تقرير: زيادة الدولار والفائدة يهددان قطاع الصناعة في مصر.. وتوقعات بارتفاع تكلفة المنتجات الجديدة إلى 100%
وكالات
في الوقت الذي استفادت فيه قطاعات عديدة بمصر من تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة، وخاصة التي تعتمد مبيعاتها على الصادرات، إلا أنهما زادا من أوجاع القطاع الصناعي الذي واجه آخر عامين أزمة خانقة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح الدولار وهو ما هدد بإغلاق عدد كبير من المصانع التي تعمل في القطاعات الاستراتيجية.
وأثار قرار البنك المركزي المصري يوم الأربعاء برفع الفائدة على الإيداع والإقراض 600 نقطة أساس حفيظة المُصنعين ورجال الأعمال، الذين اعتبروه ارتفاعاً “كبيراً وغير متوقع” وسيؤثر على أصحاب الأعمال المقترضين من البنوك، ما سينعكس على أسعار السلع المختلفة، بحسب 6 رجال أعمال ومُصنعين تحدثت معهم “الشرق”.
وسمح البنك المركزي المصري بتخفيض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهراً مقابل الدولار الأميركي، بلغ متوسط سعر الصرف نحو 50 جنيهاً لكل دولار في معاملات البنوك، وما يمثل تراجعاً في سعر العملة المحلية مقابل الدولار بنحو 60%.
وقال بهاء ديمتري، نائب رئيس شركة فريش للأجهزة الكهربائية، ورئيس لجنة الصناعة في الحوار الوطني، إن رفع سعر الفائدة “سيزيد من تكلفة الاقتراض، وبالتالي رفع تكلفة المنتج النهائي. فمن الصعب أن يستوعب المصنع هذه التكلفة”.
وأضاف: “الوضع الحالي صعب جداً على القطاع الصناعي، فتكلفة الاقتراض بلغت نحو 30%، وبإضافة المصروفات الإدارية التي يحصل عليها البنك عند منح التمويل، ستصل إلى 40%، وهو رقم كبير جداً سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتجات الجديدة إلى 100% بهذه الطريقة”.
وبعد خطوة يوم الأربعاء، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بإجمالي 1900 نقطة أساس منذ مارس 2022 عندما بدأ في تخفيض سعر صرف الجنيه من مستوى 15.7 جنيه للدولار، وحتى بلوغه مستوى 50 جنيهاً للدولار الواحد.
وبلغت أسعار عائد الإيداع والإقراض في مصر لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 27.75%، وبعد خطوة المركزي أمس، بلغ معدل الفائدة الحقيقية -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم- في مصر سالب 2.55%.
وتوقع خالد أبوالمكارم، رئيس شركة الألياف الصناعية “فايبرتكس”، ورئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، =أن تشهد الفترة القادمة زيادةً في أسعار المنتجات تتراوح من 8% إلى 10% على الأقل، بسبب زيادة سعر الإقراض وهو ما سيؤثر بالتأكيد على تكلفة الإنتاج.
وأوضح أبوالمكارم أن رفع تكلفة التمويل يعني زيادة كلفة الإنتاج، وبالتالي سيقوم المنتجون المقترضون من البنوك بتحميل هذه الكلفة على المنتج النهائي، وأضاف: “الأمر لا يقتصر على تكلفة الإقراض فقط، إذ ستتصاعد تكلفة التشغيل، مما سيؤدي إلى زيادة الأسعار وخاصة للمنتجات التي تعتمد على مكون مستورد، مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الرسمي”.
وتابع: “المنتج سيعاني من زيادتين; سعر الفائدة وقيمة الدولار، والمنتجات التي تعتمد على مكونات مستوردة ستشهد زيادةً أكبر في أسعارها إذا لم يتوافر الدولار في البنوك، ما يهدد بعودة السوق الموازية مرة أخرى.
من جهته، اعتبر علي حمزة، رئيس جمعية مستثمري أسيوط، رفع سعر الفائدة بمثابة مشكلة كبيرة على المصنعين، لأنه سيؤدي إلى إرجاء أي توسعات لأصحاب المصانع بدلاً من اللجوء للاقتراض.
وأضاف أن رفع الفائدة يؤثر سلباً على قطاع كبير من أصحاب المشروعات الصغيرة الذين يجدون صعوبة في إنشاء مشروعاتهم الجديدة أو التوسع فيها بسبب ارتفاع سعر الفائدة على الإقراض.
ويرى أمير هلالي رئيس شركة ليمانز جروب للسيارات، أن زيادة سعر الفائدة 600 نقطة أساس ستتسبب في حدوث انكماش في سوق السيارات بمصر بسبب صعوبة الاقتراض حالياً في ظل ارتفاع المعدلات.
ويضيف أن التجار ستواجه تحديات في التسعير فيما سيصعب على المواطنين الحصول على تمويل لشراء سيارات في ظل هذه الارتفاعات، وقال: “أتوقع زيادة أسعار السيارات بنسبة لا تقل عن 10% في ظل ارتفاع الفائدة لمستويات تقترب من 30%”.
وقال أسامة الشاهد، رئيس شركة “الشاهد جروب” لتصنيع الأثاث، ورئيس غرفة الجيزة التجارية، إن أسعار الفائدة ارتفعت بشكل كبير لاستيعاب التضخم والسيطرة عليه، في محاولة لجمع العملة الصعبة الموجودة في السوق وخاصة المبالغ الصغيرة، إلا أن القرار سوف يؤثر سلباً على رجال الأعمال والمستوردين والمصنعين الحاصلين على قروض من البنوك، كما أن مردوده سينعكس على أسعار السلع على المستهلك النهائي.
وأضاف أن ارتفاع أسعار السلع الذي سوف ينتج عن هذا القرار سيختلف من مصنع لأخر ومن مستورد لآخر حسب دورات الإنتاج وحجم التداول، وقد تنتج عنه ارتفاعات عشوائية للسلع يجب السيطرة عليها، موضحا أن تبعية القرار سوف ترفع أسعار الأثاث بنسبة تصل إلى 6% تختلف حسب دورة الإنتاج.
وأكد بحسب متى بشاي، رئيس الشركة المصرية للتجارة المستوردة للأدوات الصحية، أن رفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس مرة واحدة كان كبيراً جداً وغير متوقع، وأنه بعد هذا القرار، يجب على البنوك تدبير الدولار لأي متعامل، وإلا ما فائدته في هذه الحالة؟
وتوقع بشاي أن يساهم رفع الفائدة بهذا القدر في التأثير على المقترضين من البنوك، ويدفعهم لرفع سعر السلع المستوردة على قدر تأثر ديونهم بالفائدة، وقال: “ستزيد الأعباء بشكل كبير على رجال الأعمال المقترضين من البنوك”.