#عام_ونصف_على_حبس_الأمل.. الكاتبة الصحفية إكرام يوسف في حوار لـ”درب” عن #زياد_العليمي: فخورة أنني ربيت ابنا “ليس كمثل الأبناء”

رسالتي لزياد ورفاقه: لم تستوحشوا طريق الحق رغم قلة سالكيه وسينتصر بما قدمتم.. وتضحياتكم لن تذهب سدى وبكرة الآتِ آت

قضية الأمل “بلاعة” لضم المغضوب عليهم.. وضم زياد مع الإخوان ومدير صفحة “آسفين يا ريس” يفقد فكرة التحالف بينهم مصداقيتها

زياد لم يقبض عليه بل تم اختطافه.. ويعاني من السكر والضغط والقولون ومرض مناعي نادر في الصدر.. والأشعة ممنوعة عنه منذ أبريل

نفتقد زياد في كل لحظة كسند وراع للأسرة.. ونحاول تخفيف تأثير غيابه على ابنه.. وشقيقه يحافظ على مكتبه انتظارا لخروجه

حوار- محمود هاشم:

لم تمر ليلة 25 يونيو 2019 كغيرها من الأيام على الكاتبة الصحفية إكرام يوسف، فمنذ هذا التاريخ وحتى عام ونصف حتى الآن تغيرت معالم حياتها، بعد إلقاء القبض على نجلها البرلماني والقيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي زياد العليمي في القضية المعروفة إعلاميا “تحالف الأمل”.


مع ذلك، تؤمن إكرام أن تضحيات نجلها ورفاقه لن تذهب سدى، وأن الحق سوف ينتصر بما قدموا وما سيقدمون.
في حوارها مع “درب” تتحدث بمرارة عن سوء أوضاع نجلها داخل زنزانته إنسانيا وصحيا، مع استمرار حبسه حتى الآن، كاشفة عن معاناة أسرته في ظل غيابه القسري، وأملها الدائم في الإفراج عنه وعن رفاقه.

وإلى نص الحوار:

كيف تفسرين ملابسات القبض على زياد وحبسه على ذمة قضية “تحالف الأمل”؟


زياد لم يقبض عليه، بل تم اختطافه على أيدي أشخاص يرتدون زيا مدنيا جاءوا بسيارات مدنية؛ وحاولوا اختطافه في الثانية بعد منتصف ليلة ٢٥ يونيو ٢٠١٩، من ستر ربنا أن زياد قاوم وظل ينادي على صديقه الذي كان يزوره، حتى خرج إلى البلكونة وشاهد عملية الخطف، فتوقف زياد عن المقاومة ومضى معهم، بعد انتشار الخبر في مصر وخارجها، وتساؤل صحف ومواقع إخبارية عالمية عن سبب خطف محام معروف لديه مكتب ومقر إقامة معروفين بدلا من القبض عليه من مكتبه أو بيته، صدر أول بيان لوزارة الداخلية في التاسعة صباحا يقول إن الوزارة أحبطت مخططا لتخريب البلاد خططت لتنفيذه ١٩ شركة وكيانا اقتصاديا إخواني وأشخاص، على رأسهم زياد العليمي.
التهمة أثارت سخرية الجميع في خارج البلاد وداخلها، فالجميع يعرف موقف الإخوان من زياد ومعارضته لحكمهم، فضلا عن عدم ممارسته أي نشاط اقتصادي، فمن أين له أن يتزعم ١٩ شركة وكيانا اقتصاديا؟


