نقاد وكتاب يرفضون تخوين صناع فيلم “أميرة”: لا يجوز بأي حال “الخروج عن حدود النقد الفني والسياسي “: اختلف ولا تخون

الناقد محمد عاطف يرفض آلية المصادرة والمنع ويؤكد: فيلم “أميرة” مصنوع بحرفية وممتع فنيا لكنه ليس بريء تماما مما هو منسوب إليه

الناقدة الفلسطينية علا الشيخ: فريق عمل “أميرة” محترم وقدم أعمال مهمة” ومعضلته عدم تلاءم خيال الكاتب مع الواقع

المخرج باسل رمسيس: أزمة فيلم “أميرة” تؤكد أننا وصلنا لمستوى حزين جدا أن أول رد فعل لما ميعجبكش فيلم تطالب بمنعه

الكاتب الصحفي سيد محمود: فيلم “أميرة” لا يدعم أي سردية إسرائيلية.. ولم أفهم مبررات قرار سحب تمثيله للأردن من مسابقة الأوسكار

كتب- إسلام الكلحي

رفض نقاد وكتاب تخوين صناع فيلم “أميرة” الذي أثار جدلا واسعًا خلال الأيام الماضية، مشددين على أنه لا يجوز بأي حال “الخروج عن حدود النقد الفني أو حتى السياسي”، وانتقدوا قرار الأردن بسحب الفيلم من ترشيح الأوسكار عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة (2022).

وفيلم “أميرة” هو إنتاج مشترك أردني مصري فلسطيني من تأليف وإخراج محمد دياب وبطولة النجمة الأردنية صبا مبارك والممثلة الأردنية تارا عبود التي لعبت دور أميرة.

يحكي العمل قصة فتاة فلسطينية تدعى أميرة ولدت عن طريق تهريب نطفة سجين فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية، لكنها اكتشفت لاحقا أن النطفة المهربة كانت تعود لضابط إسرائيلي وليست للسجين الفلسطيني الذي يفترض أن يكون والدها، وهو ما اعتبره البعض تشكيك في نسب أبناء الأسرى. حتى أن منظمات فلسطينية ونشطاء أطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة وسحب الفيلم أميرة، الذي اختاره الأردن لتمثيل المملكة في جوائز الأوسكار عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة (2022)، مؤكدين أنه يخدم الاحتلال وروايته ضد الأسرى، في الوقت االذي أشارت تقارير لوقف عرضه رسميا في الأردن.

وقال الناقد محمد عاطف، أحد أبرز مبرمجى المهرجانات السينمائية في الشرق الأوسط، إنه إبراءً للذمة المهنية فيلم “أميرة” مصنوع بحرفية وممتع فنيًا بقدر ما هو مؤلم ومزعج.

وأضاف عاطف عبر صفحته على موقع فيسبوك: “أما الشهادة الإنسانية – وأنا اعرف كتير من صناعه معرفة شخصية وبينهم أصدقاء أعزاء – ان مينفعش نحط جميع من عمل في الفيلم داخل سلة واحدة، وإن جمَعهم فيلم واحد.. لأنهم مقسومين لنوعين دون تسمية أحد: نوع ولا يمكن ينفع حد يزايد على إخلاصهم للقضية، ولا على وعيهم في اختياراتهم الفنية اللي دايما بوصلتها محترمة وضحوا ودفعوا كتير تمن اختياراتهم.

وتابع: “ونوع ولا عمر كان لهم قضية غير المصلحة الشخصية، وبيلعبوا ع اللي يودي مهرجانات كبيرة ويفتحلهم شغل على دواير أهم وأوسع (وهذا في حد ذاته لا يعيبهم لأن عمرهم ما كانوا بيدَعوا غير ذلك وإن لم يُصرحوا به، لكنه كذلك لا يعفيهم من شيل الليلة لما الشبهات تحوم”.

وشدد عاطف على أن “الفيلم ليس بريء تماما مما هو منسوب إليه، وضايقتني جدًا الجملة اللي اتكتبت في نهايته لأنها – في وجهة نظري- بتأكد إن صناعه على راسهم بطحة قلقاهم فحاول يأمنوا نفسهم لكن ده ثبت التهمة عليهم أكتر”، لافتا إلى أنه يستبعد تمامًا أن يكون صُناع الفيلم – أو بعضهم – مُغرضين ويقصدوا الإساءة، لكن في تقديره أن “الحكاية باظت منهم ومعرفوش بس يمسكوا العصاية من النص، لأن بعضهم خرجوا من مساحة نفوذهم داخل (صناعة الترفيه) و(بوب كورن ناشطوية الصوابية السياسية) وحبوا يلعبوا (في الفن) مع وفي موضوع شائك على كل المستويات ومش سكتهم خالص”.

واعتبر مبرمج مهرجان الجونة السينمائي أن قرار سحب الفيلم من ترشيح الأوسكار سياسي بغرض امتصاص الغضب، لافتا إلى أنه يعتقد “أنه مص شوية منه، لكنه على الجانب الآخر هيسبب فضيحة سينمائية دولية احنا كسينما عربية في غنى عنها”، مشددا على أنه “مش كويس ان الفيلم يتوقف عرضه، لأن عمر ما كان المنع والمصادرة آلية نضالية تليق بأصحاب القضايا العادلة”.

وختم قائلا: “أي حد من حقه يطرح رؤيته وخطابه من خلال وسيط سلمي، فما البال بالوسيط الفني (سينما – مسرح.. إلخ)! من حق أي حد يطرح خطابه داخل فيلم سينمائي بكل حرية، بس برضه من حق منتقديه انهم كمان يردوا بكل الوسائل الحضارية والسلمية حتى وإن دعوا لمقاطعة العمل أو/و مقاطعة أعمال المُدانين من صناعه، بل ومقاطعة وسائل العرض والبث المتنوعة اللي بتروج أعمالهم، لكن بشرط ان تثبت الإدانة، فإذا كان لا يوجد دليل مُثبت ان الغرض المباشر هو الإساءة، فلا يجوز بحال الخروج عن حدود النقد الفني أو حتى السياسي، بالتعريض والتحريض (فكريًا وسلميًا)، أما آلية المصادرة والمنع فأربأ بأي إنسان حر أن يقبلها”.

https://www.facebook.com/Atef.Cinemania/posts/10159272435086335

ورفضت الناقدة الفلسطينية علا الشيخ، تخوين فريق عمل فيلم “أميرة”، وقالت عبر “فيسبوك”: “مش من حقك تخوّن وتسب وتغلط على فريق عمل تاريخهم الفني بيشهدلهم. ما بيزبط تخلط الحابل بالنابل”، مضيفة أن “فريق عمل فيلم أميرة من مخرجين ومنتجين وممثلين فريق محترم وقدم تاريخيا كتير أعمال مهمة.. حتى على الصعيد الفلسطيني”.

وتابعت الناقدة الفلسطينية: “فيلم تناول قضية حساسة ومحورية في شكل الصمود الفلسطيني، وطبيعي يصير عليه ردة فعل ومن حقك كمشاهد انك تعبر عن رأيك وترفض الفكرة بس مش من حقك تخوّن.. صكوك الوطنية مش انت اللي بتحددها.. ما بيزبط ينحكى هاد وطني وهاد مش وطني”.

لكن الشيخ، اعترفت أن “المعضلة دائما مع أي فيلم بيحكي عن موضوع فلسطيني انه صعب التعامل معه كمنتج فني فقط.. ويتم تقييمه فنيا فقط وهاد الشي بتخيل خص نص بالسينما الفلسطينية .. لسبب وجيه انه فلسطين ما زالت تحت الاحتلال الصهيوني .. وبقضية الأسرى.. لسا الاسرى معتقلين ويمارس ضدهم كل أنواع الاجرام.. غزة لساتها محاصرة.. فصعب على المتلقي لاي منتج بيحكي عن فلسطين انه يفصل بين المعروض وبين الواقع”، لافتة إلى هذه هي مشكلة فيلم “أميرة”.. “خيال الكاتب ما تلاءم مع الواقع المثبت بأرقام واحصائيات وشواهد”.


https://www.facebook.com/ola.alsheikh/posts/10159791620525987

بدوره، قال المخرج باسل رمسيس، إن أزمة فيلم “أميرة” تؤكد “أننا وصلنا لمستوى حزين جدا أن يبقي أول رد فعل لما تشوف فيلم ومايعجبكش، وبدل ما تشرحه وتبهدله وتفضح محتواه اللي مش عاجبك.. تطالب بمنعه!! يعني أنت شفته، ونصبت نفسك قاضي علي الفيلم، وقررت أنك وصي علي الجمهور اللي المفروض ما يشوفش الفيلم اللي أنت شفته!! إلا بقة لو الموضوع بالسمع، يعني بتطالب بمنع فيلم أنت ماشوفتوهوش أصلا، ودي تبقي مصيبة تانية”.

وأضاف رمسيس عبر منشور على “فيسبوك”: “شئ حزين كمان لما اللي يعملوا الفيلم ده يدافعوا عن نفسهم باستخدام تعبيرات من نوعية “إحنا عندنا هدف سامي”!! مفيش أهداف سامية لأي عمل فني. إلا في حالة أننا مانعتبرهاش أعمال فنية ونعتبرها أعمال دعائية. لأ وكمان تدافع عن فيلمك لكن ترهن عرضه بلجنة تتشكل وهي تحكم عليه وعلي مصيره. وأن كمان جهة الانتاج تدافع عن الفيلم وتمجده لكنها تحكم بالإعدام عليه عشان محدش يزعل!!”.

وشدد باسل رمسيس على أن كل هذا مدمر للثقافة وللفن و”لإمكانية أننا نفكر ونختلف ونتناقش.. ومهين لعقل الناس”.

وفي منشور آخر، انتقد رمسيس اختصار النضال الفلسطيني في طريقة تهريب السائل المنوي، حيث قال : “احتمال كبير جدا تكون فكرة فيلم (أميرة) سخيفة وبتبتذل موضوع حساس. لكن كمان تلخيص النضال والصمود الفلسطيني خلال ٧٥ سنة، في أن ١٠٠ أسير خلفوا بطريقة تهريب السائل المنوي خلال التسع سنين الأخيرة، وأن ده انتصار فلسطيني، وأن المسألة تتاخد لمنطقة الشرف والعرض والرجولة.. هو كمان شئ مبتذل وسخيف جدا”.
وأضاف: “لو فيه ١٠٠ أسير أخدوا قرار مشترك مع زوجاتهم أن ده شكل من أشكال مقاومتهم، فده حقهم ولازم نحترمه. لكن تقديس الفعل ده فيه إهانة للآلاف التانيين من الأسري وزوجاتهم اللي معملوش ده. سواء لأن الزوجة مش عايزة تربي عيال لوحدها، أو لأن الأسير مش عايز يبقي أب لابن عمره ما هايلمسه، أو لأي سبب تاني”.

ودافع الكاتب الصحفي سيد محمود، عن فيلم “أميرة”، الذي أكد أنه لا يدعم أي سردية إسرائيلية، وقال عبر صفحته على موقع “فيسبوك”: “أنا شفت فيلم اميرة في مهرجان الجونة وكانت معي ابنتي ولا اعتقد انه يدعم بأي شكل من الاشكال اي سردية اسرائيلية عن الصراع العربي الصهيوني”.

وأضاف: “لي ملاحظات كثيرة على منطق السرد ونهاية الفيلم ولم احبه واهم ما فيه انه سمح لي بالنقاش مع ابنتي حول قضية فلسطين وتصوري ان الفيلم يعيد القضية الى مجال النقاش العام وافهم جيدا ان السياق العام ضاغط والقضية نفسها تتعرض لتحديات كثيرة لكني لم افهم مبررات قرار سحب تمثيله للاردن من مسابقة الاوسكار لاحسن فيلم اجنبي”.

وقال الكاتب خالد عبدالعزيز، صاحب المجموعة القصصية “الطفل الذي طار على جناح فراشة ” إنه شاهد فيلم “أميرة”، لافتا إلى أن الفيلم “سواء اتفقت أو اختلفت حول مضمونه، يستحق الوقوف أمامه وتحليله بعيداً عن أي خلفيات وآراء مسبقة. وشدد على أن “منع ومصادرة أي عمل فني تحت أي مسمى شيء محزن وبيأكد على قوة ورسوخ وسائل التواصل الإجتماعي .. وبيوضح أن المشكلة قائمة داخل العقل الجمعي .. اللي محتاج يسمع كل الأصوات حتى لو مختلف عليها، خاصة إذا كان العمل الفني لم يطرح بعد للمشاهدة والتحليل والتقييم النهائي”.

وأعلنت أسرة فيلم “أميرة”، يوم الخميس، وقف عرض العمل بعد حالة الجدل الواسعة التي أثارها. وقال محمد دياب، مخرج وأحد مؤلفي العمل إن “اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الانسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد لشخص آخر، والفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة”. وأضاف أن “الفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم”، لافتا إلى أن “الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص ويرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم”.

يذكر أن فيلم “أميرة” من بطولة الفنانة صبا مبارك، والفنان الفلسطيني علي سليمان، وتارا عبود في تجربتها السينمائية الأولى، ومن تأليف الثلاثي شيرين وخالد ومحمد دياب، إخراج محمد دياب، ومن إنتاج شركة “فيلم كلينك” التي يديرها المنتج ورئيس مهرجان لقاهرة السينمائي محمد حفظي، وشركة “أكاميديا بيكتشرز” الإماراتية، بالاشتراك مع شركة “الاستوديو” الإماراتية التي تمثلها الإعلامية منى عبد الوهاب، ويشارك المخرج هاني أبو أسعد وأميرة دياب كمنتجين فنيين، كما يشارك الداعية معز مسعود كمنتج فني للعمل.8m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *