الانتخابات العراقية … السلاح يحكم النتائج ويهدد المفوضية: استعدوا لمرحلة حساسة

مفوضية الانتخابات تتراجع عن النتائج الأولية بعد إعلان خسارة الفصائل المسلحة وتعديلات في نتائج 20 مرشح

التيار الصدري يتصدر النتائج يليه تحالف نوري المالكي والميلشيات الموالية لايران تتراجع وتهديدات بكل الاحتمالات

قضية حصر السلاح بيد الدولة تعود من جديد بعد اعلان النتائج والتيار الصدري يتزعم المطالبين بها بعد حصوله على 71 مقعدا

كتبت – ريهام الحكيم

أدلى العراقيون بأصواتهم لاختيار نواب برلمانهم من بين 3200 مرشح في الانتخابات المبكرة التي تجرى وفق قانون انتخابي جديد ينص على التصويت الأحادي للمجلس المؤلف من 329 مقعدا.

لكن الانتخابات شهدت العديد من المفارقات فبعد إعلان النتائج الأولية، تراجعت المفوضية المستقلة للانتخابات لتعلن عن وجود أعطال فنية في 3000 محطة انتخابية ويتم تعديل النتائج الأولية لصالح الميليشيات المسلحة بعد تهديد مباشر لها

هذا المشهد جاء استمرار لما جرى قبل الانتخابات، وعمليات الاستهداف الممنهج وقتل المتظاهرين والناشطين وقادة الرأي والاحتجاج التشريني [المظاهرات المناهضة للحكومة والتي انطلقت في أكتوبر 2019]، وجميعها مؤشرات خطيرة تشكل تحديات للبيئة الاجتماعية الآمنة السليمة لإجراء الانتخابات

وفي ظل هذا الوضع أعلنت العديد من القوى الشبابية والمدنية والليبرالية، التي لعبت دورا فاعلا في المظاهرات والاحتجاجات (المسمى انتفاضة تشرين) التي أطاحت بحكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي عن مقاطعة الانتخابات. ورغم المقاطعة حصل تيار “امتداد” في الناصرية جنوب العراق على 9 مقاعد وعدد أخر من المستقلين ليرتفع عدد مقاعد ممثلي انتفاضة تشرين إلى 20 مقعد.

مشهد ما بعد انتخابات هو استمرار لما قبلها فلازال السلاح يحكم بدرجة كبيرة، حيث عادت المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق إلى توزيع المقاعد في البرلمان الجديد، بعد إعلانها النتايج الأولية مرة اخرى بعد إعادة الفرز اليدوي لأكثر من عشرين مرشح في حوالي 8000 محطة انتخابية. وتم استبدال حوالي 20 مقعد بعد تهديدات مباشرة للميليشات المسلحة –الموالية لإيران – للمفوضية.

وهكذا بات المشهد السياسي في العراق مفتوحاً على كل الاحتمالات بعد الإعلان عن النتائج، وتصدر التيار الصدري، الذي نجح في تحقيق نصر انتخابي كبير بحصوله على 73 مقعداً – ثم انخفض إلى 71مقعد – من مقاعد البرلمان ، أي بزيادة قدرها 17 مقعداً عما حققه في انتخابات عام 2018. وهو التيار الشيعي الأكثر شعبية وقوة في العراق.

خرج زعيم التيار مقتدى الصدر في أول خطاب بعد النصر وقال ” يجب حصر السلاح بيد الدولة ووقف استخدام السلاح خارج هذا النطاق” وهو ما فُسر بأنه رسالة موجهة لقوى شيعية اخري منافسة من مجموع فصائل الحشد الشعبي.

قضية حصر السلاح بيد الدولة، تندرج ضمن مطالب شعبية وسياسية لحل مؤسسة الحشد أو تفعيل قانون إدراجها ضمن مهام القوات المسلحة.

وفي المقابل، نددت قوى شيعية أخرى – موالية لإيران – بنتائج الإنتخابات واتهمت المفوضية  بحصول “تلاعب” و”احتيال” في نتائج العملية الانتخابية، وبعد تكبدها خسائر كبيرة، أعلنت تلك القوى تقديم طعون على تلك النتائج.

وبالرغم من الإشادة دولية للأمم المتحدة ووصف الإنتخابات بأفضل تنظيم منذ عام 2005، الا أن الفصائل المسلحة أعلنت رفضها للخسارة. هادي العامري زعيم تحالف “الفتح” وصف النتائج بـ”المفبركة” و الامين العام لكتائب “حزب الله” العراقية أبو علي العسكري هدد في تغريدة بإستخدام السلاح إذا لم تتغير نتيجة الإنتخابات وحث اعضاء وجنود الميليشيا بقوله: “أستعدوا لمرحلة حساسة”.

قال الإطار التنسيقي لقوى شيعية يضم تحالف “الفتح” وائتلاف رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، في بيان “نعلن طعننا بما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”.

ولا يشكل تراجع شعبية تلك الفصائل – الموالية لإيران – مفاجأة بالنسبة إلى المراقبين، في بلد تصاعدت فيه حدة الغضب تجاه طهران، خصوصاً بعد قمع احتجاجات أكتوبرعام 2019، مع اتهام عدداً من الناشطين والصحفيين والمحتجيين لهم، بالوقوف وراء تلك الحملات التي استهدفت مئات الشباب بالخطف والتغييب أو الإغتيال.

بورصة النتائج … ارتفاع عدد مقاعد الميلشيات على حساب المستقلين

في مقدمة الخاسرين، ائتلاف “الفتح” بزعامة هادي العامري زعيم ميليشيا “بدر”، إذ لم يحقق سوى 16 مقعداً (ارتفع من 12 مقعد إلى 16 مقعد بعد تهديدهات للمفوضية ) في تراجع كبير عن النجاح الكبير الذي حققه في انتخابات عام 2018 التي حل فيها ثانيا بحصوله على 47 مقعدا.

بينما صعد تحالف “دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي الداعم للميلشيات، حاصداً 36 مقعدا،( انخفض من 37 إلى 36 مقعداً)  في مقابل 25 مقعد حصل عليها في انتخابات 2018.

فصيل شيعي اخر يطلق على نفسه اسم “القوة الوطنية لائتلاف الدولة”. ويقود هذا التحالف عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ،المحسوبين على التيار المعتدل، ولم يحصد هذا الفصيل سوا خمسة مقاعد (ارتفع من 4 مقاعد إلى 5 مقاعد).

تحالف “تصميم” بزعامة محافظ البصرة الحالي الداعم للميليشيات أسعد العيداني، حصد أربع مقاعد. وتحالف “حقوق” لميليشيا كتائب “حزب الله” بزعامة حسين مؤنس ( أسم حركي أبو علي العسكري) لم يحصل على أى مقعد. وهاجم أبو علي العسكري – المتهم بالتحريض على اغتيال الباحث الاكاديمي هشام الهاشمي عقب كشف الأخير عن حقيقية الشخصية – رئيس السلطة التنفيذية مصطى الكاظمي وجهاز المخابرات واتهمهم بتزوير الانتخابات لصالح 15 مرشح من اتباعهم بينهم 9 من حركة “امتداد” المنبثقة عن انتفاضة تشرين 2019.

دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق القانونية في ما يخص الاعتراضات على نتائج الانتخابات البرلمانية. وتعد الموقف السياسي للصدر متغيرة وتفتقر إلى الثبات في التوجهات والمواقف السياسية، لذلك يصعب توقع التحالفات التي سيعمد رجل الدين الشيعي إلى بنائها بعد الانتخابات.

اذن، أُعيد احتساب الأصوات بالصناديق، تشكل 6% من النتائج، بعد تعرض الصدر والمفوضية المستقلة للانتخابات لضغوط هائلة من بعض الميليشيات المسلحة التي تحسست سقوطها في الشارع.

ردت المفوضية على قرار تعديل النتائج والإطاحة بعدد من النواب مقابل تصعيد عدد أخر، بوجود أكثر من ثلاثة آلاف صندوق محجوز، لم يتم إحتساب نتائجهم وهو ما لم تعلنه المفوضية في السابق.

ويتوقع أن يستمر تهديد الفصائل في المفاوضات القادمة لتشكيل الحكومة وتحديد مستقبل العملية السياسية الذي بات مرهوناً بسلاح خارج سيطرة مؤسسة الجيش، ويعمل وفقاً لمصالح دول اقليمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *