تضارب عالمي.. دول تخفف قيود كورونا وأخرى تشدد إجراءاتها وتحذيرات من عواقب “التسرع”

محمود هاشم

بينما ينظر عدد من دول العالم في تخفيف القيود المفروضة ضمن الإجراءات الوقائية من انتشار فيروس كورونا المستجد، ترى دول أخرى أنه من السابق لأوانه إعادة فتح المجال، وسط تحذيرات من تزايد موجات الإصابة بالوباء حال الإقدام على خطوات التخفيف دون حساب للعواقب.

وفي جميع أنحاء العالم، تزن الدول قيود التخفيف حتى مع زيادة عدد الحالات، وتخطي عدد الإصابات مليونا و800 ألف شخص، حيث تجد البلدان نفسها في مراحل مختلفة من تفشيها وتكافح من أجل تحقيق التوازن بين الفوائد الطبية للحفاظ على القيود والمخاطر التي تأتي مع الحصول على اقتصاداتهم تتحرك مرة أخرى.

واتخذت التدابير الوقائية في العديد من البلدان شكل عمليات الإغلاق، وبينما تحاول بعض الأماكن تقليد سياسات الدول التي حدت من تفشيها، بينما تقدم أخرى إجراءاتها الخاصة، لا يوجد مسار واضح للخطوات التالية.

ترامب يتحدى الجميع.. ومخاوف من موجة ثانية

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه وإدارته يعملون على اتخاذ قرار مرتقب بإعادة فتح المجال الاقتصادي، معزيا قراره لأسباب وصفها بأنها “وجيهة”.

ولم ينتظر الخبراء انحسار “الموجة” الأولى من تفشي فيروس كورونا المستجد ليحذروا بأن موجة ثانية ستضرب الولايات المتحدة في حال رفع الحجر المنزلي بشكل متسرع، أو في حال بدء هذا الرفع اعتبارا من مايو كما يأمل ترامب.

ويقوم النظام الفيدرالي الأمريكي على اللامركزية، ويوكل صلاحية رفع الحجر المنزلي في نهاية المطاف إلى حكام الولايات الخمسين، ويبقى بإمكان الرئيس مبدئيا استخدام سلطته لتنسيق استراتيجية وطنية.

وقال مدير مراكز السيطرة على الأمراض روبرت ريدفيلد، لشبكة “إن بي سي” إن الولايات المتحدة “تقترب من ذروة” انتشار الفيروس، مؤكدا أن  ذلك ينبغي ألا يقود إلى رفع تعليمات التباعد الاجتماعي والعمل من المنزل بين ليلة وضحاها، بل رأى أن إعادة تحريك عجلة البلد ستكون “آلية تدريجية، مرحلة بعد مرحلة، تجري على ضوء المعطيات، فالفيروس لن يكو ن اختفى عند انتهاء الحجر المنزلي”.

إيطاليا وإسبانيا وألمانيا.. مخاطرة بالعودة للحياة

وبدأت إيطاليا، مركز الوباء الشهر الماضي، الخروج من التداعيات الكارثية قليلا، حيث يقول الخبراء أن انخفاض عدد المستشفيات والوفيات في الأسابيع الأخيرة هو اتجاه “جدير بالثقة”، سيتم إعادة فتح مجموعة من الشركات والأنشطة التجارية ابتداءً من غد، على الرغم من أن الإغلاق الأوسع للبلاد سيظل حتى 3 مايو على الأقل.

وبدأت إسبانيا أيضًا في تخفيف قيودها، مع استعداد بعض عمال البناء وغيرهم للعمل مرة أخرى هذا الأسبوع بعد إغلاق لمدة أسبوعين أثر على كل صناعة تقريبًا، وسط مخاوف من أن الحكومة تتخذ الكثير من المخاطرة في وقت قريب جدًا.

وتستعد ألمانيا لرفع تدريجي للقيود المرتبطة بتفشي فيروس كورونا، مستفيدة من وضع أقل مأسوية نسبياً من الدول الأوروبية الأخرى خصوصاً مع معدل وفيات أقل.

ودعت أكاديمية ليوبولدينا الوطنية للعلوم إلى عودة “على مراحل” إلى حياة أكثر طبيعية في حال “استقرت” أرقام الإصابات الجديدة، ومن المتوقّع أن تستند المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى توصيات هذه الأكاديمية واستنتاجاتها لتتّخذ مع رؤساء حكومات 16 ولاية ألمانية بعد غد الأربعاء قراراً بشأن العزل المفروض منذ أواسط مارس والمقرر أن يستمر حتى 19 أبريل.

وتخطت حصيلة الوفيات جراء الوباء في بريطانيا عتبة الـ11 ألف حالة، بعد أن سجلت 717 وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية. وبهذا، أصبحت حصيلة الوفيات 11329، أما عدد الإصابات بالفيروس فقد وصل إلى 88621 حالة. كما أنه من المتوقع أن تمدد إجراءات العزل لمدة 3 أسابيع.

بريطانيا وفرنسا وروسيا.. تمديد العزل والأذونات إليكترونية

وبينما يتعافى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقره بشمال غرب لندن بعدما خرج من المستشفى في لندن، أمس، حيث كان يعالج منذ أسبوع جراء إصابته بفيروس كورونا، من المتوقع أن تتخذ الحكومة قرارا في الأيام المقبلة حول احتمال تمديد العزل المعلن في 23 مارس لـ3 أسابيع. وأكدت السلطات البريطانية أنها تتوقع بلوغ تفشي الوباء ذروته لتخفيف الإجراءات المعمول بها.

ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه من السابق لأوانه تخفيف الإجراءات المفروضة للحد من تفشي كورونا، وأوضح لكبار المسؤولين في مؤتمر تلفزيوني متلفز أجراه من مقر إقامته خارج موسكو: “لدينا الكثير من المشاكل، وليس لدينا الكثير للتفاخر به، ولا سبب لذلك، وبالتأكيد لا يمكننا الاسترخاء، لم نتجاوز ذروة الوباء، ولا حتى في موسكو”.

وقررت السلطات الروسية، اليوم، تطبيق نظام أذونات تنقل إلكترونية لمراقبة الالتزام بإجراءات الحجر الصحي، بعدما بلغ عدد الإصابات في البلاد أكثر من 18 ألف حالة، معظمهم في العاصمة موسكو التي تشكل بؤرة الوباء في البلاد، وبات القطاع الصحي مهددا بالانهيار بسبب تزايد الإصابات لعدم احترام العزل بشكل كامل.

ومن خلال هذا التطبيق، يمكن الحصول على أذونات الخروج عبر تقديم طلب إلكتروني على موقع البلدية، وتشمل التنقلات بالسيارة أو وسائل النقل العام للتوجه على سبيل المثال إلى العمل أو الطبيب أو المنزل الريفي. ويتحتم على سكان موسكو إبرازها لدى الرقابة وإلا سيتعرضون للغرامة.

وأفادت السلطات أن السكان سيتمكنون من التنقل سيرا بحرية للتوجه إلى السوبرماركت أو لإخراج كلابهم. لكن البلدية حذرت من أنها ستشدد النظام عند الضرورة ليشمل هذه التنقلات أيضا حتى ضمن الحي السكني. ويستثنى من هذا النظام الموظفون البلديون، والعسكريون والقضاة والمحامون وكتاب العدل والصحفيون في تنقلاتهم المهنية.

كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء اليوم، تمديد إجراءات الحجر الصحي جراء تفشي فيروس كورونا إلى 11 مايو، في الوقت الذي سجلت البلاد 574 حالة وفاة جديدة لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 14967.

وقال ماكرون إن فرنسا لم تكن مجهزة لهذه الأزمة، لكنها تمكنت من مواجهته، مشيرا إلى أن المدارس ستفتتح بشكل تدريجي ابتداء من 11 مايو، لكن الجامعات لن تعاود نشاطها قبل منتصف يوليو، وستبقى المقاهي والمطاعم والفنادق ودور السينما والمسارح مغلقة إلى ما بعد 11 مايو، كما ستبقى  حدود فرنسا مع الدول غير الأوروبية مغلقة لوقت يعلن عنه لاحقا.

وأعلنت بعض مناطق اليابان التي تشهد موجة جديدة من حالات العدوى حالة الطوارئ للمرة الثانية، في مثال على تلاشى النجاحات الأولية من الابتعاد الاجتماعي والقيود المفروضة على الحركة بمجرد الاسترخاء.

اليابان “طواريء”.. ودعوات للإغلاق المحكم

وأعلنت جزيرة هوكايدو الواقعة في أقصى شمال اليابان، حالة الطوارئ للمرة الثانية، ودعت جميع السكان إلى البقاء في المنازل، والتوقف عن السفر وتجنب المطاعم – خاصة “للترفيه التجاري”.

وقال محافظ هوكايدو إن الحكومة تتخذ إجراءات بسبب موجة ثانية من الإصابات، وقبل وقت طويل من إصدار الحكومة المركزية اليابانية حالة الطوارئ لأكبر 7 مناطق في البلاد الأسبوع الماضي، دعت هوكايدو إلى إغلاق محكم للمنطقة في 28 فبراير، ومع ظهور الحالات تحت السيطرة، رفعت المحافظة حالة الطوارئ أسبوعين في وقت لاحق وأعادت فتح المدارس بشكل بطيء.وبطء سمح للمدارس بإعادة فتح.

وفي أوساكا، ثالث أكبر مدينة في اليابان، حث الحاكم اليوم، على إغلاق النوادي الليلي، ومقاهي الإنترنت، وصالات السينما ، والصالات الرياضي، والمتاحف، والمكتبات، حتى 6 مايو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *