طفي النور يا بهية| إطفاء الأنوار في شوارع وميدان القاهرة يثير استياء المواطنين.. ودويتش فيلا: محاولة جديدة من الحكومة لإنقاذ الاقتصاد الضعيف

الصحيفة الألمانية: ليالي الصيف المصرية أصبحت أكثر قتامة وسخونة هذا الأسبوع منذ تطبيق القرار.. والشوارع تُركت بدون إضاءة


إطفاء أنور ميدان التحرير يثير غضب المواطنين عبر السوشيال ميديا.. وتساؤلات عن تكاليف الإضاءة وأثر القرار على السياحة الوافدة


العيش والحرية: نحذر من أن تكون دعوة التقشف للضغط على عموم الناس المتقشفين بالفعل.. وقاطنو المنتجعات السياحية والكومباوندات ينعمون بالإنارة والتكييف


كتب – أحمد سلامة

أثارت القرارات التقشفية التي بدأت الحكومة المصرية في تنفيذها مؤخرًا بإطفاء شوارع وميداين القاهرة وتخفيض استهلاك الكهرباء الأماكن العامة، توتر وقلق كثير من المواطنين، وامتد الأمر إلى تعليقات من الصحف العالمية حول جدوى هذا القرار وما يمثله.

وكان رئيس الوزراء أعلن منذ أيام عن خطة الدولة لترشيد الكهرباء وذلك بسبب تداعيات الأزمة العالمية الراهنة واتجاه الحكومة نحو إعلان عدد من الإجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء على مستوى الجمهورية.. مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف من تطبيق تلك الإجراءات توفير الغاز الطبيعي لتصديره للخارج وزيادة العائد من النقد الأجنبي.الأمر تجاوز الشوارع والأماكن العامة وامتد إلى مباريات كرة القدم، إذ قامت وزارة الشباب والرياضة بإرسال خطابات للأندية والاتحادات لإعلامهم بإقامة المباريات في الموسم الجديد 2022-2023 نهارًا استجابة لسياسة الدولة لترشيد استهلاك الكهرباء.

وتحت عنوان “لحل المشكلات الاقتصادية.. مصر تطفئ أضواء شوارع القاهرة وتخفض تكييف الكهرباء” رصدت “دويتش فيلا” الأوضاع المصرية في تقرير قالت خلاله إن مصر دخلت إجراءات تقشفية جديدة لمساعدة “اقتصادها الضعيف”، حيث تسعى الحكومة إلى توفير الغاز الطبيعي المكون الرئيسي لعمل محطات الكهرباء وبيعه بأسعار أعلى في السوق العالمي.وأضاف التقرير أن ليالي الصيف المصرية أصبحت أكثر قتامة وسخونة هذا الأسبوع منذ تطبيق القرار، حيث تركت الإجراءات الجديدة الشوارع والساحات والمتاجر والمراكز التجارية بدون إضاءة بعد الساعة 11 مساءً، كما تم تحديد درجة الحرارة القصوى لتكييف الهواء في مراكز التسوق والمتاجر بـ 25 درجة مئوية بدلاً من أقل من 20 درجة مئوية.

وفقًا لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فإن خطة الادخار الجديدة تتبع معادلة بسيطة ومباشرة، من خلال خفض 15٪ من استهلاك الكهرباء المحلي للبلاد، يمكن من خلالها توفير المزيد من الغاز الطبيعي وتصديره بسعر أعلى بعشر مرات مما يدفعه المواطنون.

تقول أليس جاور مديرة الجغرافيا السياسية والأمن في شركة أزور ستراتيجي الاستشارية ومقرها لندن، إن القرارات المصرية تأتي في منتصف ذروة موسم التبريد، حيث تنخفض صادرات الغاز عادة بشكل كبير مع ارتفاع الطلب المحلي.. حتى الآن، تم استخدام 60٪ من إنتاج الغاز الطبيعي المحلي لتوليد الكهرباء للجمهور المصري، إذا تم تنفيذ خطط مدبولي إلى أقصى حد لها ، فيمكنها تحرير ما يصل إلى حوالي 174 مليون متر مكعب (570 مليون قدم مكعب) من الغاز يوميًا، وهذا يمثل ما يقرب من ثلث القدرة التصديرية للبلاد، وفقًا لشركة أبحاث الطاقة وذكاء الأعمال النرويجية ، Rystad Energy.

وتضيف “في الواقع، تعمل محطتا إدكو ودمياط لتصدير الغاز الطبيعي المسال بأقل من طاقتها خلال شهري يونيو ويوليو، مما يشير إلى وجود مساحة لنقل كميات أكبر من الغاز”.. في الوقت نفسه، لم يتضح بعد أين يمكن أن يذهب أي فائض محتمل”.. مشيرة إلى أن “أوروبا تبدو السوق الواضح في ظل ارتفاع الأسعار والطلب.. إذا نجحت خطة الترشيد الأخيرة في مصر، فمن المحتمل أنها ستساعد اقتصاد البلاد الضعيف”.

وتستكمل جاور لـ “دويتش  فيلا”: فكرة الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز من خلال زيادة الصادرات أمر قد يكون منطقيًا.. لكن تعريض المواطنين لمزيد من الضغوط المالية يمثل خطرًا يتعين على الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يوازنه بعناية.

من جانبه، يقول محمد صلاح السبكي، أستاذ تخطيط الطاقة بجامعة القاهرة والرئيس السابق لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إن الحد من استخدام الكهرباء ليس سوى الخطوة الأخيرة في خطة طويلة الأمد. في الواقع ، كانت مصر قد بدأت بالفعل في استبدال الغاز الطبيعي بالمازوت أو ديزل لتشغيل محطات توليد الكهرباء منذ أكتوبر من العام الماضي.. فيما أدى بيع فائض الغاز، وفقًا لرئيس الوزراء مدبولي، إلى حوالي 150 مليون دولار (147 مليون يورو) شهريًا في المقابل.

ويستكمل السبكي: إن استخدام الوقود الضار بالبيئة مثل المازوت أو الديزل لتشغيل محطات الطاقة ليس حلاً طويل الأمد.. يجب استخدام الطاقات المتجددة بدلاً من ذلك، مضيفًا أن هذا مهم أيضًا في ضوء دور الدولة كمضيف مؤتمر المناخ COP27 القادم في نوفمبر من هذا العام.على مواقع التواصل الاجتماعي أثارت مقاطع فيديو وصورًا تظهر ميدان التحرير مطفأ الأنوار غضب المتابعين، معتبرين أنها سابقة هي الأولى من نوعها، مشيرين في الوقت ذاته إلى أثر ذلك على حركة السياحة، في وقت يتم فيه الحديث الرسمي عن فائض الكهرباء والغاز الطبيعي.

كتب المخرج أحمد ماهر: ‏”ميدان التحرير، الميدان الوحيد اللي على الأرض، اللي إتعمل فيه جناين ومقاعد جداد، بس ممنوع تقعد عليهم ولا تتصور ولا توقف ولا حتى تتفرج ودلوقتي بقي ضلموه علشان ماتشوفوه من أصله وتقرفنا طلبات”.. فيما تساءلت منة هشام: ‏”طب والعلمين الجديدة بتنام معانا من 11، وللا دول دافعين وكدة؟!”.. فيما قال حساب باسم مصطفى غاندي ‏”عملنا إضاءة لميدان التحرير بـ 60 مليون جنيه، واكتشفنا بعدها بكام شهر إننا محتاجين نوفر كهرباء، ومش هينفع نشغل الإضاءة دي!!!!”.

حساب آخر باسم روناء قال ‏”ده ملخص لكل ما يحدث الآن، نجري بسرعة، نعمل مشروعات بسرعة، والصقور تتباهى وتشتم المعترض، ونفتتحها بسرعة ونقول أعجاز وإنجاااز، وهوووووب إيه ده إحنا مش لاقيين فلوس نصرف ع التشغيل والصيانة.. اللى بعده”.عددٌ من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المصرية تناولت الأمر بالانتقاد، فقد طالب حزب “العيش والحرية” بأن تكون إجراءات التقشف للتعامل مع الأزمات شفافة وتخضع لمعايير عادلة ولا تستهدف الفئات الضعيفة ومصادر رزقهم، مُحذرًا من أن يكون التقشف هو دعوة للضغط على عموم الناس المتقشفين بالفعل.وقال الحزب في بيانه ردًا على تصريحات رئيس الوزراء إن إنتاج الكهرباء كما أعلن يستهلك ٦٠٪؜ من إجمالي الغاز المنتج؛ وبينما تبيع وزارة البترول لمحطات الكهرباء المليون وحده حرارية بثلاثة دولار، فإن تصدير نفس الكمية من الغاز مسالا لأوروبا سعره الآن قد وصل إلى ثلاثين دولار.

أي أن هناك فرصة كبيرة لتعظيم المكاسب بتصدير الغاز بدلا من استهلاكه محليا في لحظه أزمة هناك حاجة ماسة لتوفير الدولار.  وتابع: دعاوى وإجراءات التقشف للتعامل مع الأزمات يجب أن تكون شفافة وتخضع لمعايير عادلة ولا تستهدف الفئات الضعيفة ومصادر رزقهم، فكان يجب على الوزارة أن تعلن ما هي المناطق كثيفة الاستهلاك للطاقة، وما هي الأنشطة كثيفة الاستهلاك، وما هي معايير خفض استهلاك الكهرباء، فالتشديد على غلق المطاعم والقهاوي الشعبية والمحال في المدن والقرى مبكرا لا يجب أن يسبق قرار ترشيد استهلاك الأنشطة الترفيهية في المنتجعات الساحلية وكل الأنشطة الترفيهية من مهرجانات وحفلات على سبيل المثال.  

وأضاف: هل تكون الأولوية لتخفيض الإنارة في الشوارع وكل ما قد يصاحب هذا من مخاطر خصوصا على النساء والأطفال أم للتحكم في درجة تبريد الهواء  بالمولات التجارية خصوصا بعد أن تنخفض درجات الحرارة مساء؟ واخيرا، نزول الناس في الشارع مساءا هربا من الحر هو فسحة رخيصة لا يجب أن يعاقب عليها من لا يمتلكون سوى الخروج على الكورنيش في صعيد مصر والدلتا في محاوله للاستمتاع بنسمة هواء على الكورنيش العام والحدائق العامة، بينما ينعم قاطنو المنتجعات السياحية والكومباوندات بالإنارة المسائية والتكييف المركزي.  

واختتم: نحن لا نمتلك المعلومات عن الوزن النسبي لاستهلاك الكهرباء جغرافيا ووفقا للنشاط، ولكننا نحذر من أن تكون دعوه التقشف هي دعوة للضغط على عموم الناس المتقشفين بالفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *