نائب أمريكي يطالب إدارة بايدن بحجب 300 مليون دولار من المساعدات لمصر: انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة وسجناء الرأي ما يزالون خلف القضبان (فيديو)

ميرفي: الحكومة أطلقت سراح 49 سجين رأي فقط من بين 2954.. ومحاكم الإرهاب أمرت بالإفراج عن 417 وجددت حبس 4400 آخرين

الدفاع عن حقوق الإنسان ليس تشدقا بالحديث فقط.. وقرار الإدارة هذا الأسبوع بشأن المساعدات يحدد مصداقيتنا

كتب- محمود هاشم:

حث السيناتور الديمقراطي ورئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي للشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب، وعضو لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ الأمريكي كريس ميرفي، إدارة الرئيس جو بايدن على حجب 300 مليون دولار كاملة من المساعدات العسكرية لمصر، حال عدم إحراز تقدم كبير نحو إطلاق سراح سجناء الرأي وتحسين سجل مصر في مجال حقوق الإنسان. 

وسلط ميرفي، خلال جلسة لمجلس الشيوخ الأمريكي، الضوء على قصة ناخبه، محمد عماشة، طالب الدكتوراه في جامعة ييل، ووالده الدكتور أحمد عماشة، الذي تعرض للحبس من 2017 إلى 2019، وأعيد سجنه مرة أخرى في يونيو من عام 2020، مشيرا إلى أنه وفقا للأمم المتحدة، تعرض عماشة لسوء المعاملة خلال استجوابه. 

كما أشار إلى ما وصفه بفشل مصر في تحقيق تقدم واضح وثابت في الإفراج عن السجناء السياسيين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين، وهو الطلب الذي اشترطه الكونجرس لمنح البلاد 75 مليون دولار، ضمن حزمة المساعدات التي تبلغ 1.3 مليار دولار. 

وأضاف: “إذا كان النظام المصري يسعى لأن يكون حليفًا للولايات المتحدة يجب ألا يحبس المواطنين بسبب رأيهم السياسي، فمن بين 2954 سجين رأي ، أطلقت الحكومة سراح 49 فقط، هذا ليس تقدمًا واضحًا ومستمرًا، ففي الوقت الذي أمرت محاكم الإرهاب بالإفراج عن 417 سجينًا، جددت المحاكم حبس ما لا يقل عن 4400 سجين سياسي”. 

وتابع: “ربط الكونجرس أيضًا 225 مليون دولار إضافية من المساعدات العسكرية لمصر باستمرار وفعالية خطوات تحسين سجل حقوق الإنسان في مصر ، وهو سجل أوسع لانتهاكات حقوق الإنسان، حيث ينص القانون على أنه من أجل الحصول على هذه الأموال، يشترط على مصر السماح للمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام بالعمل بحرية، وحماية النساء والأقليات الدينية، ومحاسبة قوات الأمن عندما تنتهك حقوق الإنسان، والتحقيق في حالات الاختفاء القسري ومقاضاة مرتكبيها، وبشكل عام فقد ساءت الأمور في مصر على هذه الجبهات، لم تشهد تحسنا عن العام الماضي”. 

ورفض ميرفي الحديث عن التخوف من توقف مصر عن التعاون مع الولايات المتحدة حال حجب المساعدات، قائلا: “في العام الماضي فقط، حجبت الإدارة بالفعل 130 مليون دولار من مساعدات مصر. بالطبع المصريون كانوا غاضبين، وربما جعل ذلك حياة دبلوماسيينا أصعب قليلاً هناك، لكن بشكل عام ، لم تتغير علاقتنا، وما يزال المصريون يتعاونون معنا في مكافحة الإرهاب”. 

وواصل: “لقد وفروا لنا طريق السويس والطيران فوق الأجواء المصري، كما سهلوا الهدنة في غزة، لأن كل هذه المجالات التي نشارك فيها مفيدة للمصريين. إنهم يتواصلون معنا بشأن هذه القضايا، ويتعاملون مع إسرائيل لأنها مفيدة للأمن المصري، بغض النظر عما إذا كانوا يحصلون على مليار دولار أو 1.3 مليار دولار من الولايات المتحدة “. 

واستكمل: “لا تحتاج الولايات المتحدة إلى التشدق بالحديث فقط عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان في الخارج، والقرار الذي ستتخذه الإدارة هذا الأسبوع فيما يتعلق بالامتثال للشروط التي حددها الكونجرس بشأن محاسبة المصريين على التقدم في مجال حقوق الإنسان حاسم بشأن المصداقية الأمريكية على مستوى العالم، عندما يتعلق الأمر بدعوتنا لحماية حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارج، لهذا السبب، أحث الإدارة على حجب مبلغ 300 مليون دولار بالكامل”. 

يذكر أن ميرفي نائب بمجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الديمقراطي الحاكم، كما كان نائبا سابقا في مجلس النواب الأمريكي، عن الحزب ذاته، ويعد معروفا بمواقفه المناصرة لحقوقه الإنسان في جميع أنحاء العالم، حيث تحدث في أكثر من مناسبة عن أوضاع حقوق الإنسان وسجناء الرأي في مصر، كما هاجم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على خلفية اتهامه بالتورط في مقتل الصحفي جمال خاشقجي. 

وشارك ميرفي في مشروع قانون قدمه نواب أمريكيون – وهم فان هولن، وباتريك ليهي، وديك ديربن، وجين شاهين، وجيف ميركلي – بهدف الولايات المتحدة لإجراء تحقيقها الخاص في استشهاد الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، كما هاجم ادعاءات الرئيس التونسي بالتزامه بإعادة تونس إلى الديمقراطية، بعد قراره حل المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا أن تونس “تواصل الانزلاق في السلطوية”. 

كما دعا السيناتور الأمريكي خلال كلمة أمام مجلس الشيوخ إلى تمرير قوانين تحد من حوادث إطلاق النار، بعد مقتل 15 شخصا في إطلاق نار بمدرسة ابتدائية في ولاية تكساس. 

كان موقع “فورين بوليسي” كشف عما وصفه بـ”صراع مختمر” بين الكونجرس الأمريكي وإدارة الرئيس جو بايدن، بشأن المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر، والبالغة قيمتها 1.3 مليار دولار، حيث باتت إدارة بايدن أكثر انفتاحا على  

ووفقا للموقع الأمريكي، يدور الخلاف بشأن المساعدات العسكرية لمصر، وهي مخصصات سنوية بلغت فيمتها عشرات المليارات من دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين على مدى عقود، فعلى مدار 35 عامًا تقريبًا، أرسلت الولايات المتحدة 1.3 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية لمصر لتعزيز العلاقة الجيوسياسية المهمة بين واشنطن والقاهرة، والمساعدة في استقرار العلاقات المضطربة بين مصر، وأهم حليف لواشنطن في الشرق الأوسط – إسرائيل -. 

وفي السنوات الأخيرة، وضع الكونجرس قاعدة تقضي بضرورة أن يكون جزء من هذا التمويل – حوالي 300 مليون دولار – مشروطًا بتمسك الحكومة المصرية باشتراطات حقوق الإنسان الأساسية، لكن من المسموح للرئيس الأمريكي بالتنازل عن هذه القاعدة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وهو ما يفعله في كل عام تقريبًا للحفاظ على استمرارية هذا التقليد. 

إلا أن جماعات حقوق الإنسان والمشرعين – لا سيما على الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي – يطالبون بايدن – الذي وعد خلال خملته الرئاسية بعدم التوقيع على شيكات بياض للسلطة المصرية – بمخاطبة القاهرة بأن واشنطن لن تقبل الوضع الراهن بإرسال القدر نفسه من المساعدة العسكرية، في ظل سجل البلاد الحالي في حقوق الإنسان. 

وقال سيث بيندر، مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “إن حالة حقوق الإنسان في مصر مروعة تمامًا كما كانت قبل تولي بايدن منصبه، وكما هي الآن. 

على الجانب الآخر، يعتقد مشرعون متشددون – إلى جانب مجموعة من خبراء الشرق الأوسط الذين يشغلون مناصب رئيسية في إدارة بايدن – أن مصر ما تزال حليفًا مهمًا في الشرق الأوسط، حتى في ضوء حكم السيسي وقمع المعارضة، حيث يرون أن مصر تتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، وتساعد المنطقة في الحفاظ على توازن مستقر مع إسرائيل – وكان آخرها عندما ساعدت القاهرة في التوسط لوقف إطلاق النار هذا الشهر بين تل أبيب والجماعات الفلسطينية، بعد تصاعد العنف في غزة.  

ويرى هذا المعسكر من المسؤولين أن قطع المساعدات العسكرية عن مصر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تسميم العلاقات الأمريكية المصرية، ودفع القاهرة إلى الاقتراب من الخصوم الجيوسياسيين مثل روسيا والصين، وفي النهاية لا تفعل شيئًا يذكر لتغيير سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.  

وأوضح التقرير أنه مع تدهور العلاقات الأمريكية في العقد الذي أعقب الربيع العربي وصعود السيسي، بدأت مصر – ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم – في إحياء العلاقات مع روسيا، حيث توصل الجانبان إلى اتفاقيات تعاون لترقية الأسطول المصري القديم من الطائرات المقاتلة إلى طائرات  MiG-29M، فضلا عن التعاون في مجال الطاقة النووية، ما أثار قلق واشنطن.  

واشتكى المسؤولون الأمريكيون في الماضي من أن نظرائهم المصريين سمحوا للجيش الروسي – دون إذن أمريكي – بتفتيش الطائرات الأمريكية التي تطير بشكل دوري إلى مصر، فيما تحاول الولايات المتحدة المضي قدمًا في بيع طائرات مقاتلة من طراز F-15 إلى البلاد، لذا يعتقد أنصار المعسكر الثاني أن واشنطن يجب أن تفعل كل ما في وسعها لمنع القاهرة من التودد إلى موسكو. 

ووبخ النائب الجمهوري تيد كروز – وهو مؤيد لاستمرار المساعدات الأمريكية لمصر ومنتقد شديد لبايدن – الرئيس الأمريكي وعددا من زملائه المشرعين، “لأنهم يهدفون إلى قطع المساعدات التي يستخدمها الحلفاء المصريون لمحاربة الإرهاب” في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إلى الخارجية، مشيرا إلى أن “سياسة بايدن الخارجية تتحول من عدم الاتساق إلى الإضرار عمداً بالمصالح الأمنية الأمريكية”. 

وحسب التقرير، يعكس الجدل – الذي يختمر بين المعسكرات المختلفة في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، وكذلك الكابيتول هيل –  توترًا مستمرًا داخل إدارة بايدن، حول ما إذا كان وكيفية إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان في مواجهة الأولويات الجيوسياسية الملحة الأخرى. 

ويرى توماس هيل، الخبير في العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط في معهد الولايات المتحدة للسلام، أن قطع التمويل العسكري يمكن أن يؤدي إلى كسر العلاقة بين واشنطن والقاهرة، موضحا في الوقت ذاته أن مصر لم تكن صديقة جيدة للولايات المتحدة، وأنها تتجاهل هذه الدوافع لدعم حقوق الإنسان. 

يأتي الجدل حول المساعدات العسكرية لمصر في أعقاب رحلة بايدن إلى السعودية، حيث رحب بقبضة يد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال اجتماع لبحث أزمة ارتفاع أسعار النفط العالمية، وهو الأمر الذي انتقدته منظمات حقوقية لتراجع الرئيس الأمريكي عن تعهد حملته الرئاسية بالوقوف في وجه المملكة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، بعد تورط ولي العهد بشكل مباشر في مقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي. 

وتتفاءل نيكول ويدرسهايم، نائبة مدير مكتب واشنطن في منظمة هيومن رايتس ووتش، بما تصفه بـ”الخطاب الإيجابي لإدارة بايدن بشأن التأكيد على حقوق الإنسان، مشيرة إلى حاجة هذا الخطاب إلى متابعة بأفعال حقيقية. 

ووفقا لـ”فورين بوليسي”، يقدم هذا الجدل أيضًا لمحة عن العملية الفوضوية في صنع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث يحاول عدد من المشرعين التفوق على جهود إدارة بايدن لحماية التمويل العسكري لمصر في صفحات فواتير الاعتمادات المطولة والمعقدة، ففي العام الماضي، حاولت إدارة بايدن تقسيم الفرق بين قطع 300 مليون دولار من التمويل العسكري المشروط لمصر أو قطع أي منها، حيث حجبت 130 مليون دولار منها بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، لكن هذا العام وافقت أيضًا على مبيعات أسلحة منفصلة بقيمة 2.5 مليار دولار إلى مصر. 

وبررت الخارجية الأمريكية هذا الخفض بالإشارة إلى بند في قانون مخصصات الكونجرس يمنع الإدارة من الانحراف عن خطط الإنفاق السنوية على التمويل العسكري الأجنبي بأكثر من 10% من فاتورة الاعتمادات، وهو ما لم تستطع الإدارة بسببه قطع أكثر من 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر. 

لكن هذا التفسير أثار غضب حقوقيين ومشرعين، بمن فيهم حلفاء مهمون في الكابيتول هيل من حزب بايدن، موضحين أن قسمًا آخر من قانون الاعتمادات الضخمة  أشار إلى وجود وجود استثناء سمح بتخفيضات أكبر في التمويل إذا كانت هناك مخاوف كبيرة تتعلق بحقوق الإنسان.  

ويجادل هؤلاء المشرعون بأن وزارة الخارجية اتبعت بشكل انتقائي جزءًا من مشروع القانون الذي قلل من التخفيضات على مصر، وتجاهل جزءًا مهمًا آخر من مشروع القانون الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى تخفيضات أكثر حد، لافتين إلى أن إدارة بايدن بعثت الصارم برسالة إلى الديكتاتوريين مفادها أن حديث الرئيس عن الدفاع عن حقوق الإنسان على مستوى العالم كان مجرد كلام. 

وهذا العام ، لم تشر الإدارة بعد إلى الموقف الذي ستتخذه بشأن التمويل العسكري لمصر، فيما رفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق على “المداولات الداخلية”، موضحا أن “مصر تعد شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا في جهود الولايات المتحدة لتعزيز منطقة شرق أوسط أكثر تكاملاً وأمانًا، حيث لعبت – على سبيل المثال – دورًا حاسمًا في إرساء وقف لإطلاق النار في إسرائيل وغزة بعد ثلاثة أيام من النزاع فقط “. 

ومن المرجح حسم المعركة خلال مفاوضات الكونجرس والإدارة الأمريكي حول التمويل الحكومي هذا الشهر، حيث من شأن الإدارة أن ترسل إشارة أخرى إلى حلفائها ومنتقديها على حد سواء، بشأن أولوية حقوق الإنسان في سياساتها الخارجية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *