعم المجتمع الدولي إلى تفاقم الوضع الهش أصلًا نظرًا لاستنفاد الموارد المحدودة المتوفرة للجماعات المحلية ما بعد الحدود.
ففي تشاد، تقدم منظمات إنسانية الماء والطعام والمساعدات الصحية والمأوى لما يزيد عن 120 ألف سوداني عبروا الحدود منذ بدء النزاع. كما استقبل جنوب السودان مؤخرًا حوالي 129 ألف شخص من السودان.
وبحلول 27 يونيو كان قد تم توفير 13% فقط من الأموال التي طلبتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والبالغة 566,4 مليون دولار أمريكي، من أجل متطلبات الاستجابة الإقليمية لأزمة النازحين من السودان.
وقال تيغري شاغوتا إن “منظمة العفو الدولية تدعو الدول المجاورة للسودان إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين، وذلك بفتح حدودها أمام الفارين من النزاع المتصاعد”.
وشدد على أنه “يجب على جميع الدول رفع القيود التي تعوق دخول جميع الأشخاص الفارين من السودان بشكل فوري وآمن وكريم من دون تمييز، وضمان إتاحة السُبل من دون أي قيود أمام جميع طالبي اللجوء لمباشرة إجراءات عادلة وفعَّالة لطلب اللجوء، وللحصول على مساعدات إنسانية”.
وأكد أنه “يبنغي على السلطات المصرية ضمان أن تكون القوانين والقواعد المقترحة لتنظيم عملية طلب اللجوء في البلاد متماشيةً بشكل كامل مع القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وللاجئين”.
يذكر أنه في 15 أبريل الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تركزت معظمها بالعاصمة الخرطوم، مخلفة المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين؛ في حين لا يوجد إحصاء رسمي من ضحايا العسكريين من طرفي النزاع العسكري.
ووفقًا لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد حاليًا ما يزيد عن 563 ألف شخص عبروا الحدود بحثًا عن الأمان والحماية من الأزمة الجارية في السودان. وقد أشارت جماعات إنسانية بادرت بالاستجابة إلى الوضع في السودان داخل البلاد وخارجها إلى الوضع الإنساني المزري، وشدَّدت على الحاجة الماسة للمساعدات والدعم بشكل فوري.