ماذا عن قصة تحالف الأمل”؟


في الوقت الذي تم خطف زياد فيه، ألقوا القبض على الصحفي حسام مؤنس عضو حزب الكرامة، الذي كان مكلفا مع زياد العليمي بتنسيق تحالف انتخابي بين عدة أحزاب شرعية لخوض معركة الانتخابات البرلمانية، تحت اسم كان مقترحا هو “تحالف الأمل”، وعندما فشلت خطة خطف زياد، تقرر ضمه إلى حسام، والزميل الصحفي هشام فؤاد، واثنين من نشطاء المجتمع المدني هما أحمد تمام وحسن البربري، ثم رامي شعث الناشط في حملة مقاطعة الصهيونية، بالإضافة إلى مجموعة من أصحاب الشركات المتهمين بالانضمام إلى الإخوان، وتحويل التهمة بحيث يصبح تحالف الأمل الانتخابي، إعلاميا تحالفا بين جماعة الإخوان وعدد من العناصر المدنية، وصارت القضية كما يسميها المحامون “بلاعة” لضم أي مغضوب عليه، بمن في ذلك مدير صفحة “آسفين يا ريس” المعادية للثورة والموالية لحكم المخلوع مبارك، الذي أعرب عن حزنه لضمه في قضية واحدة مع عدد من رموز الثورة، أكثر من حزنه من السجن نفسه.


رغم حبسه واجه زياد حكما في قضية أخرى.. ما تفاصيلها؟

عندما اتضح أن قضية الأمل صارت كما يقول المحامون “بلاعة” تضم أشخاصا لا صلة لهم ببعضهم البعض وبينهم اختلافات كثيرة لا تعطي أي مصداقية لفكرة وجود تحالف بينهم، فجأة تذكرت السلطات بلاغا كان قد تقدم به شخص عام ٢٠١٧ يتهم زياد بالإساءة لسمعة البلاد بزعم أنه تحدث في حوار تليفزيوني عن وجود معتقلين سياسيين في السجون المصرية، ومن دون إطلاع زياد ولا محاميه على الشريط الذي يضم هذا الحوار، تم الحكم على زياد بالسجن سنة وغرامة 20 ألف جنيه فصار محبوسا احتياطيا على ذمة قضية الأمل ويقضي عقوبة السجن بتهمة الإساءة لسمعة البلاد ورغم أننا تقدمنا بطلب الطعن بالنقض على التهمة لم تتحدد جلسة لنظر النقض حتى الآن، وقد قاربت مدة السنة على الانتهاء، ثم صحونا من النوم فجأة لنقرأ في الصحف أن زياد تم إدراجه على قوائم الإرهاب من دون تحقيق ولا أدلة.


ما هي أوضاع زياد داخل محبسه.. وكيف تعاملت سلطات السجن مع مرضه؟

في البداية تم وضع زياد في ليمان طرة في زنزانة مخصصة للحبس الانفرادي لسجين واحد ومعه حسام مؤنس وهشام فؤاد، ولا توجد لها نافذة سوى فتحة في أعلى الجدار مساحتها ٢٠ في ٢٠سم، وتغطيها شبكة حديدية، وكانوا ينامون في أول الأمر على 3 أرفف خشبية مثبتة بقوائم حديدية على الحائط لأن مساحة الزنزانة لا تكفي لنوم 3 أشخاص إلى حوار بعضهم، وبعد موجة الأمطار العام الماضي التي أثرت على سقف الزنزانة، تم نقلهم إلى أخرى أوسع قليلا تكفي لنوم الثلاثة على أسرة ضيقة، لكن من دون مساحة تكفي للوقوف سوى لشخص واحد بالكاد.


في الوقت نفسه، تم حرمان زياد ورفاقه طويلا من حقهم في التريض –  التي تقضي بها لائحة السجون بمعدل ساعة صباحا وساعة بعد الظهر – وعندما سمحوا بها مؤخرا كانت لمرة واحدة في الصباح، وليس في فناء السجن حيث توجد الشمس، لكن مجرد التمشية في طرقة العنبر بين الزنازين. ومؤخرا تم تفريقهم ونقل كل منهم لزنزانة مختلفة وكان نصيب زياد النقل لزنزانة الصحفي خالد داد رئيس حزب الدستور


وكيف يتم التعامل معكم أثناء الزيارات؟


نعاني في الزيارات من التعسف في رفض دخول مأكولات غير محددة، فما يقبل في مرة يمكن أن يرفض في مرة تالية، أو العكس من دون ذكر أسباب منطقية، ومن ثم فنحن نذهب بالمأكولات غير متأكدين مما سيقبل منها وما سيرفض.


أما الكتب تدخل بصعوبة ولا يسمح إلا بدخول كتب الشعر والروايات، على ألا تضم أي إشارة للتاريخ أو للسياسة ولو من بعيد، بمعنى أنهم لا يسمحون بدخول الأعمال الكاملة للأبنودي مثلا، ولا يقبلون ديوان صلاح عبدالصبور بدعوى أنه مطبوع في لبنان، كما لا يسمح بدخول الكتب أو الروايات بالإنجليزية مثلا، حتى كتب القانون التي طلبها لتنشيط ذاكرته في مهنته لا يسمح بها.


وماذا عن أوضاعه الصحية؟


عانينا كثيرا حتى سمحوا بدخول الأدوية لزياد، حيث يعاني من مجموعة أمراض، منها: السكر والضغط وقرحة المعدة والقولون والربو ومرض مناعي نادر أصاب الصدر يسمى “ساركويدوزيس”، كنا قد سيطرنا عليه قبل حبسه زياد، لكن بات من اللازم متابعته بعمل أشعة على الصدر كل 6 شهور حتى بقية عمره لمتابعة تطور المرض، إلا أنه لم يمكَّن من إجراء الأشعة على نفقتنا الخاصة سوى في نوفمبر من العام الماضي، وأظهرت الأشعة حينها وجود “ارتشاح” في الغشاء المبطن للقلب، بعدها لم نتمكن من إجراء الأشعة التي كان مقررا لها أبريل الماضي حتى الآن رغم كثرة مطالباتنا، ومنذ ذلك الحين لا نعرف مدى تطور وضعه الصحي.


زياد يعاني أيضا من مشاكل في المفاصل ناجمة عن إزالة غضروف في الركبة اليسرى قبل سنوات، عندما جذبه ضابط وهو يحرق العلم الصهيوني فوق باب الجامعة فأوقعه أرضا وتسبب في تمزق الغضروف، وكانوا قد بدأوا في السماح له بالعلاج الطبيعي داخل السجن، لكن ذلك تم وقفه من شهر أكتوبر الماضي في إطار تكدير حسام وهشام وزياد، بسبب مطالبتهم بحقهم في التريض ودخول الصحف، وتم ابعادهم عن بعضهم، وتم نقل زياد في زنزانة الزميل الصحفي خالد داود الرئيس الأسبق لحزب الدستور.


وكيف حالكم كأسرة في ظل غياب القسري؟


نفتقده في كل لحظة ومناسبة ووقت، زياد كان يعيش مستقلا، إلا أنه كام دائم التواصل معي والسؤال عني وعن شقيقه بسام، ويساعد أخيه ويدعمه في جميع نواحي حياته، وحاليا يعمل بسام على الحفاظ على مكتب شقيقه انتظارا لموعد خروجه، بمساعدة زملاء زياد المخلصين.


نحاول أيضا على قدر الإمكان أن نخفف تأثير غياب زياد عن ابنه، ولو أنه من المستحيل أن يعوض أحد غيابه عنه، وأنا الآن  مفتقدة سؤاله عني، كما يفتقده أخوه كسند ومستشار وموجه وراعي.


في النهاية.. ما الرسالة التي تودين إرسالها إلى زياد في محبسه؟


زياد في زيارة قال لي أن أقول للناس كلمات محمود درويش “لم نحلم بأشياء عصية، نحن أحياء وباقون وللحلم بقية”، وأنا أقول له ولرفاقه القابضين على الجمر كلمات حمدي عيد “بكرة الآتِ، آت”، وكلمات نجم “طول ما يبقى الركب ساير بالبصاير والعينين، يبقى ضامن يمشي آمن، يبقى آمن يمشي فين”، وكلمات الأبنودي: “واللي يقف في وش ثوارها، ما هيورث إلا ذلها وعارها، واللي هيفضل ضحكة المساجين”.


كلنا فخورون بكم، تضحياتكم لن تذهب سدى، والاستبداد إلى زوال، اخترتم طريق الحق ولم تستوحشوه رغم قلة سالكيه، وسوف ينتصر الحق بما قدمتم وما تقدمون، عندما التقي والد زياد بعد انقضاء الأجل في يوم محترم سأظل فخورة بأنني ربيت ابنا “ليس كمثل الأبناء”.

Free Zyad Elelaimy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *