في «يوم حقوق الإنسان»| الباقر ومتولي ويوسف ينتظرون العدالة.. ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان قابعين خلف القضبان (افتكروهم)
كتب- درب
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2022، من الضروري أن نتذكر المدافعين عن حقوق الإنسان القابعين خلف القضبان، الذين كانوا يسعون نحو حماية الحقوق والحريات وبناء مجتمع أكثر عدلا وإنسانية، فزج بهم في السجن، وباتوا في انتظار عدالة كانوا يسعون لتحقيقها في أرجاء البلاد.
في هذا التقرير يرصد “درب” ثلاثة من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر يقبعون في السجن وسط مطالب متكررة بالإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط ووقف استهداف حركة حقوق الإنسان في البلاد.
محمد الباقر
في سبتمبر الماضي، تجاوز المحامي الحقوقي محمد الباقر، المدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات، ثلاث سنوات خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه وحبسه في العام 2019 على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
قبل 1168 يوما بدأت رحلة الباقر مع الحبس، ففي 29 سبتمبر 2019، وأثناء توجهه إلى مقر نيابة أمن الدولة لحضور التحقيقات مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، فوجئ مدير مركز عدالة للحقوق والحريات بقوات الأمن تحتجزه داخل مقر النيابة، ليتم إبلاغه بعد ذلك بصدور أمر ضبط وإحضار في حقه، حيث تم إدراجه متهما على نفس القضية التي كان ذاهبا للدفاع عن علاء عبد الفتاح فيها، ليتحول بذلك في ساعات من محامي إلى متهم في نفس القضية.
رحلة الباقر مع الحبس درامية للغاية، خاصة بعد وفاة والده بعد أسابيع قليلة من قرار حبسه، لتنطلق بعدها دعوات عديدة بالسماح له بتوديع والده ودفنه، وهو ما حدث بالفعل آنذاك.
في تصريحات سابقة، قالت نعمة هشام، زوجة الباقر، إن الباقر كان متعلقا بوالده بشكل كبير، ووفاته بعد مرضه في غياب الباقر بالتأكيد أثر على نفسية المحامي المعتقل بشكل كبير، معربة عن انتظارها له خارج السجن حتى يستطيع “أن يحزن على والده بشكل يليق”.
ويواجه الباقر في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا نشر أخبار وبيانات كاذبة.
وفي أغسطس 2020، حققت نيابة أمن الدولة العليا مع الباقر في قضية جديدة حملت رقم 855 لسنة 2020 أمن دولة، وقررت حبسه على ذمتها 15 يوما، بحيث يبدأ الحبس فيها فور إخلاء سبيله في قضيته الأولى.
وبعد إكمال الباقر سنتين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة بدأت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في 18 أكتوبر 2021 محاكمة الباقر والناشط علاء عبد الفتاح والمدون محمد إبراهيم رضوان “أكسجين”، بعد يومين من إحالتهم للمحاكمة بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وإذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة داخل البلاد وخارجها.
وقضت المحكمة في 20 ديسمبر 2021، حكمها بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح 5 سنوات وبغرامة مالية قدرها 200 ألف جنيه، وأيضا الحكم على محمد الباقر ومحمد أكسجين بالحبس 4 سنوات.
وأصدرت 65 مؤسسة حقوقية مصرية وعربية ودولية، في يناير الماضي، بيانا طالبت فيه السلطات المصرية بإسقاط الأحكام الصادرة على الباقر، وعدد من السياسيين والمعارضين في عدة قضايا، جميعها كانت أمام محكمة جنح أمن الدولة العليا طوارئ.
إبراهيم متولي
قبل 1,917 أيام، وبالتحديد في يوم 10 سبتمبر2017، ألقت قوات الأمن في مطار القاهرة القبض على المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، مؤسس رابطة “أسر المختفين قسريا” أثناء ذهابه إلى جنيف للمشاركة في الدورة 113 لمجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري. وكان متولي حينها منسقًا لرابطة “أسر المختفين قسريا”، وهو أيضًا أحد من شاركوا في تأسيسها سعيا منه للكشف عن مكان ابنه عمر الذي قبض عليه في يوليو 2013 ومازال مختفيًا قسريا حتى الآن، بحسب بيان سابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
أحيل متولي إلى التحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 12 سبتمبر 2017 على ذمة القضية رقم 900 لسنة 2017 حصر نيابة أمن الدولة. ووُجهت إليه اتهامات بتولي قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، والتواصل مع جهات أجنبية.
وبعد عامين من حبسه حصل على إخلاء سبيل، يوم 14 أكتوبر 2019، على ذمة القضية رقم 900 لسنة 2017.
لكن متولي ظل مختفيا بعدها أسبوعين حتى ظهر بنيابة أمن الدولة، يوم 5 نوفمبر من نفس العام، على ذمة قضية جديدة حملت رقم 1470 لسنة 2019 حصر أمن دولة، تضمنت الاتهامات نفسها والتي سبق إخلاء سبيله لاكتمال مدة الحبس ودون وجود دليل عليها واستمر تجديد حبسه على ذمتها إلى أن أصدرت محكمة الجنايات قرارًا بتغيير حبسه الاحتياطي إلى أحد التدابير الاحترازية في 26 أغسطس 2020؛ إلا أنه وللمرة الثانية أثناء إنهاء إجراءات خروجه من قسم الشرطة تم تدويره وبنفس الاتهامات في قضية ثالثة تحمل رقم 786 لسنة 2020.
ومازال يجدد حبس المحامي الحقوقي إبراهيم متولي على ذمة القضية 786 لسنة 2020 حتى الآن، وسط مطالب متجددة بالإفراج عنه. وقالت المبادرة المصرية في بيان سابق إن استمرار حبس متولى دون تحقيق جدى بشأن الاتهامات الموجهة إليه أو إحالته للمحاكمة يخل بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة. وأضافت: كما أن قضاء فترة حبسه فى ظروف شديدة القسوة والتعنت بحقه فى توفير العلاج المناسب يرقى لدرجة التعذيب والرغبة فى قتله ببطء.
وطالبت حملة “حتى آخر سجين”، بالإفراج عن المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، مؤسس رابطة “أسر المختفين قسريا”. وقالت الحملة، في بيان لها صدر في أغسطس 2022 إن متولي “محبوس انفراديا منذ القبض عليه في سبتمبر 2017 بسجن العقرب شديد الحراسة 2 في غرفة صغيرة لا تتناسب مع وضعه الصحي ومحروم من حقوقه الأساسية مثل التريض، ودخول الكتب والجرائد، واستخدام المياه الدافئة والتعرض للشمس – مما سبب له أمراضا جلدية”.
يذكر أن متولي يعاني من تضخم والتهاب شديد بالبروستاتا وهي حالة تستدعي التدخل العاجل، لتجنب حدوث مضاعفات خطيرة تشكل خطرًا على حياته، بحسب بيان للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية صدر في أكتوبر 2021، وطالب بإخلاء سبيل المحامي الحقوقي بسبب تدهور حالته الجسدية والنفسية.
يوسف منصور
فجر الخميس 24 مارس 2022، ألقت قوة أمنية القبض على المحامي الحقوقي يوسف منصور، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم حتى ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا في يوم 26 من الشهر ذاته وقررت حبسه ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات في القضية ٣٣٠ لسنة ٢٠٢٢ حصر أمن دولة عليا.
ووجهت النيابة إلى المحامي يوسف منصور تهم نشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة محظورة.
وقال المحامي الحقوقي كريم عبد الراضي، آنذاك إن كل موضوع التحقيق والأسئلة كانت “حولين بوست كتبه يوسف حول موكله محمد أوكسجين”، لافتا إلى أن “يوسف عمل بعدة قضايا، وبدأ حياته المهنية كمحامي حقوقي منذ أكثر من عام، وعمل على قضية مظاهرات سبتمبر التانية، وكان آخر القضايا التي عمل عليها قضية محمد أوكسجين ربما تكون من أسباب القبض عليه”.
وأضاف كريم: “يوسف ابن اختي عنده ٢٥ سنة واشتغل من قبل في مكتبي وفي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قبل أن تعلق عملها”.
وكانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، استنكرت واقعة القبض على المحامي الحقوقي يوسف منصور، وحبسه بقرار من نيابة أمن الدولة العليا في اتهامات نشر أخبار كاذبة.
واعتبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في بيان لها مارس الماضي، القبض على المحامي الشاب يوسف منصور أنه “استمرار لاستهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان”.
وقالت المفوضية إن “يوسف منصور، محامي شاب ومدافع عن حقوق الإنسان، مؤمن بحق كل شخص في المحاكمة العادلة مؤمن بمبادئ حقوق الإنسان، عمل محام سابق بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قبل أن تُعلق عملها، كما أنه أحد محامو المدون محمد إبراهيم الشهير بـ”أكسجين” المحكوم عليه بالحبس 4 سنوات من قبل محكمة أمن دولة طوارئ في ديسمبر 2021”.
وطالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات – بالإفراج الفوري غير المشروط عن يوسف منصور المحامي لكونه محبوس بسبب عمله السلمي في الدفاع عن حقوق الإنسان- وتجدد نداءها بالإفراج عن جميع النشطاء والحقوقيين وجميع معتقلي الرأي.
بدوره طالب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بالإفراج الفوري عن يوسف منصور.
وقال الحزب إن يوسف منصور محامي حقوقي شاب يمارس مهنة المحاماة منذ نحو عام ونصف، وهو حفيد المناضل العمالي وعضو مجلس الشورى السابق عن الحزب، الراحل سيد عبد الراضي، وهو من عائلة معروف عنها بعدها كل البعد عن الجماعات المتطرفة، وممارسة العمل العام بالطرق المشروعة.
وتابع الحزب أنه يعرب عن إدانته لكافة صور وأشكال التضييق على الحقوق والحريات المكفولة والمحمية بموجب الدستور المصري والمواثيق الدولية وفي القلب منها حق الدفاع وحرية التعبير وتداول المعلومات، والتي يعد المساس بها مساسا بحق المواطن في المعرفة وانتهاكا لنصوص دستورية يجب احترامها.
وأضاف الحزب أنه يجدد مطالبته بإطلاق سراح كافة سجناء الرأي وكافة المحامين والصحفيين الذين ألقي القبض عليهم وقيدت حريتهم على خلفية عملهم أو تعبيرهم المشروع عن آرائهم.
يذكر أن مصر تواجه انتقادات شديدة بسبب سجلّها المتعلّق بحقوق الإنسان، فيما يقبع نحو 60 ألف شخص في السجون لأسباب سياسية، بحسب تقديرات منظمات حقوقية محلية ودولية، إلا أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دائما ما ينفي ذلك.
وتبنى البرلمان الأوروبي، يوم الخميس 24 نوفمبر 2022، قرارا بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، تضمن مراجعة شاملة لعلاقة الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية في ضوء ملف حقوق الإنسان. وطالب القرار بالإفراج عن الحقوقي والناشط علاء عبد الفتاح، وعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء السلميين والسياسيين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتراجع عن الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي.