الأزمة المالية اللبنانية.. القضاء يمنع التصرف في أصول 20 مصرفا والسبت إعلان عدم سداد الدين

أعلن القضاء اللبناني اليوم الخميس، وضع إشارة منع تصرف على أصول 20 مصرفا لبنانيا.

 ووفق ما أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام”، فقد قرر النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم وضع إشارة “منع تصرف” على أصول عشرين مصرفا لبنانيا وإبلاغها إلى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجل التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية.

كما عمم القاضي ابراهيم منع التصرف على أملاك رؤساء ومجالس إدارة هذه المصارف.

وكان النائب العام المالي اللبناني استمع مطلع الأسبوع، إلى إفادات 15 مسؤولا مصرفيا في شأن تحويل 2.3 مليار دولار إلى الخارج خلال الشهرين الأخيرين من العام 2019 رغم أزمة السيولة التي تشهدها البلاد والقيود المشددة على حركة الأموال.

وحسب جريدة الأخبار اللبنانية، من المنتظر أن يشهد يوم السبت المقبل الإعلان الرسمي اللبناني عن عدم سداد الديون المستحقة، بالدولار الأميركي، في التاسع من الشهر الجاري. ومن المنتظر أن يسبق ذلك اجتماع لمجلس الوزراء، وموقف موحّد من الرؤساء الثلاثة، ومحاولة لاستصدار بيان عن اجتماع يدرس رئيس مجلس النواب نبيه بري إمكان عقده لرؤساء الكتل النيابية.

قرار التخلف عن السداد بات شبه محسوم، لكن محاولات المصارف إلزام الدولة بالدفع لم تتوقف. وتردّد أمس أن المصارف اقترحت على الحكومة استعدادها للمساهمة في دفع قيمة السندات التي يحملها أجانب، على أن تدخل هي ومصرف لبنان في مفاوضات مع الحكومة من أجل إعادة جدولة السندات التي يحملها الدائنون اللبنانيون. لكن هذا الاقتراح الذي لا يزال فكرة غير مثبتة، ليس أكثر من محاولة «توريط» للحكومة بالالتزام بدفع الديون «إلى الأبد».

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه ممثلين عن أغلبية الكتل النيابية أن «أغلبية الشعب اللبناني وكذلك المجلس النيابي ترفض رفضاً مطلقاً الدفع المسبق. والمطلوب دعم الحكومة من قبل الجميع لهذا الموقف ولو أدّى الى التعثر».

وأضاف «إن المصارف التي أوصلتنا الى خسارة نسبة الـ 75% من الدين تتحمّل المسؤوليّة مع الشارين الأجانب، فإذا أرادوا إعادة الهيكلة من دون قيد أو شرط ومن دون دفع أي مبلغ أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، عدا عن ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة ما عدا الدفع، ومرة أخرى المسّ بالودائع من المقدسات».

من جهته، كرر حزب الله أمس موقفه المعارض لإلزام لبنان ببرنامج مع صندوق النقد الدولي، لما فيه من شروط قاسية بحق اللبنانيين. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «لفتني بعض من كان في الحكومة السابقة وخرج منها، كقوى سياسية وكأفراد أنهم متحمسون جداً لصندوق النقد الدولي، وبدأنا نشكّ بالأهداف التي يسعون إليها، هم يعلمون أن رفع تعرفة «الواتساب» أطاحت الحكومة السابقة وأوجدت حراكاً لا تزال تداعياته مستمرة حتى الآن، فكيف يمكن أن نسلّم رقبة لبنان لصندوق النقد الدولي ليشرف على رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15%، ورفع ضريبة على البنزين وهو استهلاك يومي، وتخفيض المعاشات التقاعدية، وسنّ ضرائب مختلفة على مجموع المواطنين، فيما واحد من هذه الإجراءات يفجّر البلد مجدداً».

وفي سياق متصل، سجّل سعر صرف الليرة اللبنانية رقماً قياسياً أمس، في السوق السوداء، إذ بلغ أمس 2650 ليرة للدولار الواحد، أي بزيادة نسبتها 75% عن السعر الرسمي. لم تتّضح أسباب هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار، إنما بات واضحاً أن الطلب على الدولار ازداد في الأشهر الأخيرة بسبب إحجام مصرف لبنان والمصارف عن ضخّ الدولارات في السوق، ما أدّى إلى نشوء سوق موازية يكون فيها التبادل خاضعاً لعوامل العرض والطلب من دون أي تدخّل من مصرف لبنان لبيع الدولارات في السوق.

تقديرات البنك الدولي تقول إن ارتفاع سعر الصرف بنحو 50% يؤدي إلى سحب 190 ألف أسرة لبنانية من الطبقة الوسطى إلى ما دون خطوط الفقر الأعلى، فما ستكون تأثيرات ارتفاع سعر الصرف بنسبة 75%؟

وتورّطت المصارف بتمويل الدولة بحوالى 110 مليارات دولار سواء بشكل مباشر (30 مليار دولار) أو عبر ودائع في مصرف لبنان (70 الى 80 ملياراً)، لكن يؤخذ على القيّمين على السياسة النقدية، من “مصرف لبنان”، “جمعية المصارف” و”وزارة المال” بصفتها الوصية على المركزي، غياب الشفافية وعدم اتخاذ خطوات واضحة وصريحة للمعالجة بطريقة عادلة، فحمّلت من لا يملك إلا راتبه في المصرف نفس مسؤولية أصحاب الودائع الكبيرة الذين استفادوا طيلة أعوام، بحسب صحيفة “نداء الوطن”.

وكان رئيس جمعية مصارف لبنان  سليم صفير قد قال إنه من المرجح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضر بالاقتصاد ولا بالمودعين، مضيفا أنه سيجري الدفع للدائنين الأجانب، حسبما نقلت عنه وكالة رويترز.

وتابع صفير قائلا إنه لا يتوقع مشاكل في مقترح تبادل البنوك اللبنانية بموجب حيازاتها في سندات دولية حجمها 1.2 مليار دولار تستحق في مارس بأوراق ذات أجل أطول، واصفا مثل تلك المقايضات بأنها “ممارسة معتادة”.

وأوضح صفير: “من المرجح إعادة هيكلة الدين بطريقة أو بأخرى لكن دون التأثير على ودائع الناس وهم يعملون الآن على التأكد من ذلك”، مضيفا أن هذا “سيوفر مزيدا من الأكسجين لتنشيط اقتصادنا”.

وردا على سؤال عن الطريقة التي ينبغي أن تجري بها إعادة الهيكلة، بيّن صفير أنها ستكون مسؤولية الحكومة الجديدة، لكن الفكرة العامة هي “خفض الفوائد وتمديد آجال الاستحقاق”.

واقترح رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي، فكرة المبادلة على البنوك اللبنانية وإن كان القرار بيد الحكومة، حسبما ذكرت مصادر مالية وحكومية رفيعة.

وينوء لبنان بأحد أكبر أعباء الدين في العالم، ويكابد أزمة مالية عميقة، فقد أجبر نقص في الدولار البنوك على فرض قيود على السحب من الودائع، وحجب التحويلات إلى الخارج.

وترجع جذور الأزمة المالية في لبنان إلى عقود من الفساد الحكومي وسوء الحوكمة، ويبلغ إجمالي الدين العام اللبناني 89.5 مليار دولار، 38 في المئة منه بالعملة الصعبة، ويستحوذ مستثمرون لبنانيون على الجانب الأكبر من الدين، بينما يملك الأجانب 30 في المئة من السندات الدولية.

باستثناء قلّة قليلة جداً من المصارف المعرّضة لخطر الإفلاس، فإن أكثريتها ستتابع عملها بشكل طبيعي، حتى لو فقدت كل سيولتها بالعملة الأجنبية. وهذا النموذج يعرف بحسب الباحث في هارفرد دان قزي بـ “Zomby Bank وقد شهدناه في اليابان في ثمانينات القرن الماضي”. من هنا فإن “القبول العام” باختبار الضغط الذي مارسته المصارف من خلال تخفيض سقف السحوبات من 1000 دولار أسبوعياً إلى 500 من ثم إلى 300 و200، من المتوقع أن لا يلاقي اعتراضاً يذكر على موضوع الإستمرار في هذا الإجراء، أو حتى تحويل الدفعات من دولار إلى الليرة في المستقبل القريب. وبهذا تكون المصارف قد نفذت Hair Cut أعمى وغير عادل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *