عمال اليومية على خط النار مع كورونا.. ما تنسوش الأرزقية يا حكومة (بناكل يوم بيوم وعايشين بين نارين)

عايشين على قد حالنا ومضطرين ننزل نشتغل علشان نأكل عيالنا.. ولقمتنا مرة مغمسة بالخوف والقلق

سائق يطالب الحكومة بوضع “الأرزقية” في اعتبارها: لو معايا فلوس كنت قعدت في بيتنا احافظ على صحتي وصحة عيالي

عامل بناء: معيش فلوس أجيب كمامات وكحول .. وبائعة خضار: ربنا يعدي الأزمة على خير إحنا مش قدها

احنا بين نارين إزاي نحمي نفسنا والناس وازاي نصرف على عيالنا لو أجبرتنا الأمور على التوقف التام

سناء علم الدين

حيرة وخوف وقلق، مشاعر مختلطة انتابت قطاع واسع من المصريين بمجرد الإعلان عن انتشار فيروس كورونا المستجد في مصر، فبالتزامن مع حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا لمواجهة الفيروس لم يجد عمال اليومية موضعا يشير إلى إمكانية تأمين حياتهم مع استمرار الاحداث وتصاعدها.

مشاعر خوف وقلق انتابت الجميع، لكن هذه المشاعر جاءت مضاعفة لديهم، وصار  الخوف يلازمهم ليس بسبب الفيروس فقط ولكن على معيشتهم ومعيشة أبنائهم، التفكير في القادم لايتوقف، وتساؤلات كثيرة تدور في أذهانهم لايجدون لها إجابة، خاصة وأنه لايوجد مصدر دخل ثابت يؤمن حياتهم وحياة أسرهم.

حاول موقع “درب” رصد معاناة من يحصلون على قوت يومهم بشكل يومي، ومطالبهم تحديدا مع انتشار الفيروس، وبالتزامن مع الإجراءات التي تتخذها الدولة، حيث طالب أغلبهم بوضعهم في عين الاعتبار وتوفير دخل مناسب لهم.

تخصيص شهرية

يقول محمد مصطفى، سائق تاكسي في أواخر الأربعينيات : “أنا طول حياتي بشتغل الشغلانة دي، والعربية دي شغالة عليها مش بتاعتي، واللي بكسبه بيتوزع بيني أنا وصاحب العربية زي ماحنا متفقين، بس الفترة دي الحال واقف شوية”.

ويضيف مصطفى لـ”درب“، ” أنا عندي 3 أولاد بصرف عليهم وعاوز اربيهم كويس، ولو كان معايا فلوس كنت قعدت في بيتنا علشان احافظ على صحتي وصحة عيالي، لكن هقعد في البيت إزاي “.

وأشار إلى أنه يجب على الحكومة وضعهم في عين الاعتبار، وأن تدرس طرق لدعمهم، ليتمكن هو وغيره من الجلوس في المنزل، بدلا من المخاطرة بحياتهم وتعريض الآخرين للخطر، ويتابع أنا بين نارين “كيف أحمي نفسي والناس ، وكيف انفق على أسرتي لو أجبرتنا الأمور على التوقف التام، أما الأن فنحن ليس أمامنا إلا لقمة مرة مغمسة بالخوف والقلق.

وتساءل مصطفى: “إزاي الحكومة عاوزانا نقعد في بيوتنا، وإحنا شغالين يوم بيومه، طيب هنأكل عيالنا منين ونصرف عليهم، طيب بلاش أنا هل الحكومة فكرت في عامل النظافة وغيره وغيره من اللي شغالين باليوم”.

وتابع: “أنا بحاول التزم بالتعليمات وبغسل ايدي وبعمل كل حاجة، لكن صعب اقعد في البيت الفترة دي كلها، لازم الحكومة تحطنا في اعتبارها وتشوف أمريكا والدولة التانية عملت إيه مع المواطنين بتوعها، لو عاوزه تقعدنا في البيت توفرلنا حاجتنا”.

وانتقد مصطفى سلوكيات البعض في شراء مايفوق حاجتهم من الطعام والشراء، قائلا:” الناس من ساعة ماسمعت عن الكورونا، وقفلوا المدارس، نزلوا خلصوا على الأكل اللي في السوق، ياجماعة مش كده لازم نساعد بعضينا، ونخاف على بعض”.

وطالب مصطفى من الحكومة بضرورة نشر التوعية بين الناس، وتوفير العلاج الصحي المناسب لهم، والالتزام بالشفافية في نشر أي اخبار تخص فيروس كورونا، قائلا: “الحكومة لازم تقلنا كل حاجة أول بأول ومتخبيش حاجة عنا علشان الفيروس ده مبيفرقش بين فقير وغني وبيطول الكل، ولازم تاخد بالها من الأرزقية زي حالاتي واللي بينزلوا كل يوم علشان يجيبوا القرش”.

وكانت الحكومة قد اتخذت، الأسبوع الماضي، حزمة من الإجراءات، بينها تأجيل الدراسة لمدة أسبوعين، وإلغاء الامتحانات لبعض المراحل التعليمية، أيضا إغلاق المحال والمولات التجارية والكافيهات بعد السابعة مساءا، وغيرها من الإجراءات.

ركود في حركة البيع

وتقول أم محمد، تعمل بائعة خضاربسوق الجيزة: “من ساعة ما الحكومة قررت تقفل المحلات وأنا بروح الساعة سابعة، والسوق كله بيقفل في الوقت ده، بس مضطرين نشتغل هنجيب فلوس منين”، موضحة أنها قبل الأزمة كان السوق مفتوحا حتى العاشرة مساءا .

وتتابع “أم محمد” حديثها لـ”درب”: “أنا باجي كل يوم من ساعة 8 الصبح من ترسا، بشتري البضاعة فيه تجار من ساعة الأزمة اللي حصلت رفعوا سعرالبيع علينا، وناس تانيه بيبعوا بنفس الأسعار، بس مضطرة اشتري منهم علشان أعرف ابيع شغلي، وساعات البضاعة بتجيب همها وساعات لا”.

وتستكمل حديثها: “كل يوم بنضف الخضار كويس وبرش عليه ميه، علشان الزباين متخفش وتشتري مني، وبحط منديل على مناخيري علشان القعدة في السوق خصوصا لما الدنيا تكون زحمة شوية”.

ولفتت إلى أن حركة البيع والشراء لم تعد كما كانت من قبل بسبب خوف الناس من الفيروس وانتشاره، وأغلب الناس تشتري احتياجتها من الطعام والشراب من المتاجر الكبيرة والمعروفة وقليل من ينزل للسوق وسط الباعة.

واختتمت حديثها: “يارب الأزمة دي تخلص بسرعة وعلى خير، والحياة ترجع زي الأول وأحسن  كمان، علشان إحنا عايشين على قد حالنا، ومش عارفين هنعمل بكره إيه”.

وقف حال

وبنبرة حزينة، يقول ممدوح “اسم مستعار”، في أوائل الخمسينيات: “حالنا بقى واقف من ساعة الفيروس ماجه، أنا شغال باليومية على باب الله يعني، وبنشوف شغلنا وربنا يرزقنا من عنده، إحنا بنعمل اللي علينا والباقي على الله، هو اللي بيحمينا وقادر يرزقنا من عنده”.

ويضيف ممدوح، لـ”درب”، أنه يحاول الالتزام بالتعليمات والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، ولكن طبيعة عمله تحتم عليه الاختلاط بأعداد كبيرة من العاملين، فهو وزملائه يجلسون بالشارع لساعات طويلة على أمل إيجاد فرصة عمل.

ويتابع ممدوح الذي رفض ذكر اسمه: “مفيش طلب علينا زي الأول، بنقعد في الشارع بنستنى أي حد يجي لو محتاج ينضف حاجة أو يكسّر حاجة، أو يشيل حاجة يعني مثلا نرفعله شيكارة أسمنت مثلا أو طوب”.

ويستطرد: “بقينا قاعدين طول اليوم في الشارع مستنين شغل، وبنحاول نقعد في أماكن فيها شغل بناء يمكن يحتاجوا عمال ولا حاجة، على أمل ربنا يرزقنا”.

ويستكمل حديثه: “أنا قاعد في القاهرة، ولما بيبقى معايا مبلغ كويس بسافر لعيلتي في المنيا، عندي 3 بنات أكبر واحدة عندها 23 سنة، والصغيرة في أولى إعدادي، ونفسي أفرح ببنتي الكبيرة وأشوفها عروسة”.

وعن مدى التزامه باتباع إجراءات الوقاية من الفيروس، يقول: “أنا طول اليوم قاعد في الشارع، بستنى حد يطلب مني شغل، ومعايا معداتي علشان لو حد محتاج اكسرله حاجة، وعلى قد ما اقدر بجيب فلوس أصرف بيها على بناتي، لكن مش معايا فلوس أجيب كمامة وجوانتي وكحول والحاجات اللي بيقولوا عليها، ربنا يسترها علينا ويحمينا”.

وتتفق معه جاكلين منير، تعمل بأحد المحلات لتصفيف الشعر بمنطقة الدقي، قائلة: “من ساعة ما قالوا في كورونا في مصر وأجلوا الدراسة، مفيش زباين زي الأول والناس بقت تخاف تيجي، والحال بقى واقف، والواحد يدوب اليومية بتاعته بتكفيه هو وعياله”.

وتتابع جاكلين حديثها لـ”درب”: “إحنا نظامنا في المحل باليومية، وأغلب محل الكوافيرات كده مش إحنا بس، كنا في الأول بناخد يوميتنا ولو في نص اليوم جت زبونة بناخد منها بقشيش واليوم كان بيعدي، وكانت مستورة وبنعرف نمشيها، لكن دلوقتي الوضع بقى صعب”.

وتتابع: ” مبقاش فيه زباين زي الأول، بقوا يتعدوا على الصوابع يعني لو كان قبل كده بتيجي عشرين واحده في اليوم، كل واحدة مننا في المحل بتشتغل معاهم، دلوقتي هما يدوب خمسة وممكن أقل والمحظوظة هي اللي تشتغل معاها بقى”.

وتضيف أن المحل ملتزم بإجراءات الوقاية، ووزع على العاملين والعاملات به كحول وكمامة لضمان سلامتهم، وأيضا يغسلون أيديهم باستمرار، إضافة إلى تعقيم أدواتهم التي يستخدمونها لقص الشعر أو الأظافر وغيرها من باقي الأدوات الأخرى، لافتة إلى أن صاحب المحل يشدد عليها يوميا بالاهتمام بنظافتهم لضمان سلامتهم وسلامة زبائنهم.

الجلوس في المنزل مستحيل

وفي السياق ذاته، يقول رأفت أبو النعمان، ماسح أحذية: “أنا بنزل كل يوم الشارع وبشتغل على قد الزباين اللي موجودة، بفضل اتنقل من منطقة للتانية على أمل ربنا يكرمنا، ومن ساعة ماسمعنا بالكورونا والحركة في الشارع مبقتش زي الأول”.

ويضيف أبو النعمان لـ”درب”، أنه لايملك المال الكافي لشراء كمامة وقفاز لارتدائهم أثناء العمل بسبب ارتفاع أسعارهم المبالغ فيه وجشع التجار، لافتا إلى أنه يحاول غسل يديه بانتظام، وفي منزله زوجته تحافظ على نظافة المنزل وتغسل الأواني المنزلية بالكلور.

 أبو النعمان يعمل ماسح أحذية وأب لخمسة أبناء “ثلاثة أولاد وفتاتين” في مراحل تعليمية مختلفة، يعيش بمنطقة “صفط اللبن” بالقاهرة، ويسافر في الأعياد لمسقط رأسه بإحدى القرى التابعة لمحافظة سوهاج.

ويتابع حديثه: “مفيش في ايدينا حاجة نعملها، وبنحاول نحافظ على نفسنا، وناخد بالنا من نفسنا على قد مانقدر، وفي ناس ساعات ربنا يباركلها من ساعة ما الأزمة بدأت وزعت كمامة علينا في الشارع، لكن انا مقدرش اجيبها لنفسي أو لعيالي في البيت، بس الواحد بياخد باله من نضافته الشخصية على قد مايقدر”.

ويرى أبو النعمان أنه من الصعب عدم النزول للشارع وتجنب الازدحام، خاصة وأن طبيعة عمله تفرض عليه ذلك، معلقا: “صعب أبطل أنزل الشارع، لازم أنزل كل يوم علشان ولادي يلاقوا حاجة يأكلوها، ولو حصل حظر تجول مضطرين نلتزم بيه مفيش حاجة في أيدينا”.

ومن جهتها، نفت وزارة الداخلية، اليوم الإثنين، من خلال مركزها الإعلامي الأخبار المتداولة والمنسوبة لها، بفرض حظتجوال ابتداء من مساء 23 مارس الجاري، ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

وبحسب آخر إحصائية أعلنت عنها وزارة الصحة والسكان، أمس الأحد، فإن عدد الحالات  التي تحولت نتائج تحاليلها معمليًا من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ارتفع إلى 74 حالة.

وكانت الحكومة قد قررت، في 17 مارس الجاري، صرف منحة ستثنائية قيمتها 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة المسجلة في الوزارة، من مكاتب البريد على مستوى الجمهورية، لرفع العبء عنهم في ظل الظروف الاستثنائية.

ومن جهته، قال محمد سعفان، وزير القوى العاملة ، خلال مداخلة هاتفية له ببرنامج “على مسؤوليتي”، والمذاع عبر فضائية “صدى البلد”، إن هناك أكثر من 300 ألف عامل سيستفيد من صرف الـ500 جنيه، مشيرًا إلى أن العامل سيذهب إلى مديرية القوى العاملة لتسجيل بياناته وتحويل مبلغ الـ500 جنيه على مكاتب البريد، مشيرا إلى أن المستفيدين من المنحة بلغ عددهم نحو 250 إلى 300 ألف عامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *