درب تحاور د. علاء عوض عن حقيقة خطر كورونا وعلاجاته وحماية الأطقم الطبية والرأسمالية المتوحشة: قصة أربعة اكتشافات تبشر بالأمل

تجارب الكلوروكين وإيفرمكتين تبشر بالأمل.. وثمن كورس العلاج لو ثبتت فاعليتها لن يتجاوز 30 جنيها

لابد من مراجعة الإنفاق على الصحة وتحكم شركات الأدوية في أبحاث الدواء.. وأزمة كورونا أعادت الاعتبار لاستراتيجية إعادة تموضع الأدوية


العلاج بالبلازما طريقة قديمة لا تصلح كاستراتيجية عامة لكن يمكن استخدامها مع المرضى في الحالات المتقدمة


مناعة القطيع تعبير مستفز ووقح ويعبر عمن أطلقوه.. وكوفيد فضح أشياء كثيرة جدا منها وحشية الرأسمالية


الأطقم الطبية هي خط الدفاع الأول ضد الفيروس وإصابة أحدهم أو موته خصم من حيوات آخرين.. وما حدث في معهد الآورام جرس إنذار


الرأسمالية المتوحشة لا تنظر إلا تحت قدميها ولا ترى إلا أرباحها.. والثمن الاقتصادي لانتشار وباء قد يكون افدح


حتى هذه اللحظة نحن في الحدود الآمنة.. وعلينا التعامل مع إجراءات الوقاية كإجراءات فعلية وليست منشورات نعلقها

حوار – خالد البلشي

ليس طبيبا فقط، وأستاذ مهم في مجاله، مهموم بكل ما يتعلق بالصحة في مصر والجديد في العالم، لكنه أيضا صاحب رؤية إجتماعية وإنسانية جسدت رسالة الطب في إنسان، وقتما تطلبه في طلب يتعلق بصحة إنسان، ستجده حاضرا، فالطب بالنسبة له ليست مجرد مهنة، لكن أحد شواغله وهمومه الرئيسية يحملها أينما حل، يتابع كل جديد بحثا عن باب أمل للبشرية، ولذلك عندما أردنا الحديث عن أزمة كورونا والجديد فيها، وتقديم رؤية محايدة وتقييم علمي وإنساني للوضع في مصر والعالم وما تم اتخاذه من إجراءات، كان لابد من الحوار مع  د. علاء عوض أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث.

 حاورناه عن آمال القضاء على كورونا والإجراءات المتبعة ودعوات البقاء في البيت والعودة للعمل، وسبل مواجهة كورونا، وحماية الأطقم الطبية وقدرة مصر على المواجهة، فكان الحوار على قدر توقعاتنا، علميا وإنسانيا، يلتمس الحقيقة، والموضوعية كلما استطاع إليها سبيلا.

كان خيارنا أن نبدأ مع الأمل هكذا بدأ الحوار.   

–        نبدأ بالكلام عن الأمل والأدوية الجديدة المطروحة.. وما الفرص المتاحة للوصول لأدوية لعلاج فيروس كورونا في الوقت الحالي في ظل الأنباء المتواترة عن اكتشافات مختلفة؟ 

أظن أنها بداية جيدة، الحقيقة أن العالم والإدارات العلمية والطبية وجدوا أنفسهم في ظل فيروس كورونا، أمام أزمة كبيرة كان لابد من التعامل معها بشكل سريع، وغالبا في الأمراض المستحدثة، يكون أمامك اختيارين، الأول هو محاولة ايجاد علاج نوعي من خلال ابتكار أدوية جديدة أو تطوير جزيء كميائي لدواء موجود، الطريق الثاني هو اختيار استراتيجية للتعامل السريع مع مثل هذه الحالات والمعروفة، بإستراتيجية إعادة تموضع الأدوية، وتتمثل في محاولة إعادة استخدام دواء قديم، لغرض جديد، وهي الاستراتيجية الأسرع، فضلا عن أنها  مفيدة جدا، وتلبي احتياج دوري وطارئ، خاصة وان انتشار الوباء متسارع، وبالتالي اختار  قطاع كبير من العالم الطريق الثاني وهو البحث عن أدوية موجودة مجربة ومرخص باستخدامها، بشرط أن يكون هناك شواهد على فعاليتها مع المرض الجديد.

استراتيجية إعادة التموضع مع فيروسات كوفيد، بدأت في الصين منذ وقت أزمة فيروس سارس 1 وقتها، استخدمت الصين كلوروكوين وهيدروكسي كلوروكوين، والذي كان وقتها يستخدم لمقاومة الملاريا ثم الأميبا، وبعض الحالات المناعية، وهو دواء آمن جدا ويتم استخدامه عالميا منذ عام 1946 أي منذ أكثر من 74 عاما.. وبالفعل استخدمته الصين مع المصابين بفيروس “ساراس وان” وبدأت تظهر نتائج، إيجابية، ولكن “سارس 1” انتهى، فتوقفت كل الأبحاث، وعندما بدأ كوفيد 19 بدأت الصين تستعيد اختبارتها، خاصة أن كورونا أو كوفيد 19 ينتمي لنفس العائلة الفيروسية، وحتى الآن تقوم الصين  بـ 24 دراسة سريرية، وهناك  ثلاثة أو أربع، تجارب أخرى في دول العالم، لدراسة فعاليته كدواء، وبالفعل يتم استخدام الكلوركين ضمن بروتوكول علاجي، في الكثير من الدول ومنها مصر وبالفعل يعطي نتائج جيدة، وهو ما يشير مبدئيا إلى ان له فعالية ما في التعامل مع فيروس كورونا.

–        قلت أنه عندما انتهى سارس توقفت الأبحاث لانتاج دواء بما يشير إلى انه كان هناك احتمالية أن يكون لدينا دواء اكثر تطورا لو تواصلت الأبحاث.. فلماذا توقفت؟

 الحقيقية أن هذا التوقف يلقي الضوء على واحدة من الأزمات التي تواجه البحث العلمي في مجال الدواء، فالأبحاث الطبية في هذا المجال يتم تمويلها عن طريق شركات الأدوية، ولو لم يكن هناك سوق للدواء تتوقف الأبحاث، وهي واحدة من الاستراتيجيات التي أعتقد أن البشرية تحتاج لمراجعتها بعد أزمة كورونا، ضمن أشياء كثيرة سيتم مراجعتها، منها الانفاق على الصحة وكذلك على البحث العلمي في مجال الدواء ومن يتحكم فيه ولصالح من؟

–        نعود للأدوية والأمل ثم نتحدث عن الأزمات وما كشفه كورونا؟ ما هي الدوية الأخرى التي يتم تجربتها واختبارها؟

العقار الثاني القديم الذي يتم اختباره حاليا، أسمه إيفرمكتين وهو عقار كان يتم استخدامه كمضاد للطفيليات ومتاح في جميع أنحاء العالم، منذ عام 1981 ، والعقار كشفت عن استخدامه لعلاج كورونا، دراسة لمعهد الطب الحيوي في جامعة موناش الأسترالية، بالتعاون مع معهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة، وتم نشرها في مجلة البحوث المضادة للفيروسات، وطبقا للدراسة فأن التجارب عليه أظهرت نتائج واعدة في مكافحة الفيروس لكن داخل المختبر، وتقول الدراسة أن تجربة جرعة من العقار أدت لقتل الفيروس معمليا، أي داخل أنبوبة، وهو ما يعني أن هناك أمل في استخدامه كعلاج، لكن يتبقى انتظار التجارب السريرية، ومنظمة الصحة تضعه الآن ضمن الأدوية الرئيسية في العالم لعلاج العديد من الأمراض.

ومن خلال هذه التجارب فإن استراتيجية إعادة التموضع، واستخدام أدوية قديمة كعلاجات للفيروس فرضت نفسها خاصة في ظل الظرف الحالي، وحدود المتاح للتعامل مع الفيروس، وأنا أرى أن الاستراتيجية مفيدة ويمكن أن تريح العالم، لأن الأدوية مختبره، ومعروف أعراضها الجانبية وآثارها وتم استخدامها لسنين طويلة، فضلا عن أنها أدوية رخيصة ويتم تصنيعها في كل أنحاء العالم بعد أن سقطت الحقوق الفكرية لملكيتها.. و بالتوازي مع هذه الأدوية هناك أيضا أدوية مضادة للفيروسات تستخدم لعلاج الإيدز ودواء آخر لعلاج الإيبولا، يتم استخدامهما أمريكيا، لكن الآخيرين أدوية غالية، لذلك فأنا أرى أن الأمل في الدواءين الأولين (الكلوركين و إيفرمكتين)  فهي أدوية رخيصة وكورس علاج الكورونا بهما لو ثبتت فعاليتهما، ممكن أن يتكلف من 10 إلى 30 جنيها، خاصة وانهما يتم تصنيعهما محليا كدواء في العديد من دول العالم.

–        لكن البعض أشار خلال الفترة الأخيرة إلى استخدام البلازما كعلاج أيضا؟

ما يخص العلاج بالبلازما هو استراتيجية قديمة موجودة، وتعتمد هذه الاستراتيجية على استخدام الأجسام المضادة، التي يخلقها الفيروس داخل الجسم، لكن هذا الاستراتيجية لا تصلح كاستراتيجية عامة لعلاج الفيروس، خاصة في ظل المشاكل المتعلقة بنقل البلازما نفسها، لكنها يمكن استخدامها مع المرضى في الحالات المتقدمة.

–        لكن هل من المنتظر أن نشهد أيضا تطوير لقاحات لكورونا قريبا؟

الكلام عن لقاحات مبكر جدا، لأكثر من سبب لأن المراكز التي تستطيع عمل اللقاحات قليلة، نحن نقسم المعامل التي يمكن أن تنتج لقاح لعدة مستويات، من 1 إلى 4 طبقا لمعايير معينة منها العزل والآمان، خصوصا وأن هذه المعامل تستخدم الفيروس نفسه في انتاج اللقاح، ولابد ان تتمتع بدرجات أمان عالية حتى لا تكون مصدرا لنشر الفيروس أو يتسرب منها، واشتراطات عمل اللقاح لابد أن تكون داخل معامل من المستوى الثالث، أو الرابع في معدلات الأمان، وهذه النوعية من المعامل قليلة وهي غير موجودة في مصر على سبيل المثال، السبب الثاني أن فكرة انتاج لقاح لفيروس مستجد تحتاج لوقت، لاستخراج البروتين ثم تجربته في أنبوبة اختبار وبعدها تجربته على الحيوانات، ثم الانتقال لمرحلة التجارب السريرية وهذا الأمر قد يحتاج إلى عام ونصف من التجارب للوصول للقاح .

–        هذا يعني أننا حتى الآن لم نصل إلى دواء مصرح باستخدامه بشكل كامل؟

حتى الآن ليس هناك اقرار كامل بدواء، لكن “اف دي ايه” أقرت دواء الملاريا كاستخدام طارئ، وهذا تعبير لا تستخدمه الأف دي إيه ( منظمة الغذاء والدواء الأمريكية) غالبا لكن ظروف العالم اضطرت الجميع لذلك، لا يوجد أدوية مصرح بها بالطريقة المعتمدة والكلاسيكية، هناك موافقات على استخدامها بشكل مؤقت، حتى نصل لدواء ناجع تماما .

–        البعض تحدث عن مناعة القطيع كواحدة من السبل لمواجهة الفيروس؟

تعبير مناعة القطيع تعبير مستفز ووقح، ويعبر عمن أطلقوه، حتى الأسم المستخدم ليس أسمه في الكتب العلمية، نحن نسميه المناعة المكتسبة مجتمعيا، وأنا أرى أن هذه المناعة حتما ستحدث، بل هي تحدث حاليا، لأن اعداد كبيرة من البشر أصيبت، ولم يتم اكتشافها، وليس لديها أعراض أو أعراض خفيفة ولا تكتشف، فطبقا للرصد فإن ٥٠٪ من الحالات المصابة بالعدوى لا تظهر لديها أى أعراض .. و٣٥٪ من الحالات المصابة تظهر لديهم أعراض بسيطة فى الجهاز التنفسي العلوى كارتفاع درجة الحرارة مع احتقان وجفاف بالحلق وسعال وبنسبة أقل اسهال وآلام بالبطن .. بما يعني أن الارقام المعلنة للحالات هي مجرد قمة جبل الجليد ، خاصة وأن 85 %من الحالات ممكن تمر دون اكتشاف وبالتالي المناعة المكتسبة هتبقى موجودة لو فيه موجة تانية، وعلينا التركيز على كلمة لو فيه موجة تانية.

–        هناك دراسة استرالية تقول إن الحالات المسجلة لا تتجاوز 10% من  أعداد المصابين بالعالم وتقدر عددهم بـ 10 ملايين؟

هذا حقيقي بنسبة ما، وهذا يعني أن هناك مناعة بدأت تتشكل لكن السؤال، إلى أي حد ممكن أن تكون المناعة فعالة في حالتنا، هناك فيروسات تعطي مناعة لفترات طويلة، وهناك فيروسات تعطي مناعة لفترة محددة، وفيروسات تعطي مناعة مدى الحياة، فما هي حجم المناعة المكتسبة من فيروس كورونا؟ المؤكد أن المناعة ستحدث ولكن وما هي فترة استمرارها؟ لا أحد يعرف ولابد من دراسة ذلك، والاستسلام للكلام عن مناعة القطيع بالطريقة المعلنة هو تضحية بالبشر لصالح مصالح أخرى.

–        هل يمكن أن تكون مناعة كورونا مثل الأنفلونزا لفترة محددة لدرجة اننا نحتاج لتطوير لقاح سنوي؟

لا .. فيروس الأنفلونزا نوع من الفيروسات يجدد نفسه سنويا، لكن فيروس كورونا ينتمي لفصيلة من الفيروسات تصيب الإنسان والحيوان، أشهرها “الألفا” كورونا، وهو الذي يسبب نزلات البرد، والنوع الثاني هو “البيتا كورونا” ومنها السارس والذي تسبب في حالة وبائية أصابت اقليم محدد، وهناك فيروس متلازمة الشرق الاوسط التنفسية، والذي ظهر في السعودية عام 2012، وهو أخطرهم على الإطلاق، ووصلت نسبة الوفيات فيه إلى 30 % لكن الحمد لله لم يكن انتشاره واسعا، فقد كان ينتقل عن طريق الجمال، وانتقاله بين البشر كان يحتاج لتعامل مباشر لفترات طويلة، وكانت الأطقم الطبية أكثر المهددين بالاصابة به، لكن كوفيد 19 أقرب للسارس، وتحورات كورونا ليست كبيرة، وتحتاج لسنوات لتطوير نوع جديد، بما يعني أنه لو حصل مناعة منه قد تستمر لسنوات لكن مفيش حاجة مؤكدة.

–        هذا يعني أن دعوات البعض للعودة للعمل بدعوى الخوف على الاقتصاد، ممكن أن تؤدي بمنطقهم لخسارة أكبر وأن علينا الانتظار؟

علينا أن نتحمل لبعض الوقت، التباعد المجتمعي أحد الأشكال المقبولة علميا للوقاية من الأوبئة التنفسية، لأنها صعبة السيطرة عليها، كما أن التباعد المجتمعي لا يجوز أن يكون كلمة في الهواء، لازم يرتبط بمجموعة من الاجراءات الصحية والاقتصادية والمجتمعية، ما ينفعش اقول اقعد في البيت دون اتخاذها، كما أن فئات مثل العاملين في الخدمة الصحية وعمال المخابز والنظافة والأمن، لازم يكونوا موجودين، لذلك لابد من آليات دعم اجتماعي للفئات المضطرة للبقاء في المنزل، ودعم صحي وحماية واجراءات وقائية ومكافحة عدوى للفئات الذين نضطر لاستمرارهم في العمل.

–        الرسالة هنا أن خليك في البيت لازمة الآن، لكنها وحدها لا تكفي، وأن هناك دور إضافي للدولة وبعض الفئات التي استفادت اقتصاديا ولو بمنطق الحفاظ على أموالهم ومكتساباتهم؟  

الواقع أن عبارة خليك في البيت وحدها لا تعنى شيئا إلا إذا كانت مقرونة بحزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية والاقتصادية والصحية للمواطنين … لا يمكن أبدا تجاهل الملايين التى تعتمد فى معيشتها على دخلها اليومى، والتى لا تستطيع الاستغناء عنه، لأن ذلك يعنى ببساطة الاستغناء عن إمكانية الحياة نفسها، فماذا فعلنا لهؤلاء؟.. أيضا هناك قطاعات واسعة من المجتمع لا يمكن أن تنطبق عليها هذه العبارة، مثل مقدمى الخدمة الصحية، الذين يفترض وجودهم خارج بيوتهم لمدد ربما أطول من المعتاد، وسائقى ومحصلى النقل العام وسائقى التاكسيات وأوبر وكريم، وعمال المخابز وعمال النظافة وعمال محطات الوقود وبائعى المواد الغذائية وموظفى وعمال البنوك وخدمات الاتصالات وغيرهم … هناك قطاعات واسعة جدا فى المجتمع مضطرة للخروج من بيوتها، فماذا فعلنا لحمايتهم … هل يقبل أحد أن يذهب إلى مستشفى، فلا يجد الطبيب أو الممرضة، لأنهم فى بيوتهم، أو أن يذهب إلى المخبز فيجده مغلقا لأن العمال فى بيوتهم، أو يكتشف أنه لن يستطيع التنقل لعدم وجود عمال النقل أو عمال محطات الوقود، أو يعجز عن الحصول على احتياجاته الغذائية لأن متاجر الغذاء مغلقة؟ … وهذا يعني أننا لابد من التعامل باستراتيجيتين كل منهما تكمل الأخرى وتقلل تكلفتها، الأولى هي إجراءات حماية إجتماعية واقتصادية لكل هؤلاء، المضطرين للبقاء في البيت، علينا أن نوجد أليات لبقائهم وأن نتحمل ذلك لبعض الوقت، فبقاؤهم مهم لمنع انتشار الفيروس، وتقليل لتكاليف الحماية وتوفيرها لمن يضطرون للنزول للعمل، اذا كانوا يقدمون خدمات أساسية للحياة، لأن حمايتهم، حماية للمجتمع كله ( وهذه هي الاستراتيجية الثانية).

–        لكن بعض رجال الأعمال والرأسماليين يقولون أن خطر البقاء في المنزل أكبر من خطر كورونا؟

كوفيد فضح أشياء كثيرة جدا، منها وحشية الرأسمالية، التي لا ترى في العمال غير قوة عمل لجني الأرباح، وجزء من أدوات الإنتاج وليس بشرا قوة عملهم هي الاساس لكل ربح، ولابد من الاستثمار فيها وحمايتها، هذه الدعوات غير انسانية وغير مقبولة، الآن حتى نصل لحلول علمية واضحة ومؤكدة للتعامل مع المرض، وعلينا العمل بكل قوتنا للمساعدة في ذلك وليس التضحية ببشر آخرين.

–        بعضهم لم يتعلم من التجارب المحيطة، دعوات النزول والتعامل مع المرض، في بعض الدول كانت سببا في خسارة أفدح؟

هذا النوع من الرأسمالية المتوحشة لا تنظر إلا تحت قدميها، هي لا ترى إلا أرباحها أو خسارتها الحالية، الثمن الاقتصادي لانتشار وباء قد يكون افدح على الجميع، وقد يؤدي لتعطيل الأعمال لفترة أطول، فلو لا قدر الله حصل انتشار واسع للمرض، الخدمات الصحية المتواضعة لن تفي بأي متطلبات، لدينا نموذج واضح ما يحدث الآن في أمريكا وانجلترا، وهم أصحاب قدرات صحية أكبر، والذين تبنوا دعوات لاستمرار العمل وما سموه مناعة القطيع، الآن يدفعون اثمانا اكبر، رجل الأعمال الذي يدعو لذلك لا ينظر إلا لأرباحه، ويتعامل مع البشر باعتبارهم جزء من الادوات التي يستخدمها لتعظيم أرباحه، وبعضهم لا يدرك، أنه مهما فعل وفي ظل انتشار واسع للمرض أن قد يكون ضمن الضحايا، ومن الممكن ألا يجد مكانا للعلاج فيه في العالم، الحسابات تقول أن دعمهم للعمال خلال الفترة هو استثمار أكبر سواء من باب تقليل فترة الخسائر، أو منع التدهور الأكبر، لكن أغلبهم لن يرى ذلك والدليل أن ترامب وسط كل ما يحدث لازال يتحدث عن ضرورة العودة للعمل بسرعة.

–        الأرقام تقول أننا في مصر حتى الآن مازلنا في الحدود الآمنة، فما تقديرك لاستعدادتنا في حالة تطور الأوضاع للأسوأ

كل دول العالم تتكلم أن الحالة الوبائية الواسعة أقل من قدرتها، ونحن في مصر وضعنا أقل كثيرا من وضع بعض هذه الدول، سواء من حيث الإمدادات، أو قدرات النظام الصحي كعدد الأسرة، ومنها أسرة العناية المركزة، وأجهزة التنفس، والأدوية، وكذلك أعداد القوى البشرية المستعدة لمواجهة الوباء كالأطقم الطبية والتمريض.. في الحالة الوبائية الشديدة، والتي علينا العمل بكل قوتنا لعدم الوصول لها وعدم الاستسلام لأي دعوات مهما كانت أهدافها، لن تكون أمكانياتنا كافية لمواجهتها وخسائرنا في البشر وهم الأهم ثم خسائرنا المادية ستكون أكبر.

–        هذا ينقلنا لنقطة أخرى وربما الأهم وهي ضرورة حماية الأطقم الطبية، فالمؤشرات والأرقام المعلنة تشير إلى أن  ما يقرب من 8 % من الإصابات المسجلة بينهم، بما يعني أن معدلات نقل العدوى إليهم عالية جدا؟

 الأطقم الطبية هي خط الدفاع الأول ضد الفيروس، وحمايتهم حماية للمجتمع كله من الوصول للحالة الوبائية، الحفاظ على مكافحة العدوى هو حماية للمجتمع والمرضى لانهم يتعاملون مع حالات أخرى من المرضى، الذين يحتاجون لرعاية أكبر، وإذا انتقل لهم المرض يصبح الوحش وحشين، ويعني أننا نضحي بهم، لذلك فحماية الأطقم الطبية ليس مطلبا مهنيا ولكن مطلب يخص البشرية، فإصابة أحد الأطقم الطبية أو موته هو خصم من حيوات آخرين، وخصم من قدرتنا على مواجهة المرض، وما حدث في معهد الآورام وبعض المستشفيات الأخرى هو جرس إنذار مهم يؤكد أن إجراءت، الوقاية ليست ترفا، مقدمو الخدمة الصحية هم خط الدفاع الأساسى فى الحالة الوبائية العالمية، والمستشفيات هى الملجأ الوحيد لمرضى الحالات الحرجة والمزمنة التى لا تحتمل الإصابة بأى عدوى فيروسية، والتقصير فى مكافحة العدوى داخل المستشفيات، سيدفع ثمنه الجميع، وهذا الثمن فادح للغاية.

–        تقول أن ما جرى في معهد الآورام هو جرس إنذار فما الحل لوقف التدهور، والإعلان أننا تلقينا الإشارة؟

علينا أن ننتقل من التعامل مع إجراءات الوقاية، باعتبارها قرارات ومنشورات يتم نشرها وتعليقها على الحوائط لإجراءات فعلية، نحن لدينا تقريبا إدارة لمكافحة العدوى، فى كل منشأة طبية فى مصر تكتب تقارير وتقدم توصيات وهي موجودة منذ فترة طويلة، لكن مع الأسف فاعليتها ليست ملحوظة، لابد من تفعيل اجراءات الحماية، فالتقصير فى مكافحة العدوى داخل المستشفيات، سيدفع ثمنه الجميع.

–        دعنا نطرح السؤال بشكل مختلف، وماذا نحتاج لفعل ذلك، وماهي تكلفة الانتقال من حالة المنشورات إلى تفعيل الإجراءات؟

الحقيقة الناس مش طالبة كتير، والاجراءات متعارف عليها، وليست اختراعا، ماسكات وقفازات كافية، ومنظومة تحليل مبكر، للأطقم الطبية، الأهم أن تكون المستلزمات موجودة، ومتابعة تنفيذ هذه الإجراءات موجودة، والاهتمام بتفعيلها موجود، الفكرة امكانيات ومتابعة وتفعيل للاجراءات وسلوك .

المطلوب باختصار توفير كل وسائل الحماية وتطبيق صارم لإجراءات مكافحة العدوى للأطقم الطبية، وداخل المنشآت الطبية بكل أنواعها، ده أمر شديد الأهمية فى المرحلة دى.. مش عايزين كلام من نوع تحية للجيش الأبيض، وأنوار على الهرم.. نريد حماية حقيقية لناس على خط النار فى حرب حقيقية.

–        البعض يثير تساؤلات حول الأرقام المعلنة، ويشكك فيها، رغم إقرارها من منظمة الصحة العالمية، فما تقديرك للوضع؟

دعني أقول أننا حتى هذه اللحظة، – ولابد من التركيز على كلمة حتى هذه اللحظة –  لازلنا في الحدود الآمنة، والحقيقة أنا غير معني أو مهتم إطلاقا بأرقام الحالات الجديدة، ليس في مصر وحدها ولكن حول العالم، لأنه ببساطة هناك أعداد أكبر منها بكثير موجودة فى الواقع، وغير مكتشفة لأنها بلا أعراض أو بأعراض طفيفة، وهذه هى النسبة الأكبر من المصابين بالعدوى لذلك فرقم المصابين مجردًا لا يعني شيئا، الأهم نسبة الوفيات وعدد الحالات المحتاجة لرعاية مركزة، هذه الاحصائيات تعطينا صورة أقرب إلى الواقع عن مدى اتساع الانتشار على ضوء الصورة الإكلينيكية المعروفة للمرض، واقول أننا حتى هذه اللحظة في الحدود الآمنة. المهم الآن ماذا نفعل للحفاظ على ذلك وضرورة استمرار الاجراءات الاحترازية وتفعيل اجراءات الوقاية.

–         طيب.. إذا أدرنا أن نعطي درجة من 10 للاجراءت الوقائية التي اتخذتها الحكومة.. فكم تعطي؟

ليس مهما التقييم بهذه الطريقة، واستخدام البعض الأرقام في مكايدات سياسية أو التشكيك فيها لا محل له، المهم الآن ماذا نفعل، الحدود الآمنة التي نحن فيها الآن قد يكون لها أسباب كثيرة، منها الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها، ومنها طريقة تعامل الناس، وقد يكون بينها عوامل جغرافية لم يتم تحديدها أو حسمها حتى الآن ، بسبب اننا مازلنا في مرحلة دراسة المرض، العديد من التساؤلات ليس لها اجابة في الوضع الحالي؟ منها التقسيم الجغرافي للوباء، والأسباب التي تقف وراءه، وهل نحن في الاماكن الآمنة؟ هو سؤال حتى الآن مطروح ولكن بلا اجابات واضحة؟ كما أن هناك انتقال مفاجئ وشرس للفيروس من الشرق للغرب، حتى الآن لا نعرف ما هي أسبابه الواضحة؟ لكن ما يمكننا التأكيد عليه حتى الآن أنه لابد من استمرار الاجراءات الاحترازية والوقائية وحماية الأطقم الطبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *