د. ممدوح سالم يكتب عن رواية «رأيت رام الله» لمريد البرغوثي: هل تصمد الجغرافيا أمام تزييف التاريخ؟
جماليات الشعرية عند البرغوثي تنطلق من كون الرواية كأي رواية تمثل عالما موازيا له جغرافيته وتاريخه.. فكيف برواية ترتبط ارتباطا وثيقا بالجغرافيا؛ ذلك الوطن الحبيس عن أهله، المتحرر للمحتل؛ أو قل هم أولاء أبناؤه محرمون عليه، محرومون من شمسه وقمره، ونهاره وليله، ومن زيتونه ونخله.
الجغرافيا في رواية (رأيت رام الله) تمثل بعدا موازيا لآليات السرد التاريخي المعهود دوما في السياق الروائي، بيد أن جغرافية المكان في الرواية تنقر معالمها في كل أثر خيالي وواقعي يرسمه المغترب العائد إلى وطنه بعد ثلاثين عاما من غربته.
جغرافية المكان استغنت عن أعلام أماكنها وفق رؤية الناظر إلى المكان..
وإذا كان البرغوتي يشير إلى إمكان تفكيكية المكان وفق مسماه المتداول على لسان كل فئة، فإن ذاكرة الجغرافيا لا يمكن تفكيكها إلا من محتل يمكن أن يغير الاسم عدد سني احتلاله فقط، لكن تأبى الذاكرة الجغرافيا إلا الصمود في وجه خرائطه المزورة إلى حين.
ذلك الامتناع يمكن أن يلتحف به التاريخ إلى حين حال تعرضه للتزييف كما حدث من تسريب بيع الفلسطينين أرضهم.. أيضا يظل الأمر إلى حين حتى يأتي حدث في قابل الأيام يصوب للأجيال ما زوره الأقدمون..
ها هو التاريخ يوثق امام الأجيال المعاصرة صمود الأرض وأهلها في القطاع الصامد على الأرض المحتلة.. صمود زيتونات خضراء وسط نيران لا تتوقف ولا تنطفئ، وصمود أطفال في وسط الطريق أمام دبابات العدو المختل، وصمود المرأة في شموخ يستعصي على الواصفين.
وإذا كان أمس يمثل التاريخ لأي حدث، فإن الجغرافيا تأبى إلا أن تكون أمس واليوم وغدا.