د. إسماعيل مقلد عن جلسة أزمة السد الإثيوبي بمجلس الأمن: تجاوزنا لغة المجاملات والمهادنة.. وعلى العالم فهم «رسالتنا التحذيرية» الأخيرة
مقلد: انفراد إثيوبيا بالقرار بإدارة السد المقام على نهر دولي يشكل عدوانا على حقنا في الحياة بما يوجب الرد بكل ما نملك من قوة ومقاومة
أستاذ العلوم السياسية: على العالم أن يسمع منا والخطر يداهمنا ويقترب منا ويهددنا بقطع شرايين حياتنا المائية الحيوية وتدميرنا إلى الأبد
كتب: عبد الرحمن بدر
قال الدكتور إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلوم السياسية، إننا تجاوزنا لغة المجاملات مع النظام الإثيوبي، ويجب أن يفهم العالم رسالتنا الأخيرة لمجلس الأمن.
وتابع في تدوينة له الاثنين: “رغم أني متأكد تماما أننا لن نخرج بنتيجة إيجابية واحدة من اجتماع مجلس الأمن الدولي الطارئ الذي سوف ينعقد يوم الخميس المقبل بناء على طلب مصر والسودان لمناقشة أزمة سد الخراب الاثيوبي، إلا أن ما أتوقعه من وزير خارجية مصر سامح شكري، وأرجو أن أكون مصيبا ومحقا فيه، هو أن يكون خطابه إلى المجلس والذي أعتقد أنه سينقل من خلاله رسالة تحذيرية واضحة ومحددة إلى العالم بعد أن فشلت كل الجهود التفاوضية السلمية مع إثيوبيا ووصلت لنهاية طريق مسدود، بالغ القوة والصراحة والحسم”.
وطالب مقلد، أن تكون هذه الرسالة وفي هذا التوقيت بالغ الدقة والحرج قد صيغت بطريقة لا يمكن أن يخطئ العالم فهمها حتى يراجع نفسه ويتحرك بإيجابية أكثر قبل فوات الأوان، خاصة وأننا الآن في الربع ساعة الأخير كما يقولون بلغة إدارة الأزمات.
وأضاف مقلد: “لقد تجاوزنا الآن مع النظام الحاكم في اثيوبيا، لغة المجاملات والمهادنات والمناشدات اللينة، لأنها لم تعد تجدي أو تحرك ساكنا مع هذه النوعية من الحكام ممن لا يعرفون ولا يحترمون غير لغة القوة والردع العنيف، الحكام الذين لا ينبغي ان نستمر في وصفهم بعد كل ما فعلوه بنا وما يريدوا أن يفعلوه بنا مستقبلا، بالاشقاء أو الأصدقاء، لأن الأشقاء والأصدقاء الحقيقيين لا يتصرفون مع أشقائهم وأصدقائهم وجيرانهم بمثل هذا التعنت والصلف والعناد ولا بمثل هذه الروح من الحقد والغل والعداء السافر، ولا بإنكار حقهم الذي لا ينازع في الحياة والوجود والبقاء، تحت ذريعة ما يصفونه كذبا بحقهم في التنمية حتى وإن كان ثمن هذه التنمية المزعومة هو هلاك وفناء الآخرين”.
وقال أستاذ العلوم السياسية: “في اجتماع مجلس الأمن الدولي القادم يجب أن يفهم العالم كله من رسالتنا التحذيرية القاطعة على لسان وزير خارجية مصر والتي أتصور أنها سوف تكون الرسالة الأخيرة إلى المجلس، أننا نخوض أخطر معارك البقاء وندافع عن حقنا في الحياة، وهو حق لا يقبل التفريط فيه أو التنازل عنه أو المساومة عليه، وأن انفراد إثيوبيا بالقرار في إدارة السد الذي أقامته على هذا النهر الدولي المشترك، يشكل عدوانا صارخا منها على حقنا في الحياة بما يوجب الرد عليه بكل ما نملك من وسائل القوة والمقاومة”.
وتابع مقلد: “لن ندعهم يفلتون بمؤامرتهم علينا بسلام، وعلي مجلس الأمن والأزمة توشك على الانفجار ان يتحمل مسئولياته التي من اجلها وجد لحماية السلم والأمن في العالم، وعلى العالم أن يسمع منا ما يجب عليه أن يسمعه والخطر يداهمنا ويقترب منا ويهددنا بقطع شرايين حياتنا المائية الحيوية وتدميرنا إلى الأبد، حتى إذا لم يتحرك بقرارات حازمة وملزمة لينقذ السلم والأمن في إفريقيا والعالم من كارثة كبيرة محققة، فإنه يصبح من حقنا وقتها أن نتصرف بما نعتبره واجبنا نحو أنفسنا دون تردد أو تهاون أو تساهل او تخاذل في دفاع مشروع عن النفس تجيزه كافة القوانين والمواثيق الدولية ولا تتحفظ عليه”.
واختتم مقلد: “على الإثيوبيين أن يضعوا عقولهم في رءوسهم، ولهم بعدها ان يختاروا الطريق الذي يريدونه لأنفسهم…وعليهم أن يتحملوا النتائج والتبعات…وبهذا نكون قد وصلنا بادارتنا السلمية للأزمة لخط النهاية، وإذا كان هذا بالأمر المؤسف بعد أن بذلنا في هذه المفاوضات ما بذلناه، فانه الواقع الذي لا حيلة لنا فيه”.
كانت رئاسة مجلس الأمن الدولي أعلنت عن عقد جلسة الخميس المقبل حول سد النهضة الإثيوبي بعد تلقيه طلباً من مصر والسودان بسبب تعنت أديس أبابا في التوصل لاتفاق بشأن السد.
بدوره رحب السودان باستجابة مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة لبحث أزمة سد النهضة الخميس المقبل، في ظل رفض إثيوبيا للخطوة التي اعتبرتها خارج نطاق تفويضه.
وفي 22 و25 يونيو، أرسلت الخرطوم والقاهرة على التوالي، وبشكل منفصل، خطابات لمجلس الأمن الدولي تتعلق بالدعوة إلى عقد جلسة طارئة لبحث تطورات أزمة سد النهضة.
وقال المتحدث الرسمي باسم فريق التفاوض السوداني، عمر الفاروق سيد كامل، في بيان، نشرته وسائل إعلام سودانية، السبت؛ إن “السودان يرحب باستجابة رئيس مجلس الأمن للطلب الخاص بعقد جلسة لمناقشة النزاع بشأن سد النهضة في 8 يوليو الجاري”.
ويتطلع مصر والسودان إلى أن يمنع مجلس الأمن الدولي إثيوبيا من تنفيذ عملية الملء الثاني لسد النهضة، المقرر تنفيذها في يوليو الجاري.
ويتخوف السودان من أن تؤدي عملية الملء الثاني، دون توقيع اتفاق، إلى تضرر منشآته الحيوية و20 مليون من مواطنيه يقيمون على ضفاف النيل الأزرق ونهر النيل الكبير.
وقال عمر الفاروق إن السودان حريص على مواصلة التفاوض بنية خالصة للتوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لملء وتشغيل سد النهضة لصالح تنمية واستقرار المنطقة ورفاهية شعوبها.
وترفض أديس أبابا بحث مجلس الأمن الدولي لتطورات سد النهضة وتقول إن الأمر خارج نطاق تفويضه، متهمة في الوقت ذاته الخرطوم والقاهرة بتدويل وتسيس الأزمة.
ويقول السودان إن إثيوبيا وضعت عراقيل في سبيل عدم التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل السد في جولات التفاوض بإدخالها بنود جديدة مثل تقاسم المياه.
واعتبر السودان ومصر تنفيذ إثيوبيا لعملية التعبئة الثانية لبحيرة السد العملاق في موسم الأمطار الذي بدأ بالهطول بمثابة “تهديد للأمن والسلم الإقليمي والدولي”.
وبدأت أديس أبابا في تعلية الممر الأوسط للسد، الأمر الذي يمنع تدفق مياه الأمطار إلى الخرطوم والقاهرة إلا بعد وصول المياه مستوى منسوب البحيرة، وهو يعني شروعها الفعلي في عملية الملء الثاني.
وقال سامح شكري، وزير الخارجية، إن موقف مجلس الأمن من قضية سد النهضة ليس مفاجئا، مضيفا أنهم يعملون من أجل هذه النتيجة طوال شهرين، كما أن مخرجات جلسة مجلس الأمن الخميس المقبل سترتبط بالعلاقات وتنسيق مع الدول الأعضاء.
وأضاف شكري: “بعد تعثر المفاوضات والحديث عن الملء الثاني كان من الضروري العمل من خلال الاتصال مع مجلس الأمن لعقد جلسة ثانية”.
وتابع الوزير: “طرح قضية سد النهضة على مجلس الأمن كان اتفاقا مشتركا بين مصر والسودان، كما أنه سبق على مجلس الأمن إحاطة لما تم من تطورات للتفاوض خلال العام”، مشددًا على أن الخطاب أرفق به مجلد للتاريخ بكل تطورات هذه القضية لكي يكون مستندا رسميا للأمم المتحدة.
وأوضح شكري أن التصريح الصادر من رئيس مجلس الأمن بخصوص استكمال التفاوض الثلاثي، تعبير عن موقف للمندوب الدائم الفرنسي، كما أن هذا التعليق لم يأخذ في الاعتبار التنسيق الكامل مع فرنسا، منوهًا بأن الأمر ليس به توقعات، والموافقة على جلسة مجلس الأمن يوم الخميس جاء بعد جهود واتصالات، وشدد على أن هذه هي المرة الثانية لتناول قضايا مرتبطة بالمياه على مدى 70 سنة.
في المقابل قال المندوب الإثيوبي لدى الأمم المتحدة، تاي أسقي سيلاسي، إن بلاده تضع ثقتها في العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي لحل قضية سد النهضة، مؤكدا أنه لا ضرورة لبحث الملف في مجلس الأمن الذي قد يناقش الموضوع قريبا.
وصرّح سيلاسي بأن بلاده لا ترى أنه تصح مناقشة مواضيع تتعلق بموارد عابرة الحدود في مجلس الأمن، مضيفا أن إثيوبيا متمسكة وملتزمة بالمسار الذي ينتهجه الاتحاد الأفريقي.
وكانت الفترة الأخيرة، شهدت تصعيدا في التصريحات، خاصة بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أن بلاده ستبني أكثر من 100 سد صغير ومتوسط، في السنة المالية الجديدة، في مناطق مختلفة من البلاد، وهو ما أثار غضب القاهرة، إذ ردت الخارجية المصرية بقوة عليه، معتبرة أن إعلانه “يكشف مجددا عن سوء نية إثيوبيا وتعاملها مع نهر النيل وغيره من الأنهار الدولية التي تتشاركها مع دول الجوار وكأنها أنهار داخلية تخضع لسيادتها ومسخرة لخدمة مصالحها”.
ومنذ تصريحات أبي أحمد، عن المئة سد الإثيوبية الجديدة، لم تتوقف التصريحات المتبادلة، بين مصر وإثيوبيا، إذ قال وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي، عبر برنامج تليفزيوني محلي، إن مجريات الأمور، تشير إلى أن الصدام قد يكون حتميا بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.
وبدأت إثيوبيا في بناء “سد النهضة” على النيل الأزرق عام 2011 بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ فيما يخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية على النيل الأزرق.
وفشلت جميع جولات المفاوضات، التي بدأت منذ نحو 10 سنوات، في التوصل إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد.
وأكدت إثيوبيا في أكثر من مناسبة عزمها إتمام الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار، مع بداية شهر يوليو المقبل، بغض النظر عن إبرام اتفاق مع دولتي المصب. وتعتبر مصر والسودان إقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل لاتفاق، تهديدا للأمن القومي للبلدين.
واقترحت مصر والسودان سابقا وساطة رباعية تشارك فيها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، فيما تمسكت أديس أبابا بالمسار الذي يشرف عليه الاتحاد الأفريقي.