مؤتمر المرأة العاملة يقدم قراءة حول تعديل مواد جريمة التحرش: هل تغليظ العقوبة وحدها هو الحل الرادع؟ هذه مقترحاتنا
مؤتمر المرأة العاملة: على المشرع أن يضع قانون لتهيئة بيئة عمل آمنة تتيح لأي عاملة التبليغ عند تعرضها للتحرش
يجب إلزام الشركات بتقديم تقرير سنوي عـن التحـرش الجنسي فـي مـكان العمـل يبرز عدد حالات التحرش الجنسي المبلغ عنها
كتب – أحمد سلامة
أشاد مؤتمر المرأة العاملة بالخطوة التي اتخذها مجلس النواب المصري بالموافقة على تعديل قانون العقوبات فيما يخص مواد جريمة التحرش الجنسي، وتعليظ العقوبة بقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، معتبرًا أن ذلك توجه محمود من المشرع، لكنه أشار إلى ضرورة اتخاذ عدد من الخطوات المكملة لهذه الخطوة والتي قد لا تقل عنه أهمية.
ووافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري يوم الأحد 27 يونيو على مشروع قانون يدعو إلى تعديل قانون العقوبات فيما يخص مواد جريمة التحرش الجنسي. وتغليظ العقوبة بقانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 وهو ما نعتبره توجهاً محموداً من المشرع المصري.
حيث جاءت التعديلات بشأن تحويل جريمة التحرش الجنسي لجناية بدلا من جنحة وفى هذا الشأن تم تشديد عقوبة التعرض للغير، المنصوص عليها بالمادة «306 مكرر ب ” وتحويلها إلى جناية بدلا من جنحة، كذلك تم تعديل المادة «306 مكررًا» (أ) وتقضى بأن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 4 سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام، أو خاص، أو مطروق بإتيان أمور، أو إيحاءات، أو تلميحات جنسية، أو إباحية سواء بالإشارة، أو بالقول، أو الفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية، أو اللاسلكية، أو الإلكترونية، أو وسيلة تقنية أخرى.
كما نص التعديل على أن تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديها الأدنى والأقصى.فضلا عن تعديل المادة «306 مكرر» (ب)، بأنه يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة «306 مكرر» (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويُعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغوط، تسمح له الظروف بممارستها عليه، أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهما على الأقل يحمل سلاحا، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف جنية ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، حسب التعديل.
وقال المؤتمر في قراءته التي قدمها إنه “من المؤكد أننا جميعا نشيد بكل تعديل تشريعي يضع عقوبة لمناهضة جرائم العنف ضد النساء في المجتمع.. وفي هذا الإطار يجب مناقشة عددا من التساؤلات التي يمكن أن تفتح حوارًا بناءً يمكنّنا من تفعيل القانون بآليات وتدابير تنفيذية تمكن الضحايا من الاستفادة الفعلية لتغليظ العقوبة بالقانون.. لذلك يجب أن نتساءل أولا هل تغليظ العقوبة وحدها هو الحل الرادع لجرائم العنف ضد النساء؟ وبشكل محدد هنا جريمة (التحرش الجنسي)”.
وأضاف “قد يكون طرحنا الآن لهذا التساؤل لأننا رأينا أنه رغم صدور القانون رقم 50 لعام 2014 إلا أن معدلات جريمة التحرش الجنسي ظلت مرتفعة وظل ما يتم الإبلاغ عنه أقل كثيرًا مما يحدث في الواقع حيث يرجع ذلك لعدد من الأسباب التي جعلت القانون لم يُفعّل بشكل كافٍ على أرض الواقع”.
وأشار المؤتمر خلال بيان أصدره إلى أن عدم تفعيل القانون يأتي بسبب “صعوبة الإجراءات الخاصة بالإبلاغ، وما تتطلبه من توجه لأقسام الشرطة خاصة إذا قام الجاني بتحرير محضر كيدي بهدف الضغط على المجني عليها، عدم الوعي الكافي بالقانون لدى الضحية والمجتمع بمفهوم التحرش ذاته، الوصم المجتمعي الذي يلاحق الناجية متى قررت الإبلاغ، بخلاف الحكم الأخلاقي والتشهير بها، صعوبة إثبات الواقعة خاصة في حالات التحرش اللفظي أو التحرش داخل العمل، عدم التدريب الكافي للقائمين على تنفيذ القانون في التعامل مع مثل هذا النوع من القضايا”.
وأردف البيان “وهو ما يحتاج معه النظر الآن في ضرورة وضع آليات وتدابير تنفيذية لحل المشكلات التي تواجه تطبيق القانون وإمكانية تفعيله على أرض الواقع والنظر في كيفية استخدام السلطة التقديرية بتطبيق المادة 17 المخففة للعقوبة على الأقل في حالات العود لجرائم العنف الجنسي، كذلك وجوب حماية سرية بيانات المبلغين والشهود وتخصيص أماكن بكل قطاع من قطاعات الأقسام والنيابات لتلقي البلاغات في جرائم العنف الجنسي مدعومة بعناصر من الشرطة النسائية، مع تدريبهم وتأهيليهم للتعامل مع هذه الجرائم، والآن نتساءل هل تعديل عقوبة جريمة التحرش الجنسي داخل قانون العقوبات تكفى وحدها للحد من جرائم التحرش الجنسي داخل أماكن العمل؟”.
واستكمل البيان “انطلاقا من عمل المؤتمر الدائم للمرأة العاملة على مدار عشر سنوات ماضية على قضايا النساء العاملات والتي كانت أحد أهم القضايا الذي ركز عليها المؤتمر (جريمة التحرش الجنسي) داخل أماكن العمل التي تتعرض لها النساء العاملات بشكل دائم.. وفي إطار ذلك طرح المؤتمر الدائم مقترحا تشريعيا بإضافة عددا من المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي على أن يتضمنها مشروع قانون العمل الذي مازال قيد المناقشة بالبرلمان حيث عرف مفهوم التحرش الجنسي بشكل محدد وفقا للاتفاقية الدولية رقم 190 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والخاصة بمناهضة العنف والتحرش داخل أماكن العمل والذي طالب المؤتمر الدائم منذ صدورها بتصديق الحكومة المصرية عليها ليتوافق قانون العمل رقم 12 لعام 2003 مع ما جاء بها من نصوص وما تضمنته من حماية للنساء العاملات داخل أماكن العمل على وجه التحديد من جميع أنواع العنف بما فيها جريمة التحرش الجنسي وذلك لعدد من الأسباب تؤكد أن الاكتفاء بتجريم التحرش الجنسي داخل قانون العقوبات المصري لا يكفى وحده لحماية النساء العاملات المتعرضات لجريمة التحرش داخل العمل والتي سبق أن رصدها المؤتمر الدائم قبل إعداد مقترح المواد التشريعية لإضافتها بمشروع قانون العمل الجديد”.
واستكمل بيان المؤتمر “حيث رأينا أن مواجهة الضحية لجريمة التحرش الجنسي داخل العمل لا تكون ممكنة في أغلب الحالات خصوصـا حيـن تكون القوة غير متساوية بيـن الطرفيـن أي فـي الحالات ّ التي يكـون فيهـا مرتكـب التحـرش هـو المشـرف أو المديـر عند ذلك تخشى الضحيـة ّ مما يترتب من آثار عند شروعها في التبليغ عن جريمة التحرش بها. وحيث أن النسـاء هـن الأكثر تعرضـا للتحـرش ّ الجنسـي. فعلى المشرع أن يضع قانون لتهيئـة بيئـة عمل آمنـة تتيـح لأى عاملة تتعرض للتحرش ّ الجنسـي أن تبلغ عن الجريمة فور وقوعها”.
وتابع “في ضـوء مـا سـبق، وتماشـيا ً مـع العمـل المنجـز الذي تم بتعديل بعض المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي في قانون العقوبات المصري نطالب مجددا بضرورة إضافة عدد من المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي داخل العمل الذي قام بإعدادها المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بعد عدد من اللقاءات والمناقشات القانونية تضمنت حقوقيون وشخصيات عامة وقيادات نقابية وعمالية من مختلف قطاعات العمل ليتضمنها قانون العمل رقم 12 لعام 2003 وكذلك مشروع قانون العمل الذي مازال قيد المناقشة أمام البرلمان.. وفى هذا الإطار نوضح كما يلي بعض الآليات والتدابير التنفيذية التي قد تساهم في تفعيل مواد القانون وتســتند لمبــادئ مواد اتفاقية منظمــة العمــل الدوليــة رقم 190 لعام 2019”.
وشدد البيان على ضرورة “التزام الشركات بوضع سياسات داخلية. واضحة لمواجهـة ّ التحــرش الجنســي فــي مــكان العمــل ويترتب على عــدم التزام الشركات بهــذه ّ السياسـات عقوبـات وهو ما يســاهم في سرعة الإجراءات وسهولتها على الضحية عنـد التعامـل مـع التحـرش الجنسـي فـي مـكان العمـل”، لافتا إلى ضرورة “مشاركة أصحـاب ّ الشركات في وضع سياسات تحد من جريمة التحرش الجنسي داخل عالم العمل وأن يدركوا أن أثـر التحرش الجنسـي لم يقع فقط علـى الضحايـا وإنما على الشـركة فيما يتمثل في انخفـاض الرضا الوظيفـي، وانخفـاض الإنتاجية، وتراجع الأداء”.
كما نبه البيان إلى “ضرورة إلزام الشركات عنـد صياغـة سياسـات التحـرش الجنسـي بالالتزام بتعريـف معنى ّ التحــرش الجنســي بشــكل واضــح كما ينص عليه القانون والتأكــد مــن أن الموظفيــن يدركــون ويفهمــون معناه”، وأنه “على الشركات أن تقدم الدعم لضحايا مواجهـة التحـرش الجنسـي حتى لا تكرس فكرة إلقـاء اللـوم ّ علـى الضحيـة، مما يساهم في تعزيـز ثقافـة الصمـت إزاء التحـرش”.
ولفت كذلك إلى أنه “مــن المهم أيضًا أن تشمل الحماية جميع العاملين/ات الدائمين واللذين يعملون/ن بعقد مؤقت والمتدربيــن /ات والمتطوعيــن /ات خلال عملهــم فــي الشــركة، وعلى الشركات الالتزام بآليــات التبليغ التي تتضمنها مواد مشروع قانون العمل المقترحة عــن التحــرش الجنســي وتوضيح هـذه الآليات ووضعها في أماكن متاحة للاطلاع عليها من قبل جميع العاملين/ات بالشركة، تشـجيع التبليـغ الفـوري عـن الحـوادث وأن يؤخذ البلاغ علـى محمل الجد والتحقيق السريع فيه، الحفـاظ على سرية هوية الشـخص ّ الـذي يبلـغ عـن حادثـة التحـرش الجنسـي ويتخـذ هـذا القـرار سـواء لحمايـة المبلـغ مـن الانتقام، أو بنـاء علـى طلبـه”.
ونبه البيان كذلك إلى ضرورة “إلزام الشركات بتقديم تقرير سـنوي عـن التحـرش الجنسـي فـي مـكان العمـل. يبـرز عـدد حالات التحرش الجنسي المبلـغ عنهـا، بالإضافة إلـى نجاح الشركة فـي معالجـة حالات التحـرش الجنسـي المبلـغ عنهـا مـن أجـل التأكيـد ّ علـى جديـة الشـركة بشـأن معالجـة التحـر ش. ويمكـن أن يتضمـن التقريـر أيضـا إحصاءات ّ حــول التحــرش الجنســي فــي مــكان العمــل، وأثــره علــى الضحايــا، فضلا عن ضرورة تفعيل دور وحدة تكافؤ الفرص فـي الـوزارات وتعريف العاملات بمهامها وآليات تقديـم الشــكوى لها نظرا لأن العاملات لا يعلمون عنها شيئا”.