زوجة الباقر تروي مأساة وداعه كل زيارة: حلم يقظة لمدة ٢٠ دقيقة كل شهرين تلاتة.. وسقف طموحي يكون جنبي على كنبة بيتنا

نعمة: بسمعه ويسمعني بسرعة رهيبة عشان ما نفوتش حتى الكلمات الحلوة.. والزيارة تنتهي بالجملة قاتلة الدقائق الآدمية “يلا يا باقر الزيارة انتهت” 

أودعه الباقر زي الأطفال بقبلات وأحضان في الهواء.. وجملة “يلا يا مدام” بتطاردني لحد الباب وأنا عارفة أني مش هشوفه تاني لمدة شهرين تلاتة 

بسمع حكاوي الستات جوة الطفطف عن زياراتهم.. وأشوف دموع العيال وأحاول أضحك معاهم وأتمنى أن كل ده ينتهي ونعيش في سلام زي البني آدمين 

روت نعمة هشام، زوجة المحامي الحقوقي محمد الباقر، تفاصيل معاناتها ومشاعرها في أثناء وداعه مع كل زيارة له داخل محبسه، بينما تجاوز سنتين ونصف السنة خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه وحبسه في سبتمبر من العام 2019 على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، حيث قضي العيد الثالث بعيدا عن أسرته وأحبابه. 

وقالت نعمة، عبر حسابها على “فيسبوك: “كل زياراتي لباقر بتبقى عاملة زي لحظة الفرملة قبل ما تخبط حد، كل حاجة بتحصل بسرعة وكأنك منفصل عن جسدك وفي حلم يقظة لمدة ٢٠ دقيقة كل شهرين تلاتة”. 

وأضافت: “بودع فيهم كل ذرة خصوصية في حياتي وبحاول أركز وأقول له كل أخباري اللي كررتها ولخصتها في دماغي كذا مرة أثناء ساعات الانتظار قدام السجن، وببلغه سلامات ودعوات الأهل والصحاب وبطّمن عليه، وبنقل له حبي ومشاعري اللي بتزيد كل يوم، وبطمنه أنها مش بتقل رغم البعاد والقضايا والسنين، وأسمعه شوية ويسمعني شوية بسرعة رهيبة عشان ما نفوتش دقيقة بدون ما نقدر نهدى ونستمتع حتى بالكلمات الحلوة”. 

“تنتهي الزيارة بالجملة قاتلة الدقائق الآدمية الوحيدة في حياتي يلا يا باقر الزيارة انتهت، وأودعه زي الأطفال بقبلات وأحضان في الهواء، وبجمل ورا بعض بسرعة وأنا برجع للباب بظهري بحبك جداً وهتوحشني قوي خد بالك من نفسك، وجملة يلا يا مدام المتكررة بتطاردني لحد الباب، وأنا عارفة أني مش هشوفه تاني لمدة شهرين تلاتة”، توضح نعمة. 

وتابعت: “بخرج أستنى الطفطف وبكرر في دماغي كل كلامه الحلو عشان ما أنساهوش، وبحاول أستمتع بيه وأنسى السجن وأبص ناحية غيط الزرع وبرج الحمام الأبيض الجميل اللي قدام السجن، وأسمع صوت العصافير الحاجة الوحيدة الجميلة، في المكان المقبض الرهيب ده عالمين مختلفين تماماً، وأحاول أهدى وأفتكر أني من مخلوقات الله زي العصافير اللي بانية أعشاشها في أعمدة مظلة الانتظار قدام السجن، وأن ربنا أكيد مش هينساني”.  

واستكملت: “عندي أمل أننا يوماً ما هنتجمع من تاني أنا وباقر، ونعيش بسلام وهدوء وراحة بال زي العصافير الرايقة دي، وبفوق على صوت الطفطف وأجري أنط جوة، وأسمع حكاوي الستات عن زياراتهم، وأشوف دموع العيال وأحاول أضحك معاهم، وأتمنى أن كل ده ينتهي يوماً ما ونعيش في سلام زي البني آدمين، ده سقف طموحي حقيقي، جوزي جنبي على كنبة بيتنا مش أكتر”. 

وقالت نعمة، في خطاب سابق نقلته إلى الباقر عبر حسابها على “فيسبوك”، بعنوان “جواب لباقر قبل العيد”: “مش متخيل قلبي بيرفرف إزاي مع كل قرار إخلاء سبيل، ومعنوياتي كانت في السما مع قرار العفو عن حسام مؤنس، وحسيت أن يا رب تبقى معايا قريب، ونفسي حد قلبه يحن علينا ويخرجك ليا، وفرحتي وقتها مش هتساع الأرض، وقلبي بيطير من الفرحة من مجرد تخيل أنك ممكن تطلع جنبي زي اللي طلعوا”. 

https://bit.ly/37Ys0ku

وأضافت نعمة: “أنا تعبت قوي، أنا بحاول كل مرة أضحك وأهزر معاك في الزيارة، وبحتفظ بتأثير الزيارة كام ساعة بعدها، لحد ما أدخل البيت من تاني لوحدي”، مستطردة: “يلا اطلع بقى، ونخلف عيال ويطلعوا عينا في تربيتهم ونشتكي منهم زي كل الناس ما بتشتكي من عيالهم”. 

وتابعت زوجة الباقر في خطابها له: “أنا نفسي جداً في حياة روتينية مملة زي كل الناس، اللي همه بيصحوا يفطروا مع بعض وبيروحوا الشغل من ٩ إلى ٥ ويرجعوا يتغدوا مع بعض ويتفرجوا على التليفزيون مع الفشار واللب، وفي الويك ند يزوروا أهلهم ويخرجوا مع صحابهم ويروحوا السينما ويعملوا شوبنج ويجيبوا الطلبات من السوبر ماركت، ويسافروا السخنة والساحل مع أهلهم وأصحابهم، وكل يوم يبقى شبه اليوم اللي قبله”. 

وواصلت: “أعصابي تعبت من الأكشن حقيقي، نفسي أقضي إجازتي الأسبوعية في مكان مختلف عن قدام السجن عشان أسيبلك شنطة أكل، نفسي تبقى قعداتي مع والدتك فيها حوار مختلف عن أنها بتعيط على والدك اللي توفى بعد أقل من ٣ أسابيع من حبسك، وسبتوها أنت ووالدك لوحدها مع أختك، يلا اطلع بقى ونجيبها تقعد معانا هيه وأختك ونشبع منك كلنا”. 

وخاطبت نعمة زوجها قائلة: “سارة أختك ووالدتك كل ما يتخنقوا وحبستك تضغط عليهم، بيروحوا يزوروا والدك في المقابر ويدعوله ويفضفضوا معاه، ما أنت وعمو الله يرحمه كنتم سندهم الوحيد في الدنيا، ربنا يرجعك لينا وما يفرقناش تاني ابداً، هدلعك وأأكلك لحد ما ترجع تربرب من تاني، وهقعدك في البلكونة وقدام البحر لحد ما لونك الأسمر الحلو ده يرجع تاني، أنت بس اطلع وأنا مش هخرجك تاني من البيت لحد ما أعوض كل الأيام والسنين اللي اتحرمت فيهم منك،”. 

واستكملت: “كفاية أننا داخلين على ٣ سنين محرومة منك وقاعدة بكلم نفسي لوحدي في البيت لما هتجنن، وبعد شعرات شعري الأبيض اللي بتزيد كل يوم من غيرك، ونفسي الزمن يقف لحد ما تخرج، عارفة أنها جملة متكررة، بس لأول مرة أحس بيها كانت لحظة حبسك، بحبك قد وسع الكون، ومفتقداك فوق ما عقلك يتخيل، أحضان كتير جداً جداً لحد ما نتقابل من تاني”. 

يذكر أن محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في ديسمبر الماضي أصدرت حكما ضد الباقر بالسجن 4 سنوات في اتهامه بنشر أخبار كاذبة في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ القاهرة الجديدة، والمنسوخة من قضيته الأساسية المحبوس فيها منذ سبتمبر 2019. 

وتجاوز الباقر في 29 سبتمبر الماضي سنتين من الحبس الاحتياطي، وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي منصوص عليها في القانون، وبعدها يستوجب إخلاء سبيل المحبوسين، لكن لم يتم إطلاق سراحه وصدر بحقه الحكم سالف الذكر. 

في 29 سبتمبر من عام 2019 بدأت رحلة الباقر مع الحبس، وأثناء توجه مدير مؤسسة «عدالة» للحقوق والحريات إلى مقر نيابة أمن الدولة لحضور التحقيقات مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، فوجئ المحامي الحقوقي بقوات الأمن تحتجزه داخل مقر النيابة، ليتم إبلاغه بعد ذلك بصدور أمر ضبط وإحضار في حقه، حيث تم إدراجه متهما على نفس القضية التي كان ذاهبا للدفاع عن علاء عبد الفتاح فيها، ليتحول بذلك في ساعات من محامي إلى متهم في نفس القضية. 

رحلة الباقر مع الحبس درامية للغاية، خاصة بعد وفاة والده بعد أسابيع قليلة من قرار حبسه، لتنطلق بعدها دعوات عديدة بالسماح له بتوديع والده ودفنه، وهو ما حدث بالفعل آنذاك. 

ويواجه الباقر في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا نشر أخبار وبيانات كاذبة. 

وفي أغسطس 2020، حققت نيابة أمن الدولة العليا مع الباقر في قضية جديدة حملت رقم 855 لسنة 2020 أمن دولة، وقررت حبسه على ذمتها 15 يوما، بحيث يبدأ الحبس فيها فور إخلاء سبيله في قضيته الأولى. 

وبعد إكماله سنتين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، بدأت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في 18 أكتوبر 2021 محاكمة الباقر والناشط علاء عبد الفتاح والمدون محمد إبراهيم رضوان “أكسجين”، بعد يومين من إحالتهم للمحاكمة بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وإذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة داخل البلاد وخارجها. 

وقضت المحكمة في 20 ديسمبر الماضي، حكمها بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح 5 سنوات وبغرامة مالية قدرها 200 ألف جنيه، وأيضا الحكم على محمد الباقر ومحمد أكسجين بالحبس 4 سنوات. 

وفي يناير الماضي، جددت منظمة العفو الدولية، المطالبة بالإفراج عن محمد الباقر. وقالت المنظمة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إنها تطالب بإسقاط الأحكام عن الباقر والإفراج عنه فورًا. 

وأصدرت 65 مؤسسة حقوقية مصرية وعربية ودولية، في يناير الماضي، بيانا طالبت فيه السلطات المصرية بإسقاط الأحكام الصادرة على عدد من السياسيين والمعارضين في عدة قضايا، جميعها كانت أمام محكمة جنح أمن الدولة العليا طوارئ. 

وشملت المطالبة بجانب الباقر كل من، المحامي زياد العليمي والناشط السياسي علاء عبد الفتاح الصادر ضدهما حكما بالسجن 5 سنوات، وأيضا كل من الصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، المدون الصحفي محمد إبراهيم “أكسجين”، الصادر لهم جميعا حكما بالسجن 4 سنوات. 

ودعت المنظمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى إلغاء الأحكام الصادرة بحقهم، والذين حكم عليهم بالسجن لمدد طويلة في محاكمات أمام محاكم الطوارئ لمجرد قيامهم بممارسة حقوقهم بشكل سلمي. كما تحث المنظمات على وضع حد بشكل فوري لجميع المحاكمات أمام محاكم الطوارئ، خاصة وأن الأحكام الصادرة عنها غير قابلة للاستئناف. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *