الصحفيون في زمن كورونا.. جنود مجهولون في طريق محفوف بأخطار الموت والملاحقة

محمود هاشم

لا تقتصر الصفوف الأمامية في جبهات الحرب ضد فيروس “كورونا” المستجد على أفراد الرعاية الصحية، فالصحفيون يغامرون يوميا لنقل آخر أخبار الوباء من داخل المستشفيات ومن خلال إجراء المقابلات مع الأطباء والممرضات والمسؤولين السياسيين والأخصائيين والعلماء وحتى المرضى.

ومنذ بدء تفشّي الوباء، لقي 55 صحفيا حتفهم في نحو 23 دولة حول العالم جراء فيروس كورونا، وفق ما ذكرته منظمة   (PEC) السويسرية غير الحكومية.

وعلى الرغم من إقرار المنظمة بعدم امتلاكها معلوماتٍ كافيةٍ عما إذا كان جميع الصحفيين المتوفين أصيبوا بالعدوى خلال أداء عملهم أم لا، إلا أنها أكدت أن الطواقم الإعلامية، تفتقر في أغلب الأحيان إلى لوازم الحماية الضرورية لتغطية مستجدات الجائحة، بحسب إذاعة مونت كارلو الدولية.

الإكوادور الأكثر تضررا.. وحملات دعم مصرية

وتعد الإكوادور، بحسب الأرقام التي نشرتها منظمة PEC الدولة الأكثر تضررا بتسجيلها حصيلة وصلت إلى 9 صحفيين توفوا بفيروس كورونا، تليها الولايات المتحدة بـ8 صحفيين، ثم البرازيل بـ4 صحفيين، وفي بريطانيا وإسبانيا تم تسجيل 3 وَفَيات في صفوف الصحفيين.

وفي منطقة الشرق الأوسط،، دشن صحفيون حملات دعم مع زملائهم الذين وقعوا ضحية للعدوى، من بينها مجموعة “صحفيون في مواجهة كورونا” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، هدفها جمع مساعداتٍ، تحت إشراف نقابة الصحفيين، لأولى ضحايا الفيروس، الصحفي محمود رياض، على أن يتم توسيع نطاق الحملة من أجل مساعدة صحفيين آخرين تسببت أزمة كورونا المستجد في توقّف نشاطهم ومصدر رزقهم.

تحجيم الحرية تحت ذريعة الفيروس

ولا يتوقف خطر كورونا عند حد الوفاة، فقد عبرت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن قلقها من استخدام الفيروس كذريعة لتحجيم حرية الإعلام، بعد توتّر العلاقات بين وسائل الإعلام والحكومات جرّاء تشكيك العديد من المراسلين والصحفيين في الأرقام الرسمية التي أعلنتها بعض من الدول، منتقدين نقص الشفافية في التعامل مع الأزمة.

تزامن ذلك مع أنباءٍ عن اختفاء شابّيْن صينيين، هما فانج بن وتشين كيوشي، يعملان في صحافة المواطن، كانا يوثقان “حقيقة” ما يحدث في مدينة ووهان الصينية، من خلال مقاطع فيديو، وصور، وقصص مأساوية نشراها على الإنترنت من داخل المدينة أثناء الحجر الصحي، وحينما كانت المنطقة معزولة تماما عن باقي أجزاء الصين.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، استغل الرئيس دونالد ترامب اللقاءات الصحفية، منذ بداية الجائحة، من أجل الاستفادة من عدد المشاهدات التي تحظى بها مشاكساته مع الصحفيين، قبل أن يقرر إيقاف الإحاطات اليومية التي اعتبر أنها “لا تستحق الوقت والجهد”، واصفا أسئلة الصحفيين بـ”المعادية” وأنها لا تعود على الشعب الأمريكي سوى بـ”الأخبار المزيفة”.

ملاحقات وسحب اعتماد.. التداعيات تنعكس على “الورقي”

كما تعرّض عمل وسائل الإعلام إلى العرقلة والتعثّر في أكثر من مكانٍ حول العالم، بسبب عدم توافق بعض تقاريرها وأنبائها مع ما تصريحات المصادر الرسمية.

ففي مصر، سحبت الهيئة العامة للاستعلامات اعتماد مراسلة “الجارديان” البريطانية، الصحفية “روث ميكالسون”، بعد نشرها تقرير اعتمدت فيه على تغريدة لباحث كندي يتحدث عن إصابة عشرات الآلآف من المصريين بفيروس كورونا.

كما أرسلت السلطات المصرية إنذاراً لمكتب “نيويورك تايمز” في القاهرة، باتخاذ الإجراءات القانونية، مطالبة مدير المكتب بالالتزام بقواعد المهنية والإستناد إلى المصادر الرسمية في الأخبار التي يتم نشرها عن مصر في الصحيفة.

وفي العراق، قامت هيئة الإعلام والاتصالات بتعليق رخصة وكالة “رويترز” للأنباء وتغريمها بمبلغٍ يناهز 19 ألف يورو بتهمة نقل أخبار كاذبة وتعريض الأمن المجتمعي للخطر، بعد نشر الوكالة لتقريرٍ عن إخفاء السلطات العراقية الأرقام الحقيقية حول عدد المصابين بفيروس كورونا، في وقتٍ كانت بعثة الأمم المتحدة بالعراق أشادت فيه، عبر بيان صحفي، بالتدابير التي اتخذتها السلطات العراقية لمكافحة الفيروس رافضة احتمال أن تتعمد الحكومة إخفاء أو تزييف النتائج.

من جهةٍ أخرى، عبّر صحفيون أردنيون عن استيائهم من تضرر الصحافة الورقية بخطة الحكومة لاحتواء فيروس كورونا، بعد وقف بعض الأنشطة والخدمات التي يشتبه في إمكانية مساهمتها في انتشار الفيروس، شملت الطبعة الورقية من الصحف اليومية والعريقة، في وقتٍ تعاني فيه الصحف من تداعيات تراجع النشاط الاقتصادي وانعكاسه المباشر على حجم الإعلان في الصحف الورقية، ما يضع آلاف الصحفيين أمام خطر البطالة في حال إغلاق بعض المؤسسات الصحفية أو عجزها عن تأمين الحد الأدنى من الإيرادات اللازمة لدفع الأجور وتغطية النفقات التشغيلية.

يُذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) دعت الحكومات إلى تحمل مسؤولية ضمان سلامة الصحفيين عند تغطية أي أزمات صحية أو اجتماعية مترتبة على الوباء، وذلك بموجب المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *