هل تنجح المبادرة المصرية في إنهاء العدوان على غزة؟ خلاف على المقترح الأولي بسبب “حكومة التكنوقراط” و”التفاوض تحت النار”.. وتعديل ولقاءات بالقاهرة لبلورة الموقف النهائي

شغلت المبادرة المصرية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اهتماما واسعا خلال الفترة الأخيرة، ففي الوقت الذي تم تسريب بنود المبادرة التي قوبلت برفض رسمي من الفصائل الفلسطينية وعدم وضوح الموقف من جانب حكومة الاحتلال،

نقلت تقارير عن مصادر مسؤولة قولها إن البنود المسربة كانت اقتراحات أولية قابلة للتعديل، ونقلت تقارير أخرى تفاصيل التعديلات المقترحة، وأشارت إلى لقاءات مرتقبة في القاهرة لممثلين عن الفصائل الفلسطينية للنقاش بشأن التعديلات المقترحة على المبادرة في محاولة للوصول إلى صيغة اتفاق نهائي بشأنها.

كنت بنود المبادرة الأولية قوبلت برفض صريح من السلطة الفلسطينية، بينما قررت حكومة الاحتلال بحثها في “مجلس الحرب”، فيما اشترطت حركة “حماس”، “وقف العدوان قبل الحديث عن أي تهدئة”.

وعقدت المؤسسات القيادية الفلسطينية في الأيام الأخيرة، اجتماعين لبحث المبادرة المصرية، الأول كان اجتماعاً للجنة المركزية لحركة “فتح”، مساء الأحد، والثاني للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مساء الاثنين.

وقال مسؤولون شاركوا في الاجتماعين، إن هناك انتقادات للمبادرة المصرية التي قُدمت إلى حركة “حماس” وحكومة الاحتلال، معتبرين أن المبادرة “تجاهلت دولة فلسطين وقيادتها والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”، في إشارة إلى منظمة التحرير، ولم يذكر المسؤولون أي اعتراضات بشان تبادل الأسرى أو جهود وقف العدان.

وتتضمن المبادرة التي طرحتها القاهرة على وفدي حركتي “حماس”، و”الجهاد” الفلسطينيتين اللذين زارا القاهرة، الأسبوع الماضي، 3 مراحل، الأولى بدء هدنة إنسانية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد لأسبوعين أو ثلاثة، تطلق خلالها “حماس” سراح 40 من المحتجزين الإسرائيليين من فئتي النساء والأطفال (أقل من 18 عاماً)، والذكور من كبار السن خصوصاً المرضى.

وتشمل المرحلة الثانية عقد حوار وطني فلسطيني برعاية مصرية بهدف “إنهاء الانقسام”، وتشكيل حكومة تكنوقراط (مستقلين) تتولى الإشراف على قضايا الإغاثة الإنسانية، وملف إعادة إعمار قطاع غزة، والتمهيد لإجراء انتخابات عامة ورئاسية، بينما تقضي المرحلة الثالثة بوقف كلي وشامل لإطلاق النار، وإبرام صفقة شاملة لتبادل الأسرى تشمل كافة العسكريين الإسرائيليين، والاتفاق على عدد الأسرى الفلسطينيين، ثم الانسحاب الإسرائيلي من مدن قطاع غزة، وتمكين النازحين من العودة إلى منازلهم، ونصت الفقرة الأخيرة من المبادرة المصرية على قيام مصر وقطر والولايات المتحدة، بتنسيق تشكيل حكومة خبراء فلسطينية (تكنوقراط) لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية.

كانت تقارير أشارت إلى أن السلطة الفلسطينية قررت تشكيل وفد يتجه إلى القاهرة، في أعقاب رفضها المبادرة المصرية لإنهاء الحرب على غزة، موضحة أن الوفد سيحمل مقترحات بأن ترعى مصر “حواراً وطنياً فلسطينياً” لدمج حركة “حماس” في منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة “وفاق وطني” فلسطينية في قطاع غزة، وليس حكومة “تكنوقراط”، حسبما اقترحت المبادرة المصرية.

وسيرأس الوفد، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، حيث سيقدم اقتراحاً أيضاً بأن تتضمن حكومة الوفاق الوطني مستقلين، ترشحهم الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة “حماس”، كما سيدعو إلى إطلاق برنامج لإعادة إعمار غزة، وعقد مؤتمر دولي لذلك، بعد تشكيل “حكومة الوفاق الوطني” المقترحة.

كما تشمل المقترحات الفلسطينية التي يحملها وفد رام الله إلى القاهرة، إعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية في قطاع غزة، وهي مقترحات “خاضعة للحوار مع مصر ومع حركة (حماس).

وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية، رفض المبادرة، وناقشت اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي عقدت اجتماعاً برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رام الله، الاثنين، “ما نُشِر في وسائل إعلامية عن ورقة مبادرة تتحدث عن 3 مراحل، بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة بعيداً عن إطار مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد”، في إشارة ضمنية إلى المبادرة المصرية.

وقالت اللجنة إنها “قررت رفضها (المبادرة)، وتشكيل لجنة من أعضائها لمتابعة ما يترتب عليها من مخاطر تمس مصالح الشعب الفلسطيني العليا وحقوقه الوطنية الثابتة، والتمسك بالرؤية السياسية الشاملة التي تؤكد على الموقف الفلسطيني الثابت”.

ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر مصري مسؤول قوله إن ما يتم تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة هو مقترح أولي.

وأضاف المصدر المسؤول، في تصريح لـ”القاهرة الإخبارية”، اليوم الثلاثاء 26 ديسمبر 2023، إنه من المقرر بلورة موقف متكامل عقب حصول مصر على موافقة كافة الأطراف بشأن المبادرة.

في المقابل، كشف مصدر فلسطيني مطلع على مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين حكومة الاحتلال وحركة “حماس”، تفاصيل المبادرة المصرية المعدلة، وقال مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية إن المبادرة المصرية “أصبحت محددة في إطلاق النار وتبادل الأسرى”.

ووفقا لموقع “الشرق”، جاءت المبادرة المصرية المعدلة خاليةً من أي بنود تتعلق بشكل الحكم والإدارة في قطاع غزة والضفة الغربية عقب الحرب، بعد أن كانت تقترح في صورتها الأولى تشكيل حكومة “تكنوقراط” ما أثار حفيظة السلطة الفلسطينية، ورفضته منظمة التحرير باعتباره تجاهلاً لدورها.

وتتضمن المبادرة المعدلة تتضمن في مرحلتها الأولى هدنة إنسانية مدتها 10 أيام تقوم “حماس” خلالها بالإفراج عن كافة المدنيين المحتجزين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن، مقابل إفراج الاحتلال عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وتشمل المرحلة الأولى وقفاً كاملاً لإطلاق النار في كل أنحاء قطاع غزة من الجانبين على أن تنتشر القوات الإسرائيلية بعيداً عن التجمعات السكنية، وتسمح بحركة المواطنين من جنوب القطاع إلى شماله بما فيها حركة السيارات والشاحنات، وأوضح أنها تشمل أيضاً وقف كل أشكال التحليق الجوي الإسرائيلي بما في ذلك طائرات الاستطلاع، ويتزامن مع هذه المرحلة تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بما في ذلك إلى مناطق شمال القطاع.

كما تشمل المرحلة الثانية الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حركة “حماس” مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين يتفق عليه الجانبان.

ومن المقرر أن يتم خلال المرحلة الثالثة من المقترح المصري المعدل لتفاوض لمدة شهر بشأن إفراج حركة “حماس” عن كافة الجنود المحتجزين لديها مقابل إطلاق الاحتلال سراح عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين.

وتتضمن محددات تنفيذ المبادرة وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة قبل الشروع في تنفيذها لإتاحة الفرصة للاتفاق على أسماء المفرج عنهم ضمن المرحلتين الأولى والثانية سواء من حكومة الاحتلال أو حركة “حماس” من خلال مفاوضات غير مباشرة بين الحركة وممثلي حكومة الاحتلال تعقد في مصر، كما تتضمن عدم الانتقال من مرحلة إلى أخرى دون تنفيذ كافة تفاصيل المرحلة السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *