حصاد العام.. إلهامي الميرغني يكتب: الغلاء والدعم في 2021.. هل كان الغلاء بنفس معدل الأعوام السابقة؟!

يوجد عدد من الجهات الحكومية التي تهتم بالقياس الشهري والسنوي للغلاء وارتفاع الأسعار والتضخم في مصر وهي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والذي يصدر عدة نشرات تتعلق بالأسعار وكذلك البنك المركزي والذي يصدر نشرة شهرية بمعدلات التضخم. ويعتمد الجهاز والبنك على قياس أسعار مجموعة من السلع والخدمات شهرياً لحساب الارتفاع والانخفاض الذي حدث بها والمقارنة بالشهور والسنوات السابقة.

وتعد مجموعة الطعام والشراب هي الجزء الأكثر تأثيراً على الفقراء ومحدودي الدخل، لأنه كلما انخفض مستوي الدخل ارتفع حجم الانفاق على الطعام والشراب مقارنة بباقي مجموعات الانفاق كالسكن والتعليم والصحة والمواصلات والترفيه والاتصالات والمطاعم.


تقرير التعبئة والإحصاء عن التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في أكتوبر 2021 فقد بلغ 7.3% مقارنة بمعدل 4.6% خلال أكتوبر 2020 عام الكورونا الأول. بينما يعلن البنك المركزي ان التضخم بلغ 6.3% خلال أكتوبر و7.8% خلال نوفمبر وهو معدل أعلي من السنوات السابقة.


كما يقر تقرير التعبئة والاحصاء حول التضخم في أكتوبر حدوث ارتفاع في أسعار مجموعة الطعام والشراب بلغ 13.7%مقارنة بالأسعار في العام الماضي. ويعلن الجهاز ارتفاع أسعار مجموعة الخضروات 22.8% مقارنة بأسعار العام الماضي ومجموعة اللحوم والدواجن 18.9% ومجموعة الزيوت والدهون 18.6% ومجموعة الفاكهة 16.4% ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 11.1% ومجموعة الحبوب والخبز بنسبة 5.1% رغم كل ما يتردد حول عدم رفع أسعار الدقيق والخبز.

وبإقرار جهاز التعبئة والإحصاء التابع للدولة.

أسعار السلع التموينية اعتباراً من يناير 2022


أعلنت وزارة التموين عن أسعار السلع الأساسية المرتبطة بنظام البطاقات التموينية حيث انخفض سعر الفول المعبأ 500 جرام بنسبة 24% عن الأسعار في 2019، كما تم تثبيت الأسعار لسبع سلع هي الأرز المعبأ 1 كيلو، اللبن الجاف 125 جرام، والخل 5% 900 مللي، والصلصة 300 جرام، مسحوق الغسيل العادي 800 جرام، وصابون الغسيل 125 جرام، صابون التواليت 125 جرام.


كما تم رفع سعر 11 سلعة هي الزيت الخليط 1 لتر من 17 الي 25 جنيه وبنسبة زيادة بلغت 47.1%، المسلي الصناعي 800 جرام من 17.25 إلى 24 جنيه بنسبة زيادة 39.1%، العدس المجروش نصف كيلو من 8 إلى 11 جنيه بنسبة 37.5%، الشاي الناعم 40 جرام من 3 جنيه الي 4​جنيه بنسبة 33.3%، المكرونة 1 كيلو من 7.25​إلى 9 جنيه بنسبة 24.1%، السكر المعبأ 1 كيلو من 8.5 إلي 10.5 جنيه وبنسبة 23.5%، المكرونة 500 جرام من 3.65 إلي 4.5 جنيه بنسبة 23.3%، والجبنة التتراباك 250 جرام من 5 إلي 5.9​ جنيه بنسبة 18%، الدقيق البلاستيك 1 كيلو من 6.5 إلي 7.5 جنيه بنسبة 15.4%، والجبنة التتراباك 500 جرام من 9.5 إلي 10.9 بنسبة 14.7%، مسحوق الغسالات الاتوماتيك 1 كيلو من 15.75 إلي17.5جنيه بنسبة 11.1%.


كذلك أوضحت نتائج بحث الدخل والانفاق والاستهلاك الذي أجراه الجهاز المركزي لعام 2019/2020 أن ما يقرب من 40% من سكان الريف والحضر يعتمدون على استهلاك الأرز المدعم وأن 65.7% من السكان في سوهاج و46.1% من سكان المنيا و45.2% من سكان اسوان يعتمدون على استهلاك الأرز المدعم.

كما أن أكثر من 80% من سكان محافظات كفر الشيخ ودمياط والدقهلية والمنوفية وبني سويف والغربية والبحيرة والشرقية وبورسعيد وسوهاج والمنيا وأسوان والسويس يعتمدون على استهلاك الزيت المدعم.

ونفس الأمر ينطبق على السكر المدعم الذي تعتمد عليه الأسر في كل محافظات الجمهورية. وأوضحت الدراسة ان نظام الدعم على السلع التموينية ساهم في تخفيض معدلات الفقر بنسبة 3%.

البطاقات التموينية والأسعار


ظهر نظام البطاقات التموينية في مصر بعد الحرب العالمية الثانية ومع نقص وصول المواد الغذائية والمنتجات البترولية أي في أربعينات القرن الماضي، واستخدم نظام كوبونات الكيروسين لتنظيم حصول المواطنين على حصص حسب عدد أفراد الأسرة. وبعد عدوان 1967 وحدوث بعض الأزمات الغذائية لجأت الحكومة إلى نظام البطاقات التموينية لضمان عدالة توزيع السلع الأساسية بين المواطنين في ظل التجهيزات للمعركة.

ربما يري بعض المتابعين وبعض المواطنين ان تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة حول الدعم وتقليصه وتصريحات وزير التموين حول وقف اصدار بطاقات تموينية جديدة او استخراج بدل فاقد ليست بالجديدة على مصر والمصريين. ففي عهد الرئيس الأسبق مبارك توقفت الحكومة 28 عاماً عن تسجيل المواليد الجدد في نظام الدعم. والذي شهد أيضًا رفع الدعم عن الخبز متوسط الجودة والشامي وإنقاص وزن الرغيف من 150 إلى 130 جرامًا.

من 1989 حتى عام 2008 لم يتم إضافة مواليد للبطاقات. وبعد الأزمة المالية العالمية كان أمام الحكومة خياران.

أولهما الاتجاه للدعم النقدي والثاني إضافة سلع وخدمات على البطاقة. وفتح إضافة مواليد جدد على البطاقات. ففضلت الحكومة حينها الخيار الثاني.


ومنذ وقعت مصر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي التزمت بتقليص الدعم وتحويله من دعم عيني إلى دعم نقدي ومنح معاشات مثل تكافل وكرامة لحوالي 3.4 مليون مواطن في ظل نسبة فقر تصل الي 30% من السكان أي أكثر من 30 مليون مواطن وبما يعني ان الحاصلين على هذه المعاشات لا يمثلون سوي 11% فقط من الفقراء بينما يوجد 89% لا تصل إليهم أنظمة الحماية الاجتماعية إضافة الي حصول بعض غير المستحقين على معاشات تكافل وكرامة.

منذ عام 2014 لا يوجد أي نوع من الدعم للغاز الطبيعي ورغم ذلك يتم رفع أسعار الغاز الطبيعي سنوياً رغم اكتشافات حقل ظهر وغاز شرق المتوسط. بما يؤكد أن هذه الزيادات تتحول الي أرباح لشركات الاستخراج والمعالجة والتوزيع على حساب المواطن المصري.


منذ عام 2017/2018 لم يرتفع دعم السلع التموينية الا بنسبة 8.7% فقط رغم زيادة السكان خلال الخمس سنوات الأخيرة ورغم ارتفاع الأسعار وبما يعني انه فعلياً تم إجراء تخفيضات متواصلة لدعم السلع التموينية.

وكما اوضحنا لا يوجد دعم للغاز الطبيعي ولا للكهرباء منذ 2018/2019 أي منذ ثلاث سنوات ورغم ذلك توجد زيادات سنوية في أسعار استهلاك الكهرباء خاصة الشرائح الفقيرة كما سنوضح في جزء تالي.

أما دعم المواد البترولية والذي يحسب كفرق بين السعر العالمي والسعر المحلي رغم انه منتج محلي وتكلفة انتاجه اقل من العالمي بكثير.

ورغم ذلك يمثل مبلغ دعم المواد البترولية في موازنة 2021/2022 حوالي 15% فقط من قيمة الدعم في 2017/2018 ورغم ذلك يتم دورياً رفع أسعار المنتجات البترولية وهو ما يؤدي لرفع تكلفة النقل والمواصلات العامة والخاصة إضافة الي أسعار العديد من السلع والخدمات.

غلاء بلا حدود


رغم ان الجهاز المركزي في بحوثه الدورية أكد على ضرورة استمرار الدعم لتخفيض حدة الفقر الا ان الرفع المتوالي للأسعار لا يتوقف حتى للسلع غير المدعمة.


لو أخذنا الكهرباء كنموذج نجد أن أدني شرائح الاستهلاك قد ارتفعت تكلفتها لمن هم أقل من 50 كيلووات ساعة في الشهر من 30 قرش عام 2019 الي 48 قرش عام 2021 وبنسبة زيادة تصل الي 60% خلال سنتين اما الفئة من أكثر من 50 وأقل من 100 فقد ارتفع سعر الكيلو وات ساعة من 40 قرش الي 58 قرش وبنسبة 45% وفي الشريحة أكثر من 100 إلي 200 كيلو وات ساعة فارتفعت من 50 قرش الي 77 قرش وبنسبة 54% بينما تم رفع الشريحة الي 1000 كيلو وات ساعة شهرياً بنسبة 8.5% فقط والشريحة الأعلى من 1000 كيلووات والتي تضم كبار المستهلكين في الفيلات والقصور فتم تثبيت الأسعار بالنسبة لها، كما تم تثبيت الأسعار للمصانع لمدة خمس سنوات علي ان تتحمل الدولة 22 مليار جنيه لدعم أصحاب المصانع وبما يعكس الإنحيازات الاجتماعية للسياسات المالية. هذا بالنسبة للكهرباء.


نفس وضع الكهرباء ينطبق على الغاز الطبيعي للمنازل عام 2014 كانت شرائح الاستهلاك حتى ٢٥ متر مكعب 40 قرشًا للمتر المكعب الواحد، وما زاد على 25 وحتى 50 متر مكعب، وصل سعره إلى 100 قرش للمتر المكعب، أما ما تجاوز الـ50 مترا، وصل سعره إلى١٥٠ قرشاً للمتر المكعب.


عام 2016 وصل سعر المتر المكعب في الشريحة الأولى من الاستهلاك حتى 40 متراً إلى 75 قرشاً، بينما شهدت شريحة الاستهلاك ما بين 40 إلى 75 متر 1.5 جنيهًا للمتر الواحد، ووصل سعر المتر جنيهان لما زاد عن 75 متر. أما في عام 2017 فقد زاد سعر الشريحة الأولى حتى 30 مترا مكعبا من 75 قرشا إلى جنيه واحد بزيادة 33%، والشريحة الثانية حتى 60 متر مكعبا زادت من 1.5 جنيه إلى 1.75 جنيه بزيادة 14%، في حين زادت الشريحة الثالثة فوق 60 مترا مكعبا من 2 جنيه إلى 2.25 جنيه بزيادة 12.5 .%


عام 2018 تم رفع أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في المنازل والنشاط التجاري، بنسبة تتراوح ما بين 33.3% إلى 75%، وحددت الحكومة 3 شرائح للاستهلاك، الأولى من صفر حتى 30 متر مكعب ويتم محاسبتها على 175 قرشًا للمتر المكعب، بدلاً من 100 قرش، بزيادة 75%، و ارتفع سعر المتر للشريحة الثانية والتي تبدأ من 30 متر مكعب وحتى 60 متر، إلى 250 قرشا للمتر المكعب، بدلاً من 175 قرشا بزيادة 42.8%، بينما سجل سعر المتر للشريحة الثالثة والتي تبدأ من 60 متر مكعب 300 قرش للمتر المكعب بدلاً من 225 قرشا للمتر الواحد ، بزيادة قدرها 33.3.%


عام 2021 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2608 برفع أسعار الغاز الطبيعي للمنازل على النحو التالي: الشريحة من صفر الي 30 متر مكعب 250 قرش للمتر المكعب ومن 30 إلى 60 متر مكعب الي 325 قرش للمتر المكعب وما يزيد علي 60 متر مكعب الي 375 قرش للمتر المكعب.

لذلك يكون سعر ادني شرائح الاستهلاك ارتفع من 40 قرش عام 2014 إلى 250 قرش في 2021 وبنسبة زيادة بلغت 525%، والشريحة الثانية من 100 قرش الي 325 قرش وبنسبة 225% والشريحة الثالثة من 150 قرش الي 375 قرش وبنسبة 150%.

وبنفس طريقة أسعار الكهرباء ترتفع الأسعار بنسبة أعلي على ادني شرائح الاستهلاك وكأن الدولة تستهدف الفقراء فقط بالزيادات بينما تقل النسبة كلما ارتفعت كمية الاستهلاك ومستوي الدخل.


وفي بحث الجهاز عن الفقر أوضح ان دعم أنبوبة البوتاجاز أدي لخفض الفقر بمعدل 4.8% فقامت الحكومة بزيادة سعر أنبوبة البوتاجاز الي 75 جنيه وبنسبة 15.3% لترفع معدل الفقر وفقاً لبحث الجهاز من 29.7% إلى 34.5% أي ان أكثر من 35 مليون مواطن أصبحوا فقراء بعد قرار رفع أسعار انبوبة البوتاجاز.


أما رغيف الخبز المدعم الذي يباع بخمسة قروش فتم تخفيض وزنه من 110 جرام الي 90 جرام بنسبة 22% وفي نوفمبر الماضي تم رفع سعر طن النخالة الي 4000 جنيه. ويتوالى رفع الأسعار ليس للسلع المدعمة بل أيضا للسلع غير المدعمة مثل الغاز الطبيعي والكهرباء.


ولن نتحدث عن زيادة الرسوم المدرسية ورسوم استخراج شهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومي وتراخيص السيارات والقيادة وجوازات السفر وايضا اسعار المواصلات العامة فهي تحتاج لمقال منفصل.


توضح بيانات الموازنة العامة للدولة تراجع أهمية الانفاق على الدعم من 8.3% من الناتج المحلي عام 2014/2015 إلى 4.5% في موازنة 2021/2022، كما انخفضت مخصصات الدعم إلى إجمالي مصروفات الموازنة العامة من 27.1% الي 17.5% فقط خلال نفس الفترة.


لذلك فإن تخفيض الدعم ووقف البطاقات التموينية الجديدة وتحويل الدعم العيني الي دعم نقدي كلها إجراءات تتم بدعوي ترشيد الانفاق الحكومي وتنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي، ورغم ذلك يرتفع عجز الموازنة وترتفع الديون المحلية والخارجية وترتفع معدلات الفقر والغلاء الذي يكوي ملايين المصريين. وتستمر نفس السياسات التي تزيد الأغنياء غناً وتزيد الفقراء فقراً.


إلهامي الميرغني

4/1/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *