الحصيلة شهيد وعشرات المصابين ومئات المنازل المشتعلة.. حينما أحرق المستوطنون بلدة حوارة الفلسطينية على الهواء مباشرة 

وكالات 

استشهد فلسطيني وأصيب العشرات، أمس الأحد 26 فبراير 2023، من جراء اعتداءات المستوطنين بدعم من قوات الاحتلال على الفلسطينيين في بلدة حوارة جنوبي نابلس، التي نقلتها استغاثات مواطنين فلسطينيين على الهواء مباشرة.  

ففي الساعة الأولى قبل حلول الليل، دخل المستوطنون وسيطروا على الطرقات الرئيسة، وفي الأطراف بدأوا بإشعال النيران في منازل مأهولة وغير مأهولة، وعندما حل الظلام، اندفع المئات منهم وسيطروا على البلدة وأصبحت الشوارع فارغة تماما من المواطنين والمارة، وأُشعلت النيران في أكثر من موقع. 

وتُقدم النيران التي اشتعلت الليلة في حوارة تقديرا حيا عن حجم الكارثة التي يعيشها سكان القرى جنوب نابلس، وسط حلقة من المستوطنات التي تحيط بقراهم ومنها تنطلق الهجمات الليلية نحو منازلهم. 

وكان فريق الإسعاف يعمل فوق قدرة احتماله كما قال مسعفون، فأعداد الإصابات كبير جدا. بالنسبة لأحمد جبريل وهو مدير الإسعاف في الهلال الأحمر الذي شهد تلك المحرقة “كانت ليلة صعبة جدا”. 

وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، منع قوات الاحتلال الطواقم الطبية من الدخول إلى حوارة، بالإضافة إلى الاعتداء على سيارات إسعاف، فيما يفرض الاحتلال حصاراً في محيط نابلس وقراها. 

وأحرق المستوطنون عشرات المنازل، بالإضافة إلى سيارات وممتلكات الفلسطينيين في حوارة، وأصيب أكثر من 150 فلسطينياً باعتداءات قوات الاحتلال ومستوطنيه، وتم حرق 52 منزلاً فلسطينياً و 130 سيارة فلسطينية، كما تم تحطيم سيارة دفاع مدني. 

https://www.youtube.com/watch?v=RKEI-YdbgKY&embeds_euri=https%3A%2F%2Fwww.wafa.ps%2F&source_ve_path=MjM4NTE&feature=emb_title  

وأصبحت حوارة، آخر مكان في العالم تحرق فيه بلدة مدنية، وكان مصيرها يعتمد الليلة الماضية، على مدى انتشار النار فيها. 

وعاشت البلدة الصغيرة التي تقع إلى الجنوب من نابلس، وتحفها الأشجار الخضراء من كل النواحي، وسط النيران طيلة الليلة الماضية، كارثة ذات أبعاد غير مسبوقة. 

“كانوا ينقلون النار من مركبة إلى أخرى”، قال حسن عودة الذي هوجم منزله وأُحرقت أمامه نحو 15 مركبة كانت متوقفة هناك. في الليل شوهدت النار التي أكلت المركبات وكادت تصل إلى المنزل على الهواء مباشرة، عبر “تيك توك” ومنصات اجتماعية أخرى. 

وحاول عودة وأبناؤه الدفاع عن ممتلكاتهم ومنزلهم، لكن النيران انتشرت بسرعة، “كنا أمام نارين: النار المشتعلة في المركبات، والنار التي يحاولون إيصالها إلى المنزل”. قال الرجل الذي كان يذود عن عائلة مكونة من 15 نفرا احتمَوا داخل جدران الغرف التي حُطمت نوافذها. 

في بعض الشوارع، وقف الناس لمشاهدة منازلهم تحترق دون أن يستطيعوا إطفاءها. وفي الشوارع الخارجية تعرضت مركبات الدفاع المدني وطواقمها للاحتجاز والاعتداء. 

ودُفعت نحو المنطقة مع بداية الحرائق عدة مركبات إطفاء، لكنها تعرضت إلى التخريب من المستوطنين الذين اعترضوا طريقها. 

كان صياح أهالي البلدة واستغاثاتهم تُسمع تباعا عبر البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن أي تحرك لهم لمساعدة بعضهم كان محفوفا بالمخاطر، فإضافة إلى وجود المستوطنين المسلحين، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يتمركز في كل مكان. 

وقال أحد الذين ينقلون إحراق البلدة على الملأ عبر تقنية البث المباشر كلمتين تختصران الحالة المشتعلة “حوارة تحترق”. 

كانت الطرقات إلى حوارة كلها مغلقة. وحتى في حال نجح القليل من التحرك عبر الطرقات الجبلية عائدين إلى قراهم أو منازلهم، فقد تنتهي رحلتهم بالقتل أو الاحتجاز الطويل، كما حدث مع سكان بلدات وقرى تقع إلى الشرق من نابلس. 

كانت الحرائق التي أُشعلت في حوارة هذه الليلة هي الأوسع خلال السنوات الماضية. أُحرقت المنازل فيها مرار، وكان نصيبها من النيران هذه الليلة هو الأكبر. 

ففي الساعات الأولى لبدء الحرائق، كانت إلهام سلامة (22 عاما) تشاهد بعينيها منازل بلدتها تشتعل، ومع مرور الوقت غطت الأدخنة القادمة من الحارة الأخرى الأكثر تضررا على مشهد النيران. 

“كنت أراهم وهم يشعلون النار في الأشجار. صحيح أننا اعتدنا على هجماتهم-تقصد المستوطنين- لكن هذه النيران أراها لأول مرة في حياتي”. 

وفي الصباح، كان على سلامة أن تبدأ بجمع معلومات أخرى عما جرى في البلدة، فهي طالبة في كلية الإعلام، وتريد اليوم ممارسة العمل الصحفي في أحد أشد أشكاله قسوة من داخل منازل جيرانها. 

حمّلت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الجرائم الممنهجة والخطيرة والمروعة لميلشيات المستوطنين المسلحة في بلدات وقرى محافظة جنوب نابلس، بحماية ومشاركة ودعم جيش الاحتلال، وعن تداعياتها على الوضع المتدهور في الأرض الفلسطينية المحتلة، وانعكاساتها الإقليمية والدولية. 

وأكدت الأمانة العامة، في بيان، صدر عنها اليوم الاثنين، أن هذه الحرب العدوانية التي تأتي في سياق التصعيد الإسرائيلي المستمر على أبناء شعبنا الفلسطيني، في نابلس، وجنين، وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة، تهدف إلى تدمير وإفشال الجهود والمساعي الدولية والإقليمية المبذولة لمحاولة الخروج من الوضع المتأزم وبالغ الخطورة، بإيجاد مسار سياسي يعيد إطلاق محادثات السلام، وإحياء فرص حل الدولتين قبل فوات الأوان. 

وأكدت أن هذا التصعيد يأتي ترجمة للمواقف والتصريحات الرسمية لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وما تتضمنه من وعيد وتهديد وعنصرية وتحريض يستهدف الوجود والحقوق الفلسطينية، وممارسة كل أشكال العداء المعبرة عن حقيقة السياسات والخطط الإسرائيلية. 

كما طالبت بضرورة إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف فوري لهذه الجرائم الخطيرة والاعتداءات المتواصلة، بما يشمل توفير الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني من تلك الجرائم التي توجب مساءلة مرتكبيها طبقاً لمبادئ القانون الدولي وأحكامه.  

من جانبه، أدان الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية سعيد أبو علي، تلك الجرائم المروعة، وما تمارسه تلك الميليشيات من إرهاب، في إطار سياسة الحرب المفتوحة، وغطاء سياسي رسمي من وزراء في الحكومة الإسرائيلية. 

وأضاف أن سلطات الاحتلال ما تزال تغلق قرى وبلدات نابلس وتمنع حركة المواطنين، وتفرض حصاراً مشدداً على نابلس وقراها بانتهاكات جسيمة لكل الأعراف الدولية وأبسط قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، استمراراً لممارسة إرهاب الدولة الرسمي المنظم. 

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر، إن بلادها تتابع بقلق بالغ العنف المستمر في الضفة الغربية، ولا سيما في بلدة حوارة. 

وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أن العنف ضد المدنيين الفلسطينيين أمر غير مقبول، داعية حكومة الاحتلال الإسرائيلي، كجزء من مسؤوليتها كقوة احتلال، إلى حماية المدنيين الفلسطينيين ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف في حوارة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *