انتهاكات ممنهجة وليست مزاعم.. التقرير الربع سنوي لـ”حرية الفكر” عن حالة التعبير في مصر: خطة فرض الصمت

التقرير يرصد 38 انتهاكا لحرية التعبير.. حبس وتدوير ومنع من التصوير وتفتيش هواتف المواطنين

التقرير: الإفراج عن 3 صحفيين بعد جهود نقابية والقبض على 4 آخرين لتعبيرهم عن آرائهم

القبض على 10 مواطنين لتعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.. والتأمين الصحي يمنع دخول المرضى بهاوتفهم لمنع التصوير

كتب- فارس فكري

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير عشرات الانتهاكات ضد مواطنين وصحفيين وإعلامين وأكادميين ومبدعين بسبب التعبير عن آرائهم خلال الربع الأول للعام الحالي، وصلت إلى حد الحبس الاحتياطي والتدوير والإحالة إلى النيابة العامة والتحقيق.

وفنذ تقرير المؤسسة الذي صدر اليوم الثلاثاء تحت عنوان “انتهاكات ممنهجة وليست مزاعم” رد الحكومة المصرية على الانتقادات التي وجهتها 31 دولة على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان بأنها مزاعم وادعاءات استندت على تقارير غير دقيقة ومغلوطة.

ويكشف التقرير عن استمرار القبض على الصحفيين بسبب آرائهم رغم الإفراج عن بعضهم فقد تم القبض على 4 صحفيين بعد الإفراج عن 3 آخرين، مؤكدة أنها رصدت 38 انتهاكا متعلقا بحرية التعبير بينهم 4 انتهاكات بسبب نشر آراء حول وباء كورونا، بالإضافة إلى استمرار استخدام الحبس الاحتياطي والتدوير على قضايا جديدة بنفس الاتهامات للمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين والصحفيين.

كما رصد التقرير القبض على مواطنين في أكمنة الشرطة بعد الاطلاع على هواتفهم والبحث في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن انتقاد للحكومة.

كما رصد التقرير القبض على 10 مواطنين ضمن 18 انتهاكا لتعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي .

وإلى نص التقرير:

في ١٢ مارس ٢٠٢١، دعت ٣١ دولة في بيان مشترك، الحكومة المصرية إلى وقف ملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء السياسيين، تحت ستار قانون مكافحة الإرهاب، وضمان مساحة للمجتمع المدني والصحفيين للعمل دون خوف وترهيب، ورفع الحجب عن المواقع الصحفية المستقلة، والكف عن الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي، فضلًا عن عدد آخر من التوصيات للحكومة المصرية. جاء البيان على هامش الدورة ٤٦ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي انعقدت في جنيف في مارس الماضي. ويرجع آخر إعلان مشترك للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، إلى مارس ٢٠١٤، وكان الإعلان حينها بمبادرة من أيسلندا وتوقيع ٢٦ دولة أخرى.

تفاعلت الحكومة المصرية سريعًا مع بيان الدول الأعضاء بالأمم المتحدة عبر بيان للبعثة المصرية الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، والذي وصف الانتقادات الدولية بـ”المزاعم والادعاءات” التي استندت إلى تقارير ومعلومات غير دقيقة.

وفي هذا السياق يحاول هذا التقرير، وتحديدًا في قسمه الثاني، تفنيد تلك الانتقادات باستعراض واقع الانتهاكات التي مارستها السلطات المصرية تجاه الحق في حرية التعبير، بصوره المختلفة، خلال الربع الأول من عام ٢٠٢١، التي تمكنت وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير من رصدها وتوثيقها، والتي تشير إلى وجود انتهاكات ممنهجة للحق في حرية التعبير.

وشهد الربع الأول من العام ٢٠٢١ أحداثًا متسارعة، بينما كانت الانتهاكات الممارَسة ضد حرية التعبير في مستواها المعتاد، ولكن كان هناك استحداث لأنماط جديدة من الانتهاكات، تستهدف فرض مزيد من القيود على ممارسة الأفراد حقهم في التعبير عن آرائهم بالوسائل المختلفة.

واستمرت السلطات المصرية، خلال هذا الربع، في تضييق الخناق على الفضاء الإلكتروني ومستخدميه، بشكل خاص، باعتباره آخر منافذ التعبير الحر لدى جمهور المواطنين، خصوصًا بعد عمليات التأميم الواسعة للمجال العام وقنوات التعبير التقليدية.

يحاول هذا التقرير الاشتباك مع واقع حرية التعبير في مصر، خلال الربع الأول من عام ٢٠٢١، وتحديدًا ما يتعلق بملفات عمل المؤسسة: حرية الصحافة والإعلام، حرية تداول المعلومات، حرية الإبداع، الحقوق الرقمية فضلًا عن الحريات الأكاديمية والحقوق الطلابية. وذلك عبر تحليل السياسات العامة التي تنتهجها الحكومة المصرية تجاه حق جمهور المواطنين في التعبير عن آرائهم، مع تحليل أبرز الانتهاكات التي تمكنت، وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، من رصدها وتوثيقها، خلال الفترة من 1 يناير 2021 وحتى 31 مارس 2021.

حمل بيان الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر انتقادات لاذعة لأداء الحكومة المصرية في ملف حقوق الإنسان، وتحديدًا في ملفات الحقوق والحريات. وهي الانتقادات التي وصفتها الحكومة المصرية بـ”المزاعم والادعاءات” مبررة ذلك بأنها استندت إلى معلومات وتقارير غير دقيقة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

وفي هذا السياق تؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن كافة الانتهاكات التي أشار إليها بيان الدول، مثلت في أغلبها أنماطًا اعتيادية للانتهاكات دأبت الحكومة المصرية على ممارستها، بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا الانتهاكات المتعلقة بالحق في حرية الفكر والتعبير، بحسب ما رصدته المؤسسة ووثقته عبر العديد من التقارير الدورية والنوعية المتعلقة برصد واقع حرية التعبير في مصر في السنوات القليلة الماضية.

وبشكل مبسط نحاول هنا أن نجد الحقيقة وراء “مزاعم” انتهاكات حرية التعبير في مصر عبر قراءة وتحليل الانتهاكات التي رصدتها وحدة الرصد والتوثيق بالمؤسسة خلال الربع الأول من العام ٢٠٢١، وتحديدًا في مجالات: حرية الصحافة والإعلام، حرية الإبداع، الحقوق الرقمية، والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية.

حيث شهد الربع الأول من عام 2021 استمرار السلطات المصرية في استهداف الأفراد على خلفية ممارسة حقهم في حرية التعبير، فقد وثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 38 انتهاكًا متعلقًا بملفات حرية التعبير، من بينهم 4 انتهاكات تتعلق بنشر معلومات أو آراء حول انتشار وباء كورونا المستجد في مصر.

ولا يمكن تفسير تراجع معدل الانتهاكات المتعلقة باستهداف مواطنين أو صحفيين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم أو نشر معلومات تتعلق بانتشار وباء كوفيد-19 في مصر، إلى تغيير سياسة الحكومة الأمنية مع الانتقادات التي توجه إلى سياساتها في مكافحة انتشار الوباء لكن بسبب الهجمة الأمنية على المواطنين والطواقم الطبية التي عبرت عن آرائها ووصلت إلى حد حبسهم ما جعل المواطنين يمارسون رقابة ذاتية تمنعهم من التعبير عن آرائهم خوفا من التنكيل بهم، وهي الآلية التي تعتمدها الحكومة مع أي أزمة تواجه المجتمع، حتى لو كانت تلك الأزمة تتعلق بحياتهم وتهدد الصحة العامة

 وثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال الربع الأول من 2021، 8 وقائع انتهاكات شملت 15 انتهاكًا. ويمكن إجمال الانتهاكات ضد حرية الصحافة خلال الربع الأول في ثلاثة عناوين رئيسية:

الإفراج عن صحفيين بعد جهود نقابية والقبض على آخرين

شهد الربع الأول من عام ٢٠٢١ نجاح جهود نقيب الصحفيين، ضياء رشوان، في الإفراج عن 3 صحفيين: الناشر والصحفي مصطفى صقر والمخلى سبيله على ذمة القضية رقم 1530 لسنة 2019 حصر نيابة أمن دولة عليا منذ 12 إبريل 2020، والصحفي بموقع درب إسلام الكلحي، مخلى سبيله على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر نيابة أمن دولة عليا منذ 9 سبتمبر 2020، والصحفي حسن القباني، مخلى سبيله على ذمة القضية رقم 1480 لسنة 2019 منذ 17 سبتمبر 2019.

واجه الصحفيون الثلاثة اتهامات واحدة كان أبرزها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وفي الوقت الذي ترحب فيه المؤسسة بجهود نقيب الصحفيين وأعضاء مجلس النقابة للإفراج عن الصحفيين، تطالب المؤسسة نقيب الصحفيين ومجلس النقابة بمزيد من الجهد للإفراج عن بقية الصحفيين المحبوسين، والذين تقدر المؤسسة عددهم بـ13 صحفيًّا ألقي القبض عليهم على خلفية عملهم الصحفي، كما تطالب المؤسسة نقابة الصحفيين بمزيد من الضغط على السلطات المصرية لوقف وقائع استهداف الصحفيين على خلفية عملهم الصحفي أو تعبيرهم عن آرائهم. فبالرغم من نجاح وساطة نقيب الصحفيين فإن السلطات المصرية لا تتوقف عن استهداف الصحفيين والتنكيل بهم.

حيث وثقت المؤسسة خلال الربع الأول من العام 2021 إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على 4 صحفيين:

– الصحفي حمدي مختار والشهير بـ”حمدي الزعيم” الذي ألقي القبض عليه في 4 يناير 2021 بعد مداهمة قوة من الأمن الوطني منزله بمنطقة الأميرية، محافظة القاهرة، لم يعرض الزعيم على نيابة أمن الدولة إلا في 16 من نفس الشهر متهمًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 955 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا. وجهت نيابة أمن الدولة إلى الزعيم اتهامات منها: الانضمام إلى جماعة إرهابية على علم بأغراضها، نشر أخبار كاذبة واستخدام حساب على أحد مواقع شبكة المعلومات الدولية بهدف نشر أخبار كاذبة.

جدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي تلقي فيها قوات الشرطة القبض على المصور الصحفي صاحب الـ42 عامًا، حيث ألقي القبض عليه في سبتمبر 2016 أثناء قيامه بتصوير إحدى التقارير الصحفية، وظل قيد الحبس الاحتياطي إلى أكثر من عام ونصف، حيث استبدلت المحكمة بحبسه تدابير احترازية في إبريل 2018.

2- الصحفي أحمد محمد خليفة: في 19 يناير 2021 ظهر المحرر الصحفي بموقع مصر 360، أحمد خليفة، بمقر نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس بعد 13 يومًا من اختفائه عقب استدعائه إلى مقر الأمن الوطني بالفيوم.

كانت قوة من الشرطة قد توجهت إلى منزل الصحفي بقرية التلات بمركز الفيوم في غيابه، قبل أن يتلقى مكالمة هاتفية تطلب منه التواجد بمقر الأمن الوطني بالفيوم، وهو ما استجاب له الصحفي في 6 يناير. منذ تلك اللحظة وأخبار خليفة منقطعة تمامًا، وينكر الأمن الوطني بالفيوم معرفته بمكانه، إلى أن ظهر متهمًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة العليا. وجهت نيابة أمن الدولة إلى خليفة اتهامات منها، الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تنفيذ جريمة.

3- حمدي عاطف هاشم: في 4 يناير 2021 ألقت قوة من الشرطة القبض على الصحفي حمدي عاطف، من منزله بمدينة زفتى، محافظة الغربية.

ظلعاطف قيد الاختفاء القسري بمقرات الأمن الوطني بالغربية، حتى ظهر معروضًا على نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، بالقاهرة، في 11 من نفس الشهر، وجهت إليه نيابة أمن الدولة اتهامات من بينها، الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، واستخدام حساب على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف نشر أخبار كاذبة، في القضية رقم 1017 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا. حمدي عاطف، طالب بالفرقة الرابعة كلية الآداب شعبة الصحافة. يعمل متدربًا ومراسلًا بقسم الحوادث في جريدة مصر البلد الإخبارية، كما يعمل مراسلًا لصحف: النبأ، البيان، والشورى. ألقي القبض على عاطف على خلفية تغطيته لأزمة نقص الأكسجين عن مصابي فيروس كوفيد-19 “كورونا” بمستشفى زفتى العام.

4- الكاتب الصحفي جمال الجمل: في 22 فبراير 2021 ألقت سلطات الأمن بمطار القاهرة القبض على الكاتب الصحفي جمال الجمل فور عودته من مدينة إسطنبول التركية على متن الرحلة رقم ms730. ظل الجمل رهن الاختفاء القسري لمدة 5 أيام حتى ظهر بمقر نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، شرق القاهرة، في ساعة متأخرة من مساء 27 فبراير 2021، متهمًا على ذمة قضية تعود إلى عام 2017 حملت رقم 977 لسنة 2017 حصر نيابة أمن الدولة العليا.

وجهت نيابة أمن الدولة إلى الجمل اتهامات من بينها، الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، نشر أخبار وبيانات كاذبة، واستخدام حساب على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي بغرض تنفيذ الجريمة الثانية. جمال الجمل هو كاتب صحفي مستقل، كتب للعديد من المواقع المصرية والعربية أبرزها جريدتا التحرير والمصري اليوم، والعربي الناصري.

تلقى الجمل في سبتمبر 2014 مكالمة هاتفية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، عاتبه خلالها على انتقاد السياسات الحكومية، قبل أن توقف المصري اليوم نشر مقالاته لنفس السبب في عام 2015. نتيجة التضييقات عليه غادر الجمل القاهرة قبل سنوات متوجهًا إلى إسطنبول بعد أن أوقفت جريدة المصري اليوم نشر مقاله الأسبوعي. استمر الجمل في كتابة آرائه أثناء تواجده في تركيا عبر موقع عربي 21.

  • الخروج عن النهج الرسمي يستدعي العقاب حتى للموالين

 ولا تقتصر الانتهاكات عند استهداف الصحفيين غير الموالين أو المعارضين للسياسات القائمة، بل يمكن للإعلاميين الموالين للنظام الحاكم أن يجري استهدافهم في حال ما خالفوا السياسة الإعلامية للدولة المصرية، والتي تضعها وزارة الدولة للإعلام حسب الوزارة، ولعل أبرز الأمثلة في هذا السياق هو استهداف الإعلامي بقناة النهار تامر أمين على خلفية ما تناوله ببرنامج أخر النهار عن رغبة أهالي الصعيد والريف في زيادة المواليد لمساعدتهم على زيادة الدخل عن طريق تشغيلهم في سن صغير، بالإضافة إلى تشغيل الفتيات “خادمات” حسب قوله، وهو ما أثار ردود أفعال غاضبة نتج عنها، قيام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بتغريم القناة 250 ألف جنيه وإنذارها بسحب التراخيص في حال تكرار المخالفات، وقف الحلقات الخاصة بالإعلامي تامر أمين ببرنامج آخر النهار، ومنع ظهوره الإعلامي في وسائل الإعلام لمدة شهرين، وإحالة البلاغات المقدمة إلى المجلس إلى النائب العام.

بينما أعلن طارق سعدة نقيب الإعلاميين إلغاء تصريح مزاولة المهنة لأمينبعد تحقيق استمر ثلاث ساعات بينما حددت محكمة جنح مدينة نصر جلسة محاكمة أمين بتهمة سب وقذف أهالي الصعيد والريف على خلفية رفع المحامي أشرف ناجي، جنحة يتهمه فيها بسب وقذف أهالي الصعيد والريف. بينما جاء بيان وزارة الإعلام عن الواقعة مثمنًا الإجراءات السريعة التي قام بها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقناة النهار.

ويكشف بيان وزارة الدولة للإعلام بصورة جلية نظرة السلطات المصرية إلى الإعلام في مصر، وهو ما يمكن أن يفسر ردود الأفعال الرسمية تجاه ما تناوله الإعلامي، بجانب ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من أهالي الصعيد، حيث ترى وزارة الإعلام ما بدر من الإعلامي تامر أمين يعد مخالفة لما أسمتها الوزارة السياسة الإعلامية للدولة المصرية، والتي تقوم وزارة الإعلام بوضعها حسب البيان، إذ ترى وزارة الدولة للإعلام وسائل الإعلام المختلفة ترسًا في المنظومة الإعلامية للدولة، ولا بد من التزامها بالسياسات التي تضعها الدولة عبر الوزارة ومخالفتها تستدعي العقاب من قبل الجهات المعنية، وهو ما يتنافى مع الدور الأساسي للإعلام كونه ناقلًا للمعلومات وناقدً ومراقبًا لجميع السلطات في المجتمع.

وبالرجوع إلى ما تناوله الإعلامي تامر أمين خلال برنامجه على قناة النهار، فإن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تؤكد أن الخطاب الصادر عنه محمي بمظلة حرية التعبير، حيث اقتصر على إبداء رأيه في مسألة الزيادة السكانية والأسباب التي تدفع بعض المواطنين إلى زيادة المواليد، حتى ولو حدد فئة محددة من المصريين مثل سكان صعيد مصر أو المحافظات الريفية، فقد خلا خطابه من أي دعاوى تحريض على العنف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يجعل من تحركات الجهات المختلفة تعديًا على حق الإعلامي في تناول أي قضية.

  • من فرد أمن في مدرسة إلى الوزير، الجميع يخاف من الكاميرا

 وفي سياق مختلف فقد نشر الإعلامي أحمد موسى في 2 مارس الماضي مقطعًا مصورًا للاعتداء على طاقم تصوير برنامجه المذاع على قناة صدى البلد، على مسؤوليتي، ومنعهم من التصوير من قبل أفراد أمن مدرسة بهتيم الثانوية بنين أثناء تغطيتهم سير إجراء امتحانات الصف الأول الثانوي. وطالب موسى عبر برنامجه محافظ القليوبية بالتدخل وإحالة المسؤولين عن الاعتداء ومنع فريق برنامجه من التغطية إلى التحقيق.

وفي 6 يناير الماضي أصدرت الهيئة العامة للتأمين الصحي قرارًا بمنع التصوير داخل المستشفيات، سواء كان فوتوغرافيًّا أم تصوير فيديو. وأضاف القرار أنه لن يسمح للمرضى باصطحاب هواتفهم المحمولة بأقسام الرعاية المركزة أيًّا كان السبب. أرجعت الهيئة القرار إلى تعليمات وزيرة الصحة، هالة زايد.

يأتي القرار بعد نشر مواطنين فيديوهين من مستشفى زفتى العام بمحافظة الغربية، ومستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية، يوضح معاناة مرضى وباء كورونا جراء نقص إمدادات الأكسجين ووفاة بعض الحالات، وهو الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الأرجح كانت تلك الأحداث هي المحرك لإصدار هذا القرار.

 وثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 18 انتهاكًا على خلفية تعبير مواطنين عن آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شمل 10 حالات قبض، 6 وقائع تدوير وإعادة حبس على ذمة قضية جديدة بعد إخلاء السبيل، وحالة واحدة تمثلت في إصدار حكم بالسجن، وأخيرًا حالة واحدة لإحالة مدير مستشفى إلى التحقيق الإداري بكفر الشيخ[ على خلفية نشره استغاثة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” يطالب فيها المواطنين بتوفير أسطوانات أكسجين لمرضى وباء كوفيد-19 “كورونا المستجد” بعد أزمة طارئة متمثلة في نقص للأكسجين في المستشفى.

  • توقيف الأفراد بالأكمنة وتفتيش هواتفهم

 اتجهت السلطات المصرية خلال تظاهرات 20 سبتمبر 2019، والتي دعا إليها المقاول المصري محمد علي، إلى توقيف الأفراد المارين بميدان التحرير وتفتيش هواتفهم والقبض عليهم في حالة العثور على أي تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى معارضة الشخص للسياسات الحكومية. كان هذا الانتهاك مرتبطًا بمناطق جغرافية محددة أبرزها ميدان التحرير ومنطقة وسط البلد وضواحيها، بالإضافة إلى أنه كان يقتصر على الأوقات التي تطلق فيها دعوات إلى التظاهر. إلا أنه ومع تكرار الدعوة إلى التظاهر توسع هذا النمط من الانتهاك ليشمل مناطق عدة داخل القاهرة. وهو ما يعد تطورًا جديدًا رصدته المؤسسة خلال الربع الحالي.

حيث لم يتوقف الأمر عند التوسع في ممارسة الانتهاك بمناطق خارج المناطق المعروف اندلاع تظاهرات فيها، وفي أوقات دعي فيها إلى تظاهرات، بل انتقل ليكون عبر أكمنة الشرطة المنتشرة بالمناطق المختلفة، سواء الأكمنة الثابتة أو المتنقلة، وفي أوقات لا توجد بها بالضرورة أية دعوات إلى التظاهر. فمن بين 10 حالات وثقتهم المؤسسة لمواطنين ألقي القبض عليهم خلال هذا الربع، كان من بينهم 5 حالات ألقي القبض عليهم بعد توقيفهم من قبل أكمنة شرطة، ولعل أبرز تلك الحالات القبض على أحد الأفراد رفض ذووه ذكر اسمه، من إحدى المدن الجديدة، شرق القاهرة، بعد توقيفه بأحد الأكمنة وتفتيش هاتفه وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، والعثور على تدوينات مناهضة للسياسات الحكومية. حيث اختفى المقبوض عليه إلى ما يقارب 16 يومًا قبل أن يظهر متهمًا على ذمة القضية 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة. واجهته نيابة أمن الدولة بنفس الاتهامات المعتادة وهي الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار وبيانات كاذبة، واستخدم حساب على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تنفيذ الجريمة الثانية.

الحبس الاحتياطي وتدوير المتهمين

تستخدم الأجهزة الأمنية في مصر الحبس الاحتياطي كعقوبة في انتظار أي مواطن يقوم بالتعبير عن آراء ناقدة للسياسات الحكومية، وسط تواطؤ من نيابة أمن الدولة، والتي تعمل على استمرار تجديد الحبس الاحتياطي للمقبوض عليهم على خلفية تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي ووجود بدائل أقرها قانون الإجراءات الجنائية عن الحبس، كالتدابير الاحترازية المنصوص عليها بالقانون. ويمنع القانون استمرار حبس مواطن احتياطيًّا أكثر من عامين على ذمة نفس القضية إلا أن الأجهزة الأمنية تتحايل على هذا القانون من خلال ما يعرف بـ”تدوير المتهمين” وإعادة حبسهم بعد إصدار قرار إخلاء السبيل، حيث يفاجأ محامي الضحية أثناء إنهاء إجراءات إخلاء السبيل باختفاء الضحية وإنكار وزارة الداخلية عبر أقسام الشرطة معرفتها بمكانه، إلى أن يظهر بعد فترة بنيابة أمن الدولة متهمًا على ذمة قضية جديدة.

وتعد أبرز الحالات خلال الربع الحالي، إعادة حبس رئيسة قسم الترجمة بمكتبة الإسكندرية خلود سعيد والتي حصلت على قرار بإخلاء سبيلها على ذمة التحقيقات في القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة في 13 ديسمبر 2020. إلا أن القرار لم ينفذ حيث فوجئ محاميها باختفائها وإنكار وزارة الداخلية معرفتها بمكانها في 26 من نفس الشهر، ولم يعلم مصير سعيد حتى ظهرت معروضة على نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 1017 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة. واتهمت سعيد بنفس الاتهامات التي وجهت بها في القضية المخلى سبيلها على ذمتها.

وفي نفس السياق أعيد تدوير 4 أشخاص على ذمة القضية 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة بعد صدور قرارات إخلاء سبيل ثلاثة منهم على ذمة التحقيقات في القضية رقم 535 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة، وهم شيماء سامي[26] والمحبوسة احتياطيًّا منذ مايو 2020 ونرمين حسين[27]، المحبوسة احتياطيًّا منذ مارس 2020، ونجلاء فتحي[28]، والمحبوسة احتياطيًّا منذ يونيو 2020. وجدير بالذكر أن نجلاء فتحي عرضت بعد تدويرها على النيابة بملابس السجن البيضاء. أما الرابعة التي رفضت ذكر اسمها فقد كانت محبوسة على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة منذ 18 سبتمبر 2020.

يواجه الأربع نفس الاتهامات التي ووجهن بها في القضايا المخلى سبيلهن على ذمتها وهي نفس الاتهامات التي يواجه بها كل المعروضين على نيابة أمن الدولة، ومنها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل. وهي الاتهامات التي يحتمل أنها تستند إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمعروف بقانون الجريمة الإلكترونية ولكن لا يمكن التأكد من ذلك طالما أن هذه القضايا لا يتم إحالتها إلى المحاكمة.

وفيما يخص وقائع القبض الجديدة خلال الربع الحالي فقد وثقت المؤسسة في 11 مارس الماضي القبض على شريف ياسين وهو مدير مجموعة على فيسبوك تسمى “عالم النقل والسكك الحديدية”  بعد وصوله إلى المطار قادمًا من دولة الإمارات العربية، على خلفية شكوى تقدم بها وزير النقل الحالي كامل الوزير إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتهمه فيها بالهجوم على إستراتيجيات الدولة والخطط الخاصة بتطوير منظومة السكك الحديدية، وتعمد نشر أخبار مغلوطة والتقليل من شأن المشروعات الكبرى التي تقوم بها وزارة النقل.

وعلى خلفية تلك الشكوى قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حذف محتوى الصفحة ومخاطبة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لتنفيذ القرار، بالإضافة إلى تقديم بلاغ إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المشكي في حقه.

وفي نفس السياق ألقي القبض على، مصطفى صفوت، في 4 يناير الماضي، على خلفية إدارته إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. أنكرت وزارة الداخلية معرفتها بمكان صفوت حتى عرض على نيابة أمن الدولة في 9  من نفس الشهر متهمًا على ذمة القضية رقم 1017 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة. واجهت نيابة أمن الدولة صفوت باتهامات، منها: الانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة.

  • سجن سناء سيف

  في 17 مارس 2021 أصدرت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار، مدبولي كساب، حكمًا بالسجن عامًا ونصفًا على الناشطة، سناء سيف، الاتهامات من بينها، نشر أخبار وبيانات كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، سب موظف عام. وتعود وقائع القضية إلى اختطاف قوة من الشرطة سيف في 23 يونيو 2020 من أمام المقر الذي يتواجد فيه مكتب النائب العام أثناء ذهابها برفقة أسرتها لتقديم بلاغ إلى النائب العام حول وقائع التعدي عليهم من قبل مجهولين أمام بوابة مجمع سجون طرة على مرأى ومسمع من ضباط وزارة الداخلية، دون أي تحرك.

في 26 أغسطس من نفس العام وبعد شهرين تقريبًا من القبض عليها، أحيلت سيف إلى المحاكمة على ذمة القضية رقم 12499 لسنة 2020 جنايات التجمع الأول والمقيدة برقم 659 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة.

حكم المحكمة أحال القرار إلى عدة اتهامات، حيث حكمت المحكمة بسجنها عامًا على خلفية اتهامها بإذاعة أخبار وإشاعات كاذبة عمدًا من شأنها إثارة الفزع بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، بأن نشرت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أخبارًا ادعت فيها كذبًا، حسب المحكمة، تفشى جائحة كورونا داخل السجون المصرية، وغياب التدابير الوقائية منها، وتردي الأوضاع الصحية للمسجونين على إثرها، وإهمال إدارة السجن المتعمد علاجهم ضمن انتهاكاتها الممنهجة ضد المسجونين، وكان من شأن ذلك إثارة فزع المواطنين وسخطهم على مؤسسات الدولة وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. بالإضافة إلى استخدام حساب على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونيًّا.

بينما قررت المحكمة حبسها 6 أشهر، على خلفية اتهامها، بسب موظف عام عن طريق النشر بسبب أداء وظيفته، بالإضافة إلى التعدي عليه بالقول والوعيد أثناء تواجدها بمحيط منطقة سجون طرة أثناء توليه أعمال تأمين السجن وتنظيم الزيارات.

الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

 رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال الربع الأول من 2020 استهداف 3 أكاديميين مصريين، حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على طالب ماجستير بالخارج بعد عودته في إجازة قصيرة،  بينما استهدفت عائلة ثانٍ متواجد بألمانيا، بينما أوقفت كلية الإعلام أكاديميًّا ثالثًا يتعرض لعدة انتهاكات على خلفية انتقاده إعلاميين محسوبين على السلطات المصرية على رأسهم الإعلامي بقناة صدى البلد أحمد موسى.

ويأتي استهداف الأكاديميين الثلاثة على خلفية تعبيرهم عن آرائهم. ويأتي في مقدمة المستهدفين، الباحث وطالب الماجستير، أحمد سمير سنطاوي، والذي أمرت نيابة أمن الدولة في 6 فبراير الماضي بحبسه على ذمة التحقيقات في القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة. وجهت نيابة أمن الدولة إلى سنطاوي اتهامات، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العالمي. واجهت النيابة سنطاوي ببعض الصور الضوئية للتدوينات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وقد أنكر صلته بهذه التدوينات أو ذلك الحساب المنسوب إليه. واشتكى سنطاوي خلال التحقيقات من تعرضه لسوء معاملة وتعذيب خلال استجوابه من قبل ضباط من الأمن الوطني وهو ما دفع فريق الدفاع عنه إلى طلب إحالته إلى الطب الشرعي لإثبات ما تعرض له من انتهاكات.

تعود أحداث الواقعة إلى مداهمة قوة من الأمن الوطني منزل عائلة سنطاوي بالتجمع الخامس شرق القاهرة، في 23 يناير الماضي، أثناء تواجده في إجازة بإحدى المناطق السياحية بجنوب سيناء. فتشت القوة المنزل وقامت بتصوير هوية المتواجدين به، وطلبوا منهم إبلاغ سنطاوي بالحضور إلى قسم شرطة التجمع الخامس، تحفظت القوة على جهاز التسجيل الخاص بنظام المراقبة التابع للعقار قبل أن تغادر.

في الثلاثين من نفس الشهر ذهب سنطاوي إلى قسم التجمع الخامس استجابة لطلب القوة الأمنية إلا أنهم طلبوا منه العودة إلى منزله والحضور الاثنين 1 فبراير، وهو ما فعله عبد الحي، قبل أن يتم احتجازه وتغيب أي معلومات رسمية عنه منذ ذلك التاريخ وحتى عرضه على نيابة أمن الدولة في 6 فبراير 2021، تنقل خلالها بين عدة مقرات تابعة للشرطة منها مكتب الأمن الوطني داخل قسم التجمع الخامس، والذي تواجد فيه حتى صباح 3 فبراير، بعدها تم نقله إلى قسم التجمع الأول، قبل أن يتم نقله إلى مكان غير معلوم مساء الخميس 4 فبراير.

وفي نفس السياق فقد أصدر الباحث السياسي والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، تقادم الخطيب، بيانًا على حسابه على موقع التواصل فيسبوك، ذكر فيه مداهمة قوة من الأمن الوطني بمحافظة الأقصر منزل عائلته في 10 فبراير الماضي. وأضاف البيان بأن القوة الأمنية قامت باستجواب والده عن مكان تواجد الباحث ومكان عمله، وسبب عدم زيارته لمصر وهل هناك أي تواصل بينه وبين أسرته. وأضاف البيان إلى أن الضابط المسؤول عن استجواب والده قام بالاستيلاء على هاتف والده وبعض الأوراق الخاصة بالباحث والأسرة بالإضافة إلى صورة شخصية له، كما قام الضابط بتصوير هوية والد الباحث ووالدته قبل أن ينصرفوا.

وتتماشى تلك الإجراءات مع نمط الاستهداف الأمني للباحثين المصريين الدارسين بالخارج، خاصة هؤلاء الذين كان لهم نشاطات سياسية من قبل. حيث ألقت قوات الأمن خلال العام الماضي القبض على الباحث بالنوع الاجتماعي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وطالب الماجستير بجامعة بولونيا، باتريك جورج في فبراير 2020 بعد وصوله مطار القاهرة في إجازة دراسية. كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الدكتور أحمد التهامي في 3 يونيو 2020. التهامي باحث في السياسة المقارنة والعلاقات الدولية، والأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية منذ 2014 والأستاذ الزائر في جامعة برلين الحرة عام 2019. ولا يزال الباحثان قيد الحبس الاحتياطي منذ القبض عليهما وإلى الآن.

بينما استمر استهداف الأكاديميين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم في مجالات تخصصهم الأكاديمي، ففي 28 مارس الماضي نشر رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أيمن منصور ندا، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صورة من استدعاء النيابة العامة له إلى جلسة تحقيق في اليوم التالي على ذمة التحقيقات في القضية رقم 8 لسنة 2021 حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، إلا أنه لم يُشر إلى سبب الاستدعاء ولم نتمكن من الوصول إليه لاستيثاق السبب وراء الاستدعاء، إلا أنه كان على الأرجح على خلفية بلاغ قال المجلس الأعلى للإعلام في بيان[34] له إنه سيتقدم به إلى النائب العام ضد ندا على خلفية مقالات نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” انتقد فيه أداء بعض الإعلاميين ووضع الإعلام في مصر حاليًّا، اعتبره المجلس في بيانه سبًّا وقذفًا، للإعلام المصري برمته والزملاء بأسمائهم.

بدأت الأزمة بعد نشر ندا عددًا من المقالات على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” انتقد خلالها الوضع الذي وصفه بغير المهني الذي وصل إليه الإعلام المصري، ومستوى الإعلاميين المتصدرين للإعلام ووجه انتقادات إلى العديد منهم وعلى رأسهم الإعلامي بقناة صدى البلد أحمد موسى، الذي انتقد أداءه على الشاشة واصفًا إياه بعدم امتلاكه أي مواصفات من الواجب توافرها في المذيع كما تقول الكتب، ورغمًا من ذلك تفرد له مساحات واسعة على الهواء.

وفي سياق تقول كلية الإعلام جامعة القاهرة إنه منفصل، قررت الكلية  وقف ندا[ عن العمل في واقعة سماها منشور الجامعة على حسابها على “فيسبوك” تعديه على وكيل الكلية الأسبق. وسبب البيان القرار والصادر في 29 مارس 2021 بالحفاظ على عدم التأثير على سير واستكمال التحقيقات التي يتم إجراؤها بكلية الحقوق.

وتضمنت الشكوى حسب البيان ارتكاب ندا العديد من التجاوزات والمخالفات التي تتنافى مع قيم وتقاليد العمل الجامعي خلال اجتماع لجنة الدراسات العليا بالكلية. ونفت كلية الإعلام أية علاقة بين القرار والاستهداف الإعلامي والقانوني الرسمي للأكاديمي.

واستهدفت الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة عددًا من الأكاديميين على خلفية تعبير عن الرأي في مجال عملهم، يأتي على رأسهم الأستاذان بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، حازم حسني وحسن نافعة، اللذان يطرحان رؤاهم السياسية التي تحمل في كثير من الأوقات انتقادات للسياسات الحكومية. فقد ألقت القبض على حسني في سبتمبر 2019 وظل قيد الحبس الاحتياطي حتى أفرجت عنه الشرطة في 23 فبراير 2021 بعد قرار النيابة العامة باستبدال حبسه الاحتياطي على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة. بينما ألقي القبض على نافعه في سبتمبر 2019 أيضًا إلا أنه تم الإفراج عنه في مارس 2020 مع 15 ناشطًا قررت النيابة إخلاء سبيلهم، مع بدء تفشي وباء كوفيد-19 في مصر.

حرية الإبداع

 رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير حالتي انتهاك بحق مبدعين، حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على أحد المبدعين على خلفية أعماله، إلا أننا نتحفظ على ذكر اسمه أو معلومات حول وضعه القانوني، ما قد يتسبب في كشف هويته بناءً على طلبه. وفي نفس السياق فقد رصدت المؤسسة استمرار الأجهزة الأمنية في التنكيل بمصمم الجرافيك والمتخصص في التسويق الرقمي، مصطفى جمال[36]، عن طريق تدويره للمرة الثانية، بتواطؤ من نيابة أمن الدولة والتي أمرت بحبسه على ذمة قضية جديدة بعد إخلاء سبيله على ذمة قضيتين سابقتين.

يرجع استهداف جمال إلى حملة شنتها الأجهزة الأمنية في أعقاب نشر المطرب المصري رامي عصام  في 26 فبراير 2018 فيديو كليب تحت عنوان “بلحة” يقوم فيها المطرب بغناء أغنية من تأليف الشاعر المصري جلال البحيري ينتقد من خلالها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ويعلق على عدد من سياساته بطريقة ساخرة.

بعد صدور الأغنية شنت الأجهزة الأمنية المصرية حملة استهدفت فيها 6 أشخاص، اثنان منهم شاركوا في العمل الفني، وأربعة لم يشتركوا إلا أنهم كانوا على علاقة عمل سابقة بمطرب الأغنية رامي عصام، بالإضافة إلى مواطن مصري مقيم بالكويت قامت الأجهزة الأمنية بدولة الكويت بترحيله إلى مصر بعد توقيفه أثناء تشغيله الأغنية داخل سيارته.

كان جمال من الأربعة الذين لم يشاركوا في العمل الفني.

 توصيات

  •  رغم الإنكار التام الذي تعاملت به السلطات المصرية مع الانتقادات التي وجهها إليها بيان الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تكرر الدعوة إلى السلطات المصرية بضرورة وقف الانتهاكات الممنهجة ضد حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في حرية الفكر والتعبير. بما يشمله ذلك من إجراءات سياساتية وتعديلات تشريعية وتغيير كبير على مستوى الممارسات، خاصة الأمنية منها. وفي هذا السياق تؤكد المؤسسة على الأهمية البالغة لأن تغير الحكومة المصرية من نهجها فيما يخص إتاحة المعلومات بشكل سهل الوصول والتداول لجمهور المواطنين، وعلى الأخص المعلومات المتعلقة بالأخطار الصحية التي يواجهونها.
  • كذلك تدعو مؤسسة حرية الفكر والتعبير مجلس الوزراء ووزارة التضامن الاجتماعي إلى ضرورة مراجعة اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم العمل الأهلي، بما يحقق تلافي أبرز مشكلات القانون ١٤٩ لسنة ٢٠١٩ وتحديدًا ما يخص سلطات الجهة الإدارية على تمويل وأنشطة المؤسسات والجمعيات الأهلية، وإشراك الفئات المعنية بالقانون في عملية تعديل اللائحة. بينما تحذر مؤسسة حرية الفكر والتعبير من أي استخدام للقانون واللائحة بهدف المساهمة في تصفية حركة حقوق الإنسان المستقلة في مصر.
  • وترى المؤسسة ضرورة بالغة وحاجة عاجلة إلى إلغاء قانون جرائم تقنية المعلومات رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ نظرًا إلى الاستخدام الواسع له في ملاحقة وتقييد حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم عبر منصات الفضاء الإلكتروني المختلفة ومخالفة بعض مواده نصوصَ الدستور المصري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *