الجنيه يسجل أسوأ انخفاض منذ 5 سنوات والدولار يسجل أكثر من 19 جنيهًا.. وخبراء: على الحكومة تقليل النفقات وتأجيل بعض المشروعات
كتب- صحف
عاود الجنيه المصري التراجع أمام الدولار الأمريكي ليباع في البنوك الحكومية والخاصة بأكثر من 19جنيها للدولار الواحد في انخفاض هو الأسوأ منذ 5 سنوات، بعد أيام من مطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة بإجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية “حاسمة وفورية”.
وقالت (بي بي سي) إنه تتأثر أسعار السلع في مصر بشكل كبير بتراجع سعر الجنيه أمام الدولار، باعتبارها دولة تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الغذاء والطاقة والتكنولوجيا الحديثة.
ولفتت إلى أنه مما يزيد من احتمالات ارتفاع الأسعار في السوق المصري إلغاء سياسة الدولار الجمركي الذي كان يسمح بسعر تفضيلي للسلع المستوردة.
وقبل نحو ست سنوات بلغ الدولار 19.6 جنيها بعد أن طبقت الحكومة برنامجا للإصلاح الاقتصادي، كانت أبرز سماته تحرير سعر الصرف في البنوك المصرية وأخضعته لقواعد العرض والطلب.
وتستورد مصر سنويا سلعا مختلفة، معظمها غذائية، بنحو 78 مليار دولار.
ويرجع خبراء انخفاض سعر صرف العملة المحلية المصرية إلى التداعيات السلبية للأزمة الأوكرانية، وارتفاع أسعار السلع واضطراب حركة الشحن، وتراجع عوائد مصر من السياحة وخروج الأموال الساخنة من معظم الأسواق الناشئة.
وتوقعت مسؤولة في صندوق النقد الدولي أن ينخفض معدل النمو للعام المالي الحالي إلي 4.8 في المئة إذا استمرت العوامل الحالية مؤثرة على الأسعار العالمية.
يقول علاء عبد الحليم، عضو مجلس إدارة شركة الرواد للأوراق المالية، لـ(بي بي سي) إن مصر تعاني من أثار أزمة اقتصادية عالمية، ولكن المشكلة الأساسية لدى الحكومة تتمثل في تضخم الدين الخارجي والمحلي، فالفوائد قد تتجاوز 800 مليار جنيه للدين المحلي، إضافة إلى “الالتزامات الدولارية لسداد الديون الخارجية وفوائدها، وهو ما يمثل العقبة الكؤود أمام البلاد”.
ويقول أستاذ التمويل في جامعة القاهرة الدكتور هشام إبراهيم إن الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر يعاني بشكل كبير منذ بداية الأزمة الأوكرانية بالرغم من أن البلاد لديها ثبات أو ربما نمو في قطاعات أخرى مثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
لكن الأمر يحتاج إلي ضبط للميزان التجاري، وضبط أكبر لعمليات الاستيراد وتنشيط موارد الدولة من الدولار، وأشار إبراهيم لمساندة الدول العربية مثل السعودية والإمارات، مؤكدا على أن الاستثمار ببيع حصص من شركات مصرية سواء حكومية أو قطاع خاص سينشط السوق.
ويرى بعض الباحثين الاقتصاديين أن السوق المصري غير منضبط بعوامل العرض والطلب، فهو سوق يستجيب للعرض والطلب بشكل بطئ، نظرا لعدد كبير من الاحتكارات أو ما يسمى “بالكارتل” أو الاتفاق الشفوي بين عدد من المتحكمين في السلعة.
فعلي سبيل المثال الحكومة المصرية أرجعت الارتفاع الكبير في سعر البيض، إلى ما أطلقت عليه في بيان، “الكارتل الخاص بالبيض” والذي اتضح عبر تحقيقات لاحقة أنه يقوم بالاحتفاظ بالبيض ويمنع نزوله للأسواق حتى يرتفع سعره، ليحقق هؤلاء التجار أرباحا أكثر على حساب المستهلك، في عملية يطلق عليها عملية تعطيش السوق.
عدم انضباط السوق يجعل التحكم في الأسعار يخضع لعوامل ليست حقيقية بعيدا عن العرض والطلب، ويجعل بعض التجار يرفعون من سعر السلع دون مبرر مقبول، كما أكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل بجامعة القاهرة.
وأضاف أن ما حدث هو انخفاض قليل لسعر الجنيه وليس تخفيضا كبيرا ومن المفترض ألا يؤثر على الأسعار لكن الأمر يختلف في مصر هناك من سيستغل كسر الدولار لحاجز الـ 19 جنيها ليرفع الأسعار، في ظل تراجع قدرة الحكومة على الرقابة والضبط.
ويؤكد عبد الحليم أن أسعار المواد الأساسية تحركت ارتفاعا على مستوى العالم، وارتفاع الأسعار في الأسواق المصرية لهذه السلع أمر طبيعي، وهو أمر ليس خاصا بمصر فقط ولكنه أمر عالمي.
وأضاف عبد الحليم أن الاقتصاد الألماني يشهد تراجعا، وهناك مخاوف من أن يدخل الاقتصاد الأمريكي في ركود، والتضخم في أوروبا وصل إلى 8% وهو الذي لم يتجاوز 2% سابقا.
تحاول الحكومة المصرية السيطرة التضخم عن طريق السياسة النقدية، ورفع سعر الفائدة، وطرح شهادات ادخار بعوائد مرتفعة لخفض السيولة في الأسواق، وتهدئة الطلب، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى “ركود تضخمي” بمعنى ألا يقل سعر السلعة رغم انخفاض الطلب عليها بشكل كبير.
ويقول علاء عبد الحليم، “إن الحكومة المصرية يجب عليها أن تقلل من النفقات، أو تؤجل المشروعات القابلة للتأجيل، وتعتمد سياسة مالية ونقدية لتجاوز هذه الأزمة، وبالطبع سنعاني من التضخم، ولكنه يؤكد أن الخوف كل الخوف أن ندخل في ركود وهو ما يحتم على الحكومة أخذ بعض القرارات التنشيطية للأسواق”.
وتتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد لتحسين احتياطيها الأجنبي وتقليص الفجوة التمويلية في الموازنة، غير أن الصندوق يطلب تحريرا كاملا وفوريا لسعر الجنيه بينما تشير تحركات الحكومة والبنك المركزي المصري إلى السماح بتراجع تدريجي مدار لسعر الصرف.