«هيومن رايتس» تدعو سلطات شرق ليبيا لإلغاء قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية: قمعي ومقيد لحرية التعبير

وكالات

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الاثنين، مجلس النواب الليبي بإلغاء قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي وصفته بـ”القمعي والمقيد لحرية التعبير”، داعية سلطات شرق ليبيا إلى “الإفراج فورا عن أي شخص تحتجزه بموجب هذا القانون بسبب تعبيره السلمي”.

وأعلنت السلطات في شرق ليبيا خلال شهر فبراير الماضي، عن البدء بتطبيق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي أقره مجلس النواب الليبي في سبتمبر 2022، وهو ما انتقده خبراء أمميون باعتباره “ينتهك حقوق حرية التعبير والخصوصية وتكوين الجمعيات”، بحسب المنظمة الحقوقية.

وفي 17 فبراير الماضي، اعتقلت السلطات الليبية امرأتين، إحداهما مغنية والأُخرى صانعة محتوى على الإنترنت، بدعوى انتهاك هذا القانون والإخلال بـ”الشرف والآداب العامة”، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.

المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، حنان صلاح، تقول إنه “ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. ليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية”.

واعتبر خبراء الأمم المتحدة في تعليقهم أن مشروع القانون قيد النظر حينها “يمكن أن يكون له تأثير خطير على التمتع بالحق في حرية الرأي والتعبير والحق في الخصوصية”. 

وأوضحت المنظمة الحقوقية أن مجلس النواب في شرق ليبيا، الذي لا يزال السلطة التشريعية في البلاد منذ انتخابه عام 2014، “لم يستشر” الجماعات المدنية أو خبراء التكنولوجيا أو خبراء الجرائم الإلكترونية، لافتة إلى أنه رغم تسريب نسخة من مشروع القانون، لم تُنشر أي نسخة رسمية منه قبل اعتماده.

وتتنافس سلطتان على الشرعية السياسية في ليبيا، وهما “حكومة الوحدة الوطنية” ومقرها طرابلس والتي رشحها مندوبون في مارس بعد المحادثات السياسية التي دعمتها الأمم المتحدة، و”حكومة الاستقرار الوطني”، الإدارة المنافسة في الشرق ومقرها سرت، والتي رشحها مجلس النواب في مارس 2022 والمتحالفة مع “القوات المسلحة العربية الليبية”.

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الاستقرار الوطني في بنغازي، الشهر الماضي، عن توقيف واحتجاز المغنية الشعبية أحلام اليمني والمدونة وصانعة المحتوى حنين العبدلي، في بنغازي بسبب “قضايا مُخلة بالشرف والآداب العامة ولمخالفتهما قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022”.

ولم يقدم بيان الداخلية أي تفاصيل عن الاعتقال أو المحتوى المرفوض.

وقالت الوزارة إنها ألقت القبض عليهما “لإساءتهما لمكانة المرأة الليبية العفيفة والكريمة في مجتمعنا المحافظ بأفعال وسلوكيات دخيلة علينا وتسيء لعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف”. ولم ترد أنباء أخرى عن وضعهما القضائي.

وتشمل أوجه القصور الرئيسية في القانون الليبي لمكافحة الجرائم الإلكترونية، بحسب المنظمة الحقوقية، “تعريفات غامضة وفضفاضة يمكن أن تدعو إلى الملاحقة القضائية للتعبير السلمي، ومعاقبته بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما وغرامات صارمة”. 

وينص القانون في أحد بنوده على أن استخدام الإنترنت والتقنيات الحديثة غير مشروع إلا في حالة احترام “النظام العام والآداب العامة”.

ويمنح القانون “الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات”، المسؤولة عن رصد ومراقبة تقنيات المعلومات والاتصالات، سلطة واسعة لمنع الوصول إلى مواقع الويب والرقابة على المحتوى في الإنترنت دون أمر قضائي في حالات “المتطلبات الأمنية أو العاجلة”، أو عندما يتعارض المحتوى المعني مع “الآداب العامة” الذي لا يعرف القانون معناها، بحسب “هيومن رايتش ووتش”. 

ويمكن للهيئة أيضا حظر المحتوى إذا اعتُبر أنه يحتوي على “النعرات أو الأفكار العنصرية أو الجهوية أو المذهبية التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره”، فيما لا يعرف القانون هذه المصطلحات أيضا.

وبسبب “التعريفات الفضفاضة للجرائم”، اعتبرت المنظمة أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، “ينتهك” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه ليبيا عام 1970.

وقالت حنان صلاح إن “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يضاف إلى عدد كبير من القوانين في ليبيا التي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية والتي ينبغي إصلاحها، بما في ذلك القوانين المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وما يسمى بالجرائم ضد الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *