ليبيا إلى أين؟ شكوك حول إقامة الانتخابات الرئاسية قبل يومين من موعدها.. ودعوات لـ”خارطة طريق جديدة”

وكالات

أعلن رئيس اللجنة المشكلة من مجلس النواب الليبي المكلفة بمتابعة العملية الانتخابية الهادي الصغير، عدم إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 24 ديسمبر الجاري، ودعا رئيس مجلس النواب المرشح للانتخابات الرئاسية عقيلة صالح للعودة إلى منصبه.

وقال الصغير، في وثيقة وجهها إلى المستشار عقيلة صالح: “بعد اطلاعنا على التقارير الفنية والقضائية والأمنية نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات بالموعد المقرر بقانون الانتخابات في 24 من شهر ديسمبر 2021”.

وأوضح أن ذلك يعود “استنادا على قرار مجلس النواب رقم 11 لسنة 2021 بشأن تكليفاً بمتابعة سير العملية الانتخابية وعلى الاجتماعات واللقاءات التي جمعتنا بالمفوضية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء وكل الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية”.

ودعا عضو مجلس النواب ورئيس لجنة متابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المستشار عقيلة صالح إلى استئناف عمله ومباشرة مهامه لرئاسة مجلس النواب وقيادة جلساته، من أجل وضع خارطة طريق جديدة تتماشى مع المعطيات الناجمة عن عرقلة الانتخابات.

كما نصت الوثيقة على “انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة كحكومة تسيير أعمال في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري”.

وفي 15 ديسمبر الجاري، أحالت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التقرير النهائي الخاص بمرحلة الطعون الانتخابية لانتخاب رئيس الدولة، إلى اللجنة المشكلة البرلمانية المعنية بمتابعة العملية الانتخابية.

يذكر أن هذه اللجنة جرى تشكيلها من أعضاء مجلس النواب بنص القرار رقم 11 لسنة 2021، كلجنة مؤقتة تتولى مهام متابعة العملية الانتخابية مع المفوضية والمجلس الأعلى للقضاء ورصد الصعوبات والعراقيل التي تصادف هذه العملية.

وكان الإعلان المتوقع على نطاق واسع هو أول بيان رسمي يفيد بأن التصويت لن يتم يوم الجمعة وسط تحديات ودعوات لتأجيل التصويت.

وفشلت لجنة العليا للانتخابات في البلاد في الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين، وحلت اللجان الانتخابية في وقت متأخر من يوم الثلاثاء.

وانتشرت بشكل كثيف مجموعات مسلحة في عدة مناطق جنوب العاصمة الليبية الثلاثاء، ما أشاع جوًا من التوتر في الوقت الذي عقد فيه بعض المرشحين للرئاسة لقاءات مع المشير خليفة حفتر.

وفي مشهد يذكر بالأجواء التي شهدتها طرابلس حتى يونيو 2020، انتشرت سيارات مسلحة بمدافع رشاشة ودبابة في أحد شوارع حي الفرناج، بالقرب من الحرم الجامعي، في جنوب العاصمة، فيما أغلقت متاريس رملية بعض الطرق بحراسة مسلحين.

واضطُر ذلك جامعة طرابلس وبعض المدارس على الإغلاق، فيما لم ترد أنباء عن اشتباكات أو تبادل لإطلاق النار في هذه المناطق.

لكن الوضع سجل هدوءًا واضحًا بعد الظهر، إذ عادت حركة المرور إلى طبيعتها، بحسب “فرانس برس”، لكن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قالت في بيان صحافي إن هذه التحركات “تخلق حالة من التوتر، وتعزز خطر الصدامات التي قد تتحول إلى صراع”.

وأضافت “يتعين حل أي خلافات بشأن المسائل السياسية أو العسكرية عبر الحوار، لا سيما في هذه المرحلة، حيث تمر البلاد فيها بعملية انتخابية صعبة ومعقدة يرجى منها أن تؤدي إلى انتقال سلمي”.

كما دعت البعثة الأممية، جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى “ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل معاً لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة”.

وأشارت في ختام بيانها إلى أن المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، تعمل حاليًا مع الأطراف المعنية في البلاد في سبيل تحقيق هذا الهدف.

لكن تأجيل الانتخابات لم يعد موضع شك على خلفية الخلافات المستمرة بين الأطراف المتنافسين وانعدام الأمن المزمن، وإن لم يصدر إعلان رسمي بهذا المعنى بعد.

ولم تصدر السلطات الرسمية أي تعليق رسمي حول أسباب هذا الانتشار الكثيف وخلفياته وهو الثاني للمجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس في أقل من أسبوع، فقد أجج التوتر حينها إقالة مسؤول عسكري كبير فالفصائل المسلحة التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية ما زال لها تأثير قوي.

في سياق متصل، وعلى بعد نحو ألف كيلومتر إلى الشرق من طرابلس، قام مرشحان للانتخابات الرئاسية من مدينة مصراتة الثلاثاء بزيارة غير مسبوقة إلى بنغازي، حيث التقيا على وجه الخصوص المشير خليفة حفتر.

ومصراتة الواقعة على بعد 200 كلم إلى الشرق من طرابلس عُرفت بعدائها الصريح للمعسكر الشرقي الذي يقوده المشير حفتر، وأجرى المرشحان، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد معيتيق، مع مرشحين عن الشرق وآخر عن الجنوب، محادثات مع المشير خليفة حفتر الذي يسيطر بحكم الأمر الواقع على الشرق وجزء من الجنوب.

وأعلن فتحي باشاغا في مؤتمر صحافي إن هذه اللقاءات تجري من أجل “المصلحة الوطنية”. وقال قبل انطلاق المحادثات مع حفتر “نريد كسر حاجز الانقسامات الأخير الذي يسود البلاد، يجب على ليبيا أن تتوحد أيًا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية”.

وأكد أن المرشحين اتفقوا على مواصلة التنسيق والاتصالات في إطار “هذه المبادرة الوطنية” مع حرصهم على توسيعها لتشمل الجميع، من جهته، قال أحمد معيتيق إن المرشحين سيتوجهون بعد بنغازي إلى مدن أخرى في الشرق،

في أكتوبر من العام الماضي، تم التوقيع على وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتنافسين في الشرق والغرب، وأنهى الاتفاق الحرب التي شنتها قوات حفتر على طرابلس وغرب ليبيا، واستمرت 15 شهرا وانتهت بانسحاب قواته إلى سرت منتصف العام 2020.

أعقب ذلك تشكيل حكومة موحدة جديدة بداية 2021، في نهاية عملية بقيادة الأمم المتحدة، لإدارة المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات رئاسية ومن ثم نيابية.

لكن عدم نشر القوائم النهائية للمرشحين للرئاسة والخلافات المستمرة بين المعسكرين المتنافسين يلقي بظلال من الشك على إمكانية تنظيمها في الموعد المحدد، مع توقع إعلان تأجيلها رسمياً خلال الأيام المقبلة.

وأكد المرشح الرئاسي في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، أن أزمة الحشد العسكري وحالة الاحتقان التي شهدتها العاصمة طرابلس انتهت، بعد تدخل ما وصفهم بـ”الخيرين”.

وأوضح الدبيبة، عبر حسابه على تويتر، أن “الحياة عادت إلى طبيعتها في العاصمة طرابلس”، داعيا إلى عدم الانجرار وراء الحرب.

وذكرت وسائل إعلام ليبية محلية، خلال الأيام الماضية، أن مجموعات عسكرية انتشرت في العاصمة طرابلس، وبالتحديد في ضواحيها الجنوبية والشرقية، وأغلقت شوارع بالمدرعات.

وذكر مصدر ليبي مطلع لوكالة “سبوتنيك”، أن أحد قادة الكتائب من مصراتة دخل إلى طرابلس الأسبوع الماضي، وطوق الشارع الذي يوجد به مقر المجلس الرئاسي، وحرصا على أعضاء المجلس، أغلق المقر منذ ذلك اليوم تحسبا لأي هجوم.

من جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها مما وصفته بالتوترات بين فصائل مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، داعية للجوء إلى حوار لحل الخلافات السياسية والعسكرية.

وأكدت أهمية حل الخلافات بشأن المسائل السياسية أو العسكرية عبر الحوار، خاصة في المرحلة الحالية، حيث تمر البلاد بعملية انتخابية “صعبة ومعقدة” يرجى منها أن تؤدي إلى انتقال سلمي.

ودعت البعثة جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى ممارسة ضبط النفس في “هذه المرحلة الدقيقة” والعمل معا لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة.

كان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية، في 24 ديسمبر الجاري، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة وتحظى بدعم دولي، لكن المفوضية العليا للانتخابات أرجأت إعلان القائمة النهائية للمرشحين، إلى حين تسوية بعض المسائل القانونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *