الأزمة التونسية في عيون الإعلام المحلي| اهتمام بـ”خارطة طريق” وسيناريوهات المستقبل والتحقيقات في شبهات الفساد

كتب- محمود هاشم:

سلطت الصحف والإذاعات التونسية الضوء على التطورات السياسية داخل البلاد، وسط اهتمام كبير بقرارات الرئيس التونسي قيس سعيَد، تجميد البرلمان وإقالة عدد من المسؤولين برئاسة الحكومة وعدد من المستشارين، وبدء المشاورات السياسية لتشكيل حكومة جديدة، في الوقت الذي اهتم عدد من الكتاب بالتداعيات المستقبلية للأزمة.

تحركات خارجية لتوضيح الموقف

صحيفة “الشروق” الأكثر انتشارا في تونس، ركزت على ردود الفعل الخارجية على التطورات الأوضاع في البلاد، حيث تطرقت إلى اتصالات عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، مع كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، ووزيرة الداخلية الإيطالية لوتشيانا لامورجيزي، وكاتب الدولة الألماني للشؤون الخارجية ميڤال برجر، بالإضافة إلى الممثل السامي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بورال فونتاليس، التي أطلعهم خلالها على آخر تطورات الوضع في ضوء القرارات التي اتخذها قيس سعيد.

الجرندي أجرى أيضا اتصالات هاتفية بوزراء خارجية مصر سامح شكري، والسعودية فيصل بن فرحان آل سعود، والكويت أحمد ناصر المحمد الصباح، بتكليف من الرئيس التونسي.

وأوضح الوزير، خلال هذه المكالمات، أن الإجراءات المعلن عنها تندرج في إطار الحفاظ على استقرار تونس وحسن سير مؤسسات الدولة وحمايتها وضمان ديمومتها في ظل التّحدّيات غير المسبوقة والأخطار المحدقة التي تهدّد البلاد، لا سيما إزاء تصاعد منسوب الاحتقان السياسي وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية وتداعياتها على السلم الاجتماعي بتونس.

وأبرز الوزير حرص رئيس الجمهورية على احترام مقتضيات الدستور، مؤكدا أن هذه التدابير الاستثنائية استجابت للمطالب المشروعة للشعب، وساهمت في احتواء حالة الاحتقان التي يعيشها.

ووفق بيان للخارجية التونسية، “أكد الأشقاء وقوفهم الدائم إلى جانب تونس في هذا الظرف الدقيق، ودعمهم لها وثقتهم في قدرتها على تجاوز تحديات المرحلة الراهنة، بما يحفظ أمنها واستقرارها”.

أما رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، عبر عن تمسك المفوضية بالاحترام الصارم للدستور التونسي، والحفاظ على السلام الضروري ورفض جميع أشكال العنف وتعزيز الحوار السياسي لحل القضايا المطروحة.

تحقيقات في شبهات فساد

راديو “موزاييك” اهتم بشكل أكبر بتحقيقات الفساد في البلاد، حيث نشرت تصريح الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي ونائب وكيل الجمهورية محسن الدالي، بأن القطب القضائي الاقتصادي والمالي فتح بحثا تحقيقيا في ملف هيئة الحقيقة والكرامة والبنك الفرنسي التونسي.

وأكّد أن هذا الملف يتضمن مجموعة من الأبحاث بعضها انتهى في مرحلته الأولى على مستوى البحث الابتدائي ويتعلق بشبهة التدليس في تقرير هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص البنك الفرنسي، مشيرا إلى أنّه تم حجز التقارير والنيابة العمومية فتحت تحقيقا في القطب القضائي من أجل تدليس واستعمال مدلس وتحقيق منافع والإضرار بالإدارة.

وتابع أنّ الملف الثاني المتعلق بوجود شبهة تضارب مصالح فيما يتعلق بقاضي التحكيم والمصالحة حيث انطلقت الأبحاث في انتظار ختمها وإحالتهما في غضون الأيام المقبلة على النيابة العمومية.

كما أعلن الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي ونائب وكيل الجمهورية محسن الدالي لموزاييك، أنّ القطب القضائي الاقتصادي والمالي فتح بحثا تحقيقيا في ملف هيئة الحقيقة والكرامة والبنك الفرنسي التونسي.

وأكّد أن هذا الملف يتضمن مجموعة من الأبحاث بعضها انتهى في مرحلته الأولى على مستوى البحث الابتدائي ويتعلق بشبهة التدليس في تقرير هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص البنك الفرنسي، مشيرا إلى أنّه تم حجز التقارير والنيابة العمومية فتحت تحقيقا في القطب القضائي من أجل تدليس واستعمال مدلس وتحقيق منافع والإضرار بالإدارة.

وتابع أنّ الملف الثاني المتعلق بوجود شبهة تضارب مصالح فيما يتعلق بقاضي التحكيم والمصالحة حيث انطلقت الأبحاث في انتظار ختمها وإحالتهما في غضون الأيام المقبلة على النيابة العمومية.

كما أعلن الدالي فتح بحث تحقيقي في شبهات فساد داخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وأكد أنّ قرار فتح البحث التحقيقي في هذه القضية تمّ بين يومي 10 و12 يوليو الجاري، وتتعلّق الشبهات بتجاوزات في الانتدابات والتصرف في موارد الهيئة.

مطالبات بخارطة طريق

موقع “جمهورية”، اهتم بتصريح الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محسن الدالي، لصحيفة المغرب في عددها الصادر اليوم، بشأن اتخاذ قرارات في جملة من الملفات تشمل أحزاب وسياسيين وشخصيات معروفة، ومن بين هذه الملفات “عقود مجموعات الضغط” الذي أحيل مؤخرا للنيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، وبعد دراسته قررت النيابة فتح تحقيق ضد كل من حركة النهضة وحزب قلب تونس وجمعية عيش تونسي، بتهم الحصول على تمويلات أجنبية غير مشروعة.

كما سلط الموقع الضوء على إعلان مجموعة من المنظمات والنقابات، في بيان مشترك أمس الثلاثاء، مطالبتها رئيس الجمهورية، بضبط خارطة طريق وفق خطة واضحة لا تتجاوز 30 يوما، وبصفة تشاركية مع القوى المدنية تتعلق بالقضايا المستعجلة، كمحاربة فيروس كورونا والشروع في مراجعة القانون الانتخابي والنظام السياسي ومكافحة الفساد، وفق ما جاء في بيان مشترك نشرته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.

وضمت قائمة الموقعين على البيان: (النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والاتحاد العام التونسي للشغل، والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية القضاة التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية).

وزير العدل التونسي السابق الصادق شعبان، كتب في مقال بموقع “أنباء تونس”، إن قيس سعيد أعطى للتونسيين أملا كانوا يعتقدون أنه انتهى ولن يعود، بإعطائه الضربة القاضية لحركة النهضة والإسلام السياسي، الذي أضر بتونس خلال السنوات العشر الماضية، بحسب قوله.

وأضاف: “انتفاضة 2021 أتت في وقتها، وعبرت عما اختزن في القلوب ورحب بها الشعب، كادت أن تؤدي إلى فوضى عارمة وربما إلى عنف خطير، لو لم يلتقفها رئيس الجمهورية سريعا، وكأنه كان مهيئا لها، وجنب البلاد مآس جديدة وانحدارا قاتلا، بعدما أصبح الحوار مستحيلا”.

واعتبر أنه لا فائدة في تقدير الشرعية وفي الحديث عن احترام الدستور، مستشهدا بثورة 2011، وقيامها ضد المؤسسات الدستورية، مؤكدا أنه لا مشكلة في ذلك، فالانتفاضات تعني رفض الموجود وعدم التقيد به، داعيا إلى التركيز على المستقبل، وإعادة الاستقرار والسلم، وتوفير مناخ سليم لحياة المواطنين.

مستقبل الاقتصاد.. سيناريوهان للأزمة

“الصباح” التونسية اهتمت بجانب آخر من الأوضاع، حيث نشرت تصريح الاقتصادي معز العبيدي، في لقاء  مع وكالة الأنباء التونسية بأن “الاقتصاد والوضع الراهن من حيث الإصلاحات يهدد في كثير من الأحيان الصرح الديمقراطي، وقرار رئيس الجمهورية قيس سعيد، بتعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام مشيشي، ليس مفاجئًا لأن التاريخ يعلمنا دائمًا أن تدهور الأساسيات يهدد في كثير من الأحيان الصرح الديمقراطي”.
 
ودعا العبيدي إلى اغتنام هذه الفرصة للانفصال عن الشعبوية، وفرض حكم القانون، والتجرؤ على تنفيذ الإصلاحات وإحياء البراغماتية الاقتصادية، محذرا من أن أي تأخير سيزيد من تورط البلاد في أزمة ويعجل سيناريو التخلف عن السداد والعصيان المدني.
 وبحسب العبيدي ، فإن التداعيات الفورية لهذا القرار تجسدت أمس الأول، في الهبوط الحاد في مؤشر البورصة، واتساع انتشار الأوراق المالية التونسية المتداولة في السوق الدولية، وانخفاض العائد على السندات السيادية لتونس، فضلا عن وقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، التي تأخرت بالفعل بشكل خطير عن موعدها، حيث يحتاج صندوق النقد الدولي إلى مناخ سياسي مستقر للتفاوض.

ولفت إلى أن هذا القرار لن يؤدي إلا إلى تأخير عملية صياغة قانون المالية التكميلي وتعطيل توقيع الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي وتعبئة الموارد من المانحين الدوليين، كما يمنع الوضع الراهن، الوصول إلى التمويل الخارجي ويعزز الضغوط على التمويل المحلي مع ما يصاحب ذلك من آثار على الاستثمار الخاص.

ولفت إلى أن وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” أوضحت أن خفضها ترقيم تونس إلى “ب سلبي” مع آفاق سلبية، في يوليو 2021، يعكس زيادة مخاطر السيولة المالية والخارجية، في ظل تأخر الاتفاق مع صندوق النقد على برنامج جديد، كما توقع ازدياد الضغوط على ميزان المدفوعات، مع التأثير السلبي لعدم الاستقرار السياسي على الاستثمار الأجنبي المباشر وعلى قطاع السياحة المتأثر بالفعل بشدة بأزمة فيروس كورونا.

على المدى المتوسط والطويل ، يعتقد العبيدي، أن هناك سيناريوهان محتملان، الأول هو التطبيع السريع، وهو ممكن فقط من خلال تشكيل حكومة تتألق باختصاصها وتنجح في أن يكون لها صدى إيجابي مع مجلس نواب الشعب الذي يجب أن يستأنف نشاطه بعد شهر. يمكن لمناخ الثقة هذا أن يشجع على الشروع في ديناميكية الإصلاحات اللازمة للبلاد حتى تتمكن من العودة إلى النمو الشامل.

أما السيناريو الثاني، وهو الوقوع في مستنقع الأزمة، سيكون سببه استمرار الغموض المؤسسي وغياب خارطة طريق تحدد الأولويات السياسية والاقتصادية. قد يدفع هذا السيناريو تونس إلى حالة إفلاس وعصيان مدني سيديره “أولئك الذين خاب أملهم من التغيير” ، أي أولئك الذين نزلوا إلى الشوارع يوم 25 جويلية 2021، للاحتفال بالتغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *