التفاصيل الكاملة لأزمة «العمرة الديلفري».. وأزهريون ودار الإفتاء يرفضون تطبيق «عمرة البدل»: بيزنس وتجارة بالدين  

صانع محتوى ديني يدعو لاستخدام التطبيق بـ400 آلاف جنيه لعمرة البدل ويعد بخصم لمن يتقدمون أولاً 

الإفتاء: الفقهاء تكلموا عن حالات فردية والبعض يُريد تحويل العمرة لتجارة يتربَّحون منها 

أمير منير للمنتقدين: لو أخذت أمولا مقابل الإعلان عبر حساباتي على مواقع التواصل فهذا لا يضر أحدا في شيء  

الجندي: هذا الكلام المبتدع يراد به أكل أموال الناس بالباطل.. رايح يعمل عمرة لواحد ميعرفوش ليه؟ 

إلهام شاهين: الإخلاص واستحضار النية ركن رئيس في أداء أي شعيرة دينية ولا سيما العمرة.. لا يجب أن يتحول الأمر إلى سلعة  

مدير الأروقة الأزهرية: تحويل أموال عبر الإنترنت مقابل أداء العمرة بالإنابة نوع من البيزنس والتجارة بالدين وبأحلام الناس  

كتب: عبد الرحمن بدر

“تخيل تؤدي عمرة لأحبابك بأقل من 4000 جنيه مصري”، بهذه الكلمات أشعل أحد صناع المحتوى الديني معركة عن أداء العمرة عن طريق البدل، وواجه صانع المحتوى اتهامات بأن ما يقوم به عبارة بيزنس لا علاقة له بالدين، فيما انتقد أزهريون ما ذكره صانع المحتوى، مؤكدين أن عمرة البدل تجوز في حالات محددة فقط.  

بدأت القصة حين أطلق أمير منير فيديو عبر حسابه الرسمي على «فيس بوك»، يتحدث عن وجود تطبيق عمرة البدل نظير مبلغ 4000 جنيه. 

والتطبيق يتيح أكثر من طريقة للعمرة منها العمرة السريعة في يوم واحد، العمرة في طريقتها المعهودة، وفقًا لما قاله منير في الفيديو. 

وتابع: أن العمرة البدل، ثبت عن النبي جواز الوكالة بالعمرة، ومش لازم يكون قريب من المتوفى أو العاجز.  

وذكر في نهاية الفيديو أنه بالتعاون والتنسيق مع أصحاب التطبيق استطاع أن يحصل على خصم لكل متابعيه لمن سيقوم بتلك الخطوة، وقال: «قدرت أجيبلكم خصم AM35، تقدر تاخد خصم 35% لأول 500 هيطلبوا عمرة بتطبيق عمرة البدل». 

يذكر أن “عمرة البدل” تطبيق أطلقته مؤسسة سعودية عام 2019، تصف نفسها بأنها “وسيط” بين الراغبين في أداء عمرة لأنفسهم أو لذويهم، وبين طلاب العلم وحفظة القرآن من المقيمين في مكة والقادرين على أداء العمرة بالنيابة مقابل أموال. 

لم تمر الكثير من الساعات وعاد أمير منير للظهور في لايف عبر حسابه على «فيس بوك»، عقب حملة هجوم تعرض لها، ومن التعليقات: «وييجي حد يقولي ليه انت ليه عندك مشاكل مع اغلب المشايخ ده تربح باسم الدين ولا أنا متهيألي»، وقال آخر: «أنا مش مستوعب ولا مقتنع بصراحة باللهري ده دي تجارة بالعبادات ولا هو أي سبوبة وخلاص». 

يشار إلى أن أمير منير هو طبيب ويعتبر من مشاهير السوشيال ميديا الذين يقدمون محتوى ديني بجانب برنامج عبر قناته الرسمية على اليوتيوب وفي يوليو 2019، صرح حينها السيد حسين رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة بالأوقاف أن أمير منير أحمد ليس له علاقة بالأوقاف وغير مصرح له بالخطابة أو أداء الدروس الدينية. 

ولما واجه صانع المحتوى انتقادات لاذعة واتهامات بأنه يسعى وراء جمع المال من الناس والنصب عليهم، ظهر في مقطع فيديو الأربعاء مؤكدا “أنه لو فعل ذلك فسيحاسبه الله”، مشيرا إلى أن التطبيق الإلكتروني “لا يخصه ولكنه موجود، ولو كان قد أخذ أمولا مقابل الإعلان عنه عبر حساباته على مواقع التواصل فهذا لا يضر أحدا في شيء”. 

مدير الأروقة الأزهرية: بيزنس وتجارة بالدين وبأحلام الناس  

من جانبه قال مدير عام الأروقة الأزهرية، عبد المنعم فؤاد، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ما أطلقه هذا الشخص بشأن تحويل أموال عبر الإنترنت مقابل أداء العمرة بالإنابة ما هو إلا نوع من البيزنس والتجارة بالدين وبأحلام الناس. 

فالإنابة في السنة أو الفرض أمر جائز شرعا ولكن بشرط أن من يؤديه يكون قد أداه عن نفسه أولا. 

لا يجوز لأي أحد أن يرسل لشخص أمولا لينوب عنه في العمرة والحج إلا إذا كان الراغب في ذلك عاجزا تماما عن السفر للأداء بنفسه، كما لابد أن من يؤدي العمرة عنك يكون معروف لديك علم اليقين ولديك ثقة فيه. 

وتابع: العمرة ليست فرضا بل هي سنة من السنن، وبالتالي لا يجوز تحمل أية أعباء عنها إذا لم تكن هناك استطاعة لها، وما يجوز فيه الإنابة هو الحج لأنه فرض ولكن بشرط أن من يؤديه يكون قد أداه عن نفسه أولا، فلا يجوز أن يذهب لبيت الله الحرام من يؤدي فريضة عن غيره ولم يؤدها عن نفسه، ولا يجوز فتح مكاتب أو عمل تجاري لأداء العمرة أو الحج عن الناس، فهذا نوع من أنواع البيزنس الجديد الذي ابتلينا به هذه الأيام. 

إلهام شاهين: يجب أن يتحول الأمر إلى سلعة  

بدورها قالت إلهام شاهين، أمين مساعد مجمع البحوث الإسلامية لـ(بي بي سي) إن “الإخلاص واستحضار النية هو ركن رئيس في أداء أي شعيرة دينية ولا سيما العمرة”، وبرغم إقرارها جواز الإنابة أو الوكالة في أداء الحج أو العمرة عن المتوفى أو المريض، تقول إنه “لا يجب أن يتحول الأمر إلى سلعة”. 

وتضيف قائلة: إنه من الجائز دينيا توكيل أحد الأشخاص بأداء العمرة وإعطائه أموالا مقابل اقتطاع جزء من وقته، لكن هذا التطبيق الذي يحول أداء العمرة إلى مصدر للتكسب أفرغ الشعيرة من ركن أساسي فيها وهو “إخلاص النية”. 

الجندي: أكل لأموال الناس بالباطل  

وفي السياق نفسه قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنه بعد عصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – ابتلينا بالتدين بالوكالة، وظهر بأشكال متعددة، حيث ظهرت وظيفة “المغسلاتي”، وهو ما لم يكن موجودا في عصر صدر الإسلام، وكذلك “الراقي الشرعي”، فلم يكن ذلك في الإسلام، فكل شخص كان يرقي نفسه.  

وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “مساء DMC”، مع الإعلامية إيمان الحصرى، أن التدين بالوكالة أصبح شيء خطير جدا وموجود في كل النواحي الدينية عند المسلمين فلا نعرف أنه حالة كسل أم تقاعد، موضحا أن العمرة بالوكالة لم تحدث قط في زمن النبي أو الصحابة أو التابعين. 

 وأكد أن النيابة في العبادات من الأمور التي تكلم فيها الفقهاء، ولذلك هناك عبادات تقبل النيابة وأخرى لا تقبل النيابة، مشيرا إلى أن شخص يقوم بها بدلا من شخص عاجز، فهل يجوز أن يقوم أحد بالحج له، الحنفية قالوا لا تجوز في العبادات البدنية النيابة، وإنما تجوز في العبادات المالية، أما العبادات البدنية المالية “مركبة” مثل الحج والعمرة، الفقهاء قالوا تجوز بشرط أن تكون بدون اشتراط من الموكل، أي تكون بدون اشتراط. 

وتابع: “انتشر على السوشيال ميديا واحد بيقول في شركة معينة ادفع 4 آلاف جنيه وواحد يطلع مكانك عمرة ويرفع الآي دي بتاعتك، وهذا الكلام المبتدع يراد به أكل أموال الناس بالباطل”، مردفا: “رايح يعمل عمرة لواحد ميعرفوش ليه، لله ولا للمال، إن كانت لله فأولى يعملها لنفسه، فالمسألة مقابل أجر، عندنا أزمة ما قبل الدولة ولا بعد الدولة، فيه أمور كانت مباحة أصبحت غير متاحة، وأمور كانت متاحة أصبحت غير مباحة، فلا أحد من الفقهاء حرم تجارة العملة، وتتاخد توكئة عشان الناس تخرب اقتصاديات الدول اللي بينتموا إليها، فلما نقول لهم تجارة العملة بقت حرام نفهم الأسباب للصالح العام، فالشيوخ والدعاة يفتقدوا ما يسمى فقه الصالح العام، فليس كل شيء متاح مباح”. 

دار الإفتاء ترد في بيان رسمي:  

ردت دار الإفتاء على الجدل الذي أثاره اليوتيوبر وصانع المحتوى الديني أمير منير بعد إعلانه عن تطبيق يتيح العمرة بالبدل بمقابل 4000 جنيه.  

وقالت في بيان لها: من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية. ولا بدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه- جل وعلا، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة.  

وتابعت: إذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة مثلًا وبين من سيؤديها عنه.   

وأضافت: من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.  

واختتم البيان: ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما مُستنكَر وخارج عن المألوف.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *