خالد محمد جوشن يكتب: وفاة هادئة

بالأمس وعلى حين غرة، توفى الاخ ط ص ، هو محامى وزميل، طويل القامة اسمر اللون جدا ، اتذكر اننى رأيته مرة فى بدايات عملنا ، داخل الى المحكمة بصحبة قاضى شاب جديد ، سالت صديق لى، له تخريجات غريبة ، عن سبب ذلك .
قال، ان القاضى غريب، اول يوم يجى المحكمة ، وانه لما جه للمحكمة لم يكن يعرف اين يذهب تحديدا فتقابل فى مدخل المحكمة مع ط ص وظنه احد العاملين في المحكمة.
تصادقتا لفترة قصيرة حتى اننى ذهبت اليه فى فرحه فى قريته وحتى زرته لاحقا فى شقته مع عروسه ، ولكن لم تستمر علاقتنا او تتوثق على الاطلاق ، كنا نلتقى مصادفة فى المحكمة بسلام وتحيات .
ربما تمر سنه ولا يتصادف ان نلتقى وخصوصا بعد ان غادرت بلدتى الصغيرة وانتقلت للعيش فى القاهرة .
اتذكر ان ط ص فى الفترة الأخيرة كان دائما يشير الى ان لديه ابنة جميلة تخرجت من كلية الطب، فى تقديرى انه كان يلمح الى رغبته فى تزويجها من ابنى .
كان المسكين يعتقد انه لدينا القدرة على اتخاذ القرارات فى هذه الامور ، عوضا عن ابنائنا ،
موقف اخر غريب وربما كان اخر موقف لى معه ، قابلنى عندما كنت اقود سيارتى وبجوارى صديق اخر فى بلدتنا الصغيرة ، قال لى ط ص ، ازيك ياد خالد ، لم تعجبنى الكلمة على الاطلاق ، وعاتبته فيها وقلت له ان القضاة يبجلون بعضهم ، بالالقاب ، وانه يجب ان نكون كذلك نحن المحامين وخصوصا فى وجود الاغراب ، وللحقيقة فقد استجاب وابدى اسفه على تصرفه .
ولكنى لم المس ندمه فى الواقع هذا فقد غيبه الموت بعد مرضه القصير رحمه الله .
طالعت خبر وفاته فى الفيس بوك لم اكن رأيته منذ اكثر من ثلاثة شهور تقريبا ، كان الخبر صاعقا ، هو ليس كبير فى السن مواليد الستينات اى عمرة تقريبا ثلاثة وستون عاما تقريبا.
الاغرب اننى فوجئت بان الفيس بوك يعرض على فى طلبات الصداقة ، طلب صداقه قديمه منه ، لم اقم بتفعيلها ، لقد فوجئت بها ، ربما لم انتبه لها ، امر غريب ؟ العم مارك ده مش عارف انه مات .
لكن لماذا فى هذا اليوم بالذات يفعل العم مارك طلبات الصداقة ، ومن بينها طلب ط ص؟ لماذا فى هذا اليوم تحديد ؟
وفاة ط ص أوضحت أمرا هاما ، وهو ان الوفاة اقرب كثيرا مما نتصور، اننا ننسى فى الغالب انه كأس لابد من شربه ، لكن تلهينا الحياة ونعتقد ان الموت جائز على الاخرين وليس علينا ، ان ما حدث يرسل رسالة يومية انه لاداعى على الاطلاق للقلق على الغد ، انه امر لا يستاهل حتى التفكير فيه .

رحل ط ص فجاة ، بعد ان عاش حياته فى هدوء، ورحل فى هدوء ، فليرحمه الله .
6m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *