رحلوا عشية الاحتفال بعيد العمال.. قصة الأطفال الـ 8 شهداء لقمة العيش بالبحيرة: عمال في سن الزهور غرقوا بترعة أثناء عودتهم من الوردية

 النيابة تحبس شخصين في الواقعة لاتهامها بالقتل الخطأ والاتجار بالبشر.. والأهالي: نشغلهم ليعينونا على مصاريف المعيشة 

دار الخدمات: حاسبوا من سمح بتشغيلهم ونقلهم في آلة موت معدة لنقل البضائع والحيوانات.. لابد من وقفة جادة تؤكد على تجريم عمالة الأطفال 

كتب: عبد الرحمن بدر 

عشية الاحتفال بعيد العمال، شهدت محافظة البحيرة حادثًا مأساويًا أسفر عن غرق 8 أطفال في ترعة أثنا عودتهم من عملهم بوردية مسائية، ورغم أن قوانين العمل تمنع عمالة الأطفال، إلا أن الظروف الاقتصادية دفعت بأطفال في سن الزهور للعمل بمصنع بطاطس ليساعدوا أسرهم في أعباء المعيشة. 

آلاف المواطنين في محافظة البحيرة، ودعوا أمس السبت، شهداء لقمة العيش الـ8 الذين لقوا مصرعهم داخل ترعة بالمحافظة، أثناء عودتهم من عملهم، لمساعدة أسرهم، وسادت حالة من الحزن والبكاء، وانهار بعض أهالي المتوفين خلال توديعهم لمثواهم الأخير.   

وشهدت البحيرة فجر أمس، حادثًا مأساويًا بعدما لقي 8 أطفال مصرعهم أثناء طريق العودة إلى منازلهم عقب الانتهاء من عملهم داخل محطة بطاطس، للحاق بموعد السحور.   

التروسيكل انقلب داخل ترعة ساحل مرقص أمام كوبري السوالم في مركز إيتاي البارود وأسفر عن غرق الأطفال الـ8.    

انتقلت سيارات الإسعاف وقوات الإنقاذ النهري إلى موقع الحادث وتبين وفاة كل من محمد سيد أحمد 14عامًا، محمد أمين العبد 13 عامًا، عبد الرحمن رضا محمد خليفة 14 عامًا، هادي هشام بدران 13 عامًا، سالم محمد علي سالم 13 عامًا، محمد عبد المنعم شعبان 14 عامًا، أحمد السيد طه عبيد 13 عامًا، أحمد عز الاسيوطي 14 عامًا، كما نجحت الجهود في انقاذ 4 آخرين.   

وجرى نقل المصابين إلى مستشفى إيتاي البارود العام، وحرر المحضر اللازم، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.   

وقال سيد عابد، من قرية جزيرة نكلا العنب في مركز إيتاى البارود بالبحيرة، إن الضحايا جميعا من قريته، وإن الحادث وقع قرب الفجر.   

وأضاف عابد في تصريحات له: “قوات الإنقاذ ظلت تمشط المياه حتى الصباح بحثا عن الضحايا، واستخرجت 8 جثث و6 مصابين”.   

وأوضح أن الأطفال كانوا عائدين من العمل في أحد مصانع البطاطس المجمدة، حيث يتوجهون للعمل يوميا بعد الإفطار ويعودون بعد السحور، لمساعدة أهاليهم في الإنفاق على أسرهم.   

وتابع: “المصنع يقع في التوفيقية التي تبعد عن قرية الضحايا بحوالي 5 كيلومترات، لذلك كانوا يستأجرون التروسكل بمشاركة الأجرة بينهم لتوصيلهم للمصنع وإعادتهم منه يوميا”.   

وفي سياق متصل قالت النيابة العامة إنها أمرت بحبس قائد دراجة آلية تسبب خطأ برعونته وعدم احترازه في وفاة ثمانية أطفال غرقًا بالبحيرة، وكذا حبس متهم آخر لارتكابه جريمة الاتجار بالبشر في حق المتوفين، وتشغليهم وهم دون السن القانوني.   

كانت النيابة العامة تلقت بلاغًا صباح أمس، بوفاة ثمانية أطفال غرقًا بمجرى مائي أمام قرية السوالم بمركز شبراخيت، وأفاد ذويهم بوقوع الحادث حال عودتهم من العمل، فباشرت النيابة العامة التحقيقات.   

وذكر بيان النيابة أنه انتقل فريق من النيابة العامة لمحل الواقعة لمعاينته ومناظرة جثامين الأطفال المتوفين، وسألت النيابة العامة ذويهم والذين تواترت أقوالهم حول تشغيلهم بواسطة شخص من بلدتهم لإعانة أهلهم على مصاريف المعيشة، وأن الدراجة الآلية -تروسيكل- التي سقطت بهم في المجرى المائي، كانت تقلهم من عملهم إلى محال إقامتهم.  

 وتابعت: على ذلك استجوبت النيابة العامة سائق الدراجة -عمره ١٩ سنة- فيما نُسب إليه من ارتكابه جريمة القتل الخطأ وقيادته مركبة بحالة ينجم عنها الخطر وفي غير الغرض المخصص لها، ودون حمله رخصة قيادة أو تسيير، فقرر بقيادته الدراجة وقت الحادث نيابة عن سائقها الأصيل، وحال سيره بالطريق فُوجئ بدراجة أخرى في مواجهته، فاختلت عجلة القيادة من يده وسقطت الدارجة بالمجرى المائي.  

وأضاف البيان أن تحريات الشرطة أكدت أن الدراجة قيادة المتهم كانت تُقل اثني عشر عاملًا -من بينهم الأطفال المتوفين-، وأن حفرة بالطريق أدت لاختلال عجلة القيادة بيد سائقها فانحرف عن الطريق وسقط بالمجرى المائي.   

وذكر البيان أنه استجوبت النيابة العامة الشخص الذي تولى تشغيل هؤلاء الأطفال والذي كان مستقلًا الدراجة معهم خلال الواقعة، حيث اتهمته بارتكابه جريمة الاتجار بالبشر، وتشغيله الأطفال دون السن القانوني، وأمرت النيابة بحبس المتهميْن أربعة أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات.   

كما صرحت النيابة العامة بدفن جثامين المتوفين، وطلبت تحريات مباحث الإتجار بالبشر حول الواقعة، وجار استكمال التحقيقات.   

بدورها نعت دار الخدمات النقابية والعمالية، الأطفال الثمانية شهداء لقمة العيش بالبحيرة، وقالت إنها تتقدم بخالص العزاء لأسر هؤلاء الشهداء وذويهم وتدرك فداحة المصاب الذي ألم بهم.  

وطالبت الدار في بيان لها، بضرورة محاسبة ليس المتسبب في هذا الحادث فقط بل ضرورة محاسبة ومعاقبة كل من تسبب بإهمال التفتيش على تلك المنشآت العشوائية، والسماح لها بتشغيل الأطفال الذي يجرمه القانون دون عقاب أو متابعة، والذي سمح لآلة الموت الغير آدمية بنقل هؤلاء الأطفال لمثواهم الأخير، وهي معدة لنقل البضائع والحيوانات والذي تراخي في تطبيق معايير السلامة والصحة والذي سمح لمثل هذه الآلات بنقل البشر عبر ترع وطرق الموت والذي سمح لصاحب العمل بتشغيلهم في هذا الوقت المتأخر، أبرياء في عمر الزهور دفعوا حياتهم ثمنا للفقر والإهمال.  

وقالت دار الخدمات إن حوادث وفاة الأطفال العاملين تكررت خلال الفترة الماضية، مما يتطلب معه وقفة مجتمعية وتشريعية جادة، تؤكد على تجريم عمالة الأطفال، وعدم تقنينها تحت أي مسمى خلال مشروع قانون العمل الجديد.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *