عشرات القتلى في قمع عسكري بالكونغو الديمقراطية لاحتجاجات مناهضة للبعثة الأممية.. والأمم ‏المتحدة تطالب بالتحقيق 

وكالات 

قُتل ما لا يقل عن 48 مدنيا وشرطي واحد، الأربعاء، في مدينة غوما شرق البلاد خلال عملية عسكرية كان ‏هدفها منع تظاهرة مناهضة للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بحسب تقرير داخلي ‏للجيش اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية الخميس‎.‎ 

ونصت الوثيقة الداخلية للقوات المسلحة الكونغولية التي أكدتها مصادر عسكرية واستخبارية، على أن ‏حصيلة عملية الأربعاء لمنع تظاهرة مناهضة للأمم المتحدة في غوما بلغت “48 قتيلا” و”75 جريحا” ‏من المتظاهرين فيما لقي شرطي مصرعه‎.‎ 

وأوضحت الوثيقة أنه “تمت مصادرة بضعة أسلحة بيضاء” وتوقيف 168 شخصا، بينهم إفرايمو بسيما، ‏زعيم جماعة “الإيمان الطبيعي اليهودي والمسيحاني تجاه الأمم” التي نظمت التظاهرة‎.‎ 

يذكر أن هذه الطائفة الدينية المحلية التي تمزج بين الشعائر المسيحية والروحانية، كانت قد دعت في ‏نهاية أغسطس إلى التظاهر الأربعاء أمام مقر بعثة منظمة الأمم المتحدة لإرساء الاستقرار في جمهورية ‏الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)‏‎.‎ 

ودعت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة الأول من سبتمبر إلى فتح تحقيق “شامل” في قمع الجيش لتظاهرة ‏في غوما بجمهورية الكونغو‎.‎ 

وشددت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني، خلال مؤتمر صحفي ‏عقد في جنيف على أن التحقيق الذي تجريه السلطات يجب أن يدرس “بشكل شامل استخدام القوة من ‏قبل قوات الأمن”، وأن يكون “معمقا وفعالا ومحايدا”.‏ 

وذكرت شمداساني أن 43 شخصا قتلوا، لكنها أقرت بأن الحصيلة قد تكون أعلى. وشددت على أنه “يجب ‏محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات على أفعالهم أيا كانت الجهة التي ينتمون إليها”.‏ 

وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية الحقوقية أن 222 شخصا اعتقلوا خلال العملية “بينهم نساء ‏وأطفال… نحن قلقون للزيادة الكبيرة في انتهاكات حقوق الإنسان في مثل هذه الاجواء المتوترة‎”.‎ 

وأضافت “من الضروري احترام حقوق الموقوفين بالكامل بما في ذلك حقهم في محاكمة عادلة، وأن تضمن ‏السلطات المختصة وصول مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان باستمرار إلى المحتجزين”.‏ 

وقالت المتحدثة “يحق للمواطنين التعبير عن آرائهم بحرية والتجمع سلميا، بما في ذلك عندما يتعلق ‏الأمر بالاحتجاج ضد الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى”، مشددة على أنه يجب على السلطات ‏تسهيل الحق في التجمع السلمي.‏ 

ومن جانبهم، قال أعضاء الطائفة إنهم يعتزمون اقتحام قواعد القبعات الزرق لإرغامهم على الرحيل، ‏وفيما يخص الحصيلة الرسمية السابقة التي أعلنها المتحدث باسم الجيش في غوما اللفتنانت كولونيل ‏غيوم ندجيكي الأربعاء، فكانت قد بلغت ستة قتلى من المتظاهرين و”شرطي رجم حتى الموت” و158 ‏موقوفا‎.‎ 

وفي مقطعي فيديو صُوّرا في منطقة غوما وتم تداولهما على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، ‏يظهر جنود يرتدون زي وحدة النخبة وهم يلقون عشرات الجثث في الجزء الخلفي من مركبة عسكرية‎.‎ 

أما الحكومة فقالت في بيان جديد أمس الخميس إن عدد القتلى بلغ 43 واعتُقل 158 شخصا. وأضافت ‏أنه تم فتح تحقيق بشأن تدخل الجيش‎.‎ 

ومن جهتها، أعلنت حركة “الكفاح من أجل التغيير” (لوتشا) وهي حركة مؤيدة للديمقراطية نشأت في ‏غوما أن “عدد ضحايا المذبحة التي نفذها الجيش ضد مدنيين عزل يطالبون برحيل بعثة الأمم المتحدة ‏في جمهورية الكونغو الديموقراطية البارحة (الأربعاء) في غوما يبلغ نحو خمسين شخصا‎”.‎ 

كما تحدثت الحركة عبر منصة “إكس” عن “جثث أخرى مخبأة خصوصا في المستشفى العسكري في ‏معسكر كاتيندو” في وسط المدينة‎.‎ 

وقالت آن سيلفي ليندر رئيسة الفرع المحلي للصليب الأحمر الدولي في غوما إن عيادتها استقبلت عددا ‏كبيرا من المصابين بجروح خطيرة جراء طعنات وأعيرة نارية بعد الاحتجاج. وأضافت “كان بعضهم ميتا ‏عندما وصلوا‎”‎ 

‎ ‎وندد القيادي في حركة “لوتشا” بينفينو ماتومو في فيديو أرسل إلى وكالة الأنباء الفرنسية، بهذه ‏‏”المذبحة” التي سقط ضحيتها “أكثر من 50 مدنيا”.‏ 

‎ ‎كما اتهم الناشط المؤيد للديمقراطية جاك سينزاهيرا عناصر الجيش بتنفيذ “هجوم على الراديو” التابع ‏للطائفة حيث “قتلوا مقدّمة وضيوفها الخمسة”، ثم “توجهوا إلى الكنيسة حيث أطلقوا النار على 56 ‏شخصا‎”‎، وطالب الناشطان بإجراء تحقيق مستقل في الواقعتين‎. ‎ 

ومن جهتها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش مساء الخميس إن “قوات الأمن الكونغولية أطلقت النار ‏وقتلت عشرات المتظاهرين وأصابت عشرات آخرين”، كما “اعتقلت عشرات الأشخاص‎”.‎ 

‎ ‎وقال توماس فيسي، كبير الباحثين في جمهورية الكونغو الديمقراطية في هذه المنظمة الأمريكية غير ‏الحكومية، إن الجيش الكونغولي “يبدو أنه أطلق النار على الحشد لمنع تظاهرة، وهي طريقة وحشية ‏للغاية وغير قانونية لفرض الحظر‎”.‎ 

هذا، وشدّدت هيومن رايتس ووتش على “ضرورة إيقاف كبار المسؤولين العسكريين الذين أمروا ‏باستخدام القوة المميتة غير القانونية، عن العمل والتحقيق معهم ومحاسبتهم على أفعالهم في محاكمات ‏علنية وعادلة‎”.‎ 

‎ ‎وللعلم، تندرج أعمال العنف هذه في إطار سلسلة هجمات وتظاهرات مناهضة للبعثة الأممية المتهمة ‏بعدم الفاعلية في حربها ضد الجماعات المسلحة في هذه المنطقة الغارقة في الاضطرابات‎.‎ 

وتجدر الإشارة إلى أنه في تموز/يوليو 2022، شهدت بلدات عدة في إقليمي شمال كيفو وجنوب كيفو، ‏اقتحام متظاهرين منشآت تابعة “لمونوسكو”. ووفقا للسلطات، قُتل يومها 36 شخصا، بينهم أربعة من ‏قوة حفظ السلام‎. ‎ 

وفي مطلع آب/أغسطس، قال الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير إلى مجلس الأمن إن بعثة المنظمة ‏لإرساء الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية دخلت “مرحلتها النهائية” رغم الوضع “المتدهور ‏بشكل كبير‎”.‎ 

واوضح أنطونيو غوتيريس أيضا أن “التوترات الإقليمية تفاقمت بشكل أكبر” و”تدهور الوضع الإنساني ‏بشكل كبير” و”تم تهجير مئات آلاف المدنيين قسراً”. وأكد أن البعثة الأممية “تظلّ أحد أهداف السخط ‏والإحباط لدى السكان الذين يتهمونها بالتقاعس”، ويبقى موضوع المغادرة النهائية لبعثة الأمم المتحدة ‏هي في صلب النقاشات حول مستقبل البلاد منذ سنوات‎.‎ 

ففي سبتمبر 2022، أثناء زيارته نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس ‏الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي في مقابلة مع قناة فرانس24 “أعتقد أنه لن يكون هناك أي سبب لبقاء ‏بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديموقراطية” بعد الانتخابات الرئاسية في كانون الأول/ديسمبر ‏‏2023 التي سيترشح فيها لولاية جديدة‎.‎ 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *