التضخم يتصاعد والليرة تهبط| الأزمة الاقتصادية التركية.. تداعيات عالمية أم تأثيرات السياسة النقدية لإردوغان؟

وكالات 

يتصاعد التضخم في تركيا منذ الخريف الماضي، عندما شهدت الليرة تراجعا حادا إثر إطلاق البنك المركزي التركي لدورة تيسير للسياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة 500 نقطة أساس تنفيذا لأوامر من الرئيس رجب طيب أردوغان. 

وأظهرت بيانات الجمعة 3 يونيو، أن معدل التضخم السنوي في تركيا قفز إلى أعلى مستوياته في 24 عاماً مسجلاً 73.% في مايو، وهو مستوى أقل من التوقعات ولكنه مدفوع بتداعيات الحرب وارتفاع أسعار السلع الأولية والليرة التي تتراجع منذ أزمة في ديسمبر. 

ورغم الارتفاع الحاد للتضخم السنوي، قال وزير المالية التركي نور الدين نباتي، الجمعة الماضي، إن التضخم الشهري يميل نحو الانخفاض. 

وكتب على “تويتر” أن زيادة الإنتاج الزراعي بمساعدة الظروف المناخية المواتية ستسهم في تخفيف حدة التضخم في الفترة المقبلة. 

وقال معهد الإحصاء التركي إن أسعار المستهلكين ارتفعت 2.98% على أساس شهري، مقارنة مع توقعات استطلاع أجرته رويترز لزيادة 4.8%. 

وارتفعت أسعار النقل والغذاء 108% و92% على الترتيب خلال العام الماضي، مما سلط الضوء على أزمة اقتصادية متفاقمة بالنسبة للأتراك الذين يواجهون صعوبة في شراء السلع الأساسية. 

وعلى أساس سنوي، كان من المتوقع أن يبلغ تضخم أسعار المستهلكين 76.55%، وارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين 8.76% على أساس شهري في مايو بزيادة سنوية 132.16%. 

وأدت المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد إلى توجيه انتقادات لسياسة الرئيس رجب طيب أردوغان الاقتصادية غير التقليدية المتمثلة في الضغط من أجل خفض أسعار الفائدة لمكافحة ارتفاع الأسعار، ورفض البنك المركزي مرة أخرى الأسبوع الماضي رفع سعر الفائدة الرئيسي وأبقاه عند 14 في المئة. 

وأدى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى ارتفاع التضخم الشهر الماضي. وقفزت أسعار النقل بنسبة 107,6 في المئة في أيار/مايو بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 91,6 في المئة. كما تسببت شائعات عن تدخل عسكري في شمال سوريا في انخفاض قيمة الليرة التركية التي وصلت إلى نحو 16,5 أمام الدولار الجمعة. 

وفقدت العملة قرابة 48 في المئة من قيمتها خلال العام الماضي، ومع الاستعداد لانتخابات يونيو 2023، اتهمت المعارضة والعديد من الاقتصاديين هيئة الإحصاء الوطنية بتقليل حجم التضخم عمدا. 

وقالت مجموعة أبحاث التضخم التي تضم اقتصاديين أتراكًا مستقلين إن التضخم تسارع فعليًا بنسبة هائلة بلغت 160,8 في المئة أي أكثر من ضعف الرقم الرسمي. 

وهبطت الليرة التركية بأكثر من 1% لتصل إلى 16.6 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر، بعد تأكيد الرئيس التركي أن بلاده ستواصل خفض معدلات الفائدة وليس زيادتها في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، مهونا من شأن تضخم يزيد على 70%، ومعتبرا أنه أحد عدة مشاكل يعاني منها الاقتصاد، لتصل نسبة تراجع العملة التركية إلى 19.8% هذا العام، وهو أسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة. 

وأبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة القياسي عند 14% منذ ديسمبر، حتى مع تسارع التضخم السنوي إلى 73.5% في مايو. 

كما تعهد أردوغان بتعزيز الإنتاج والصادرات والتوظيف عن طريق سياسته غير التقليدية لأسعار الفائدة المنخفضة، ووعد مجددا بفائض في ميزان المعاملات الجارية سيدفع العملة للاستقرار في نهاية المطاف ويهدئ التضخم. 

وقال أردوغان “جزء من المشكلة (التضخم) هو أن بعض المواطنين يصرون على الاحتفاظ بمدخراتهم بالعملات الأجنبية، والجزء الآخر هو المدخلات المستوردة بسبب تزايد الإنتاج”. 

وأضاف قائلا “هذه الحكومة لن تزيد معدلات الفائدة، على العكس نحن سنواصل خفض المعدلات”. وحث الأتراك على الاستفادة من قروض منخفضة الفائدة وعلى الاستثمار. 

وأشار إلى تداعيات الصراع الروسي في أوكرانيا، وقال “إذا لم يكن هناك أي صدام في المنطقة، فإن الناس سيمكنهم الشعور بفوائد ملموسة لبرنامجنا الاقتصادي، يحدونا الأمل بأننا سنكون في هذه المرحلة في الأشهر القليلة الأولى من العام القادم.” 

ورفعت تركيا أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء قبل أيام، وألقت الشركة المستوردة للطاقة في البلاد اللوم في ذلك على ما وصفته بأنه “عاصفة مكتملة الأركان” في الأسواق تغذي ارتفاع التضخم في البلاد والذي من المرجح أن يكون قد بلغ أعلى مستوياته في 24 عاما الشهر الماضي. 

وتستورد تركيا جميع احتياجاتها من الطاقة تقريبا، ما يجعلها عرضة لمخاطر تقلبات الأسعار الكبيرة، وسجل معدل التضخم السنوي 70% حسب بيانات شهر أبريل، وشهدت الليرة انخفاضا بنسبة 44% في 2021 بعد موجة غير تقليدية من تخفيضات الفائدة بطلب من أردوغان. 

ويعقد المصرف المركزي التركي، اجتماعه المقبل الخاص بالسياسات النقدية في 23 يونيو، في الوقت الذي يضغط أردوغان على البنك لخفض سعر الفائدة، تخوفا من التأثير على حظوظه للفوز بولاية جديدة في انتخابات العام المقبل.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *