التحالف الشعبي: نرفض خصخصة شركات الأسمدة.. وتحقيق السيادة الغذائية “ضرورة”.. علينا اليقظة قبل فوات الوقت
الأزمة الأوكرانية كشفت تبعية سياستنا الزراعية للسوق الرأسمالية العالمية على حساب الاستقلال الوطنى والأمن القومى
ارتفاع نسبة تصدير الأسمدة للخارج من 45% إلى 70% من الإنتاج المحلية رفع تكلفة الإنتاج وضاعف خسائر الفلاحين
بيع حصص في أبوقير للأسمدة وموبكو وتعطيل سماد طلخا ضرر كبير تتكامل حلقاته مع كارثة سد النهضة وفجوة الغذاء
أعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، رفضه خصخصة شركات الأسمدة، وشدد على ضرورة الحفاظ على المصانع المملوكة للدولة لتحقيق التوازن في الأسعار ودعم الزراعة المصرية والفلاحين، وأعاد التأكيد على ضرورة تحقيق السيادة الغذائية.
وقال الحزب، في بيان صحفي، إن الاستمرار في خصخصة شركات الأسمدة التابعة للدولة تحمل مخاطر كبيرة على الزراعة المصرية و أحوال الفلاحين وكذلك على أزمة الغذاء، خاصة في ظل أزمة الغذاء العالمية وشح المياه، ما يعرض البلاد لمخاطر كبيرة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والجوع. كما أن قرارات بيع الشركات الكبرى لم يطرح للمناقشة سواء في المجالس التشريعية أو الحوار المجتمعي وهي شركات رابحة وتنتج سلع أساسية.
وأوضح الحزب أن دستور 2014 نص في المادة (32) على أن الموارد الطبيعية ملك الشعب، وتلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها. ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة العامة. وفي المادة (34) للملكية العامة حرمة، لايجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقاً للقانون.
وأضاف أن الدستور نص في المادة (79) على أن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال”، متسائلا: “هل خصخصة شركات الأسمدة تتوافق ونصوص الدستور؟”
وأشار حزب التحالف إلى أن السياسة الزراعية تجرى منذ عقود ومازالت فى سياق التبعية لصالح السوق الرأسمالية العالمية وعلى حساب الاعتماد على الذات والاستقلال الوطنى، بل والأمن القومى (وهذا ما كشفته بوضوح شديد الأزمة الأوكرانية وتداعياتها)، وتجرى لصالح الاقلية استيراداً وتصديراً على حساب الاحتياجات الأساسية للأغلبية من المواطنين.
ووفقا للبيان، تعد صناعة الأسمدة من الصناعات القديمة في مصر وقد بدأت عام 1936 واستطاعت مصر أن تحتل مكانة متميزة عالمياً في انتاج الأسمدة حيث تأتي في الترتيب السادس عالميا في إنتاج اليوريا والأمونيا، وفي الترتيب التاسع عالمياً في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية.
ويصل إنتاج المصانع المصرية إلى 21 مليون طن سنوياً يستهلك منه ما بين 9 و 10 مليون طن في الزراعة ويتم تصدير الباقي للخارج.
وينقسم سوق الأسمدة في مصر إلى 53% للقطاع العام وقطاع الأعمال العام و 47% لشركات القطاع الخاص. وكانت وزارة الزراعة تشتري السماد من شركات القطاع العام ب 2700 جنيه ثم 3290 جنيه للطن ورفعت السعر إلى 4500 جنيه للطن. ورغم ذلك تتسرب الأسمدة إلى التجار لتباع للفلاحين بأسعار مغالي فيها، بحسب التحالف.
كما ألزم وزير الزراعة الشركات المنتجة للأسمدة بتوريد 55% من إنتاجها للوزارة و 10% للسوق الحرة وتصدير الفائض. لكن مع ارتفاع السعر العالمي إلى 21 ألف جنيه للطن، استغلت الشركات الفرصة لزيادة حصة التصدير على حساب السوق المحلية والفلاحين، مع تحمل المصانع 2500 جنيه رسوم عن كل طن يتم تصديره للخارج. وارتفعت نسبة التصدير للخارج من 45% إلى 70% من الإنتاج المحلي، ما أدى إلى رفع تكلفة الإنتاج الزراعي ومضاعفة خسائر الفلاحين.
وقال التحالف إن الدولة كانت تمتلك عددا من الشركات التي تستطيع من خلالها موازنة أسعار السوق وتوفير احتياجات الزراعة المصرية وبأسعار مدعومة، لكن خلال السنوات العشر الأخيرة شهدنا نموذج للفوضى في سوق الأسمدة تمثلت في الآتي:
- تم تطوير شركة كيما أسوان بتكلفة 12 مليار جنيه.
- إنشاء مجمع العين السخنة التابع لشركة النصر للكيماويات التابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بتكلفة تجاوزت 2 مليار دولار وهو يضم 9 مصانع.
- تم وقف العمل في شركة الدلتا للأسمدة ومصنع سماد طلخا بهدف التطوير الذي قالت بعض المصادر أنه يتكلف أكثر من 10 مليارات جنيه، لكن فوجئنا منذ أيام بشكوى عمال الدلتا بأن التطوير متوقف والمصانع متوقفة، مع وجود تخوف من العودة للفكرة التي طرحت منذ سنتين بتحويل أرض المصنع إلى مدينة سكنية.
- لم تستخدم الحكومة مجمع العين السخنة وباقي المصانع المملوكة للدولة في السيطرة على الأسعار، بل توالي رفع اسعار الأسمدة مما يرفع تكلفة الإنتاج الزراعي ويفاقم خسائر الفلاحين ويزيد من الفجوة الغذائية.
- ثم جاءت الضربة الكبرى ببيع حصة في أكبر شركات الأسمدة وهي شركة أبوقير للأسمدة وشركة موبكو للأسمدة لصندوق الإمارات وبما يعني خروجها من التزامات الحكومة بالتوريد المدعم للفلاحين، فلن تستثمر الإمارات في مشروع إلا من أجل الاستفادة من الخبرة والأسعار العالمية خاصة وأن أرباح الشركتين تقدر بالمليارات ولماذا تبيعها مصر الآن؟
وأكد حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أنه لذلك يرفض هذه الفوضى التي تدوس مصالح الفلاحين المصريين والزراعة المصرية لصالح المستثمر الإماراتي، لافتا إلى أن ذلك يعود بنا “لإعادة التأكيد على مطالبنا بتحقيق السيادة الغذائية والتي لا تعني الإكتفاء الذاتي من الطعام الذي نستورده فقط ، لنكون أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم وخامس دولة مستوردة للذرة إضافة إلى الزيوت النباتية”، مشددا على أن السيادة الغذائية تعتمد على الزراعة الحيوية والعضوية وتكامل أنشطة الزراعة والثروة الحيوانية وتعمل على تطوير أحوال الفلاحين ومزارعهم وتخفيض استهلاك الأسمدة والمبيدات الكيماوية من أجل رفع الإنتاجية والذي يمكن أن يحول المساحة المحصولية من 9 مليون فدان إلى 30 مليون فدان وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الغذائي، وتقليل كميات المياه المستخدمة.
وبينما تواجه مصر خطرا وجوديا في استمرار تعلية سد النهضة الإثيوبي تمهيداً للملء الثالث دون الوصول إلى اتفاق ملزم بين إثيوبيا ودول المصب، واستمرار العمل باتفاق 2015 المعيب. ومع إمكانية تخفيض حصة مصر من مياه النيل، وفي ظل الشح المائي ومخاطره على الزراعة المصرية التي تستهلك حالياً أكثر من 80 مليار متر مكعب سنوياً وهي معرضة للتخفيض المدمر للزراعة والفلاحين. وبدلاً من الحفاظ على مواردنا الإنتاجية والطبيعية وتحقيق السيادة الغذائية وسد فجوة الغذاء في ظل أزمة الغذاء العالمي. نجد القرارات المتوالية تفرط في سيادتنا على مصانعنا ومواردنا الطبيعية.رغم النصوص الدستورية الملزمة.
ورأى حزب التحالف الشعبي ضرورة التمسك بتحقيق السيادة الغذائية من خلال عودة الدورة الزراعية ودعم مستلزمات الانتاج الزراعي وعلى رأسها الأسمدة ودعم الإكثار من الأصناف المصرية وتقليل الاعتماد على البذور المعدلة وراثياً والتي تزرع لمرة واحدة فقط. كما دعا إلى تطوير الإنتاج الزراعي وزيادة الإنتاجية لمضاعفة المساحة المحصولية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ووقف نزيف الاستيراد والأسعار العالمية، وإطلاق حرية تشكيل التعاونيات.
وأكد أن ذلك يحتاج إلى الحفاظ على المصانع المملوكة للدولة لتحقيق التوازن في الأسعار ودعم الزراعة المصرية والفلاحين، وضرورة اتخاذ موقف واضح لوقف الملء الثالث لسد النهضة إلا بعد التوصل لاتفاق جماعي ملزم لجميع الأطراف وتحديد حجم الملء الآمن للسد.
وأكد الحزب أن بيع حصص في أبوقير للأسمدة وموبكو وتعطيل سماد طلخا ضرر كبير للزراعة المصرية والاقتصاد المصري تتكامل حلقاته مع كارثة سد النهضة وفجوة الغذاء في مصر، واستكمل: “علينا اليقظة قبل فوات الوقت”.