محمد إبراهيم يكتب: السرطان، كيف نواجه توحشه المُتزايد ؟!

لم نكن نسمع كثيرا عن مرض السرطان، كان من النادر أن يُصاب به أحدهم، وكان من الأحداث النادرة التي يتحاكى عنه الناس ويتناقلون أخباره أن فلانا قد أصابه المرض الخبيث.

لكن الوضع قد تغيَّر بشكل متسارع ودرامي، أصبح المرض ضيفا ثقيلا على أغلب البيوت، أصيب به الشباب والشيوخ، وانقلبت حيوات الناس رأسا على عقب بسببه.

السرطان سُميَّ بالخبيث لأنه غالبا ينتشر بسرعة وبدون علامات ظاهرة، يتحرك بداخل الجسد بصمتٍ حتى إذا ما أطبق على الجسد وتمرَّغ بداخله أعلَّن ببطء عن نفسه، ثم بعدما يُكشف وجوده يتوحش فيضرب في جميع الإتجاهات.

وجود مريضا للسرطان في العائلة يعني أن حالة الطوارئ قائمة على مدار الساعة، لا تعلم متى يضرب ضربته فتتوجب زيارة المستشفى، بالإضافة للخوف عند المريض وعائلته من المُستقبل الغير معلوم، والآلام التي تتزايد مع الحالة النفسيَّة السيئة، ناهيك عن ضعف المناعة الذي قد يُصاحب المرض أو يُصاحب العلاج الكيماوي والإشعاعي والذي يجعل المريض عرضة للإصابة بأي عدوى بشكل سهل وسريع،

الحياة تتغيَّر.

السرطان واحد من أهم أسباب الوفاة في العالم، خاصة في العالم النامي حيث الكشف عن المرض غالبا ما يتم في مراحل متأخرة حيث العلاج لم يعد مُتاحا، ليكتفي الطبيب بوصف العلاجات المُلطفة التي تنجح في تحسين حياة المريض أحيانا، وأحيانا أخرى تزيد من تدهور حالته.

التدخين واحدٌ من أهم أسباب الإصابة بالمرض، وكذلك إحتساء الكحوليات، لكن في مصر الأسباب الأخرى كثيرة، منها على سبيل المثال جودة البذور وهرمنة الخضار والفواكه واللحوم بشكلٍ لا يخضع للمراقبة الزراعية والبيطريَّة المُلائمة، وهم جميعا من الأسباب التي يجب مواجهتها بشكل مسئول لنقف بطريقة جادة لمواجهة السرطان.

” حملة قوميَّة “

الخسائر الإقتصادية جراء تفشي السرطان كبيرة جدا، فقد موظفين كفء في أوج عطائهم وكذلك إنخفاض ناتج عمل عائلته جراء الرعاية المفاجئة التي يحتاجها المريض، بالإضافة للأسباب النفسيَّة، وأيضا الكلفة الإقتصادية نتاج الرعاية الطبيَّة والعلاج الطويل، والتغلب على ذلك التوحش لا يُمكن أن يكون مهمة الفرد فقط أو مهمة المؤسسات العلاجية، لكنه يجب أن يكون من خلال حملة قوميَّة متكاملة تُشارك فيها هيئات ومؤسسات الدولة كوحدة واحدة وتحت دراسة عمليَّة حقيقية ومتأنيَّة.

هذه الحملة في الحقيقة تستحق كل جُنيها سيتم صرفه، وسيكون العائد منها سريعا سواء على المستوى الصحي أو الإقتصادي.

حملة تُشارك فيها وزارة الزراعة والري لمراعاة عوامل الآمان الصحي في استيراد البذور واستخدام المبيدات الحشريَّة وملائمة مياه الري لتكون صالحة لري الأراضي الزراعية،

وأيضا تشارك فيها مديريات الشئون البيطريَّة للكشف بشكل حقيقي عن الدواجن والحيوانات والأسماك قبل أن تذهب لنوافذ البيع للمواطنين،

هذه المهمات هي مهمات أصيلة في عمل وزارة الزراعة لكن في الحقيقة لا تقوم الوزارة بدورها بشكل جيد، بل هناك إهمال وفساد لا حدود لهما، بالإضافة عن دور الدولة في تقنين إستيراد المُبيدات واستخدامها، ومصدر البذور والشتلات.

أيضا التوقف عن تحطيم المساحات الخضراء لتحويلها لكتل خرسانية جديدة، فالمساحات الخضراء مهمة للحد من التلوث، وهو الأمر الذي يبدو أنه من إهتمامات النظام الحاكم في تحويل المواصلات المُعتمدة على المحروقات إلى مواصلات صديقة للبيئة تعتمد في تسييرها على الكهرباء، وذلك على سبيل المثال لا الحصر،

لكن في نفس الوقت يجب أن نُقاوم المد العمراني على حساب المناطق الخضراء، خاصة في المدن كثيفة السكان، وخاصة في القاهرة.

حملات مُقاومة التدخين يجب أن تزيد ولا تتوقف، قد تكون مشاركة محمد صلاح – لاعب المنتخب وفريق ليفربول – في حملات مُشابهة أمرٌ جيد جدا في اتجاه تحفيز الشباب على ترك التدخين، وهو الأمر الذي يجب أن يتحول إلى حملة مُتكاملة يُشارك فيها المشاهير من لاعبي الكرة ورجال الدين والمطربين، بالإضافة إلى وجوب تحجيم المشاهد التي يظهر بها الممثلون وهم يُدخنون في أعمال الدراما لما لذلك من أثر سلبي على كثيرٍ من الشباب.

حملات الحفاظ على الوزن والإهتمام بالرياضة يجب أن تنتشر أيضا، ويجب أن تكون حملات واقعيَّة يُصاحبها إهتمام حقيقي بالساحات الرياضية، سواء بتوفيرها مجانا أو بسعرٍ زهيد، أو بإعدادها بشكل جيد لتكون ملاذا حقيقيا لممارسة الرياضة، خاصة بعدما تحولَّت تلك المؤسسات الرياضية في الأساس لساحات لإقامة الأفراح والمناسبات بدلا من دورها الرئيسي، وذلك فقط هدفا للربح السريع بالرغم من أن الدولة ستربح أكثر من جراء ممارسة الرياضة،

ومن اللافت تحوَّل كرة القدم على سبيل المثال من ممارسة يومية يُمارسها الملايين إلى لعبة يُشاهدها الملايين ولا يُمارسها إلا القليل وعلى أوقات مُتباعدة.

لذا يجب أن تكون ممارسة الرياضة خدمة زهيدة الثمن ومتوفرة للجميع بشكلٍ سهل وغير مُكلف.

الكشف المُبكر،

الكشف المُبكر لإكتشاف المرض واحد من أهم أسباب الشفاء منه وتجاوزه، ولأن الكشف الدوري ليس على أولويات الناس بسبب الضغط الإقتصادي وتفشي الفقر، يجب أن تقوم الدولة بهذا الدور بشكلٍ مجاني بتوفير الكشف على الأورام لموظفي الدولة والطلاب وكذلك عموم الناس، أو بتكلفة زهيدة،

حملة مستمرة ومُتكررة تهدف للوصول بنسبة الشفاء إلى النسبة العالمية، أو حتى ضرب رقم قياسي جديد في هذا المجال.

إذا كنا جادين في حملات الرعاية الصحيِّة، فحملة لمقاومة السرطان أمرٌ هام ومُلَّح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *