التفاصيل الكاملة لإقرار البرلمان تشكيل محاكم استئناف للأحكام الصادرة من دوائر جنايات أول درجة.. والمبادرة المصرية: تحرك إيجابي 

كتب: عبد الرحمن بدر 

في خطوة أثارت العديد من ردود الفعل، أقر مجلس النواب، برئاسة المستشار حنفي جبالي، بأن تشكل في كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر تستأنف أمامها الأحكام الصادرة  من دوائر جنايات أول درجة، وذلك في مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية. 

وتقضي المادة (367) بأن تشكل في كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر تستأنف أمامها الأحكام الصادرة من دوائر جنايات أول درجة، وتؤلف كل منها من ثلاثة من قضاتها أحدهم على الأقل بدرجة رئيس محكمة استئناف، وتكون رئاسة المحكمة لأقدمهم. 

من جانبها أكدت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية أن مشروع القانون جاء هادفاً إلى تحقيق عدد من الأهداف أبرزها العدالة الناجزة وتطبيق أفضل صورها، وكذا تخفيف العبء على محكمة النقض، ويهدف كذلك إلى وضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظراً لخطورة الجنايات وأثارها على المتهم وذويه ومن ثم، بات لزاماً على الدولة أن تسارع إلى تعديله ليتفق مع الغايات السالف ذكرها. 

وقالت اللجنة إن مشروع القانون جاء متسقاً مع أحكام الدستور خاصة المادة 96 التي تنص على: “وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وكذلك المادة (240) منه التي تنص على أن: “تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك كما أنه جاء أيضاً تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ومتسقاً مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. 

المبادرة المصرية ترحب وتطلب تعديلات  

بدورها رحبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بمشروع قانون يتيح للمرة الأولى استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات. 

وقالت المبادرة في بيان لها، إن الخطوة تأخرت كثيرًا نحو تنفيذ استحقاق دستوري وعلاج عوار تشريعي واستجابة لمطلب ناضلت من أجله الحركة الحقوقية المصرية على مدى عدة عقود.  

وتابعت المبادرة المصرية: مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية الذي نظره مجلس النواب في جلسته العامة اليوم الإثنين، ١٥ يناير، يتماشى مع المعايير العالمية للمحاكمة العادلة والمنصفة والمبادئ الدستورية التي تقر حق التقاضي على درجتين. 

وانتقدت المبادرة إعلان وتقديم الحكومة لهذا التعديل الهام قبل أقل من 48 ساعة من ساعات معدودة من انتهاء المهلة المنصوص عليها في دستور 2014، والذي ألزم البرلمان باستحداث ذلك النظام القانوني والإجرائي خلال عشر سنوات من تاريخ العمل به، وهي المهلة التي تنقضي في 17 يناير الجاري. وشددت المبادرة على ضرورة التحرك العاجل لتنفيذ باقي الاستحقاقات الدستورية المعطلة دون سبب، ومن بينها إنشاء مفوضية مكافحة التمييز، وضمان تخصيص الحد الأدنى المنصوص عليه دستوريًا لمعدلات الإنفاق الحكومي على التعليم والتعليم العالي والصحة والبحث العلمي، ومد التعليم الإلزامي للمرحلة الثانوية، وإصدار قانون بتنظيم ندب القضاة، وقانون العدالة الانتقالية، وقانون تنظيم المحليات وإجراء انتخاباتها.  

وذكر البيان: رغم مهلة السنوات العشر التي أتاحها الدستور، فقد قدمت الحكومة مشروع القانون فجأة أول أمس السبت إلى اللجنة التشريعية بمجلس النواب، والتي أقرته في جلسة واحدة وأحالته للجلسة العامة اليوم مما حال دون إجراء مناقشة حقيقية لمشروع القانون أو تعديله.  

وأضافت المبادرة أن التراخي في تنفيذ هذه الاستحقاقات لا يعكس فقط تجاهلًا لأحكام دستورية ملزمة، بل يعصف بحقوق ملايين المواطنين. فقد نظرت محاكم الجنايات المئات من القضايا في هذه السنوات العشرة, صدرت فيها أحكام – من بينها الإعدام- ضد المواطنين المتهمين في قضايا جنائية الذين حرموا من حقهم الدستوري الكامل في التقاضي على درجتين. 

وأثنت المبادرة المصرية على إصرار مجلس النواب اليوم على تطبيق النظام الجديد لإتاحة استئناف أحكام الجنايات فور إصدار القانون وعدم الانتظار إلى أكتوبر المقبل كما طرحت الحكومة في مشروعها، وذلك للتأكيد على ضرورة تمتع المتهمين بحقهم الدستوري في أقرب وقت ممكن، ووضع وزارة العدل والمحاكم أمام مسؤولياتها لإعادة هيكلة الدوائر وتوفير المتطلبات اللوجستية والمالية لذلك.  

وطالبت المبادرة مجلس النواب بإعادة النظر في عدد من النصوص الأخرى للمشروع قبل التصويت النهائي عليه الأسبوع الجاري، أبرزها النص على تخصيص دوائر بعينها داخل كل محكمة لنظر قضايا أمن الدولة مع الإلزام بالفصل فيها “على وجه السرعة”؛ إذ حفلت تجربة تخصيص دوائر لنظر تلك القضايا وقضايا الإرهاب في محاكم الجنايات في السنوات الماضية بالعديد من الإشكاليات الماسة بحقوق المتهمين وانتهاك حقهم في الدفاع بدعوى السرعة. فضلًا عن عدم الحاجة إلى وجود هذه الدوائر الدائمة بالنظر لأعداد القضايا المحالة إليها، ما يعني إهدار موارد قضائية نحن في أمس الحاجة إليها.  

وأضاف البيان: المبادرة المصرية تؤيد التعديل الذي تقدم به في جلسة اليوم النائب فريدي البياضي والذي ينص على “جواز تخصيص دائرة أو أكثر لنظر قضية بعينها، أو القضايا المتعلقة بنوع محدد من الجرائم” دون إلزام بالفصل السريع فيها، وحسب السلطة التقديرية للجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف المختصة ورئيسها، حتى يكون هذا التخصيص على قدر الحاجة وحتى يتمتع بالمرونة التي تسمح بتخصيص الموارد القضائية حيثما نحتاجها.  

كما يتضمن مشروع الحكومة مادة تجيز لمحكمة الجنايات بدرجتيها الأمر بحبس المتهم احتياطيًا والإفراج عنه بكفالة أو دون، مع مراعاة المادتين 142 و143 من قانون الإجراءات الجنائية. 

وطالبت المبادرة المصرية بأن يشتمل هذا الحكم على نص صريح يطابق نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة 143 للتأكيد على أن الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في جميع الجنايات لا يجوز أن يجاوز 18 شهرًا، تزيد إلى سنتين فقط إذا كانت العقوبة المقررة لجريمة الاتهام السجن المؤبد أو الإعدام.  

وأكدت أن الهدف من هذا المقترح منع المحاكم من التوسع في تفسير الفقرة الأخيرة من المادة 143 التي استُحدثت بالقانون رقم 83 لسنة 2013 في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور لتسمح لمحكمتي النقض والإحالة بتجاوز الحدود القصوى المذكورة سلفًا، مما يسمح باستمرار الحبس الاحتياطي لأجل غير مسمى، الأمر الذي يشوب النص بعيوب دستورية جسيمة، تستوجب إعادة النظر فيه.  

وأضافت: يأتي ذلك اتساقًّا مع احتلال قضية إصلاح منظومة الحبس الاحتياطي أولوية النقاش المجتمعي والسياسي في السنتين الماضيتين، في ضوء رزوح الآلاف من المواطنين الأبرياء تحت الحبس الاحتياطي المطول مفتوح المدة جراء التوسع في تفسيره وتطبيق هذه الفقرة المعيبة من قبل بعض الدوائر في المرحلة الأولى من المحاكمة، وليس في مرحلة النقض أو إعادة المحاكمة. وشددت المبادرة على أن هذا التعديل الجزئي المرحلي لن يعالج أزمة الحبس الاحتياطي الهائلة المستمرة منذ عشر سنوات ولن يغني عن تعديل شامل لكافة المواد المنظمة للحبس الاحتياطي بما يمنع استخدامه كعقوبة خاصة ضد المعارضين.  

وقال البيان إن عدم إتاحة الوقت الكافي لمناقشة هذا المشروع بالغ الأهمية، وغموض توافر الاستعداد لتنفيذه على أرض الواقع، يثير القلق من تكرار المشهد في المشروع الأكثر أهمية على الإطلاق لمنظومة العدالة وهو صياغة قانون  جديد للإجراءات الجنائية للمرة الأولى منذ صدور القانون الجاري عام 1950، والذي تعمل عليه حاليا لجنة حكومية برلمانية مشتركة في أجواء من السرية تتخللها بيانات قصيرة لا تحمل معلومات كافية.  

وطالبت المبادرة مجدداً بعقد جلسات استماع علنية مع الحقوقيين والقانونيين والقضاة والخبراء وممثلين عن السجناء السابقين وضحايا الجريمة وغيرهم من الأطراف ذات المصلحة، باعتبار قانون الإجراءات الجنائية يمثل البنية التحتية لمنظومة التقاضي الجنائي كاملة. 

وزير العدل: مشروع القانون المقدم يلبي استحقاقا دستوريا  

قال المستشار عمر مروان، وزير العدل، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم الاثنين، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، بشأن استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات، يلبي استحقاقا دستوريا ويلبي مطلبا في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. 

وأضاف: «هذا يشكل خطوات جادة ومستمرة في ترسيخ البنية التشريعية والمؤسسية في مجال حقوق الإنسان». 

وتابع: هذا القانون هو الدستور الصغير الذي ينظم الحقوق والحريات. 

نائب: الانتهاء من 90% من مواد مشروع القانون الجديد  

وقال النائب إيهاب الطماوي، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، رئيس اللجنة الفرعية لدراسة قانون الإجراءات الجنائية، إنه تم الانتهاء من 90% من مواد مشروع القانون الجديد . 

وأضاف أن هذا التعديل التشريعي الذي تناقشه الجلسة في بعض مواد «الإجراءات الجنائية» يعتبر ثمرة من ثمار اللجنة الفرعية في شأن تعديل القانون، لاسيما وأنه استحقاق دستوري. 

ضياء الدين داود: يجب تطبيق التعديلات من اليوم الثاني لصدور القانون  

قال النائب ضياء الدين داود، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، الإثنين، إنه يجب العمل على تطبيق تعديلات قانون الإجراءات الجنائية من اليوم الثاني لصدوره. 

واعترض «داود» خلال مناقشة التعديلات المقدمة من الحكومة التي تقر الاستئناف في أحكام الجنايات، على تأجيل التطبيق حتى أكتوبر المقبل مع بداية السنة القضائية الجديدة، مضيفًا: «من وجهة النظر العملية والإشكاليات التي يترتب عليها التطبيق مع العام القضائي الجديد يضعنا في مأزق». 

ودعا للاشتباك مع النصوص اشتباكًا جديًا، ومساعدة الحكومة على الوصول للتطبيق من اليوم الثاني، وتابع: «خلال العمل في المحاكم يتم التعامل مع العاجل وما يمكن أن يتم تأجيله». 

وطالب بضرورة وجود بنية تحتية لتطبيق النصوص القانونية، لافتًا إلى تجربة اللجنة الفرعية بمجلس النواب لإعداد قانون متكامل للإجراءات الجنائية واستعانتها بكل الخبرات. 

وقال: «لما جينا نفكر في إلغاء الأحكام الجنائية يجب أن نفكر في منظومة إعلان المتهم يقينًا غير قابل للشك، لما أدركنا صعوبة الأمر كان الأمر سجالا يروح وييجي بمناقشات ودراسة عملية واستحضار كل الخبرات من كل الجهات بما فيها وزارة الاتصالات». 

وأكد أن التعديل الذي ينظم الاستئناف في أحكام الجنايات يجب أن يتزامن معه تعديلات في القانون رقم 11 لسنة 2017، وقال وتعود محكمة النقض لمهمتها الأصلية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *